العتبة العلوية المقدسة - ان الله وعد نبيه ان يرجعه الى مكة -
» » سيرة الإمام » الهجرة النبوية ودور الإمام علي عليه السلام فيها » ان الله وعد نبيه ان يرجعه الى مكة

ان الله وعد نبيه ان يرجعه الى مكة

* - روى المجلسيّ عن التفسير المنسوب إلى الإمام العسكريّ  عليه السلام  : في قوله عزّوجلّ : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْىٌ وَلَهُمْ فِي الآْخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )  ([1])  قال الإمام : قال الحسن بن عليّ  عليهما السلام لمّا بعث الله محمّداً  صلى الله عليه وآله بمكّة وأظهر بها دعوته ونشر بها كلمته ، وعاب أعيانهم في عبادتهم الأصنام ، وأخذوه وأساؤا معاشرته ، وسعوا في خراب المساجد المبنيّة كانت للقوم من خيار أصحاب محمّد وشيعة عليّ بن أبي طالب  عليهما السلام كان بفناء الكعبة مساجد يحيون فيها ما أماته المبطلون ، فسعى هؤلاء المشركون في خرابها ، وأذى محمّد وأصحابه ، وألجاؤه إلى الخروج من مكّة نحو المدينة التفت خلفه إليها وقال  الله يعلم إنّني أحبّك ولولا أنّ أهلك أخرجوني عنك لما آثرت عليك بلداً ، ولا ابتغيت عليك بدلاً ، وإنّي لمغتمٌ على مفارقتك  فأوحى الله إليه : يا محمّد العليّ الأعلى يقرأ عليك السّلام ، ويقول : سنردّك إلى هذا البلد ظافراً غانماً سالماً قادراً قاهراً وذلك قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَاد ) ([2])  يعني إلى مكّة غانماً ظافراً ، فأخبر بذلك رسول الله  صلى الله عليه وآله أصحابه فاتّصل بأهل مكّة فسخروا منه ، فقال الله تعالى لرسوله سوف يظفرك الله بمكّة ، ويجري عليهم حكمي ، وسوف أمنع عن دخولها المشركين حتّى لا يدخلها أحد منهم إلاّ خائفا أو دخلها مستخفياً من أنّه إن عثر عليه قتل ، فلمّا حتم قضاء الله بفتح مكّة واستوسقت له أمّر عليهم عتّاب بن أسيد ، فلمّا اتّصل بهم خبره قالوا : إنّ محمّد لا يزال يستخفّ بنا حتّى ولّى علينا غلاماً حدث السّن ابن ثمانية عشر سنة ، ونحن مشايخ ذوي الأسنان ، وجيران حرم الله الآمن ، وخير بقعة على وجه الأرض وكتب رسول الله  صلى الله عليه وآله لعتّاب بن أسيد عهداً على مكّة وكتب في أوّله : من محمّد رسول الله  صلى الله عليه وآله إلى جيران بيت الله الحرام ، وسكّان حرم الله ، أمّا بعد : فمن كان منكم بالله مؤمنا ، وبمحمّد رسوله في أقواله مصدّقاً ، وفي أفعاله مصوّباً ، ولعليّ أخي محمّد رسوله ونبيّه وصفيّه ووصيّه وخير خلق الله بعده موالياً فهو منّا وإلينا ومن كان لذلك أو لشيء منه مخالفاً فسحقاً وبعداً لأصحاب السّعير لا يقبل الله شيئاً من أعماله وإن عظم وكبر يصليه نار جهنّم خالداً مخلّداً أبداً وقد قلّد محمّد رسول الله عتّاب بن أسيد أحكامكم ومصالحكم وقد فوّض إليه تنبيه غافلكم ، وتعليم جاهلكم ، وتقويم أود مضطربكم ، وتأديب من زال عن أدب الله منكم لما علم من فضله عليكم من موالاة محمّد رسول الله  صلى الله عليه وآله ومن رجحانه في التّعصّب لعليّ وليّ الله فهو لنا خادم وفي الله أخ ولأوليائنا موال ، ولأعدائنا معاد ، وهو لكم سماء ظليلة وأرض زكيّة ، وشمس مضيئة ، قد فضّله الله على كافّتكم بفضل موالاته ومحبّته لمحمّد وعليّ والطيّبين من آلهما وحكّمه عليكم يعمل بما يريد الله فلن يخلّيه من توفيقه . كما أكمل من موالاة محمّد وعليّ  عليهما السلام شرفه وحظّه لا يؤامر رسول الله ولا يطالعه ، بل هو السّديد الأمين ، فليطمع المطيع منكم بحسن معاملته شريف الجزاء وعظيم الحباء وليتوقّى المخالف له شديد العذاب ، وغضب الملك العزيز الغلاّب ، ولا يحتجّ محتجّ منكم في مخالفته بصغر سنّه ، فليس الأكبر هو الأفضل ، بل الأفضل هو الأكبر ، وهو الأكبر في موالاتنا وموالاة أوليائنا ، ومعاداة أعدائنا ، فلذلك جعلناه الأمير عليكم والرّئيس عليكم ، فمن أطاعه فمرحباً به ومن خالفه فلا يبعد الله غيره . قال : فلمّا وصل إليهم عتّاب وقرأ عهده ووقف فيهم موقفاً ظاهراً نادى في جماعتهم حتّى حضروه ، وقال لهم : معاشر أهل مكّة إنّ رسول الله  صلى الله عليه وآله رماني بكم شهاباً محرقاً لمنافقكم ، ورحمة وبركة على مؤمنكم وإنّي أعلم النّاس بكم وبمنافقكم وسوف آمركم بالصّلاة فيقام بها ، ثمّ أتخلّف أراعي النّاس فمن وجدته قد لزم الجماعة التزمت له حقّ المؤمن على المؤمن ومن وجدته قد بعد عنها فتّشته فإن وجدت له عذراً عذرته ، وإن لم أجد له عذراً ضربت عنقه حكماً من الله مقضيّاً على كافّتكم لأطهّر حرم الله من المنافقين ، أمّا بعد : فإنّ الصّدق أمانة والفجور خيانة ، ولن تشيع الفاحشة في قوم إلاّ ضربهم الله بالذّل ، قويكم عندي ضعيف حتّى آخذ الحقّ منه وضعيفكم عندي قويّ حتّى آخذ الحقّ له ، إتّقوا الله وشرّفوا بطاعة الله أنفسكم ولا تذلّوها بمخالفة ربّكم . ففعل والله كما قال ، وعدل وأنصف وأنفذ الأحكام مهتدياً بهدى الله ، غير محتاج إلى مؤامرة ولا مراجعة ([3]) .



([1])البقرة : 114 .

([2])القصص : 85 .

([3])بحار الأنوار 21 : 121 ح 20 ، تفسير البرهان 1 : 144 ح 1 مع اختلاف كثير في آخر الحديث ، التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري ( عليه السلام ) : 554 ح 329 عن عليّ بن الحسين وفي هامشه عن الحسن بن عليّ في نسخة