العتبة العلوية المقدسة - مختصر سيرة الإمام الكاظم عليه السلام -
» سيرة الإمام » » المناسبات » قبسات من حياة الامام الكاظم عليه السلام » سيرته عليه السلام » مختصر سيرة الإمام الكاظم عليه السلام

 

مختصر سيرة الإمام الكاظم  عليه السلام

 

نسبه الزكي عليه السلام

 

هو الإمام موسى، بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، بن عبد المطلب، بن هاشم، بن عبد مناف، بن قصي، بن كلاب، بن مرة، بن كعب، بن لؤي، بن غالب، بن فهر، بن مالك، بن نضر، بن كنانة، بن خزيمة، ابن مدركة، بن إلياس، بن مضر، بن نزار، بن معد، بن عدنان.

أمّه المكرمة: حميدة المصفاة ابنة صاعد البربري، وكانت موضع عناية وتقدير واحترام لدى جميع العلويّات، وكان الإمام الصادق عليه السلام  يغدق(

[1]) عليها بمعروفه، وقد رأى فيها وفور العقل والإدراك، وحسن الإيمان، فأثنى عليها ثناءً عاطراً، وقال فيها:

(حميدة مصفاة من الأدناس كسبيكة الذهب، مازالت الأملاك تحرسها حتى أديت إليّ كرامة من الله لي والحجة من بعدي)(

[2]).

اسمه ولقبه وكنيته عليه السلام

 

اسمه المبارك: موسى عليه السلام .

وكنيته الشريفة: أبو الحسن، وأبو إبراهيم(

[3]).

ابن خلّكان في «وفيات الأعيان قال: أبو الحسن موسى الكاظم، بن جعفر الصادق، بن محمد الباقر، بن عليّ زين العابدين، بن الحسين بن عليّ، بن أبي طالب عليهم السلام )(

[4]).

ومن ألقابه: العبد الصالح([5])، باب الحوائج([6])، والصابر، والصالح، والأمين([7])، والمأمون، والطيّب، والسيّد(

[8])، والفقيه، والعالم.

 

وأشهرها: الكاظم.

قال ابن أثير في كتابه: (وكان يلقب بالكاظم لأنه كان يحسن إلى من يسيء إليه، وكان هذا عادته أبداً) (

[9]).

تزوج الإمام الصادق عليه السلام  بحميدة.. فحملت من الإمام عليه السلام ، وسافر الإمام أبو عبد الله عليه السلام  إلى بيت الله الحرام لأداء الحجّ، فحملها معه، وبعد الانتهاء من مراسيم الحج، قفّلوا(

[10]) راجعين إلى المدينة المنّورة.

فلّما انتهوا إلى الأبواء([11]) أحسّت بالطلق، فأرسلت تخبر الإمام عليه السلام  بأمرها وكان عليه السلام  يتناول الطعام… فلمّا وافاه النبأ قام مبادراً إليها.. فوضعت حميدة ولدها موسى الكاظم عليه السلام  وهو السابع من سادات آل رسول الله صلى الله عليه واله وعترته، وأئمتهم الهداة المهديّين، ومن خلفائه الإثني عشر (صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين) الذين أخبر بهم الرسول بحديث كون الخلفاء من بعده اثنى عشر(

[12]).

 

(وأمّا ولادته عليه السلام  فبالأبواء، سنة ثمان وعشرين ومائة للهجرة، وقيل: تسع وعشرين… وتوفّي لخمس بقين من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة).

