محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة
وهو محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القريشي العبيسي أبو القاسم أمه سهله بنت سهل بن عمرو العامرية ولاه علي مصر ثم عزله وولى سعد بن قيس بدلا عنه .
صحابي من الأمراء ولد في أرض الحبشة في عهد النبوة استشهد أبوه يوم اليمامة فرباه عثمان بن عفان فلما شب رغب في غزو البحر فجهزه عثمان وأرسله الى مصر فغزى غزوة ذات الصواري مع عبد الله بن سعد فلما عاد منها جعل يتألف الناس وأظهر خلاف عثمان فرأسوه عليهم فوثب على والي مصر عقبة بن عامر سنة 35 هجرية وأخرجه من الفسطاط ودعا الى خلع عثمان فكتب إليه عثمان يعاتبه ويذكره تربيته له فلم يزدجر وسير جيشاً الى المدينة فيه ستمائة رجل كانت لهم يد في قتل عثمان أقره علي على أمارة مصر ولما أراد معاوية الخروج الى صفين بدأ بمصر فقاتله محمد بالعرش ثم تصالحا فأطمئن محمد فلم يلبث معاوية أن قبض عليه وسجنه في دمشق ثم أرسل إليه من يقتله في السجن .
محمد يطرد عامل عثمان :
لما قتل عثمان عزل علي بن أبي طالب عليه السلام ابن سرح عن مصر وولى محمد بن حذيفة عليها وقيل أن محمدا وثب على عامل عثمان عبد الله بن سرح وطرده عن مصر وصلى بالناس وكان محمد بن أبي حذيفة أبن خال معاوية فلم يلتفت الى الرحم المجردة عن الدين الإسلامي حيث أنه آثر دينه على الرحم الماسة وهكذا كان أصحاب الإمام علي عليه السلام وتلامذته فلم يزدادوا إلا صلابة في دينهم ورسوخا في عقيدتهم وولاء لسيدهم وإمامهم إمام الحق والصدق والمساواة عين الرعية .
عثمان يرشي محمد :
كتب عبد الله بن سعد بن أبي سرح والي عثمان على مصر الى عثمان أن محمد قد أفسد علي البلاد هو ومحمد بن أبي بكر فكتب إليه :
أما أبن أبي بكر فإنه يوهب لأبيه وعائشة وأما بن أبي حذيفة فإنه أبني وأبن أخي وتربيتي وهو فرخ قريش .
فكتب إليه:
إن هذا الفرخ قد استوى ريشه ولم يبقى إلا أن يطير .
فبعث عثمان إلى أبن أبي حذيفة بثلاثين ألف درهم وبجمل عليه كسوة فوضعها محمد في المسد ثم قال :
معاشر المسلمين آلا ترون الى عثمان يخادعني عن ديني ويرشوني عليه فأزداد أهل مصر تعظيما له وطعنا على عثمان وبايعوه على رآستهم
محمد بن أبي حذيفة ومعاوية :
روى أصحاب السير أن معاوية أحتال به وقبضه بعد صلح عقداه عقب فراغه من واقعة العريش مع أصحاب معاوية وصيره في السجن مدة وأخرجه من السجن يوما وقال له :
يا محمد بن أبي حذيفة ألم يأن لك أن تبصر ما كنت عليه من الضلالة بنصرك علي بن أبي طالب وتعلم إن عثمان قتل مظلوما وأن عائشة وطلحة والزبير خرجوا يطلبون بدمه وإن عليا هو الذي دس في قتله ونحن اليوم نطلب بدمه .
فقال محمد : إنك لتعلم أني أمس القوم بك رحما واعرفهم بك .
