وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ
* - وعنه: عن الشيخ أبي محمد الفضل بن شاذان ، بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن الإمام العالم موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) ، قال: (إن الله تبارك وتعالى خلق نور محمد (صلى الله عليه وآله) من نور اخترعه من نور عظمته وجلاله ، وهو نور لاهوتيته الذي بدأ منه ، وتجلى لموسى بن عمران (عليه السلام) في طور سيناء ، فما استقر له ، ولا أطاق موسى لرؤيته ولا ثبت له ، حتى خر صعقا مغشيا عليه ، وكان ذلك النور نور محمد (صلى الله عليه وآله) ، فلما أراد أن يخلق محمدا (صلى الله عليه وآله) منه ، قسم ذلك النور شطرين: فخلق من الشطر الأول محمدا (صلى الله عليه وآله) ، ومن الشطر الآخر علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، ولم يخلق من ذلك النور غيرهما ، خلقهما بيده ، ونفخ فيهما بنفسه لنفسه ، وصورهما على صورتهما ، وجعلهما أمناء له ، وشهداء على خلقه ، وخلفاء على خليقته ، وعينا له عليهم ، ولسانا له إليهم.قد استودع فيهما علمه ، وعلمهما البيان ، واستطلعهما على غيبه ، وجعل أحدهما نفسه ، والآخر روحه ، لا يقوم واحد بغير صاحبه ، ظاهرهما بشرية ، وباطنهما لاهوتية ، ظهر للخلق على هياكل الناسوتية ، حتى يطيقوا رؤيتهما ، وهو قوله تعالى: )وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ( فهما مقاما رب العالمين ، وحجابا خالق الخلائق أجمعين ، بهما فتح الله بدء الخلق ، وبهما يختم الملك والمقادير.ثم اقتبس من نور محمد (صلى الله عليه وآله) فاطمة ابنته ، كما اقتبس نور علي من نوره ، واقتبس من نور فاطمة وعلي الحسن والحسين (عليهم السلام) ، كاقتباس المصابيح ، هم خلقوا من الأنوار ، وانتقلوا من ظهر إلى ظهر ، ومن صلب إلى صلب ، ومن رحم إلى رحم ، في الطبقة العليا ، من غير نجاسة ، بل نقلا بعد نقل لا من ماء مهين ، ولا نطفة جشرة كسائر خلقه ، بل أنوار ، انتقلوا من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهرات ، لأنهم صفوة الصفوة ، اصطفاهم لنفسه ، وجعلهم خزان علمه ، وبلغاء عنه إلى خلقه ، أقامهم مقام نفسه ، لأنه لا يرى ، ولا يدرك ، ولا تعرف كيفيته ، ولا إنيته ، فهؤلاء الناطقون المبلغون عنه ، المتصرفون في أمره ونهيه ، فبهم يظهر قدرته ، ومنهم ترى آياته ومعجزاته ، وبهم ومنهم عرف عباده نفسه ، وبهم يطاع أمره ، ولولاهم ما عرف الله ، ولا يدرى كيف يعبد الرحمن ، فالله يجري أمره كيف يشاء ، فيما يشاء )لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