مناقبه وكراماته

قال محمد بن طلحة الشافعي في «مطالب السؤول(

[13]) قال: أبو الحسن موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام  هو الإمام الكبير القدر، العظيم الشأن، المجتهد الجاد في الاجتهاد، المشهور بالعبادة، المواظب على الطاعات، المشهور بالكرامات، يبيت الليل ساجداً وقائماً، يقطع النهار مُتصدقاً وصائماً، ولفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين عليه دعي كاظماً، كان يجازي المسيء بإحسانه، ويقابل الجاني بعفوه عنه، ولكثرة عبادته كان يسمّى بالعبد الصالح، ويعرف في العراق بباب الحوائج إلى الله لنجح مطالب المتوسّلين إلى الله تعالى به، كراماته تحار منها العقول، وتقضي بأن له عند الله قدم صدق لا تزلّ ولا تزول.. وكان له ألقاب كثيرة: الكاظم وهو أشهرها، والصابر، والصالح، والأمين، ثم ذكر بعض كراماته عليه السلام .

 

ثم قال: فهذه الكرامات العالية الأقدار، الخارقة العوائد هي على التحقيق جلّية المناقب، وزينة المزايا، وغرر الصفات، ولا يعطاها إلاّ من فاضت عليه العناية الربّانية، وأنوار التأييد، ومرّت له أخلاف التوفيق، وأزلفته من مقام التقديس والتطهير، وما يلقّاها إلا ذو حظّ عظيم.

الشبلنجي(

[14]) قال: من كتاب الدلائل للحميري:

 

روى أحمد بن محمد عن ابن قتادة، عن أبي خالد الزبالي قال: قدم أبو الحسن موسى الكاظم عليه السلام  زبالة ومعه جماعة من أصحاب المهدي ـ العبّاسي ـ بعثهم عليه السلام  لديه إلى العراق من المدينة، وذلك في مسكنه الأولى.

 

فأتيته فسلّمت عليه، فسرّ عليه السلام  برؤيتي، وأوصاني بشراء حوائج، وبتبقيتها عندي له.

 

فرآني غير منبسط، فقال عليه السلام : يا أبا خالد ليس عليّ بأس، فإذا كان في شهر كذا في اليوم الفلاني منه فانتظرني آخر النهار مع دخول الليل فإنّي أوافيك إن شاء الله تعالى.

 

قال أبو خالد: فما كان لي همّ إلاّ إحصاء تلك الشهور والأيّام إلى ذلك اليوم الذي وعدني بالمجيء فيه، فخرجت غروب الشمس فلم أر أحد، فلمّا كان دخول الليل، إذا بسواد قد أقبل من ناحية العراق فقصدته، فإذا هو عليه السلام  على بغلة أمام القطار فسلّمت عليه وسررت بمقدمه عليه السلام  وتخلّصه.

 

فقال لي: أدخلك الشك يا أبا خالد؟.

 

فقلت: الحمد لله الذي خلّصك من هذا الطاغية.

 

فقال عليه السلام : يا أبا خالد إنّ لهم إليّ عودة لا أتخلّص منها.

وهذا رواه ابن الصبّاغ(

[15])، عن الحميري في «الدلائل.

ابن الصبّاغ(

[16])، قال: عن عثمان بن عيسى، قال: قال موسى الكاظم عليه السلام  لإبراهيم بن عبد الحميد وقد لقيه سحراً وإبراهيم ذاهب إلى قبا، وموسى عليه السلام  داخل إلى المدينة: يا إبراهيم إلى أين؟.

 

قال: إلى قبا.

 

قال عليه السلام : في أي شيء؟.

 

فقال: إنّا في كلّ سنة نشتري من هذا التمر فأردت أن آتي في هذه السنة إلى رجل من الأنصار فأشتري منه نخلا.

 

فقال له موسى عليه السلام : وقد أمنتم الجراد؟.

 

ثم فارقه، فوقع كلامه عليه السلام  في صدره فلم يشتر شيئاً، فما مرّت خامسة حتّى بعث الله جراداً أكل عامة النخل.

ابن الصبّاغ(

[17])، قال: روى إسحاق بن عمّار، قال: لمّا حبس هارون الرشيد موسى الكاظم عليه السلام  دخل عليه السجن ليلاً أبو يوسف ومحمد بن الحسن صاحبا أبي حنيفة، فسلّما عليه وجلسا عنده، وأرادا أن يختبراه بالسؤال لينظرا مكانه من العلم.

