العتبة العلوية المقدسة - قطوف من حياة الامام الرضا عليه السلام -
» » سيرة الإمام » المناسبات » من حياة الامام الرضا عليه السلام » قطوف من حياة الامام الرضا عليه السلام


 قطوف من حياة الامام الرضا عليه السلام

الفرق بين الشيعة والموالين

ولما جعل إلى علي بن موسى (عليهما السلام) ولاية العهد دخل عليه آذنه ، فقال: إن قوما بالباب يستأذنون عليك ، يقولون: نحن من شيعة علي (عليه السلام). فقال (عليه السلام): أنا مشغول ، فاصرفهم. فصرفهم. فلما كان في اليوم الثاني جاءوا وقالوا كذلك ، فقال مثلها فصرفهم إلى أن جاءوا ، هكذا يقولون ويصرفهم شهرين. ثم أيسوا من الوصول ، وقالوا للحاجب: قل لمولانا: إنا من شيعة أبيك علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، وقد شمت بنا أعداؤنا في حجابك لنا ، ونحن ننصرف هذه الكرة ، ونهرب من بدلنا خجلا وأنفة مما لحقنا ، وعجزا عن احتمال مضض ما يلحقنا بشماتة أعدائنا ، فقال علي بن موسى (عليهما السلام): ائذن لهم ليدخلوا. فدخلوا ، فسلموا عليه ، ولم يأذن لهم بالجلوس ، فبقوا قياما ، فقالوا: يا بن رسول الله ، ما هذا الجفاء العظيم ، والاستخفاف بعد هذا الحجاب الصعب ، أي باقية تبقي منا بعد هذا؟

فقال الرضا (عليه السلام): اقرءوا: (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) ،  ما اقتديت إلا بربي عز وجل ، وبرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وبأمير المؤمنين (عليه السلام) ، ومن بعده من آبائي الطاهرين (عليهم السلام) ، عتبوا عليكم فاقتديت بهم.قالوا: لماذا ، يا ابن رسول الله؟ قال: لدعواكم أنكم شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، ومن بعده من آبائي الطاهرين (عليهم السلام) ، عتبوا عليكم فاقتديت بهم.قالوا: لما ذا ، يا بن رسول الله؟ قال: لدعواكم أنكم شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ويحكم ، إنما شيعته: الحسن ، والحسين (عليهما السلام) ، وسلمان ، والمقداد ، وأبو ذر ، وعمار ، ومحمد بن أبي بكر ، الذين لم يخالفوا شيئا من أوامره ، ولم يرتكبوا شيئا من فنون زواجره ، فأما أنتم إذا قلتم إنكم شيعته ، وأنتم في أكثر أعمالكم‏ له مخالفون ، مقصرون في كثير من الفرائض ، ومتهاونون بعظيم حقوق إخوانكم في الله ، وتتقون حيث لا تجب التقية ، وتتركون التقية حيث لا بد من التقية ، ولو قلتم أنكم موالوه ومحبوه ، الموالون لأوليائه ، والمعادون لأعدائه لم أنكره من قولكم ، ولكن هذه مرتبة شريفة ادعيتموها ، إن لم تصدقوا قولكم بفعلكم هلكتم ، إلا أن تتدارككم رحمة من ربكم.قالوا: يا بن رسول الله ، فإنا نستغفر الله ، ونتوب إليه من قولنا ، بل نقول كما علمنا مولانا: نحن محبوكم ، ومحبوا أوليائكم ، ومعادوا أعدائكم. قال الرضا (عليه السلام): فمرحبا بكم- يا إخواني وأهل ودي- ارتفعوا ، ارتفعوا.فما زال يرفعهم حتى ألصقهم بنفسه ، ثم قال لحاجبه: كم مرة حجبتهم؟ قال: ستين مرة فقال لحاجبه: فاختلف إليهم ستين مرة متوالية ، فسلم عليهم ، وأقرئهم سلامي ، فقد محوا ما كان من ذنوبهم باستغفارهم وتوبتهم ، واستحقوا الكرامة لمحبتهم لنا وموالاتهم ، وتفقد أمورهم وامور عيالاتهم ، فأوسعهم بنفقات ومبرات وصلات ودفع مضرات ) ([1]).

