العتبة العلوية المقدسة - باب جامع في احوال ال الحسن في زمانه -
» سيرة الإمام » » المناسبات » قبسات من حياة الامام الكاظم عليه السلام » اولاده عليه السلام وقراباته » باب جامع في احوال ال الحسن في زمانه

 

باب جامع في احوال ال الحسن في زمانه

 

 * - الكافي : بعض أصحابنا ، عن محمد بن حسان ، عن محمد بن زنجويه ، عن عبد الله ابن الحكم الأرمني ، عن عبد الله بن إبراهيم بن محمد الجعفري قال : أتينا خديجة بنت عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام نعزيها بابن بنتها ، فوجدنا عندها موسى بن عبد الله بن الحسن فإذا هي في ناحية قريبا من النساء فعزيناهم ، ثم أقبلنا عليه فإذا هو يقول لابنة أبي يشكر الراثية قولي ، فقالت :

 

 أعدد رسول الله واعدد بعده  أسد الاله وثالثا عباسا

 

 واعدد علي الخير واعدد جعفرا  واعدد عقيلا بعده الرؤاسا

 

 فقال : أحسنت وأطربتيني زيديني ، فاندفعت تقول :

 

 ومنا إمام المتقين محمد  وحمزة منا والمهذب جعفر

 

