العتبة العلوية المقدسة - الفارين من عدل الامام علي عليه السلام -
» سيرة الإمام » » جهاد الامام علي عليه السلام » جهادة في خلافته » واقعة صفين » الفارين من عدل الامام علي عليه السلام

 
 
الفارين من عدل الامام علي عليه السلام
طارق بن عبد الله مع معاوية
*- روى صاحب كتاب الغارات: أن عليا عليه السلام لما حد النجاشي غضبت اليمانية لذلك،وكان أخصهم به طارق بن عبد الله بن كعب النهدي، فدخل عليه، فقال: يا أمير المؤمنين،ما كنا نرى أن أهل المعصية والطاعة وأهل الفرقة والجماعة عند ولاة العدل ومعادنالفضل سيان في الجزاء، حتى رأينا ما كان من صنيعك بأخي الحارث، فأوغرت صدورنا وشتتأمورنا وحملتنا على الجادة التي كنا نرى أن سبيل من ركبها النار.
فقال علي عليه السلام: وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين يا أخا نهد! وهل هوإلا رجل من المسلمين انتهك حرمة من حرم الله؟ فأقمنا عليه حدا كان كفارته! إن اللهتعالى يقول: ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى .
قال: فخرج طارق من عنده فلقيه الأشتر، فقال: يا طارق، أنت القائل
لأمير المؤمنين: أوغرت صدورنا وشتت أمورنا ؟ قالطارق: نعم أنا قائلها، قال: والله ما ذاك كما قلت! إن صدورنا له لسامعة وإن أمورناله لجامعة، فغضب طارق وقال: ستعلم يا أشتر أنه غير ما قلت! فلما جنه الليل همس هووالنجاشي إلى معاوية.
فلما قدما عليه دخل آذنه فأخبره بقدومهما، وعنده وجوه أهل الشام، منهم: عمرو بنمرة الجهني، وعمرو بن صيفي، وغيرهما.
فلما دخلا نظر معاوية إلى طارق، وقال: مرحبا بالمورق غصنه المعرق أصله والمسودغير المسود، من رجل كانت منه هفوة ونبوة، باتباعه صاحب الفتنة ورأس الضلالة والشبهةالذي اغترز في ركاب الفتنة حتى استوى على رحالها، ثم أوجف في عشوة ظلمتها وتيهضلالتها، وأتبعه رجرجة من الناس وأشابة من الحثالة لا أفئدة لهم أفلا يتدبرونالقرآن أم على قلوب أقفالها .
فقام طارق، فقال: يا معاوية، إني متكلم فلا يسخطك، ثم قال وهو متكئ على سيفه: إنالمحمود على كل حال رب علا فوق عباده، فهم منه بمنظر ومسمع، بعث فيهم رسولا منهميتلو كتابا لم يكن من قبله ولا يخطه بيمينه إذا لارتاب المبطلون، فعليه السلام منرسول كان بالمؤمنين برا رحيما.
أما بعد، فإن ما كنا نوضع فيما أوضعنا فيه بين يدي إمام تقي عادل مع رجال منأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أتقياء مرشدين، ما زالوا منارا للهدى ومعالمللدين، خلفا عن سلف مهتدين، أهل دين لا دنيا، كل الخير فيهم، وأتبعهم من الناس ملوكوأقيال وأهل بيوتات وشرف ليسوا بناكثين ولا قاسطين، فلم يكن رغبة من رغب من صحبتهمإلا لمرارة الحق حيث جرعوها، ولو عورته حيث سلكوها، وغلبت عليهم دنيا مؤثرة وهوىمتبع، وكان أمر الله قدرا مقدورا، وقد فارق الإسلام قبلنا جبلة بن الايهم فرارا منالضيم وأنفا من الذلة، فلا تفخرن يا معاوية! إن شددنا نحوك الرحال وأوضعنا إليك
الركاب. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولجميعالمسلمين.