عيد الغدير

*-  عن الرضا عليه السلام قال: اذا كان يوم القيامة زفت أربعة أيام الى اللّه كما تزف العروس الى خدرها.قيل: ما هذه الأيام؟قال: يوم الأضحى ويوم الفطر ويوم الجمعة ويوم الغدير، وإنّ يوم الغدير بين الأضحى والفطر والجمعة كالقمر بين الكواكب، وهو اليوم الذي نجىّ فيه ابراهيم الخليل من النار، فصار شاكراً للّه، وهو اليوم الذي أكمل اللّه به الدين في إقامة النبي علياً أميرالمؤمنين علماً وأبان فضيلته ووصايته، فصام ذلك اليوم وإنّه ليوم الكمال، ويوم مرغمة الشيطان، ويوم تقبل اعمال الشيعة ومحبي آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وهو اليوم الذي يعمد اللّه فيه الى ما عمله المخالفون فيجعله هباءً منثوراً، وهو اليوم الذي يأمر جبرئيل أن ينصب كرامتي كرامة اللّه بازاء البيت المعمورة ويصعد جبرئيل وتجتمع اليه الملائكة من جميع السماوات ويثنون على محمد صلى الله عليه وآله وسلم ويستغفرون لشيعة أميرالمؤمنين والائمة ومحبيهم من ولد آدم، وهو اليوم الذي يأمر اللّه فيه الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن محبي أهل البيت وشيعتهم ثلاثة أيام من يوم الغدير ولا يكتبون عليهم شيئاً من خطاياهم كرامة لمحمد وعلي والائمة، وهو اليوم الذي جعله اللّه لمحمد وآله صلى الله عليه وآله وسلم وذوي رحمته، وهو اليوم الذي يزيد الله في حال من عبد فيه ووسع على عياله ونفسه واخوانه ويعتقه الله من النار، وهو اليوم الذي يجعل الله فيه سعي الشيعة مشكوراً، وذنبهم مغفوراً، وهو يوم تنفيس الكرب، ويوم تحطية الوزر، ويوم الهباء والعطية، ويوم نشر العلم، ويوم البشارة، والعيد الأكبر، ويوم يستجاب فيه الدعاء، ويوم الموقف العظيم، ويوم لبس الثياب، ونزع السواد، ويوم الشرط والمشروط، ويوم نفي الهموم، ويوم الصفح عن مذنبي شيعة أميرالمؤمنين، وهو يوم السبقة، ويوم اكثار الصلاة على محمد وآل محمد، ويوم الرضا، ويوم عيد أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ويوم قبول الأعمال، ويوم طلب الزيادة، ويوم استراحة المؤمنين، ويوم المتاجرة ويوم التودد، ويوم الوصول الى رحمه الله، ويوم التزكية، ويوم ترك الكبائر والذنوب، ويوم العبادة، ويوم تفطير الصائمين فمن فطّر فيه صائماً مؤمناً كان كمن أطعم فئام الى أن عدّ عشرة.ثم قال: أتدري ما الفئام؟قال: مائة الف، وهو يوم التهنية يهني بعضكم بعضاً، فإذا لقي المؤمن أخاه يقول: الحمد لله الذي جعلنا من المتمسكين بولاية أميرالمؤمنين والائمة، وهو يوم التبسم في وجوه الناس من أهل الإيمان فمن تبسم في وجه أخيه يوم الغدير نظر اللّه اليه يوم القيامة بالرحمة وقضى له ألف حاجة وبنى له قصراً في الجنة من درة بيضاء وَنَضَّرَ وجهه، وهو يوم الزينة فمن تزين ليوم الغدير غفر اللّه له كل خطيئة عملها صغيرة وكبيرة، وبعث اللّه إِليه ملائكة يكتبون له الحسنات، ويرفعون له الدرجات الى قابل مثل ذلك اليوم، فإن مات: مات شهيداً، وإن عاش: عاش سعيداً، ومن أطعم مؤمناً كان كمن أطعم جميع الأنبياء والصديقين، ومن زار فيه مؤمناً أدخل اللّه قبره سبعين نوراً ووسع في قبره ويزور قبره كل يوم سبعون ألف ملك يبشرونه بالجنة.وفي يوم الغدير فرض الله الولاية على أهل السماوات السبع، فسبق اليها أهل السماء السابعة فزينها بالعرش ثم سبق إليها اهل السماء الرابعة فزنها بالبيت المعمور ثم سبق إليها اهل السماء الدنيا فزينها بالكواكب، ثم عرضها على الارضين فسبقت مكة فزينها بالكعبة، ثم سبقت اليها المدينة فزينها بالمصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ثم سبقت اليها الكوفة فزينها باميرالمؤمنين وعرضها على الجبال فأول جبل أقرّ بذلك ثلاثة جبال: جبل العقيق، وجبل الفيروزج، وجبل الياقوت، فصارت هذه الجبال جبالهن وأفضل الجواهر.ثم سبقت اليها جبال أُخر، فصار معادن الذهب والفضة، ومالم يقر بذلك ولم يقبل صارت لا تنبت شيئاً، وعرض ذلك اليوم على المياه، فما قبل منها صار عذباً، وما أنكر منها صار ملحاً اجاجاً، وعرض ذلك اليوم على النبات، فما قبله صار حلواً طيباً، وما لم يقبل صار مراً.ثم عرض ذلك اليوم على الطير، فما قبلها صار فصيحاً مصوّتاً، وما انكرها صار أخرس مثل اللكن، ومثل المؤمنين في قبولهم ولاء أميرالمؤمنين عليه السلام في يوم غدير خم: كمثل الملائكة في سجودهم لآدم، ومثل من أبى ولاية أميرالمؤمنين (عليه السلام) في يوم الغدير: كمثل ابليس، وفي هذا اليوم أنزلت هذه الاية: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا وما بعث الله نبياً إلاّ وكان يوم بعثه مثل يوم الغدير عنده وعرف حرمته اذ نصب لأُمته وصياً وخليفته من بعده في ذلك اليوم([2]).