 منا علي صهره وابن عمه  وفارسه ذاك الامام المطهر

 فأقمنا عنده حتى كاد الليل أن يجئ ، ثم قالت خديجة : سمعت عمي محمد بن علي صلوات الله عليه وهو يقول : إنما تحتاج المرأة في المأتم إلى النوح لتسيل دمعتها ولا ينبغي لها أن تقول هجرا ، فإذا جاء الليل فلا تؤذي الملائكة بالنوح ، ثم خرجنا فغدونا إليها غدوة فتذاكرنا عندها اختزال منزلها من دار أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام فقال : ([1])هذه دار تسمى دار السرق فقالت : هذا ما اصطفى مهدينا - تعني محمد بن عبد الله بن الحسن - تمازحه بذلك فقال موسى بن عبد الله : والله لأخبرنكم بالعجب رأيت أبي رحمه الله لما أخذ في أمر محمد بن عبد الله وأجمع على لقاء أصحابه فقال : لا أجد هذا الامر يستقيم إلا أن ألقى أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام فانطلق وهو متكئ علي فانطلقت معه حتى أتينا أبا عبد الله ، فلقيناه خارجا يريد المسجد فاستوقفه أبي وكلمه فقال له أبو عبد الله عليه السلام : ليس هذا موضع ذلك نلتقي إن شاء الله . فرجع أبي مسرورا ، ثم أقام حتى إذا كان الغد أو بعده بيوم انطلقنا حتى أتيناه ، فدخل عليه أبي وأنا معه ، فابتدأ الكلام ثم قال له فيما يقول : قد علمت ([2])جعلت فداك أن السن ([3])لي عليك فان في قومك من هو أسن منك ، ولكن الله عز وجل قد قدم لك فضلا ليس هو لاحد من قومك ، وقد جئتك معتمدا لما أعلم من برك ، واعلم فديتك أنك إذا أجبتني لم يتخلف عني أحد من أصحابك ، و لم يختلف علي اثنان من قريش ولا غيرهم ، فقال له أبو عبد الله عليه السلام : إنك تجد غيري أطوع لك مني ، ولا حاجة لك في ، فوالله إنك لتعلم أني أريد البادية أو أهم بها ([4]) فأثقل عنها وأريد الحج فما أدركه إلا بعد كد وتعب ومشقة على نفسي فاطلب غيري وسله ذلك ، ولا تعلمهم أنك جئتني ، فقال له : إن الناس ما دون أعناقهم إليك وإن أجبتني لم يتخلف عني أحد ولك أن لا تكلف قتالا ولا مكروها قال : وهجم علينا ناس فدخلوا وقطعوا كلامنا ، فقال أبي : جعلت فداك ما تقول ؟ فقال : نلتقي إن شاء الله ، فقال : أليس على ما أحب ؟ قال : على ما تحب إن شاء الله من إصلاح حالك . ثم انصرف حتى جاء البيت فبعث رسولا إلى محمد في جبل بجهينة - يقال له الأشقر على ليلتين من المدينة - فبشره وأعلمه أنه قد ظفر له بوجه حاجته وما طلب ثم عاد بعد ثلاثة أيام فوقفنا بالباب ولم نكن نحجب إذا جئنا فأبطأ الرسول ، ثم أذن لنا فدخلنا عليه ، فجلست في ناحية الحجرة ودنا أبي إليه فقبل رأسه ثم قال : جعلت فداك قد عدت إليك راجيا مؤملا قد انبسط رجائي وأملي ورجوت الدرك لحاجتي . فقال له أبو عبد الله عليه السلام : يا ابن عم إني أعيذك بالله من التعرض لهذا الامر الذي أمسيت فيه ، وإني لخائف عليك أن يكسبك شرا ، فجرى الكلام بينهما حتى أفضى إلى ما لم يكن يريد ، وكان من قوله : بأي شئ كان الحسين أحق بها من الحسن ؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام : رحم الله الحسن ورحم الحسين وكيف ذكرت هذا ؟ قال : لان الحسين كان ينبغي له إذا عدل أن يجعلها في الأسن من ولد الحسن فقال أبو عبد الله عليه السلام : إن الله تبارك وتعالى لما أن أوحى إلى محمد صلى الله عليه وآله أوحى إليه بما شاء ، ولم يؤامر أحدا من خلقه ، وأمر محمد صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام بما شاء ففعل ما أمر به ([5])ولسنا نقول فيه إلا ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله من تبجيله وتصديقه فلو كان أمر الحسين عليه السلام أن يصيرها في الأسن أو ينقلها في ولدهما - يعني الوصية - لفعل ذلك الحسين وما هو بالمتهم عندنا في الذخيرة لنفسه ، ولقد ولي وترك ذلك ، و لكنه مضى لما امر به وهو جدك وعمك ، فان قلت خيرا فما أولاك به ، وإن قلت هجرا فيغفر الله لك ، أطعني يا ابن عم واسمع كلامي ، فوالله الذي لا إله إلا هو لا آلوك نصحا وحرصا ، فكيف ولا أراك تفعل وما لأمر الله من مرد فسر أبي عند ذلك . فقال له أبو عبد الله عليه السلام : والله إنك لتعلم أنه الأحول الأكشف الأخضر المقتول بسدة أشجع بين دورها ، عند بطن مسيلها ، فقال أبي : ليس هو