العتبة العلوية المقدسة - وصيتة صلى الله عليه وآله النبي لابي ذر -
» » سيرة الإمام » المناسبات » من سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله » وصيتة صلى الله عليه وآله النبي لابي ذر

 وصيتة صلى الله عليه وآله النبي لابي ذر

 

*عن أبي الاسود قال : قدمت الربذة فدخلت على أبي ذر  جندب بن جنادة رضي الله عنه فحدثني أبوذر . قال : دخلت ذات يوم في صدر نهاره على رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجده فلم أر في المسجد أحدا من الناس إلا رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي إلى جانبه جالس فاغتنمت  خلوته

فقال لي : يا أباذر إن للمسجد تحية ،

قلت : وما تحيته ؟

قال : ركعتان  تركعهما ،

فقلت : يا رسول الله إنك أمرتني بالصلاة ، فما الصلاة ؟

قال : خير  موضوع فمن شاء أقل ومن شاء أكثر ،

قلت : يارسول الله أي الاعمال أحب إلى الله  عزوجل ؟

فقال : إيمان بالله وجهاد في سبيله

قلت أي المؤمنين أكمل إيمانا ؟

قال :  أحسنهم خلقا ،

قلت : وأي المؤمنين أفضل ؟

قال : من سلم المسلمون من لسانه ويده ،

قلت  وأي الهجرة أفضل ؟

قال : من هجر السوء

قلت : فأي الليل أفضل ؟

قال : جوف  الليل الغابر ،

قلت : فأي الصلاة أفضل ؟

قال : طول القنوت ،

قلت : فأي الصدقة  أفضل ؟

قال : جهد من مقل إلى فقير في سر

قلت : ما الصوم ؟

قال : فرض  مجزي وعند الله أضعاف كثيرة ،

قلت : فأي الرقاب أفضل ؟

قال : أغلاها ثمنا  وأنفسها عند أهلها ،

قلت : فأي الجهاد أفضل ؟

قال : من عقر جواده واهريق دمه  في سبيل الله ،

قلت : فأي آية أنزلها الله عليك أعظم ؟

قال آية الكرسي .

ثم قال : يا أباذر ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة ، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة .

قلت : يا رسول الله كم النبيون ؟

قال : مائة ألف وأربعة وعشرون ألف نبي

قلت : كم المرسلون منهم ؟

قال : ثلاثة عشر جماء غفيراء

قلت : من كان أول  الانبياء ؟

قال آدم

قلت وكان من الانبياء مرسلا ؟

قال : نعم خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه .

ثم قال : يا أباذر أربعة من الانبياء سريانيون : آدم وشيث واخنوخ  وهو  إدريس عليه السلام وهو أول من خط بالقلم - ونوح عليه السلام وأربعة من الانبياء من العرب  هود ، وصالح ، وشعيب ، ونبيك محمد ، وأول نبي من بني إسرائيل موسى وآخرهم  عيسى  بينهما  ستمائة نبي

قلت : يا رسول الله كم أنزل الله من كتاب ؟

قال : مائة كتاب وأربعة كتب  أنزل الله على شيث خمسين صحيفة  وعلى إدريس ثلاثين صحيفة ، وعلى إبراهيم  عشرين صحيفة ، وأنزل التوراة والانجيل والزبور والفرقان ،

قلت : يارسول الله  فما كانت صحف إبراهيم

قال : كانت أمثالا كلها وكان فيها  أيها الملك المبتلى المغرور  إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلى بعض ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم  فاني لا أردها وإن كانت من كافر . وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له   أربع  ساعات ساعة يناجي فيها ربة عزوجل وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة  يتفكر فيما صنع الله عزوجل إليه ، وساعة يخلوفيها بحظ نفسه من الحلال ، فان  هذه الساعة عون لتلك الساعات واستجمام للقلوب وتوزيع لها ، وعلى العاقل  أن يكون بصيرا بزمانه ، مقبلا على شأنه ، حافظا للسانه ، فان من حسب كلامه من مله قل كلامه إلا فيما يعنيه ، وعلى العاقل أن يكون طالبا لثلاث مرمة  لمعاش أوتزود لمعاد ، أو تلذذ في غير محرم .