خمسة دروس

قال الامام  علي بن موسى الرضا عليه السلام  يقول : اوصى الله عز وجل الى نبي من انبيائه , اذا اصبحت فاول  شيء تسقبله كله , والثاني فأكتمه  والثالث فاقبله , والرابع فلا تؤيسه , والخامس فاهرب منه  قال : فلما مضى فاستقبله جبل عظيم اسود وقال : امرني ربي عز وجل ان اكل هذا , وبقي متحيراً ثم رجع الى نفسه فقال : ان ربي جل جلاله لا يأمرني الا بما اطيق فمشى اليه ليأكله , فكلما دنا منه صغر , حتى انتهى اليه فوجده لقمة فأكلها فوجدها اطيب شيء اكله , ثم مضى فوجد طشتاً من ذهب , فقال : امرني ربي ان اكتم هذا , فحفر له وجعله فيه والقى عليه التراب , ثم مضى فألتفت فاذا الطشت قد ظهر فقال : قد فعلت ما امرني ربي عز وجل فمضى فاذا بطير وخلفه بازي فطاف الطير حوله , فقال : امرني ربي ان اقبل هذا , ففتح كمه فدخل الطير فيه , فقال له البازي اخذت صيدي وانا خلفه منذ ايام  فقال : ان ربي عز وجل امرني ان لا أأيسه هذا , فقطع من فخذه قطعة فألقاها اليه ثم مضى , فلما مضى فاذا هو  بلحم ميتة منتن مدود , فقال : امرني ربي عز وجل ان اهرب من هذا فهرب ورجع , ورأى في المنام كانه قد قيل له : انك فعلت ما امرت به  فهل تدري ماذا كان ؟ قال : لا  قال له : اما الجبل فهو الغضب ان العبد اذا غضب لم ير نفسه  وجعل قدره من عظم الغضب فاذا عرف نفسه وعرف قدره وسكن غضبه كان عاقبته كاللقمة الطيبة التي اكلتها , واما الطشت فهو العمل الصالح اذا كتمه العبد واخفاه ابى الله عز وجل الا ان يظهره ليزينه به مع ما يدخر له من ثواب الاخرة , واما الطير فهو الرجل الذي يأتيك بنصيحة فاقبله واقبل نصيحته , واما البازي فرجل يأتيك في حاجة فلا تؤيسه  واما اللحم المنتن فهو الغيبة فاهرب منها .  

