العتبة العلوية المقدسة - حامل حجة ينقض بعضها بعضا -
» » سيرة الإمام » قصص ومواعظ من سيرة الامام علي عليه السلام » حامل حجة ينقض بعضها بعضا

 

حامل حجة  ينقض بعضها بعضا

 

عن أبي عبدالله عليه السلام قال : بعث طلحة والزبير  رجلا من عبدالقيس يقال له : خداش إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، وقالا له :  إنا نبعثك إلى رجل طال ما كنا نعرفه وأهل بيته بالسحر والكهانه ، وأنت أوثق  من بحضرتنا من أنفسنا من أن تمتنع من ذلك ، وأن تحاجه لنا حتى تقفه على أمر  معلوم ، واعلم أنه أعظم الناس دعوى فلا يكسرنك ذلك عنه ، ومن الابواب التي  يخدع الناس بها الطعام والشراب والعسل والدهن وأن يخالي الرجل ، فلا تأكل  له طعاما ، ولا تشرب له شرابا ، ولا تمس له عسلا ولا دهنا ولا تخل معه واحذر هذا  كله منه ، وانطلق على بركة الله ، فإذا رأيته فاقرأ آيه السخرة ، وتعوذ بالله من  كيده وكيد الشيطان . فإذا جلست إليه فلا تمكنه من بصرك كله ولا تستأنس به .  ثم قل له : إن أخويك في الدين وابني عمك في القرابة يناشدانك القطيعة ، ويقولان  لك : أما تعلم أنا تركنا الناس لك وخالفنا عشائرنا فيك منذ قبض الله عزوجل  محمدا صلى الله عليه وآله فلما نلت أدنى منال ، ضيعت حرمتنا وقطعت رجاءنا ، ثم قد رأيت أفعالنا  فيك وقدرتنا على النأي عنك ، وسعة البلاد دونك ، وإن من كان يصرفك عنا  وعن صلتنا كان أقل لك نفعا وأضعف عنك دفعا منا ، وقد وضح الصبح لذي عينين ،  وقد بلغنا عنك انتهاك لنا ودعاء علينا ، فما الذي يحملك على ذلك ؟ ! فقد كنا نرى  أنك أشجع فرسان العرب ، أتتخذ اللعن لنا دينا ، وترى أن ذلك يكسرنا عنك .  فلما أتى خداش أمير لمؤمنين عليه السلام صنع ما أمراه ، فلما نظر إليه علي عليه السلام  - وهو يناجي نفسه – ضحك وقال : ههنا يا أخا عبد قيس – وأشار له إلى مجلس قريب منه - فقال : ما أوسع المكان ، اريد أن أؤدي إليك رسالة ، قال : بل تطعم وتشرب  وتحل ثيابك وتدهن ثم تؤدي رسالتك قم يا قنبر فأنزله ، قال : ما بي إلى شئ  مما ذكرت حاجة ، قال : فأخلو بك ؟ قال : كل سر لي علانية ، قال : فأنشدك بالله الذي هو أقرب إليك من نفسك ، الحائل بينك وبين قلبك ، الذي بعلم خائنة الاعين  وما تخفي الصدور ، أتقدم إليك الزبير بما عرضت عليك ؟ قال : اللهم نعم ، قال :  لو كتمت بعد ما سألتك ما ارتد إليك طرفك ، فانشدك الله هل علمك كلاما تقوله  إذا أتيتني ؟ قال : اللهم نعم ، قال علي عليه السلام : آية السخرة ؟ قال نعم ، قال :  فاقرأها وجعل علي عليه السلام يكررها ويرددها ويفتح عليه إذا أخطأ حتى إذا  قرأها سبعين مرة قال الرجل : ما يرى أمير المؤمنين عليه السلام أمره بترددها سبعين مرة  ثم قال له : أتجد قلبك اطمأن قال إي : - والذي نفسي بيده - قال : فما قالا لك ؟  فأخبره ، فقال : قل لهما : كفى بمنطقكما حجة عليكما ، ولكن الله لا يهدي القوم  الظالمين ، زعمتما أنكما أخواي في الدين وابنا عمي في النسب فأما النسب فلا انكره  وإن كان النسب مقطوعا إلا ما وصله الله بالاسلام ، وأما قولكما : إنكما أخواي في  الدين ، فإن كنتما صادقين فقد فارقتما كتاب الله عزوجل ، وعصيتما أمره بأفعالكما  في أخيكما في الدين ، وإلا فقد كذبتما وافتريتما بادعائكما أنكما أخواي في الدين  وأما مفارقتكما الناس منذ قبض الله محمدا صلى الله عليه وآله فإن كنتما فارقتماهم بحق فقد نقضتما  ذلك الحق بفراقكما إياي أخيرا ، وإن فارقتماهم بباطل فقد وقع إثم ذلك الباطل  عليكما مع الحدث الذي أحدثتما ، مع أن صفقتكما بمفارقتكما الناس لم تكن  إلا لطمع الدنيا ، زعمتما وذلك قولكما : " فقطعت رجاء نا " لا تعيبان بحمد الله من دينيشيئا وأما الذي صرفني عن صلتكما ، فالذي صرفكما عن الحق وحملكما على خلعه  من رقابكما كما يخلع الحرون لجامه وهو الله ربي لا اشرك به شيئا فلا تقولا : " أقل  نفعا وأضعف دفعا " فتستحقا اسم الشرك مع النفاق ، وأما قولكما : إني أشجع فرسان  العرب ، وهربكما من لعني ودعائي ، فإن لكل موقف عملا إذا اختلفت الاسنة و  ماجت لبود الخيل وملا سحرا كما أجوافكما ، فثم يكفيني الله بكمال القلب ، وأما إذا  أبيتما بأني أدعو الله فلا تجزعا من أن يدعو عليكما رجل ساحر من قوم سحرة زعمتما ، اللهم  أقعص الزبير بشر قتلة واسفك دمه على ضلالة وعرف طلحة المذلة وادخر لهما في الآخرة  شرا من ذلك ، إن كانا ظلماني وافتريا علي وكتما شهادتهما وعصياك وعصيا رسولك  في ، قل : آمين ، قال خداش : آمين .  ثم قال خداش لنفسه : والله ما رأيت لحية قط أبين خطأ منك ، حامل حجة  ينقض بعضها بعضا لم يجعل الله لها مساكا ، أنا أبرأ إلى الله منهما ، قال علي عليه السلام : ارجع  إليهما وأعلمها ما قلت ، قال : لا والله حتى تسأل الله أن يردني إليك عاجلا وأن يوفقني  لرضاه فيك ، ففعل فلم يلبث أن انصرف وقتل معه يوم الجمل رحمه الله