 

فجاءه بعض الموكّلين به فقال له عليه السلام : إنّ نوبتي قد فرغت وأريد الانصراف إلى غد إن شاء الله تعالى،  فإن كان لك حاجة تأمرين أن آتيك بها معي إذا جئتك غداً.

 

فقال عليه السلام : ما لي حاجة انصرف.

 

ثم قال عليه السلام  لأبي يوسف، ومحمد بن الحسن الشيباني: إنّي لأعجب من هذا الرجل يسألني أن أكلّفه حاجة يأتيني بها غداً إذا جاء، وهو ميّت في هذه الليلة، فأمسكا عن سؤاله وقاما ولم يسألاه عن شيء.

 

وقالا: أردنا أن نسأله عن الفرض والسنّة أخذ يتكلّم معنا في علم الغيب، والله لنرسل خلف الرجل من يبيت عند باب داره وننظر ما يكون من أمره، فأرسلا شخصاً من جهتهما جلس على باب ذلك الرجل، فلمّا كان أثناء الليل، وإذا بالصراخ والواعية، فقيل لهم: ما الخبر؟.

 

فقالوا: مات صاحب البيت فجأة.

 

فعاد إليهما الرسول وأخبرهما بذلك، فتعجّبا من ذلك غاية العجب.

في عبادته وزهده عليه السلام

الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد(

[18]) قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي، حدّثني جدّي، قال: كان موسى بن جعفر عليه السلام  يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده، روى أصحابنا أنه عليه السلام  دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه واله فسجد سجدة في أول الليل وسمع وهو يقول في سجوده: عظم الذنب عندي فليحسن العفو عندك، يا أهل التقوى، ويا أهل المغفرة، فجعل عليه السلام  يردّدها حتّى أصبح.

في سخاؤه وجوده وكرمه عليه السلام

 

الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد(

[19]):

 

وكان عليه السلام  سخيّاً كريماً… وكان يبلغه عن الرجل أنّه يؤذيه، فيبعث إليه بصرّة فيها ألف دينار، وكان عليه السلام  يصرّ الصرر ثلاثمائة دينار، وأربعمائة دينار، ومائتي دينار، ثم يقسمها في المدينة، وكان مثل صرر موسى بن جعفر إذا جاءت الإنسان الصرّة فقد استغنى.

الشيخ سليمان القندوزي في «ينابيع المودّة(

[20]) نقلاً عن «فصل الخطاب لخواجة بارسا البخاري قال:

 

وروى المأمون عن أبيه الرشيد أنّه قال لبنيه في حقّ موسى الكاظم: هذا إمام الناس، وحجّة الله على خلقه، وخليفته على عباده، أنا إمام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر، وأنه والله أحقّ بمقام رسول الله صلى الله عليه واله مني ومن الخلق جميعاً، والله لو نازعني في هذا الأمر لآخذنّ بالذي فيه عيناه، فإنّ الملك عقيم.

 

وقال الرشيد للمأمون: يا بُنيّ، هذا وارث علم النبيين، هذا موسى بن جعفر عليه السلام  إن أردت العلم الصحيح تجد عن هذا، (والفضل ما شهدت به الأعداء).

 

قال المأمون: من حينئذ انغرس في قلبي حبّه.

في احتجاجه عليه السلام  مع هارون

الشبراوي في «الاتحاف بحب الأشراف(

[21]) قال: دخل موسى الكاظم عليه السلام  على الرشيد، فقال له ـ الرشيد ـ لم زعمتم أنكم أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه واله منّا؟.

 

فقال عليه السلام : لو أنّ رسول الله صلى الله عليه واله حيَ فخطب إليك كريمتك هل كنت تجيبه؟.

 

قال: سبحان الله، وكنت أفتخر بذلك على العرب والعجم.

 

فقال عليه السلام : لكنّه لا يخطب إليّ، ولا أزوّجه، لأنّه صلى الله عليه واله ولّدنا ولم يلدكم.