لوزة الرضا عليه السلام

أبوواسع محمد بن أحمد بن محمد بن إسحاق النيسابوري قال : سمعت  جدتي خديجة بنت حمدان بن بسندة قالت : لما دخل الرضا عليه السلام نيسابور نزل  محلة الغربى ناحية تعرف ( بلاش آباد ) في دار جدتي بسنده وإنما سمي بسنده لان  الرضا عليه السلام ارتضاه من بين الناس ، وبسنده هي كلمة فارسية معناها مرضي فلما  نزل عليه السلام دارنا زرع لوزة في جانب من جوانب الدار ، فنبتت وصارت شجرة وأثمرت  في سنة ، فعلم الناس بذلك فكانوا يستشفون بلوز تلك الشجرة ، فمن أصابته علة  تبرك بالتناول من ذلك اللوز ، مستشفيا به فعوفي ، ومن أصابه رمد جعل ذلك اللوز  على عينه فعوفي ، وكانت الحامل إذا عسر عليها ولادتها تناولت من ذلك اللوز فتخف  عليها الولادة ، وتضع من ساعتها .  وكان إذا أخذ دابة من الدواب القولنج أخذ من قضبان تلك الشجرة فامر  على بطنها ، فتعافى ، ويذهب عنها ريح القولنج ببركة الرضا عليه السلام فمضت الايام  على تلك الشجرة ويبست فجاء جدي حمدان وقطع أغصانها فعمي ، وجاء ابن  لحمدان يقال له : أبوعمرو ، فقطع تلك الشجرة من وجه الارض فذهب ماله كله  بباب فارس ، وكان مبلغه سبعين ألف درهم إلى ثمانين ألف درهم ، ولم يبق  له شئ .  وكان لابي عمرو هذا ابنان كاتبان وكانا يكتبان لابي الحسن محمد بن إبراهيم  سمجور يقال لاحدهما أبوالقاسم وللآخر أبوصادق ، فأرادا عمارة تلك الدار وأنفقا  عليها عشرين ألف درهم ، وقلعا الباقي من أصل تلك الشجرة ، وهما لا يعلمان ما يتولد  عليهما من ذلك ، فولى أحدهما ضياعا لامير خراسان ، فرد إلى نيسابور في محمل  قد اسودت رجله اليمنى فشرحت رجله ، فمات من تلك العلة بعد شهر .  وأما الآخر وهو الاكبر فانه كان في ديوان السلطان بنيسابور يكتب كتابا  وعلى رأسه قوم من الكتاب وقوف ، فقال واحد منهم : دفع الله عين السوء عن كاتب  هذا الخط فارتعشت يده من ساعته ، وسقط القلم ن يده ، وخرجت بيده بثرة  ورجع إلى منزله ، فدخل إليه أبوالعباس الكاتب مع جماعة قالوا له : هذا الذي  أصابك من الحرارة ، فيجب أن تفتصد فافتصد ذلك اليوم ، عادوا إليه من الغد  وقالوا له : يجب أن تفتصد اليوم أيضا ففعل فاسودت يده شرحت ، ومات من ذلك  وكان موتهما جميعا في أقل من سنة

عدد المحابر

حدث  المولى السعيد إمام الدنيا عماد الدين محمد بن أبي سعيد بن عبدالكريم الوزان  في محرم سنة ست وتسعين وخمسمائة قال : أورد صاحب كتاب تاريخ نيسابور في  كتابه أن علي بن موسى الرضا عليه السلام لما دخل إلى نيسابور في السفرة التي  فاض فيها بفضيلة الشهادة كان في مهد على بغلة شهباء عليها مركب من فضة  خالصة ، فعرض له في السوق الامامان الحافظان للاحاديث النبوية أبوزرعة ومحمد  ابن أسلم الطوسي رحمهما الله فقالا : أيها السيد ابن السادة ، أيها الامام وابن الائمة  أيها السلالة الطاهرة الرضية ، أيها الخلاصة الزاكية النبوية بحق آبائك الاطهرين  وأسلافك الاكرمين إلا أريتنا وجهك المبارك الميمون ، ورويت لنا حديثا عن  آبائك عن جدك ، نذكرك به .  فاستوقف البغلة ، ورفع المظلة ، وأقر عيون المسلمين بطلعته المباركة  الميمونة ، فكانت ذؤابتاه كذوابتي رسول الله صلى الله عليه وآله والناس على طبقاتهم قيام كلهم  وكانوا بين صارخ وباك وممزق ثوبه ، ومتمرغ في التراب ، ومقبل حزام بغلته ومطول عنقه إلى مظلة المهد ، إلى أن انتصف النهار ، وجرت الدموع كالانهار  وسكنت الاصوات ، وصاحت الائمة والقضاة :  معاشر الناس اسمعوا وعوا ، ولا تؤذوا رسول الله صلى الله عليه وآله في عترته ، وأنصتوا  فأملى صلوات الله عليه هذا الحديث وعد من المحابر أربع وعشرون ألفا سوى  الدوي ، والمستملي أبوزرعة الرازي ومحمد بن أسلم الطوسي رحمهما الله فقال عليه السلام :  حدثني أبي موسى بن جعفر الكاظم ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد الصادق  قال : حدثني أبي محمد بن علي الباقر ، قال : حدثني أبي علي بن الحسين  زين العابدين ، قال : حدثني أبي الحسين بن علي شهيد أرض كربلا قال : حدثني  أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب شهيد أرض الكوفة ، قال : حدثني أخي وابن عمي  محمد رسول الله صلى الله عليه وآله قال : حدثني جبرئيل عليه السلام قال : سمعت رب العزه سبحانه  وتعالى يقول : كلمة لا إله إلا الله حصني فمن قالها دخل حصني ومن دخل حصني  أمن من عذابي .  صدق الله سبحانه ، وصدق جبرئيل عليه السلام وصدق رسول الله والائمة عليهم السلام . 