ذاك والله لنجازين باليوم يوما ، وبالساعة ساعة ، وبالسنة سنة ، ولنقومن بثار بني أبي طالب جميعا فقال له أبو عبد الله عليه السلام : يغفر الله لك ما أخوفني أن يكون هذا البيت يلحق صاحبنا  منتك نفسك في الخلاء ضلالا  ([6]) . لا والله لا يملك أكثر من حيطان المدينة ، ولا يبلغ عمله الطائف إذا أحفل - يعني إذا أجهد نفسه - وما للامر من بد أن يقع فاتق الله وارحم نفسك وبني أبيك ، فوالله إني لأراه أشأم سلحة أخرجتها أصلاب الرجال إلى أرحام النساء والله إنه المقتول بسدة أشجع بين دورها ، والله لكأني به صريعا مسلوبا بزته ، بين رجليه لبنة ، ولا ينفع هذا الغلام ما يسمع ، قال موسى بن عبد الله : يعنيني وليخرجن معه فينهزم ويقتل صاحبه ، ثم يمضي فيخرج معه راية أخرى فيقتل كبشها ويتفرق جيشها ، فان أطاعني فليطلب الأمان عند ذلك من بني العباس حتى يأتيه الله بالفرج ، ولقد علمت بأن هذا الامر لا يتم ، وإنك لتعلم ونعلم أن ابنك ، الأحول الأخضر الأكشف المقتول بسدة أشجع ، بين دورها عند بطن مسيلها . فقام أبي وهو يقول : بل يغني الله عنك ولتعودن أو ليفئ الله بك وبغيرك ، وما أردت بهذا إلا امتناع غيرك وأن تكون ذريعتهم إلى ذاك ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : الله يعلم ما أريد إلا نصحك ورشدك ، وما علي إلا الجهد ، فقام أبي يجر ثوبه مغضبا فلحقه أبو عبد الله عليه السلام فقال له : أخبرك إني سمعت عمك وهو خالك يذكر أنك وبني أبيك ستقتلون ، فإن أطعتني ورأيت أن تدفع بالتي هي أحسن فافعل ، ووالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الكبير المتعال على خلقه لوددت أني فديتك بولدي وبأحبهم إلي ، وبأحب أهل بيتي إلي ، ما يعدلك عندي شئ ، فلا ترى أني غششتك ، فخرج أبي من عنده مغضبا أسفا . قال : فما أقمنا بعد ذلك إلا قليلا عشرين ليلة أو نحوها ، حتى قدمت رسل أبي جعفر فأخذوا أبي وعمومتي سليمان بن حسن ، وحسن بن حسن ، وإبراهيم بن حسن ، وداود بن حسن ، وعلي بن حسن ، وسليمان بن داود بن حسن ، وعلي بن إبراهيم بن حسن ، وحسن بن جعفر بن حسن ، وطباطبا إبراهيم بن إسماعيل بن حسن ، وعبد الله بن داود ، وقال : فصفدوا في الحديد ثم حملوا في محامل أعراء لا وطاء فيها ، ووقفوا بالمصلى لكي يشتمهم الناس قال : فكف الناس عنهم ورقوا لهم للحال التي هم فيها ، ثم انطلقوا بهم حتى وقفوا عند باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله . قال عبد الله بن إبراهيم الجعفري : فحدثتنا خديجة بنت عمر بن علي أنهم لما أوقفوا عند باب المسجد - الباب الذي يقال له باب جبرئيل - اطلع عليهم أبو عبد الله عليه السلام وعامة ردائه مطروح بالأرض ، ثم اطلع من باب المسجد فقال : لعنكم الله يا معشر الأنصار - ثلاثا - ما على هذا عاهدتم رسول الله صلى الله عليه وآله ولا بايعتموه ، أما والله إن كنت حريصا ولكني غلبت ، وليس للقضاء مدفع ، ثم قام وأخذ إحدى نعليه فأدخلها رجله والأخرى في يده ، وعامة ردائه يجره في الأرض ، ثم دخل في بيته فحم عشرين ليلة لم يزل يبكي فيها الليل والنهار ، حتى خفنا عليه فهذا حديث خديجة . قال الجعفري : وحدثنا موسى بن عبد الله بن الحسن أنه لما طلع بالقوم في المحامل ، قام أبو عبد الله عليه السلام من المسجد ثم أهوى إلى المحمل الذي فيه عبد الله بن الحسن - يريد كلامه - فمنع أشد المنع وأهوى إليه الحرسي فدفعه ، وقال : تنح عن هذا ، فان الله سيكفيك ، ويكفي غيرك ، ثم دخل بهم الزقاق ، ورجع أبو عبد الله عليه السلام إلى منزله ، فلم يبلغ بهم البقيع حتى ابتلي الحرسي بلاء شديدا رمحته ناقته فدقت وركه فمات فيها ، ومضى القوم ، فأقمنا بعد ذلك حينا ، ثم أتى محمد ابن عبد الله بن الحسن ، فأخبر أن أباه وعمومته قتلوا ، قتلهم أبو جعفر ، إلا حسن ابن جعفر ، وطباطبا ، وعلي بن إبراهيم ، وسليمان بن داود ، وداود بن حسن و عبد الله بن داود ، قال : فظهر محمد بن عبد الله عند ذلك ودعا الناس لبيعته قال : فكنت ثالث ثلاثة بايعوه واستوثق الناس لبيعته ولم يختلف عليه قرشي ولا أنصاري ولا عربي . قال : وشاور عيسى بن زيد وكان من ثقاته ، وكان على شرطته ، فشاوره في البعثة إلى وجوه قومه ، فقال له عيسى بن زيد : إن دعوتهم دعاء يسيرا لم يجيبوك أو تغلظ عليهم فخلني وإياهم فقال له محمد : امض إلى من أردت منهم فقال : ابعث إلى رئيسهم وكبيرهم - يعني أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام - فإنك إذا أغلظت عليه علموا جميعا أنك ستمرهم على الطريق التي أمررت عليها أبا عبد الله ، قال : فوالله ما لبثنا أن اتي بأبي عبد الله عليه السلام حتى أوقف بين يديه ، فقال له عيسى بن زيد : أسلم تسلم ، فقال له أبو عبد الله عليه السلام : أحدثت نبوة بعد محمد صلى الله عليه وآله ؟ فقال له محمد : لا ولكن بايع تأمن على نفسك ومالك وولدك ، ولا تكلفن حربا . فقال له أبو عبد الله : ما في حرب ولا قتال ، ولقد تقدمت إلى أبيك وحذرتهالذي حاق به ، ولكن لا ينفع حذر من قدر ، يا ابن أخي عليك بالشباب ودع عنك الشيوخ ، فقال له محمد : ما أقرب ما بيني وبينك في السن فقال له أبو عبد الله عليه السلام : إني لم أعازك ، ولم أجئ لأتقدم عليك في الذي أنت فيه ، فقال له محمد : لا والله لا بد من أن تبايع ، فقال له أبو عبد الله عليه السلام : ما في يا ابن أخي طلب ولا هرب ، وإني لأريد الخروج إلى البادية فيصدني ذلك ويثقل علي حتى يكلمني في ذلك الأهل غير مرة ، وما يمنعني منه إلا الضعف ، والله والرحم أن تدبر عنا ونشقى بك . فقال له : يا أبا عبد الله قد والله مات أبو الدوانيق - يعني أبا جعفر - فقال له أبو عبد الله عليه السلام : وما تصنع بي وقد مات ؟ قال : أريد الجمال بك ، قال : ما إلى ما تريد سبيل ، لا والله ما مات أبو الدوانيق ، إلا أن يكون مات موت النوم ، قال : والله لتبايعني طائعا أو مكرها ولا تحمد في بيعتك ، فأبى عليه إباءا شديدا ، فأمر به إلى الحبس ، فقال له عيسى بن زيد : أما إن طرحناه في السجن وقد خرب السجن وليس عليه اليوم غلق خفنا أن يهرب منه . فضحك أبو عبد الله عليه السلام ثم قال : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أو تراك تسجنني ؟ قال : نعم والذي أكرم محمدا صلى الله عليه وآله بالنبوة لأسجننك ولأشددن عليك ، فقال عيسى بن زيد : احبسوه في المخبأ ، وذلك دار ريطة اليوم ، فقال له أبو عبد الله عليه السلام : أما والله إني سأقول ثم أصدق ، فقال له عيسى بن زيد : لو تكلمت لكسرت فمك . فقال له أبو عبد الله عليه السلام : أما والله يا أكشف يا أزرق ، لكأني بك تطلب لنفسك جحرا تدخل فيه ، وما أنت في المذكورين عند اللقاء ، وإني لأظنك إذا صفق خلفك طرت مثل الهيق النافر ، فنفر عليه محمد بانتهار : احبسه وشدد عليه وأغلظ عليه . فقال له أبو عبد الله عليه السلام : أما والله لكأني بك خارجا من سدة أشجع إلى بطن الوادي ، وقد حمل عليك فارس معلم ، في يده طرادة نصفها أبيض ونصفها أسود ، على فرس كميت أقرح ، فطعنك فلم يصنع فيك شيئا ، وضربت خيشوم فرسه فطرحته ، وحمل عليك آخر خارج من زقاق آل أبي عمار الدئليين ، عليه غديرتان مضفورتان قد خرجتا من تحت بيضته ، كثير شعر الشاربين ، فهو والله صاحبك فلا رحم الله رمته . فقال له محمد : يا أبا عبد الله عليه السلام حسبت فأخطأت ، وقام إليه السراقي ابن سلح الحوت ، فدفع في ظهره حتى أدخل السجن ، واصطفى ما كان له من مال وما كان لقومه ممن لم يخرج مع محمد ، قال : فطلع بإسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وهو شيخ كبير ضعيف ، قد ذهبت إحدى عينيه ، وذهبت رجلاه ، وهو يحمل حملا ، فدعاه إلى البيعة ، فقال له : يا ابن أخي إني شيخ كبير ضعيف ، وأنا إلى برك وعونك أحوج ، فقال له : لا بد من أن تبايع ، فقال له : وأي شئ تنتفع ببيعتي والله إني لأضيق عليك مكان اسم رجل إن كتبته ، قال : لابد لك أن تفعل فأغلظ عليه في القول ، فقال له إسماعيل : ادع لي جعفر بن محمد : فلعلنا نبايع جميعا . قال : فدعا جعفرا عليه السلام فقال له إسماعيل : جعلت فداك إن رأيت أن تبين له فافعل ، لعل الله يكفه عنا ، قال : قد أجمعت ألا أكلمه فلير في رأيه ، فقال إسماعيل لأبي عبد الله عليه السلام : أنشدك الله هل تذكر يوما أتيت أباك محمد بن علي عليه السلام وعلي حلتان صفراوان ، فأدام النظر إلي ثم بكى فقلت له : ما يبكيك ؟ فقال لي : يبكيني أنك تقتل عند كبر سنك ضياعا ، لا ينتطح في دمك عنزان ، قال : فقلت : متى ذاك ؟ قال : إذا دعيت إلى الباطل فأبيته ، وإذا نظرت إلى أحول مشوم قومه ينتمي من آل الحسن على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله ، يدعو إلى نفسه ، قد تسمى بغير اسمه ، فأحدث عهدك واكتب وصيتك ، فإنك مقتول من يومك أو من غد ؟ فقال له أبو عبد الله عليه السلام : نعم وهذا ورب الكعبة لا يصوم من شهر رمضان إلا أقله فأستودعك الله يا أبا الحسن وأعظم الله أجرنا فيك ، وأحسن الخلاقة على من خلفت وإنا لله وإنا إليه راجعون قال : ثم احتمل إسماعيل ورد جعفر إلى الحبس . قال : فوالله ما أمسينا حتى دخل عليه بنو أخيه بنو معاوية بن عبد الله بن جعفر فتوطؤوه حتى قتلوه ، وبعث محمد بن عبد الله إلى جعفر عليه السلام فخلى سبيله ، قال : وأقمنا بعد ذلك حتى استهللنا شهر رمضان ، فبلغنا خروج عيسى بن موسى يريد المدينة ، قال : فتقدم محمد بن عبد الله ، على مقدمته يزيد بن معاوية بن عبد الله بن جعفر ، وكان على مقدمة عيسى بن موسى ، ولد الحسن بن زيد بن الحسن بن الحسن ، وقاسم ، ومحمد ابن زيد وعلي وإبراهيم بنو الحسن بن زيد ، فهزم يزيد بن معاوية وقدم عيسى ابن موسى المدينة ، وصار القتال بالمدينة ، فنزل بذباب ، ودخلت علينا المسودة من خلفنا ، وخرج محمد في أصحابه ، حتى بلغ السوق فأوصلهم ومضى ثم تبعهم حتى انتهى إلى مسجد الخوامين ، فنظر إلى ما هناك فضاء ليس مسود ولا مبيض ، فاستقدم حتى انتهى إلى شعب فزارة ، ثم دخل هذيل ، ثم مضى إلى أشجع ، فخرج إليه الفارس الذي قال أبو عبد الله عليه السلام من خلفه من سكة هذيل فطعنه فلم يصنع فيه شيئا ، وحمل على الفارس وضرب خيشوم فرسه بالسيف ، فطعنه الفارس فأنفذه في الدرع وانثنى عليه محمد فضربه فأثخنه ، وخرج إليه حميد بن قحطبة وهو مدبر على الفارس يضربه من زقاق العماريين ، فطعنه طعنة أنفذ السنان فيه فكسر الرمح وحمل على حميد ، فطعنه حميد بزج الرمح فصرعه ، ثم نزل فضربه حتى أثخنه وقتله وأخذ رأسه ، ودخل الجند من كل جانب ، وأخذت المدينة ، وأجلينا هربا في البلاد . قال موسى بن عبد الله : فانطلقت حتى لحقت بإبراهيم بن عبد الله ، فوجدت عيسى بن زيد مكمنا عنده ، فأخبرته بسوء تدبيره ، وخرجنا معه حتى أصيب رحمه الله ، ثم مضيت مع ابن أخي الأشتر عبد الله بن محمد بن عبد الله بن حسن حتى أصيب بالسند ، ثم رجعت شريدا طريدا ، تضيق علي البلاد ، فلما ضاقت علي الأرض ، واشتد الخوف ذكرت ما قال أبو عبد الله عليه السلام فجئت إلى المهدي وقد حج ، وهو يخطب الناس في ظل الكعبة ، فما شعر إلا وأني قد قمت من تحت المنبر ، فقلت : لي الأمان يا أمير المؤمنين وأدلك على نصيحة لك عندي فقال : نعم ما هي ؟ قلت : أدلك على موسى بن عبد الله بن حسن فقال : نعم لك الأمان فقلت له : أعطني ما أثق به ، فأخذت منه عهودا ومواثيق ، ووثقت لنفسي ، ثم قلت : أنا موسى بن عبد الله فقال لي : إذا تكرم وتحبى فقلت له : أقطعني إلى بعض أهل بيتك يقوم بأمري عندك . فقال : انظر إلى من أردت فقلت : عمك العباس بن محمد ، فقال العباس : لا حاجة لي فيك فقلت : ولكن لي فيك الحاجة ، أسألك بحق أمير المؤمنين إلا قبلتني ، فقبلني شاء أو أبى ، وقال لي المهدي من يعرفك وحوله أصحابنا أو أكثرهم فقلت : هذا الحسن بن زيد يعرفني ، وهذا موسى بن جعفر يعرفني ، وهذا الحسن ابن عبيد الله بن عباس يعرفني فقالوا : نعم يا أمير المؤمنين كأنه لم يغب عنا ، ثم قلت للمهدي : يا أمير المؤمنين لقد أخبرني بهذا المقام أبو هذا الرجل ، وأشرت إلى موسى بن جعفر عليه السلام . قال موسى بن عبد الله : وكذبت على جعفر كذبة فقلت له : وأمرني أن أقرئك السلام وقال : إنه إمام عدل وسخي قال : فأمر لموسى بن جعفر عليه السلام بخمسة آلاف دينار ، فأمر لي موسى عليه السلام منها بألفي دينار ، ووصل عامة أصحابه ، ووصلني فأحسن صلتي ، فحيث ما ذكر ولد محمد بن علي بن الحسين فقولوا : صلى الله عليهم ، و ملائكته ، وحملة عرشه ، والكرام الكاتبون ، وخصوا أبا عبد الله عليه السلام بأطيب ذلك وجزى موسى بن جعفر عني خيرا ، فأنا والله مولاهم بعد الله . (