 

وسأله أيضاً: لم قلتم: إنّا ذرية رسول الله صلى الله عليه واله وجّوزتم للناس أن ينسبوكم إليه، وأنتم بنو علي، وإنّما ينسب الرجل لأبيه؟.

فقال عليه السلام : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ]وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ & وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ[([22]) وليس لعيسى عليه السلام  أب، وإنّما ألحق بذريّة الأنبياء من قبل أمّه، ولذلك ألحقنا بذريّة النبي صلى الله عليه واله من قبل أمّنا فاطمة، قال تعالى: ]فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنْ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ[(

[23]) ولم يدع عليه السلام  في مباهلة النصارى غير علي وفاطمة والحسن والحسين وهما الأبناء.

وهذا رواه ابن حجر الهيتمي أيضاً في «الصواعق(

[24]).

ابن الصبّاغ المالكي في «الفصول المهمة(

[25]) قال: وعن عبد الله بن إدريس، عن ابن سنان، قال: حمل الرشيد في بعض الأيّام إلى عليّ بن يقطين ثياباً فاخرة أكرمه بها، ومن جملتها دراعة منسوجة بالذهب سوداء من لباس الخلفاء، فأنفذ بها عليّ بن يقطين إلى موسى الكاظم عليه السلام .

 

فردّها الإمام عليه السلام  إليه، وكتب إليه: احتفظ بها ولا تخرجها عن يدك، فسيكون لك بها شأن، تحتاج معه إليها.

 

فارتاب عليّ بن يقطين بردّها عليه، ولم يدر ما سبب كلامه ذلك، ثم احتفظ بالدراعة وجعلها في سفط وختم عليها.

 

فلمّا كان بعد ذلك بمدّة يسيرة تغّير عليّ بن يقطين على بعض غلمانه ممن كان يختص بأموره ويطلّع عليها فصرفه عن الخدمة وطرده لأمر أوجب ذلك منه.

 

فسعى الغلام بعليّ بن يقطين إلى الرشيد، وقال له: إنّ عليّ ابن يقطين يقول بإمامة موسى الكاظم، وأنّه يحمل إليه في كلّ سنة زكاة ماله والهدايا والتحف، وقد حمل إليه في هذه السنة الدراعة السوداء التي أكرمه بها أمير المؤمنين في وقت كذا.

 

فاستشاط الرشيد لذلك غضباً شديداً، وقال: لأكشفنّ عن ذلك، فإن كان الأمر على ما ذكرت أزهقت روحه وذلك من بعض جزائه.

 

فأنفد في الوقت والحين أن يحضر عليّ عليُ بن يطقين فلما مثل بين يديه قال: ما فعلت بالدراعة السوداء التي كسوتكها واختصصتك بها من بين خواصّي؟.

 

قال: هي عندي في سفط في طيب مختوم عليها.

 

فقال: أحضرها الساعة.

 

فقال: نعم، السمع والطاعة، فاستدعى بعض خدمه فقال: امض وخذ مفتاح البيت الفلاني من داري وافتح الصندوق الفلاني، وائتني بالسفط الذي فيه على حالته بختمه.

 

فلم يلبث الخادم إلاّ قليلاً حتى عاد وفي صحبته السفط، فإذا بالدراعة فيه مطوّية، ومدفونة بالطيب على حالها، لم تلبس، ولم تندس، ولم يصبها شيء من الأشياء.

 

فقال لعليّ بن يقطين: ردّها إلى مكانها، وخذها وانصرف راشداً، فلن نصدّق بعدها عليك ساعياً، وأمر أن يتبع بجائزة سنّية، وأمر أن يضرب الساعي ألف سوط، فضرب فلمّا بلغوا إلى خمسمائة سوط مات تحت الضرب قبل الألف.

هذا رواه الشبلنجي أيضاً(

[26]) بمثل «الفصول المهمة سنداً ومتناً.