قلت : يارسول فما كانت صحف موسى ؟

قال : كانت عبرا كلها وفيها عجب لمن أيقن بالموت كيف يفرح ، ولمن أيقن بالنار لم يضحك ولمن يرى  الدنيا وتقلبها بأهلها لم يطمئن إليها ، ولمن يؤمن بالقدر كيف ينصب ، ولمن  أيقن بالحساب لم لا يعمل  .

قلت : يا رسول الله هل في أيدينا مما أنزل الله عليك شئ مما كان في صحف إبراهيم وموسى ؟

قال : يا أباذر اقرأ  قدأفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى  بل تؤثرون الحيوة الدنيا . والآخرة خير وأبقى إن هذا لفي الصحف الاولى  صحف إبراهيم وموسى

قلت : يارسول الله أوصني

قال : اوصيك بتقوى الله فانه رأس الامر كله

قلت : زدني

قال : عليك بتلاوة القرآن وذكر الله كثيرا فانه ذكر لك في السماء  ونور لك في الارض ،

قلت : زدني

قال : الصمت فانه مطردة للشياطين وعون لك  على أمردينك ،

قلت : زدني قال : إياك وكثرة الضحك فانه يميت القلب  ويذهب  بنورالوجه

قلت : زدني

قال : انظر إلى من هو تحتك ، ولا تنظر إلى من هو  فوقك فانه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عليك

قلت : يا رسول الله زدني

قال :  صل قرابتك وإن قطعوك ،

قلت زدني قال : أحب المساكين ومجالستهم

قلت :  زدني

قال : قل الحق وإن كان مرا ،

قلت : زدني

قال : لا تخف في الله لومة لائم

قلت : زدني

قال : ليحجزك عن الناس ما تعلم من نفسك ولا تجد عليهم فيما تأتي .  ثم قال : كفى بالمرء عيبا أن يكون فيه ثلاث خصال : يعرف من الناس  ما يجهل من نفسه ، ويستحيي لهم مما هو فيه ، ويؤذى جليسه بما لا يعينه .  ثم قال عليه السلام

يا أباذر لا عقل كالتدبير ، ولا ورع كالكف ، ولا حسب كحسن الخلق .

فقلت : يا رسول الله بأبي أنت ، وامي أوصني بوصية ينفعني الله  بها ،

فقال : نعم وأكرم بك يا أباذر إنك منا أهل البيت وإني موصيك بوصية  فاحفظها فإنها جامعة لطرق الخير وسبله ، فإنك إن حفظتها كان لك بها كفلان .

يا أباذر اعبدالله كأنك تراه فإن كنت لا تراه فانه يراك ، واعلم أن أول عبادة  الله المعرفة به ، فهو الاول قبل كل شئ فلا شئ قبله ، والفرد فلاثاني له ، والباقي  لا إلى غاية فاطر السماوات والارض وما فيهما وما بينهما من شئ وهو الله اللطيف الخبير وهو على كل شئ قدير  ثم الايمان بي والا قرار بأن الله تعالى أرسلني إلى  كافة الناس بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله باذنه ، وسراجا منيرا ، ثم حب أهل بيتي  الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهر هم تطهيرا .

واعلم يا أباذر أن الله عزوجل جعل أهل بيتي في امتي كسفينة نوح  من ركبها نجى ومن رغب عنها غرق ، ومثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله  كان آمنا .

يا أباذر احفظ ما اوصيك به تكن سعيدا في الدنيا والآخرة .

يا أباذر نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ .

يا أباذر اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك  وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك .

يا أباذر إياك والتسويف بأملك فانك بيومك ، ولست بما بعده فان يكن غدلك فكن في الغد كما كنت في اليوم ، وإن لم يكن غد لك لم تندم على ما فرطت  في اليوم .

يا أباذر كم من مستقبل يوما لا يستكمله ، ومنتظر غدا لا يبلغه .

يا أباذر لو نظرت إلى الاجل ومصيره لابغضت الامل وغروره .

يا أباذر كن كأنك في الدنيا غريب  أو كعابر سبيل  وعد نفسك من  أصحاب القبور

يا أباذر إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء  وإذا أمسيت فلا تحدث  نفسك با لصباح وخذ من صحتك قبل سقمك وحياتك قبل موتك فانك لا تدري  ما اسمك غدا .