قال الاستاذ أبوالقاسم القشيري إن هذا الحديث بهذا السند بلغ بعض أمراء  السامانية فكتبه بالذهب وأوصى أن يدفن معه فاما مات رئي في المنام فقيل : ما فعل  الله بم ؟ فقال : غفر الله لي بتلفظي بلا إل إلا الله وتصديقي محمدا رسول الله مخلصا  وأني كتبت هذا الحديث بالذهب تعظيما واحتراما. 

اعذر أخاك على ذنوبه

عن أحمد بن الحسين ، عن أبيه قال : احضرنا مجلس الرضا عليه السلام فشكا  رجل أخاه فأنشأ يقول : 

اعذر أخاك على ذنوبه        واستر وغط على عيوبه 

واصبر على بهت السفيه       وللزمان على خطوبه 

ودع الجواب تفضلا           وكل الظلوم إلى حسيبه

عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أن المأمون  قال : هل رويت من الشعر شيئا ؟ فقال : قد رويت منه الكثير ، فقال : أنشدني  أحسن ما رويته في الحلم فقال عليه السلام : 

إذا كان دوني من بليت بجهله       أبيت لنفسي أن تقابل بالجهل 

وإن كان مثلي في محلي من النهى    أخذت بحلمي كي اجل عن المثل 

وإن كنت أدنى منه في الفضل والحجى   عرفت له حق التقدم والفضل 

قال له المأمون : ما أحسن هذا ؟ هذا من قاله ؟ فقال : بعض فتياننا قال : فأنشدني أحسن ما رويته في السكوت عن الجاهل ، وترك عتاب الصديق ، فقال عليه السلام : 

إني ليهجرني الصديق تجنبا       فاريه أن لهجره أسبابا 

وأراه إن عاتبته أغريته            فأرى له ترك العتاب عتابا 

وإذا بليت بجاهل متحكم        يجد المحال من الامور صوابا 

أوليته مني السكوت وربما * كان السكوت عن الجواب جوابا 

فقال له المأمون : ما أحسن هذا ؟ هذا ما قاله لا فقال عليه السلام : بعض فتياننا  قال : فأنشدني أحسن ما رويته في استجلاب العدو حتى يكون صديقا فقال عليه السلام 

وذي غلة سالمته فقهرته             فأوقرته مني لعفو التجمل 

ومن لا يدافع سيئات عدوه      باحسانه لم يأخذ الطول من عل 

ولم أر في الاشياء أسرع مهلكا            لغمر قديم من وداد معجل 

فقال له المأمون : ما أحسن هذا لا هذا من قاله لا فقال : بعض فتياننا ، فقال : فأنشدني أحسن ما رويته في كتمان السر فقال عليه السلام : 

وإني لانسى السر كيلا أذيعه          فيامن رأى سرا يصان بأن ينسى 

مخافة أن يجري ببالي ذكر                ه فينبذه قلبي إلى ملتوى حشا 

فيوشك من لم يفش سرا وجال        في خواطره أن لا يطيق له حبسا 

فقال له المأمون : إذا أمرت أن تترب الكتاب كيف تقول ؟ قال ترب قال : فمن السحا قال : سح ، قال فمن الطين ، قال : طين فقال : يا غلام ترب  هذا الكتاب وسحه وطينه وامض به إلى الفضل بن سهل ، وخذ لابي الحسن  ثلاثمائة ألف درهم.