ورواه السهالوي أيضاً في «وسيلة النجاة([27]) ملخّصاً، وقال(

[28]):

 

روي أنّ عليّ بن يقطين أرسل كتاباً إلى موسى بن جعفر عليه السلام  بالمدينة، فلمّا وصل الجماعة ـ الذين معهم الكتاب ـ إلى المدينة لقيهم موسى بن جعفر عليه السلام  فأخرج كتاباً قبل أن يقرأ كتاب عليّ بن يقطين، وقال عليه السلام : فيه جواب ما في الكتاب.

الخطيب البغدادي(

[29])، قال: أخبرنا القاضي أبو محمد الحسن بن الحسين بن محمد بن رامين الاسترابادي، قال: أنبأنا أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي، قال: سمعت الحسن بن إبراهيم أبا علي الخلاّل يقول: (ما همّني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر عليه السلام  فتوسلّت به إلاّ سهّل الله تعالى ما أحب).

تاريخ شهادته عليه السلام

قال الكليني في «أصول الكافي(

[30]):عن أبي بصير، قال: قبض موسى بن جعفر عليه السلام  وهو ابن أربع وخمسين سنة في عام ثلاث وثمانين ومائة…) الخ.

وفي «الكافي(

[31]): (قبض عليه السلام  لستّ خلون من رجب من سنة ثلاث وثمانين ومائة…) الخ.

والشيخ المفيد رحمه الله  في إرشاده(

[32]): (قبض الكاظم عليه السلام  ببغداد في حبس سندي ابن شاهك لستّ خلون من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة، وله يومئذ خمس وخمسون سنة).

ومصباح المتهجّد(

[33]): (في الخامس والعشرين من رجب كانت وفاة أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام ).

 

كان المسيب بن زهرة موكلاً بحراسة الإمام الكاظم عليه السلام  أو كان موكلاً بحبسه، وكان عباسياً بغيضاً، ولما وكل بحبس الإمام عليه السلام  أثر عليه الإمام عليه السلام  وهيمن على مشاعره وأفكاره فاهتدى وعدل إلى الحق والصواب، وصار من المخلصين لآل محمد صلى الله عليه واله ومن حملة أسرار الأئمةعليهم السلام  وقد استدعاه الإمام عليه السلام  قبل وفاته بثلاثة أيام.

 

فقال له: يا مسيب، إني ظاعن في هذه الليلة إلى المدينة، مدينة جدي رسول الله صلى الله عليه واله لأعهد إلى علي ابني ما عهده إلي أبي، وأجعله وصيي وخليفتي، وآمره بأمري.

 

قال المسيب: فقلت: يا مولاي كيف تأمرني أن أفتح لك الأبواب وأقفالها، والحرس معي على الأبواب؟.

 

فقال عليه السلام : يا مسيب ضعف يقينك في الله عز وجل وفينا؟.

 

قال: فقلت: لا يا سيدي.

 

قال عليه السلام : فمه؟.

 

قلت: يا سيدي أدع الله أن يثبتني.

 

فقال عليه السلام : اللهم ثبته.

 

ثم قال عليه السلام : إني أدعو الله عز وجل باسمه العظيم الذي دعا به آصف ـ ابن برخيا ـ حتى جاء بسرير بلقيس، فوضعه بين يدي سليمان عليه السلام  قبل ارتداد طرفه إليه، حتى يجمع ـ الله ـ بيني وبين ابني علي بالمدينة.

 

قال المسيب: فسمعته عليه السلام  يدعو، ففقدته عن مصلاه، فلم أزل قائماً على قدمي حتى رأيته قد عاد إلى مكانه وأعاد الحديد إلى رجليه، فخررت لله ساجداً لوجهي شكراً على ما أنعم به علي من معرفته.

 

فقال عليه السلام  لي: ارفع رأسك يا مسيب، واعلم أني راحل إلى الله عز وجل في ثالث هذا اليوم.

 

قال: فبكيت.

