ذلك على الأصل ومسموع من الحجة (صلوات الله وسلامه عليه).
* - حدث محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: كنت عند الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح (قدس الله روحه) في جماعة فيهم علي بن عيسى القصري, فقام إليه رجل فقال له: إني أريد أن أسألك عن شيء.
فقال: سل عما بدا لك.
فقال الرجل: اخبرنا عن الحسين بن علي (عليه السلام) أهو ولي الله؟
قال: نعم.
قال: اخبرني عن قاتله لعنه الله هو عدو الله؟
قال: نعم.
قال الرجل: فهل يجوز أن يسلط الله عز وجل عدوه على وليه؟
فقال له أبو القاسم (رحمه الله): افهم عني ما أقول لك اعلم أن الله عز وجل لا يخاطب الناس بمشاهدة العيان ولا يشافههم بالكلام، ولكنه عز وجل يبعث إليهم رسلا من أجناسهم وأصنافهم بشرا مثلهم، لو بعث رسلا من غير صنفهم وصورهم لنفروا عنهم ولم يقبلوا منهم، فلما جاؤوهم وكانوا من جنسهم يأكلون الطعام ويمشون في الاسواق قالوا لهم: انتم مثلنا فلا نقبل منكم حتى تأتونا بشيء نعجز أن نأتي بمثله، فنعلم انكم مخصوصون دوننا بما لا نقدر عليه، فجعل الله عز وجل لهم المعجزات التي يعجز الخلق عنها، فمنهم من جاء بالطوفان بعد الانذار والاعذار فغرق من طغى وتمرد، ومنهم من اُلقي في النار فكانت عليه بردا وسلاما، ومنهم من أخرج من الحجر الصلد ناقة وأجرى من ضرعها لبنا. ومنهم من فلق له البحر وفجر له من الحجر العيون.
وجعل له العصا اليابسة ثعبانا تلقف ما يأفكون، ومنهم من أبرأ الأكمه والابرص واحيى الموتى بإذن الله وانباهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم، ومنهم من انشق له القمر وكلمته البهائم مثل البعير والذئب وغير ذلك، فلما آتوا بمثل ذلك وعجز الخلق عن أمرهم وعن أن يأتوا بمثله كان من تقدير الله عز وجل ولطفه بعباده وحكمته أن جعل أنبياءه مع هذه القدرة والمعجزات في حالة غالبين، وفي أُخرى مغلوبين، وفي حال قاهرين، وفي حال مقهورين، ولو جعلهم الله عز وجل في جميع أحوالهم غالبين قاهرين ولم يبتلهم ولم يمتحنهم لاتخذهم الناس آلهة من دون الله، ولما عرف فضل صبرهم على البلاء والمحنة والإختبار، ولكنه جعل أحوالهم في ذلك كأحوال غيرهم؛ ليكونوا في حال المحنة والبلوى صابرين، وفي حال العافية والظهور على الأعداء شاكرين، ويكونوا في جميع أحوالهم متواضعين غير شامخين ولا متجبرين، وليعلم العباد أن لهم (عليهم السلام) إلها هو خالقهم ومدبرهم فيعبدونه ويطيعون رسله، وتكون حجة الله ثابتة على من تجاوز، اتحد فيهم وادعى لهم الربوبية، أوعاند وخالف وعصى وجحد ما أتت به الرسل والانبياء: ﴿ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة﴾(
[1]).
قال محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه: فعدت إلى الشيخ أبي القاسم بن روح قدس الله روحه من الغد وأنا أقول في نفسي: أترى ذكرما ذكر يوم امس من عند نفسه فابتدأني فقال: يا محمد بن إبراهيم لئن اخّر من السماء فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان سحيق احب إليّ من أن أقول في دين الله برأيي أو من عند نفسي، بل ذلك على الأصل ومسموع من الحجة (صلوات الله وسلامه عليه).