كلامه عليه السلام في والتوحيد والإيمان والإسلام والكفر والفسق
صفة الإيمان
قَالَ عليه السلام : مَعْنَى صِفَةِ الْإِيمَانِ الْإِقْرَارُ وَالْخُضُوعُ لِلَّهِ بِذُلِّ الْإِقْرَارِ وَالتَّقَرُّبُ إِلَيْهِ بِهِ وَالْأَدَاءُ لَهُ بِعِلْمِ كُلِّ مَفْرُوضٍ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ مِنْ حَدِّ التَّوْحِيدِ فَمَا دُونَهُ إِلَى آخِرِ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الطَّاعَةِ أَوَّلًا فَأَوَّلًا مَقْرُونٌ ذَلِكَ كُلُّهُ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ مَوْصُولٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَإِذَا أَدَّى الْعَبْدُ مَا فُرِضَ عَلَيْهِ مِمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ عَلَى صِفَةِ مَا وَصَفْنَاهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ مُسْتَحِقٌّ لِصِفَةِ الْإِيمَانِ مُسْتَوْجِبٌ لِلثَّوَابِ وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى جُمْلَةِ الْإِيمَانِ الْإِقْرَارُ
وَمَعْنَى الْإِقْرَارِ التَّصْدِيقُ بِالطَّاعَةِ فَلِذَلِكَ ثَبَتَ أَنَّ الطَّاعَةَ كُلَّهَا صَغِيرَهَا وَكَبِيرَهَا مَقْرُونَةٌ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فَلَا يَخْرُجُ الْمُؤْمِنُ مِنْ صِفَةِ الْإِيمَانِ إِلَّا بِتَرْكِ مَا اسْتَحَقَّ أَنْ يَكُونَ بِهِ مُؤْمِناً وَإِنَّمَا اسْتَوْجَبَ وَاسْتَحَقَّ اسْمَ الْإِيمَانِ وَمَعْنَاهُ بِأَدَاءِ كِبَارِ الْفَرَائِضِ مَوْصُولَةً وَتَرْكِ كِبَارِ الْمَعَاصِي وَاجْتِنَابِهَا وَإِنْ تَرَكَ صِغَارَ الطَّاعَةِ وَارْتَكَبَ صِغَارَ الْمَعَاصِي فَلَيْسَ بِخَارِجٍ مِنَ الْإِيمَانِ وَلَا تَارِكٍ لَهُ مَا لَمْ يَتْرُكْ شَيْئاً مِنْ كِبَارِ الطَّاعَةِ وَلَمْ يَرْتَكِبْ شَيْئاً مِنْ كِبَارِ الْمَعَاصِي فَمَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَهُوَ مُؤْمِنٌ لِقَوْلِ اللَّهِ- إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً يَعْنِي الْمَغْفِرَةَ مَا دُونَ الْكَبَائِرِ فَإِنْ هُوَ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً مِنْ كَبَائِرِ الْمَعَاصِي كَانَ مَأْخُوذاً بِجَمِيعِ الْمَعَاصِي صِغَارِهَا وَكِبَارِهَا مُعَاقَباً عَلَيْهَا مُعَذَّباً بِهَا فَهَذِهِ صِفَةُ الْإِيمَانِ وَصِفَةُ الْمُؤْمِنِ الْمُسْتَوْجِبِ لِلثَّوَابِ
صفة الإسلام
وَ أَمَّا مَعْنَى صِفَةِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ الْإِقْرَارُ بِجَمِيعِ الطَّاعَةِ الظَّاهِرِ الْحُكْمِ وَالْأَدَاءُ لَهُ فَإِذَا أَقَرَّ الْمُقِرُّ بِجَمِيعِ الطَّاعَةِ فِي الظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِالْقُلُوبِ فَقَدِ اسْتَحَقَّ اسْمَ الْإِسْلَامِ وَمَعْنَاهُ وَاسْتَوْجَبَ الْوَلَايَةَ الظَّاهِرَةَ وَإِجَازَةَ شَهَادَتِهِ وَالْمَوَارِيثَ وَصَارَ لَهُ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَهَذِهِ صِفَةُ الْإِسْلَامِ وَفَرْقُ مَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْمُؤْمِنِ أَنَّ الْمُسْلِمَ إِنَّمَا يَكُونُ مُؤْمِناً أَنْ يَكُونَ مُطِيعاً فِي الْبَاطِنِ مَعَ مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي الظَّاهِرِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِالظَّاهِرِ كَانَ مُسْلِماً وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِالظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ بِخُضُوعٍ وَتَقَرُّبٍ بِعِلْمٍ كَانَ مُؤْمِناً فَقَدْ يَكُونُ الْعَبْدُ مُسْلِماً وَلَا يَكُونُ مُؤْمِناً إِلَّا وَهُوَ مُسْلِمٌ
صفة الخروج من الإيمان