 

فقال عليه السلام  لي: لا تبك يا مسيب، فإن علياً ابني هو إمامك ومولاك بعدي فاستمسك بولايته، فإنك لا تضل ما لزمته.

 

فقلت: الحمد لله.

 

قال: ثم دعاني في ليلة اليوم الثالث فقال عليه السلام  لي: إني على ما عرفتك من الرحيل إلى الله عز وجل، فإذا دعوت بشربة من ماء فشربتها، ورأيتني قد انتفخت وارتفع بطني، واصفر لوني، واحمر واخضر، وتلون ألواناً فخبر الطاغية بوفاتي، فإذا رأيت بي هذا الحدث فإياك أن تظهر عليه أحداً، ولا على من عندي إلا بعد وفاتي.

 

قال المسيب: فلم أزل أراقب وعده حتى دعا عليه السلام  بالشربة فشربها، ثم دعاني فقال عليه السلام  لي: يا مسيب إن هذا الرجس السندي بن شاهك سيزعم أنه يتولى غسلي ودفني، وهيهات أن يكون ذلك أبداً، فإذا حملت إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فألحدوني بها، ولاترفعوا قبري فوق أربع أصابع مفرجات، ولا تأخذوا من تربتي شيئاً لتتبركوا به، فإن كل تربة لنا محرمة إلا تربة جدي الحسين بن علي عليه السلام  فإن الله عز وجل جعلها شفاءً لشيعتنا وأوليائنا.

 

قال: ثم رأيت شخصاً أشبه الأشخاص به عليه السلام  جالساً إلى جانبه، وكان عهدي بسيدي الرضا عليه السلام  وهو غلام، فأردت سؤاله، فصاح بي سيدي موسىعليه السلام  وقال لي: أليس قد نهيتك يا مسيب؟

 

فلم أزل صابراً حتى مضى، وغاب الشخص عني.

 

فجئت إلى الإمام وإذا به جثة هامدة، قد فارق الحياة، فأنهيت الخبر إلى الرشيد بوفاته عليه السلام

 

فوافى السندي بن شاهك، فوالله لقد رأيتهم بعيني وهم يظنون أنهم يغسلونه، فلا تصل أيديهم إليه عليه السلام  ويظنون أنهم يحنطونه ويكفنونه، وأراهم لا يصنعون به شيئاً، ورأيت ذلك الشخص يتولى غسله وتحنيطه وتكفينه، وهو يظهر المعاونة لهم، ولا يعرفونه.

فلما فرغ من أمره قال لي ذلك الشخص: يا مسيب مهما شككت فيه فلا تشكن في، فإني أمامك ومولاك وحجة الله عليك بعد أبي، يا مسيب مثَلي مثَل يوسف الصديق عليه السلام  ومثلهم مثل اخوته حين دخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون.ثم حمل عليه السلام  حتى دفن في مقابر قريش… الخ(

[34]).

 

في أولاده عليه السلام

قال العلامة المجلسي رحمه الله  في «بحار الأنوار(

[35]): كان لأبي الحسن عليه السلام  سبعة وثلاثون ولداً ذكراً وأنثى، منهم: علي بن موسى الرضا عليه السلام  وإبراهيم، والعباس، والقاسم، وإسماعيل، وجعفر، وهارون، والحسين، وأحمد، ومحمد، وحمزة، وعبد الله، وإسحاق، وعبيد الله، وزيد، والحسين، والفضل، وسليمان.

 

وفاطمة الكبرى ـ المعروفة بمعصومة، المدفونة بقم ـ وفاطمة الصغرى، ورقية وحكيمة، وأم أبيها، ورقية الصغرى، وكلثم، وأم جعفر، ولبانة، وزينب، وخديجة، وعلية، وآمنة، وحسنة، وبريهة، وعائشة، وأم سلمة، وميمونة، وأم كلثوم.

 

هذا عن إرشاد المفيد رحمه الله .