قد احتج الـرجل

عن محمـد بن سنان، قال: كنت عند مولاي الرضا (عليه السلام) بخراسان، وكان المأمـون يقعـده على يمينـه اذا قعد للناس يوم الاثنين ويوم الخميس ، فرفع الى المأمـون: أن رجلامن الصـوفيـة سـرق ، فأمـر باحضاره ، فلما نظـر اليـه وجـده متقشفا بين عينيـه اثــر السجــود، فقال: سوأة لهذه الأثار الجميلة ، ولهذا الفعل القبيح ، اتنسب الى السرقـة مع ما أرى من جميل آثارك وظاهرك · قال: فعلت ذلك اضطـرارا لااختيارا، حين منعتني حقي من الخمس والفيء، فقال المأمون: وأي حق لك في الخمس والفيء · قال: ان الله عـز وجل قسم الخمس ستـة أقسام، وقال: (واعلمـوا أنما غنمتم) الآيــة ، وقسم الفيء على ستة أقسام، فقال عز وجل: ما أفاء الله على رسولـه من أهل القـرى، الآيـة  فمنعتني حقي، وأنا ابن السبيل منقطع بي، ومسكين لاأرجـع الى شيء، ومـن حملــة القرآن، فقال له المأمون: اعطل حدا من حدود اللـه ، وحكما من أحكامـه في السارق ، من أساطيرك هذه ! ففال الصـوفي إبـدأ بنفسك فطهـرها، ثم طهـر غيـرك ، وأقم حد الله عليها، ثم على غيرك ، فالتفت المأمون الى أبي الحسن (عليه السلام)، فقال: ما تقول· فقال: "إنـه يقـول سرقت فسرق " فغضب المأمون غضبا شديـدا، ثم قال للصـوفي: واللـه لأقطعنك ، فقال الصـوفي: اتقطعني وأنت عبـد لي!· فقال المأمـون: ويلك ومن أين صـرت عبــدا لك !· قال: لأن أمك اشتـريت من مال المسلمين، فانت عبـد لمن في المشـرق والمغـرب حتى يعتقـوك ، وأنا لم أعتقك ، ثم بلعت الخمس بعـد ذلك فلاأعطيت آل الـرسـول حقا، ولاأعطيتني ونظـرائي حقنا، والأخـرى أن الخبيث لايطهـر خبيثا مثلـه ، إنما يطهره طاهر، ومن في جنبه الحد لايقيم الحدود على غيره حتى يبدأ بنفسـه ، أما سمعت الله عز وجل يقـول: (أتأمـرون الناس بالبـر وتنسـون أنفسكم وأنتم تتلـون الكتاب أفلاتعقلون فالتفت المأمون الى الرضا (عليه السلام)، فقال: ما ترى في أمره ·. فقال (عليه السلام) " ان الله جل جلاله ، قال لمحمد (صلى الله عليه وآلـه ): (فللـهالحجـة البالغة  وهي التي تبلغ الجاهل فيعلمها بجهلـه ، كمـا يعلمهـا العـالم بعلمه ، و الدنيا والآخرة قائمتان بالحجة ، وقد احتج الـرجل".

 

 

هكذا علينافي ديننا أن  نفعل بأشراف أهل زماننا

عن صفوان بن يحيى  صاحب السابري قال : سألني أبوقرة صاحب الجاثليق أن اوصله إلى الرضا عليه السلام فاستأذنته  في ذلك ، فقال : أدخله علي ، فلمادخل عليه قبل بساطه وقال : هكذا علينافي ديننا أن  نفعل بأشراف أهل زماننا ، ثم قال له : أصلحك الله ماتقول في فرقة ادعت دعوى فشهدت  لهم فرقة اخرى معدلون ؟ قال : الدعوى لهم ، قال : فادعت فرقة اخرى دعوى فلم يجدوا شهودا من غيرهم ؟ قال : لاشئ لهم قال فإنانحن ادعينا أن عيسى روح الله  وكلمته ،  فوافقنا على ذلك المسلمون ، وادعى المسلمون أن محمدا نبي فلم نتابعهم  عليه ، وما أجمعنا عليه خير مما افترقنا فيه ، فقال له الرضا عليه السلام : ما اسمك ؟ قال يوحنا ،  قال : يايوحنا إنا آمنا بعيسى روح الله وكلمته الذي كان يؤمن بمحمد ويبشر به  ويقر على نفسه أنه عبدمربوب : فإن كان عيسى الذي هو عندك روح الله وكلمته ليس  هو الذي آمن بمحمد وبشر به ، ولاهو الذي أقرلله بالعبودية والربوبية فنحن منه  برآء ، فأين اجتمعنا ، فقام فقال لصفوان بن بحيى : قم فماكان أغناناعن هذا المجلس ؟ !