وَ قَدْ يَخْرُجُ مِنَ الْإِيمَانِ بِخَمْسِ جِهَاتٍ مِنَ الْفِعْلِ كُلُّهَا مُتَشَابِهَاتٌ مَعْرُوفَاتٌ الْكُفْرُ وَالشِّرْكُ وَالضَّلَالُ وَالْفِسْقُ وَرُكُوبُ الْكَبَائِرِ فَمَعْنَى الْكُفْرِ كُلُّ مَعْصِيَةٍ عُصِيَ اللَّهُ بِهَا بِجِهَةِ الْجَحْدِ وَالْإِنْكَارِ وَالِاسْتِخْفَافِ وَالتَّهَاوُنِ فِي كُلِّ مَا دَقَّ وَجَلَّ وَفَاعِلُهُ كَافِرٌ وَمَعْنَاهُ مَعْنَى كُفْرٍ مِنْ أَيِّ مِلَّةٍ كَانَ وَمِنْ أَيِّ فِرْقَةٍ كَانَ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُ مَعْصِيَةٌ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ فَهُوَ كَافِرٌ وَمَعْنَى الشِّرْكِ كُلُّ مَعْصِيَةٍ عُصِيَ اللَّهُ بِهَا بِالتَّدَيُّنِ فَهُوَ مُشْرِكٌ صَغِيرَةً كَانَتِ الْمَعْصِيَةُ أَوْ كَبِيرَةً فَفَاعِلُهَا مُشْرِكٌ وَمَعْنَى الضَّلَالِ الْجَهْلُ بِالْمَفْرُوضِ وَهُوَ أَنْ يَتْرُكَ كَبِيرَةً مِنْ كَبَائِرِ الطَّاعَةِ الَّتِي لَا يَسْتَحِقُّ الْعَبْدُ الْإِيمَانَ إِلَّا بِهَا بَعْدَ وُرُودِ الْبَيَانِ فِيهَا وَالِاحْتِجَاجِ بِهَا فَيَكُونَ التَّارِكُ لَهَا تَارِكاً بِغَيْرِ جِهَةِ الْإِنْكَارِ وَالتَّدَيُّنِ بِإِنْكَارِهَا وَجُحُودِهَا وَلَكِنْ يَكُونُ تَارِكاً عَلَى جِهَةِ التَّوَانِي وَالْإِغْفَالِ وَالِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهَا فَهُوَ ضَالٌّ مُتَنَكِّبٌ عَنْ طَرِيقِ الْإِيمَانِ جَاهِلٌ بِهِ خَارِجٌ مِنْهُ مُسْتَوْجِبٌ لِاسْمِ الضَّلَالَةِ وَمَعْنَاهَا مَا دَامَ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفْنَاهُ بِهَا فَإِنْ كَانَ هُوَ الَّذِي مَالَ بِهَوَاهُ إِلَى وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمَعْصِيَةِ بِجِهَةِ الْجُحُودِ وَالِاسْتِخْفَافِ وَالتَّهَاوُنِ كَفَرَ وَإِنْ هُوَ مَالَ بِهَوَاهُ إِلَى التَّدَيُّنِ بِجِهَةِ التَّأْوِيلِ وَالتَّقْلِيدِ وَالتَّسْلِيمِ وَالرِّضَا بِقَوْلِ الْآبَاءِ وَالْأَسْلَافِ فَقَدْ أَشْرَكَ وَقَلَّمَا يَلْبَثُ الْإِنْسَانُ عَلَى ضَلَالَةٍ حَتَّى يَمِيلَ بِهَوَاهُ إِلَى بَعْضِ مَا وَصَفْنَاهُ مِنْ صِفَتِهِ
وَ مَعْنَى الْفِسْقِ
فَكُلُّ مَعْصِيَةٍ مِنَ الْمَعَاصِي الْكِبَارِ فَعَلَهَا فَاعِلٌ أَوْ دَخَلَ فِيهَا دَاخِلٌ بِجِهَةِ اللَّذَّةِ وَالشَّهْوَةِ وَالشَّوْقِ الْغَالِبِ فَهُوَ فِسْقٌ وَفَاعِلُهُ فَاسِقٌ خَارِجٌ مِنَ الْإِيمَانِ بِجِهَةِ الْفِسْقِ فَإِنْ دَامَ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَدْخُلَ فِي حَدِّ التَّهَاوُنِ وَالِاسْتِخْفَافِ فَقَدْ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ بِتَهَاوُنِهِ وَاسْتِخْفَافِهِ كَافِراً وَمَعْنَى رَاكِبِ الْكَبَائِرِ الَّتِي بِهَا يَكُونُ فَسَادُ إِيمَانِهِ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُنْهَمِكاً عَلَى كَبَائِرِ الْمَعَاصِي بِغَيْرِ جُحُودٍ وَلَا تَدَيُّنٍ وَلَا لَذَّةٍ وَلَا شَهْوَةٍ وَلَكِنْ مِنْ جِهَةِ الْحَمِيَّةِ وَالْغَضَبِ يُكْثِرُ الْقَذْفَ وَالسَّبَّ وَالْقَتْلَ وَأَخْذَ الْأَمْوَالِ وَحَبْسَ الْحُقُوقِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْمَعَاصِي الْكَبَائِرِ الَّتِي يَأْتِيهَا صَاحِبُهَا بِغَيْرِ جِهَةِ اللَّذَّةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْأَيْمَانُ الْكَاذِبَةُ وَأَخْذُ الرِّبَا وَغَيْرُ ذَلِكَ الَّتِي يَأْتِيهَا مَنْ أَتَاهَا بِغَيْرِ اسْتِلْذَاذٍ وَالْخَمْرُ وَالزِّنَا وَاللَّهْوُ فَفَاعِلُ هَذِهِ الْأَفْعَالِ كُلِّهَا مُفْسِدٌ لِلْإِيمَانِ خَارِجٌ مِنْهُ مِنْ جِهَةِ رُكُوبِهِ الْكَبِيرَةَ عَلَى هَذِهِ الْجِهَةِ غَيْرُ مُشْرِكٍ وَلَا كَافِرٍ وَلَا ضَالٍّ جَاهِلٌ عَلَى مَا وَصَفْنَاهُ مِنْ جِهَةِ الْجَهَالَةِ فَإِنْ هُوَ مَالَ بِهَوَاهُ إِلَى أَنْوَاعِ مَا وَصَفْنَاهُ مِنْ حَدِّ الْفَاعِلِينَ كَانَ مِنْ صِنْفِهِ