وفيه أيضاً عن «كشف الغمة(

[36]) عن ابن الخشاب: ولد له عليه السلام  عشرون ابناً، وثمانية عشر بنتاً، وأسماء بنيه: علي الرضا عليه السلام ، وزيد، وإبراهيم، وعقيل، وهارون، والحسن، والحسين، وعبد الله، وإسماعيل، وعبيد الله، وعمر، وأحمد، وجعفر، ويحيى، وإسحاق، والعباس، وحمزة، وعبد الرحمن، والقاسم، وجعفر الأصغر، ويقال موضع عمر: محمد.

وفيه عن (عمدة الطالب): ولد عليه السلام  ستين ولداً، سبعاً وثلاثين بنتاً، وثلاث وعشرين ابناً، درج منهم خمسة، لم يعقبوا بغير خلاف، وهم عبد الرحمن، وعقيل، والقاسم، ويحيى، وداود، ومنهم ثلاثة لهم أناث، وليس لأحد منهم ولد ذكر، وهم سليمان، والفضل، وأحمد، ومنهم خمسة في أعقابهم خلاف، وهم الحسين، وإبراهيم الأكبر، وهارون(

[37])، وزيد، والحسن، ومنهم عشرة أعقبوا بغير خلاف، وهم علي ـ الإمام الرضا عليه السلام  ـ وإبراهيم الأصغر، والعباس، وإسماعيل، ومحمد، وإسحاق، وحمزة، وعبد الله، وعبيد الله، وجعفر.

 

 



([1]) غدق العيش: اتسع.

([2]) الكافي: ج1 ص477 ح2، وبحار الأنوار: ج48 ص60.

([3]) الروضة الندية: ص11 ط مصر.

([4]) وفيات الأعيان: ج5 ص308.

([5]) انظر تاريخ بغداد: ج13 ص27 ط مصر.

([6]) انظر مطالب السؤول: ص83 ط طهران. والفصول المهمة: ص213 ط الغري.

([7]) انظر مطالب السؤول: ص83 ط طهران.

([8]) تذكرة الخواص: ص357 ط الغري.

([9]) الكامل في التاريخ: ج6 ص164.

([10]) القفل: اسم جمع بمعنى القافلة.

([11]) الأبواء: المنازل.

([12]) رواه جل العلماء منهم ابن حجر في الصواعق المحرقة: ص12، وللتفصيل انظر الجزء الأول من هذا الكتاب.

([13]) مطالب السؤول: ص83 ط طهران.

([14]) نور الأبصار: ص138 ط مصر.

([15]) الفصول المهمة: ص216 ط الغري.

([16]) الفصول المهمة: ص217.

([17]) الفصول المهمة: ص223.

([18]) تاريخ بغداد: ج13 ص27 ط مصر.

([19]) تاريخ بغداد: ج13 ص27 ط مصر.

([20]) انظر ينابيع المودة: ص383 ط إسلامبول.

([21]) الإتحاف: ص54.

([22]) سورة الأنعام: 84 ـ 85.

([23]) سورة آل عمران: 61.

([24]) الصواعق المحرقة: ص121 ط حلب.

([25]) الفصول المهمة: ص218 ط الغري.

([26]) نور الأبصار: ص210 ط النعمانية بمصر.

([27]) وسيلة النجاة: ص368 ط لكهنو.

([28]) وسيلة النجاة: ص369.

([29]) تاريخ بغداد: ج1 ص120 ط القاهرة.

([30]) أصول الكافي: ج4 ص486.

([31]) الكافي: ج1 ص476 ح9.

([32]) الإرشاد: ص323.

([33]) مصباح المتهجد: ص566.

([34]) بحار الأنوار: ج48 ص224 ط بيروت.

([35]) بحار الأنوار: ج48 ص283 ط بيروت، والإرشاد: ص302 ط بصيرتي.

([36]) كشف الغمة: ج2 ص237 ط تبريز.

([37]) في حياة الإمام موسى بن جعفرt عن المجدي أنه أعقب ثمانية، لم يعقب منهم أحد غير ولده أحمد.