وصارت مرو ضجة  واحدة من البكاء

عن ياسر الخادم والريان بن الصلت جميعا قال : لما انقضى  أمر المخلوع واستوى الامر للمأمون كتب إلى الرضا عليه السلام يستقدمه إلى خراسان ،  فاعتل عليه أبوالحسن عليه السلام بعلل ، فلم يزل المأمون يكاتبه في ذلك حتى علم أنه لا محيص له و  أنه لا يكف عنه ، فخرج عليه السلام ولابي جعفر عليه السلام سبع سنين ، فكتب إليه المأمون : لا  تأخذ على طريق الجبل وقم ، وخذ على طريق البصرة والاهواز وفارس ، حتى وافى  مرو ، فعرض عليه المأمون أن يتقلد الامر والخلافة ، فأبى أبوالحسن عليه السلام ، قال :  فولاية العهد ؟

فقال : على شروط أسألكها ،

 قال المأمون له : سل ما شئت ،

فكتب  الرضا عليه السلام : أني داخل في ولاية العهد ؟ على أن لا آمر ولا أنهى ولا افتي ولا أقضي  ولا أولي ولا أعزل ولا اغير شيئا مما هو قائم وتعفيني من ذلك كله ، فأجابه المأمون  إلى ذلك كله ، قال : فحدثني ياسر قال : فلما حضر العيد بعث المأمون إلى الرضا  عليه السلام يسأله أن يركب ويحضر العيد ويصلي ويخطب ، فبعث إليه الرضا عليه السلام قد علمت  ما كان بيني وبينك من الشروط في دخول هذا الامر ، فبعث إليه المأمون إنما اريد  بذلك أن تطمئن قلوب الناس ويعرفوا فضلك ، فلم يزل عليه السلام يراده الكلام في  ذلك فألح عليه ، فقال : يا أمير المؤمنين إن أعفيتني من ذلك فهو أحب إلي وإن  لم تعفني خرجت كما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام ، فقال المأمون :  اخرج كيف شئت وأمر المأمون القواد والناس أن يبكروا إلى باب أبي الحسن . 

قال : فحدثني ياسر الخادم أنه قعد الناس لابي الحسن عليه السلام في الطرقات و  السطوح ، الرجال والنساء والصبيان ، واجتمع القواد والجند على باب أبي الحسن 

عليه السلام فلما طلعت الشمس قام عليه السلام فاغتسل وتعمم بعمامة بيضاء من قطن ، ألقى طرفا  منها على صدره وطرفا بين كتفيه وتشمر ، ثم قال لجميع مواليه : افعلوا مثل ما فعلت  ثم أخذ بيده عكازا ثم خرج ونحن بين يديه وهو حاف قد شمر سراويله إلى  نصف الساق وعليه ثياب مشمرة ، فلما مشى ومشينا بين يديه رفع رأسه إلى السماء  وكبر أربع تكبيرات ، فخيل إلينا أن السماء والحيطان تجاوبه ، والقواد والناس  على الباب قد تهيؤوا ولبسوا السلاح وتزينوا بأحسن الزينة ، فلما طلعنا عليهم بهذه  الصورة وطلع الرضا عليه السلام وقف على الباب وقفة ، ثم قال : " الله أكبر ، الله أكبر ، الله  أكبر [ الله أكبر ] على ما هدانا ، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام والحمد لله على  ما أبلانا " نرفع بها أصواتنا - قال ياسر : فتزعزعت مرو بالبكاء والضجيج والصياح  لما نظروا إلى أبي الحسن عليه السلام وسقط القواد عن دوابهم ورموا بخفافهم لما رأوا  أبا الحسن عليه السلام حافيا وكان يمشي ويقف في كل عشر خطوات ويكبر ثلاث مرات  قال ياسر : فتخيل إلينا أن السماء والارض والجبال تجاوبه ، وصارت مرو ضجة  واحدة من البكاء وبلغ المأمون ذلك فقال له الفضل بن سهل ذو الرياستين : يا أمير المؤمنين  إن بلغ الرضا المصلى على هذا السبيل افتتن به الناس والرأي أن تسأله أن يرجع  فبعث إليه المأمون فسأله الرجوع فدعا أبوالحسن عليه السلام بخفه فلبسه وركب ورجع .

