ظهور ابليس لمرحب وخدعته والنصر بالرعب والملائكة
*- عن ثور بن يزيد ، عن مكحول قال : لما كان يوم خيبر خرج رجل من اليهود يقال له : مرحب ، وكان طويل القامة ، عظيم الهامة وكانت ليهود تقدمه لشجاعته ويساره ، قال : فخرج في ذلك اليوم إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله ، فما واقفه قرن إلا قال : أنا مرحب ، ثم حمل عليه ، فلم يثبت له ، قال : وكانت له ظئر وكانت كاهنة تعجب بشبابه وعظم خلقه وكانت تقول له : قاتل كل من قاتلك ، وغالب كل من غالبك إلا من تسمي عليك بحيدرة ، فإنك إن وقفت له هلكت ، قال : فلما كثر مناوشته وجزع الناس بمقاومته شكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه واله وسألوه أن يخرج إليه عليا عليه السلام ، فدعا النبي صلى الله عليه واله عليا وقال له : يا علي اكفني مرحبا فخرج إليه أميرالمؤمنين عليه السلام فلما بصربه مرحب يسرع إليه فلم يره يعبأ به فأنكر ذلك وأحجم عنه ، ثم أقدم وهو يقول : أنا الذي سمتني أمي مرحبا .فأقبل علي عليه السلام وهو يقول : أنا الذي سمتني أمي حيدرة .فلما سمعها منه مرحب هرب ولم يقف خوفا مما حذرته منه ظئره ، فتمثل له إبليس في صورة حبر من أحبار اليهود فقال : إلى أين يا مرحب ؟ فقال : قد تسمي علي هذا القرن بحيدرة ، فقال له إبليس : فما حيدرة ؟ فقال : إن فلانة ظئري كانت تحذرني من مبارزة رجل اسمه حيدرة ، وتقول : إنه قاتلك ، فقال له إبليس : شوها لك ، لو لم يكن حيدرة إلا هذا وحده لما كان مثلك يرجع عن مثله ، تأخذ بقول النساء وهن يخطئن أكثر مما يصبن ؟ وحيدرة في الدنيا كثير ، فارجع فلعلك تقتله ، فإن قتلته سدت قومك ، وأنا في ظهرك أستصرخ اليهود لك ، فرده ، فوالله ما كان إلا كفواق ناقة حتى ضربه على ضربة سقط منها لوجهه ، وانهزم اليهود يقولون : قتل مرحب ، قتل مرحب .قال (
[1])
* قال المفيد في الارشاد: ثم تلت الحديبية خيبر وكان الفتح فيها لاميرالمؤمنين عليه السلام بلا ارتياب ، وظهر من فضله في هذه الغزاة ما أجمع على نقله الرواة ، وتفرد فيها من المناقب ما لم يشركه فيها أحد من الناس ، فروى يحيى بن محمد الازدى عن مسعدة بن اليسع وعبدالله بن عبدالرحيم ، عن عبدالملك بن هشام ومحمد بن إسحاق وغيرهم من أصحاب الآثار قالوا : لما دنا رسول الله صلى الله عليه واله من خيبر قال للناس : قفوا فوقف الناس فرفع يديه إلى السماء وقال : اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ، ورب االآرضين السبع وما أقللن ، ورب الشياطين وما أضللن ، أسألك خير هذه القرية وخير ما فيها ، وأعوذ بك من شرها وشرما فيها ثم نزل تحت شجرة في المكان ثم أقام وأقمنا بقية يومنا ومن غده ، فلما كان نصف النهار نادى منادي رسول الله صلى الله عليه واله فاجتمعنا إليه ، فإذا عنده رجل جالس فقال : إن هذا جاءني و أنا نائم فسل سيفي وقال : يا محمد من يمنعك مني اليوم ؟ قلت : الله يمنعى منك ، فشام السيف وهو جالس كما ترون لاحراك به فقلنا : يا رسول الله لعل في عقله شيئا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه واله : نعم دعوه ثم صرفه ولم يعاقبه ، وحاصر رسول الله خيبر بضعا وعشرين ليلة ، وكانت الراية يومئذ لامير - المؤمنين عليه السلام فلحقه رمد فمنعه (من الحرب ، وكان المسلمون يناوشون اليهود من بين أيدي حصونهم وجنباتها ، فلما كان ذات يوم فتحوا الباب وقد كانوا خندقوا على أنفسهم خندقا ، وخرج مرحب برجله يتعرض أبابكر فقال له : خذ الراية فأخذها في جمع من المهاجرين فاجتهد فلم يغن شيئا يؤنب القوم الذين اتبعوه ويؤنبونه ، فلما كان من الغد تعرض لها عمر فساربها غير بعيد ، ثم رجع يجبن أصحابه ويجبنونه ، فقال النبي صلى الله عليه واله : ليست هذه الراية لمن حملها ، جيؤني بعلي بن أبي طالب فقيل له : إنه أرمد قال : أرونيه تروني رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله يأخذها بحقها ليس بفرار فجاؤا بعلي عليه السلام يقودونه إليه ، فقال له النبي صلى الله عليه واله : ما تشتكي يا علي ؟ قال : رمد ما ابصر معه ، وصداع برأسي ، فقال له : اجلس وضع رأسك على فخذي ففعل علي عليه السلام ذلك فدعا له النبي صلى الله عليه واله فتفل في يده بها على عينيه ورأسه ، فانفتحت عيناه ، وسكن ما كان يجده من الصداع ، وقال في دعائه: اللهم قه الحر والبرد وأعطاه الراية ، وكانت راية بيضاء وقال له : خذالراية وامض بها ، فجبرئيل معك ، والنصر أمامك والرعب مبثوت في صدور القوم ، واعلم يا علي إنهم يجدون في كتابهم أن الذي يدمر عليهم اسمه إيليا ، فإذا لقيتهم فقل : أنا علي ، فإنهم يخذلون إنشاء الله تعالى قال أميرالمؤمنين عليه السلام : فمضيت بها حتى أتيت الحصون فخرج مرحب وعليه مغفر وحجر قدثقبه مثل البيضة على رأسه وهو يرتجز ويقول :
قد علمت خيبر أني مرحب * شاك السلاح بطل مجرب
فقلت :
أنا الذي سمتني أمي حيدرة كليث غابات شديد قسورة
أكيلكم بالسيف كيل السندرة
واختلفنا ضربتين فبدرته وضربته فقددت الحجر والمغفر ورأسه حتى وقع السيف في أضراسه : فخر صريعا
*- وجاء في الحديث أن أميرالمؤمنين عليه السلام لما قال : أنا على بن أبي طالب قال : حبر من أحبار القوم : غلبتم وما انزل على موسى فدخل في قلوبهم من الرعب ما لم يمكنهم معه الاستيطان به ([2])
* لما أركبه رسول الله صلى الله عليه واله يوم خيبر وعممه بيده وألبسه ثيابه وأركبه بغلته ، ثم قال : امض يا علي وجبرئيل عن يمينك ، وميكائيل عن يسارك ، و عزرائيل أمامك ، وإسرافيل وراءك .ونصرالله فوقك ، ودعائي خلفك(
[3])