العتبة العلوية المقدسة - التضحية في ضاحية الطف -
» سيرة الإمام » » اولاد الامام علي عليه السلام » سيرة الامام الحسين عليه السلام » الامام الحسين باقلام اعلام الامة » التضحية في ضاحية الطف

 

 

 

التضحية في ضاحية الطف

 

 

 

بقلم: الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء

 

إن التضحية والمفادات التي تسامى وتعالى بها إمام الشهداء وأبو الأئمة يوم الطف من أي ناحية نظرت إليها، ومن كل وجهة اتجهت لها متأملاً فيها، اعطتك دروساً وعبراً، وأسراراً وحكماً تخضع لها الألباب وتسجد في محراب عظمتها العقول.

 

واقعة الطف، وشهادة سيد الشهداء وأصحابه في تلك العرصات كتاب مشحون بالآيات الباهرة والعظات البليغة فهي:-

 

كالبدر من حيث التفت وجدته     يغشي البلاد مشارقاً ومغارباً

 

 أو:

 

كالبحـر يمنح للقريب جواهراً     غرراً ويبعث للبعيد سحائبـا

 

هذه الدنيا وشهواتها ولذائذها وزينتها وزخارفها التي يتكالب اليها البشر وتتهاوى على مذبحها ضحايا الأنام، هذه الدنيا التي اتخذها كل واحد من الناس رباً وصار لها ولمن في يده شيء منها، فلعبت بهم ولعبوا بها، هذه الدنيا وشهواتها التي اشار جلت عظمته الى جمهرتها بقوله تعالى )زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة ( كانت هذه النفائس الدنيوية قد توفر للحسين (عليه السلام) أكملها وأجملها، من المال والبنين والنساء والخيل المسومة، مضافاً الى ما كان له من العز والكرامة وكل مؤهلات الشرف والتقدير التي استحقها بحسبه ونسبه وبيئته ووسطه ومواهبه، وقد كان في ذلك العصر لا يوازيه ولا يدانيه أحد في دنيا المفاخر والمآثر الكل يعترف ويعرف ماله من عظيم القدر ورفيع المنزلة ، فسلم المجد والصعود الى السماء بيمينه، ومفاتيح خزائن الدنيا في قبضة شماله، ومع ذلك كله فحين جد الجد وحقت الحقيقة بذل كل ذلك وضحى به في ضاحية يوم الطف، وفي سبيل المبدأ كان أهون شيء عليه كل تلك النفائس، وما اكتفى حتى بذل نفسه وجسده ورأسه وأوصاله وأولاده وكل حبيب له وعزيز عليه في سبيل حبيبه الأعلى ومعشوقه الأول.. أفليس هو الجدير والحري بأن يقول:

 

وبما شئت في هواك اختبرني       فاختياري ما  كان فيه رضاك

 

يحشر العاشقون تحت لوائي        وجميـع الملاح تحت لواكـا

        واقتباس الأنوار من ظاهري        غير عجيب وباطني مـأواك