[7])




([1])القائل هو موسى بن عبد الله المعروف بالجون .

([2])قال المجلسي : على صيغة المتكلم ، ويحتمل الامر وفديتك معترضة أي فديتك بنفسي ،

([3])قال المجلسي : ان السن لي عليك أي أنا أسن منك ، وغرضه من هذه الكلمات نفى إمامته  ع  حتى يستقيم تكليفه بالبيعة ، ولم يعلم أنها تدل على عدم امامة ابنه أيضا ، مع أن قوله قدم لك فضلا حجة عليه ولم يشعر به

([4])الهم فوق الإرادة وكلمة  أو  بمعنى بل ، أو الشك من الراوي  منه ره  عن هامش المطبوعة .

([5])قال المجلسي : ولسنا نقول فيه أي في علي  عليه السلام   من تبجيله أي تعظيمه فيه وفى تعظيمه لعلى  ع  أوحى الله ، والمعنى انا لا نقول في علي  ع  انه يجوز له تبديل أحد من الأوصياء بغيره أولا نقول ما ينافي تبجيله وتصديقه وهو انه خان فيما أمر به وغير أمر الرسول الله صلى الله عليه وآله ، فلو كان أمر على المعلوم أو المجهول في الأسن أي من أولادهما أو في أولاد الأسن أو ينقلها بان يعطى تارة ولد هذا ، وتارة ولد هذا ، وقيل في ولدهما يعنى من ولداه جميعا كعبد الله وولده وهو بعيد ، ويحتمل أن يكون في معنى من كما في بعض النسخ أيضا أي ينقلها من أولادهما إلى

([6])هذا عجز بيت للأخطل وصدره :

 

أنعق بضأنك يا جرير فإنما * منتك نفسك في الخلاء ضلالا

 

وهو من قصيدة تقرب من خمسين بيتا قالها يهجو بها جريرا ، ويفتخر فيها على قيس ، أولها . كذبتك عينك أم رأيت بواسط * غلس الظلام من الرباب خيالا وهي مثبتة في ديوانه ص 41.

 

 

([7])الكافي ج 1 ص 358.بحار الأنوار ج 47  ص 278