جاور علي بن موسى الرضـــا عليه السلام

* قال الحاكم بخراسان صاحب كتاب المقتفى : رأيت في منامي وانا في مشهد الامام الرضا عليه السلام  وكأن ملكاً نزل من السماء , وعليه ثياب خضر وكتب على شاذروان القبر البيتين حفظتهما وهما :

من سره ان يرى قبراً برؤيتــه
             

 

 

يفرج الله عمن زاره كربـــــة

 

 

فليأت ذا القبر ان الله اسكنه
            

 

 

سلالة من رسول الله منتجبة

 

 

قال مروج الاسلام  رايت قبل عدة سنين هذين البيتين  فوق الراس على الضريح المطهر مكتوبين بخط جميل بالفضة  ولكن من ذلك الحين الى اليوم قد جدد الضريح مرتين  فرفعوا هاتين البيتين

* روى عن ابي عبد الله الحافظ انه قال : كنت في الروضة الرضوية صلوات الله على مشرفها , ليلة جمعة احييتها فغلبني النوم في اخرها , وكنت بين النوم واليقظة فرأيت في تلك الحالة ملكين نزلا من السماء , وكتبا بخط اخضر على جدار القبة هذين البيتين :

اذا كنت تأمل او ترتجي
        

 

 

من الله في حالتـــــــــيـك الرضـــا

 

 

فلازم مودة آل الرسول
         

 

 

وجاور علي بن موسى الرضـــا(2)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بشرطها وشروطها

*-  أورد صاحب كتاب تاريخ نيسابور في كتابه أن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) لما دخل إلى نيسابور في السفرة التي حضى فيها بفضيلة الشهادة كان في مهد على بغلة شهباء عليها مركب من فضة خالصة، فعرض له السوق الإمامان الحافظان للاحاديث النبوية أبو زرعة ومهران بن اسلم الطوسي فقالا: أيها السيد ابن السادة، أيها الإمام ابن الائمة، أيها السلالة الطاهرة الرضية أيها الخلاصة الزاكية النبوية بحق آبائك الأطهرين وأسلافك الأكرمين إلا أريتنا وجهك المبارك الميمون، ورويت لنا حديثاً عن آبائك عن جدك نذكرك به، فاستوقف البغلة ورفع المظلة، واقر عيون المسلمين بطلعته المباركة الميمونة، فكانت ذوابتاه كذوابتي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والناس على طبقاتهم قيام كلهم، وكانوا بين صارخ وباك، وممزق ثوبه، ومتمرغ في التراب، ومقبل حزام بغلته، ومطول عنقه إلى مظلة المهد إلى أن انتصف النهار وجرت الدموع كالأنهار، وسكنت الأصوات، وصاحت الأئمة والقضاة: معاشر الناس اسمعوا وعوا ولا تؤذوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في عترته وانصتوا.فأملى صلوات الله عليه هذا الحديث، واعد من المحابر أربع وعشرون ألفاً سوى الدوى والمستملي أبو زرعة الرازي ومحمد بن اسلم الطوسي، فقال (رضي الله عنه): حدثني أبي موسى بن جعفر الكاظم قال: حدثني أبي جعفر بن محمد الصادق، قال: حدثني أبي محمد بن علي الباقر، قال: حدثني أبي علي بن الحسين زين العابدين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي شهيد ارض كربلاء، قال: حدثني أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب شهيد ارض الكوفة، قال: حدثني أخي وابن عمي محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: حدثني جبائيل (عليه السلام) قال: سمعت رب العزة سبحانه وتعالى يقول: كلمة لا اله إلا الله حصني، فمن قالها دخل حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي، صدق الله سبحانه وصدق جبرئيل (عليه السلام) وصدق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام).قال الأستاذ أبو القاسم القشيري: إن هذا الحديث بهذا السند بلغ بعض أُمراء السامانية فكتبه بالذهب وأوصى أن يدفن معه فلما مات روئيَ في المنام فقيل له ما فعل الله بك؟فقال غفر لي بتلفظي بلا إله إلا الله، وتصديقي محمداً رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مخلصاً، وإني كتبت هذا الحديث بالذهب تعظيماً واحتراماً. وروى هذا الحديث من طريقنا الشيخ الجليل محمد بن بابويه (رحمه الله) بسنده عن إسحاق بن راهويه هكذا: لا اله إلا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي.فلما مرت الراحلة نادانا: بشروطها، وأنا من شروطها،



([1]) تفسير الامام العسكري عليه السلام ص 304، تفسير البرهان ج6 ص 422

([2]) اقبال الاعمال:ص464 

(2)  دار السلام 2 / 128 .

([3])دلائل الامامة ص 376