قال : نعم
قال : فو الله الذي لا إله غيره ما أعلم أحد شرك في دم عثمان وألب الناس عليه غيرك لما أستعملك ومن كان مثلك وسأله المهاجرون والأنصار أن يعزلك فأبى ففعلوا به ما بلغك فو الله إني لشهد إنك منذ عرفتك في الجاهلية والإسلام لعلى خلق واحد ما زاد الإسلام فيك قليلا وكثيرا وأن علامة ذلك فيك لبينه وكيف تلومني على حب علي عليه السلام ، خرج مع علي كل قوام صوام مهاجري أنصاري كما خرج معك أبناء المنافقين والطلقاء والعتقاء وخدعتهم عن دينهم وخدعوك عن دنياك والله يا معاوية ما خفي عليك ما صنعت وما خفي عليهم ما صنعوا إذ حلوا أنفسهم سخط الله في طاعتك والله لا أزال أحب عليا ولرسوله وأبغضك في الله وفي رسوله أبدا ما بقيت .
قال معاوية: وأني أراك على ضلالك بعد ردوه الى السجن .
شهادة محمد بن أبي حذيفة :
اختلفوا في شهادة محمد فقيل قتل في معركة مع معاوية يقود جيشا ضده ومرة قيل سجنه معاوية فدس إليه السم في السجن .
فقد روي إن عمر بن العاص سار الى مصر بعد صفين فلقيه محمد بن أبي حذيفة فلما رأى عمر كثرة من معه أرسل إليه فالتقيا واجتمعا فقال عمرو :
إنه قد كان ما ترى وقد بايعت هذا الرجل-يعني معاوية- وما أنا براض بكثير من أمره واني لأعلم أن صاحبك عليا أفضل من معاوية تقاً وقدما فواعدني موعدا التقي معك فيه وفي غير جيش تأتي في مائة وآتي في مثلها وليس معنا إلا السيوف في القرب .
فتعاهدا وتعاقدا على ذلك واتعدا العريش ورجع عمرو الى معاوية وأخبره الخبر فلما جاء الأجل سار كل واحد منهما الى صاحبه في مائة وجعل عمروا له جيشا خلفه لينطوي خبره فلما التقيا في العريش قدم جيش عمروا على أثره فعلم محمد إنه غدر به فدخل قصرا بالعريش فتحصن به فحصره عمرو ورماه بالمنجنيق حتى أخذ أسيرا وبعث به عمرو الى معاوية فسجنه وكانت ابنة قرضة امرأة معاوية ابنة عمة محمد بن أبي حذيفة أمها فاطمة بنت عقبة فكانت تصنع له طعاما وترسله إليه فأرسلت إليه يوما مع الطعام مبارد فبرد بها قيوده وهرب فاختفى في غار فأخذ وقتل.
مرقده :
قبره بالشام وتحدث بعض العلماء أنه معروف عند الكثيرين من المؤمنين وذلك لأنه كان صحابيا فقيها حافظا للقرآن ناسكا صلب الإيمان لا تأخذه في الله لومة لائم وهو أحد المحامدة الأربعة التى تأبى أن تعصي الله عز وجل وهم محمد بن جعفر الطيار ومحمد بن الحنفية ومحمد بن أبي بكر وكان من شيعة علي وخاصته الذابين عنه
(الأخبار الطوال / 157. الأعلام 6/ 308. الاستيعاب 3/ 341.. الإصابة 3/ 373. أعيان الشيعة 9/ 61. أنساب الأشراف 2/ 387، 407. البداية والنهاية 7/ 251. بهجة الآمال 2/ 100. تاريخ الطبري 5/ 226 وج 6/ 60.. تحفة الأحباب / 308. تنقيح المقال 2/ 357. جامع الرواة 2/ 45. جمهرة أنساب العرب / 77. رجال ابن داود / 158، رجال الطوسي / 59. رجال الكشي / 70. شرح ابن أبي الحديد 2/ 64، 70، 143، 159، 6/ 57، 100. الطبقات الكبرى 3/ 84. الغدير 2/ 142 ، و10/ 293. الغارات 1/ 205، 207، 301، 327 و2/ 747 ـ 752.. الكامل في التأريخ 3/ 118، 158، 161، 181، 265 ـ 267. مجمع الرجال 5/104. معجم الثقات / 327. معجم رجال الحديث 14/ 235. منتهى المقال / 258.. النجوم الزاهرة 1/ 83، 94. نقد الرجال / 282. وقعة صفين / 37، 44.)