البدوي مع شحنة الكوفة
في سنة خمس وسبعين وخمسمائة كان الأمير مجاهد الدين سنقر الاس مقطع الكوفة ، وقد وقع بينه وبين بني خفاجة شي فما كان أحد منهم يأتي إلى المشهد ولا غيره إلا وله طليعة ، فأتى فارسان فدخل أحدهما وبقي الاخر طليعة ، فخرج سنقر من مطلع رهيمي وأتى مع السور فلما بصر به الفارس نادى بصاحبه :جأت العجم ، وتحته سابق من الخيل ، فأفلت ومنعوا الاخر أن يخرج من الباب ، واقتحموا وراءه فدخل راكبا ، ثم نزل عن فرسه قدام باب السلام الكبير البراني ، فمضت الفرس فدخلت في باب ابن عبد الحميد النقيب ابن أسامة ، ودخل البدوي ووقف على الضريح الشريف فقال سنقر : ائتوني به فجأت المماليك يجذبونه من على الضريح الشريف ، وقد لزم البدوي برمانة الضريح ، وقال : يا أبا الحسن انا عربي وأنت عربي ، وعادة العرب الدخول ، وقد دخلت عليك ، لا يا أبا الحسن دخيلك ، دخيلك ، وهم يكفون أصابعه من على الرمانة وهو ينادي ويقول : لا تخفر ذمامك يا أبا الحسن ، فأخذوه ومضوا فأراد ان يقتله ، فقطع على نفسه مائتي دينار وحصانا من الخيل المذكورة فكفله ابن بطن الحق على ذلك ، ومضى ابن بطن الحق يأتي بالفرس والمال ، وقال ابن طحال : فلما كان الليل وانا نائم مع والدي محمد بن طحال بالحضرة الشريفة ، فإذا بالباب تطرق ، فنهض والدي وفتح الباب ، وإذا أبو البقاء بن الشيرجي السوراوي والبدوي معه ، وعليه جبة حمراء وعمامة زرقا ومملوك ، على رأسه منشفة مكورة يحملها ، فدخلوا القبة الشريفة حين فتحت ووقفوا قدام الشباك ، وقال : يا أمير المؤمنين عبدك سنقر يسلم عليك ويقول لك إلى الله وإليك يا أمير المؤمنين المعذرة والتوبة وهذا دخيلك ، وهذا كفارة ما صنعت . فقال له والدي : ما سبب هذا ؟ قال : إنه رأى أمير المؤمنين في منامه وبيده حربة وهو يقول : والله لئن لم تخل سبيل دخيلي لأنتزعن نفسك على هذه الحربة ، وقد خلع عليه وأرسله ومعه خمسة عشر رطلا فضة بعيني رأيتها وهي : سروج وكيزان ورؤوس اعلام ، وصفائح فضة ، فعملت ثلاث طاسات على الضريح الشريف صلوات الله على مشرفه ولا زالت إلى أن سبكت في هذه الحلية التي عليه الان ، واما ابن بطن الحق ، فرأى أمير المؤمنين عليه السلام في منامه ، وهو يقول له : ارجع إلى سنقر فقد خلى سبيل البدوي الذي كان قد أخذه ، فرجع إلى المشهد الشريف وأجتمع بالأسير المطلق . هذا رأيته سنة خمس وسبعين وخمسمائة . (
[1])
وايضا نظم العلامة السماوي هذه الكرامة قائلا :
[2]) ان سنقر ولي |
|
امارة الكوفة والذي يلي |
فوقعت بين بني خفاجة |
|
وبينه في مطلب لجاجة |
فمنع الزوار منهم ان تجي |
|
وسد بالجنود كل منهج |
فجاء فارسان زائرين |
|
راهما سنقر راي العين |
وكان مجتازا على سور النجف |
|
فوافقت عند اجتيازه الصدف |
فارسل الجندففر فارس |
|
من الغري لم ينله حارس
|
وضويق الثاني فخلى فرسه |
|
وانصاع نحو الحضرة المقدسه |
فقال جيئوني به فاستمسكا |
|
بالعروة الوثقى وقال في بكا |
لا تخفرن يا علي الذمة |
|
انا دخيل فاحتفظ بالحرمة |
فاخرجوه مرغما يتل |
|
لسنقر وحان منه القتل |
ثم ارتضى الفدى عن الضرار |
|
بطرفه ومائتي دينار |
فكفل الكفيل والطرف اخذ |
|
وسار للحي الكفيل ينتقذ |
واودع المكفول سجنا عنده |
|
حتى يوافي الكفيل نقده |
وكان عباس ابن بطن الحق |
|
هو الكفيل في اداء الحق |
فما اتى الصباح الا والفتى |
|
بخير عمة وجبة اتى |
مع طرقه والجندتحمل الطرف |
|
من سنقر الى الضريح في النجف |
وكانت الطرفة في صوران |
|
من ذهب وفضة صوان |
وهو يقول يا علي المرتضى |
|
عبدك سنقر اتى يرجو الرضى |
فانكشف الحال بان حيدرا |
|
هدد في المنام ليلا سنقرا |
وقال ان تؤذي دخيل التربه |
|
نزعت حوباءك في ذي الحربه |
فجاء بالدخيل والكفاره |
|
يرجو رضاه ويروي اعتذاره |
ورجع الكفيل عن طيف اري |
|
ان عد فقد فك الحبيس وبري |
فصغيت الطرفة طوسا توضع |
|
على الضريح وهي فيه ترفع |
قال وقد رايت هاتيك الطرف |
|
مصوغة هناك اذ زرت النجف |
وكان ذاك سنة الخمسمئة |
|
[3])
|