فعظم على معاوية ما سمعه وغضب، لكنه أمسك وقال: يا عبد الله! إنا لم نرد بماقلنا أن نوردك مشرع ظمأ ولا أن نصدرك عن مكرع ري، ولكن القول قد يجري بصاحبه إلىغير ما ينطوي عليه من الفعل.
ثم أجلسه معه على سريره ودعا له بمقطعات وبرود يضعها عليه، وأقبل نحوه بوجههيحدثه حتى قام.
وقام معه عمرو بن مرة وعمرو بن صيفي الجهنيان، فأقبلا عليه بأشد العتاب وأمضهيلومانه في خطبته وما واجه به معاوية.
فقال طارق: والله ما قمت بما سمعتماه حتى خيل لي أن بطن الأرض خير لي من ظهرهاعند سماعي ما أظهر من العيب والنقص لمن هو خير منه في الدنيا والآخرة، و مازهت بهنفسه وملكه عجبه وعاب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله واستنقصهم، فقمت مقاماأوجب الله علي فيه ألا أقول إلا حقا، وأي خير فيمن لا ينظر ما يصير إليه غدا؟.
فبلغ عليا عليه السلام قوله: فقال: لو قتل النهدي يومئذ لقتل شهيدا.
بني تغلب مع معاوية
*-  وقال علي عليه السلام لرجل من بني تغلب يوم صفين : أأثرتم معاوية ؟ فقال : ما آثارناه ولكن آثرنا العنب الاصفر والبر الاحمر،والزيت الاخضر(3) .
هروب عبدالله بن عبدالرحمن
*- كان عبدالله بن عبدالرحمن بن مسعود ... شهد مع علي (عليه السلام) صفّين ، وكان في أوّل أمره مع معاوية ، ثمّ صار إلى علي (عليه السلام) ، ثمّ رجع بعدُ إلى معاوية ، ثمّ سمّاه علي  (عليه السلام)الهَجَنَّع ، والهَجَنَّع : الطويل
هروب حنظلة الكاتب إلى معاوية
*- وبعث علي (عليه السلام)إلى حنظلة بن الربيع المعروف بحنظلة الكاتب ـ وهو من الصحابة ـ فقال : ياحنظلة ، أعليَّ أم لي ؟ قال : لا عليك ولا لك . قال : فما تريد ؟ قال : أشخصُ إلى الرُّها فإنّه فَرْج من الفروج ، صمد له حتّى ينقضي هذا الأمر ...فدخل منزله وأغلق بابه حتّى إذا أمسى هرب إلى معاوية ... وهرب ابن المعتمّ أيضاً حتّى أتى معاوية ...ولكنّهما لم يقاتلا مع معاوية ، واعتزلا الفريقين جميعاً ... فلمّا هرب حنظلة أمر علي (عليه السلام)بداره فهدّمت (
وصف الاعداء لامير المؤمنين عليه السلام
*- قال معاوية يوم صفين : أريد منكم والله أن تشجروه بالرماح فتريح العباد والبلاد منه ، قال مروان : والله لقد ثقلنا عليك يا معاوية إذ كنت تأمرنا بقتل حية الوادي والأسد العاوي ، ونهض مغضبا فأنشأ الوليد بن عقبة :
يقول لنا معاوية بن حرب

 
أما فيكم لواتركم طلوب

يشد على أبي حسن علي

 
بأسمر لا تهجنه الكعوب

فقلت له أتلعب يا بن هند

 
فإنك بيننا رجل غريب

أتأمرنا بحية بطن واد

 
يتاح لنا به أسد مهيب

كأن الخلق لما عاينوه

 
خلال النقع ليس لهم قلوب

فقال عمرو :
 والله ما يعير أحد بفراره من علي بن أبي طالب عليه السلام . ولما نعي بقتل أمير المؤمنين عليه السلام دخل عمرو بن العاص على معاوية مبشرا فقال :
 إن الأسد المفترش ذراعيه

 
بالعراق لاقى شعوبه

 
فقال معاوية :
قل للأرانب تربع حيث ما سلكت
 
 
وللظباء بلا خوف ولا حذر([1])



 


(3) الامتاع والمؤانسةج2 / 63
([1])بحار الأنوار ج 41 ص 68