يا أباذر إياك أن تدر كك الصرعة عند العثرة  فلا تقال العثرة ولا  تمكن من الرجعة ، ولا يحمدك من خلفت بما تركت ، ولا يعذرك من تقدم عليه  بما اشتغلت به.

يا أباذر كن على عمرك أشح منك على درهمك ودينارك .

يا أباذر هل ينتظر أحد إلا غنى مطغيا ، أو فقرا منسيا ، أو مرضا مفسدا ، أوهرما مفندا أوموتا مجهزا  أو الدجال فانه شر غائب ينتظر أو الساعة  فالساعة أدهى وأمر

يا أباذر إن شرالناس منزلة عند الله يوم القيامة عالم لا ينتفع بعلمه  ومن طلب علما ليصرف به وجوه الناس إليه لم يجد ريح الجنة .

يا أباذر من ابتغى العلم ليخدع به الناس لم يجد ريح الجنة .

يا أباذر إذا سئلت عن علم لا تعلمه فقل لا أعلمه تنج من تبعة ولاتفت بمالا علم لك به تنج من عذاب الله يوم القيامة .

يا أباذر يطلع قوم من أهل الجنة على قوم من أهل النار فيقولون : ماأدخلكم النار وقد دخلنا الجنة لفضل تأديبكم وتعليمكم ؟ فيقولون : إنا كنا  نأمر بالخير ولا نفعله

يا أباذر إن حقوق الله جل ثناؤه أعظم من أن يقوم بها العباد وإن نعم الله أكثر

من أن يحصيها العباد ، ولكن أمسوا وأصبحوا تائبين .

يا أباذر إنكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة وأعمال محفوظة  والموت يأتي بغتة ، ومن يزرع خيرا يوشك أن يحصد خيرا ، ومن يزرع شرا يوشك  أن يحصد ندامة ، ولكل زارع مثل ما زرع .

يا أباذر لا يسبق بطئ بحظه ، ولا يدرك حريص ما لم يقدرله ، ومن أعطى خيرا

فان الله أعطاه ، ومن وقي شرا فان الله وقاه .

يا أباذر المتقون سادة ، والفقهاء قادة ، ومجالستهم زيادة ، إن المؤمن ليرى  ذنبه كأنه تحت صخرة يخاف أن تقع عليه ، وإن الكافر ليرى ذنبه كأنه ذباب  مرعلى أنفه .

يا أباذر إن الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيرا جعل ذنوبه بين عينيه ممثلة  والاثم عليه ثقيلا وبيلا  وإذا أراد بعبد شرا أنساه ذنوبه .

يا أباذر لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى من عصيت .

يا أباذر إن نفس المؤمن أشد ارتكاضا من الخطيئة من العصفور حين يقذف به  في شركه

يا أباذر من وافق قوله فعله فذاك الذي أصاب حظه ، ومن خالف قوله فعله فإنما وبخ نفسه

يا أباذرإن الرجل ليحرم رزقه بالذنب يصيبه .

يا أباذر دع مالست منه في شئ  ولا تنطق فيما لايعنيك ، واخزن لسانك كما تخزن ورقك .

يا أباذر إن الله جل ثناؤه ليدخل قوما الجنة فيعطيهم حتى يملوا ، وفوقهم  قوم في الدرجات العلى فاذا نظروا إليهم عرفو هم فيقولون  ربنا إخواننا كنا معهم

في الدنيا فبم فضلتهم علينا ؟ فيقال : هيهات هيهات إنهم كانوا يجوعون حين تشبعون ويظمأون حين تروون ويقومون حين تنامون ، ويشخصون حين تحفظون .

يا أباذر جعل الله جل ثناؤه قرة عيني في الصلاة وحبب إلي الصلاة كما  حبب إلى الجائع الطعام وإلى الظمآن الماء ، وإن الجائع إذا أكل شبع وإن  الظمآن إذا شرب روى ، وأنا لاأشبع من الصلاة .

يا أباذر أيما رجل تطوع في يوم وليلة اثنتي عشر ركعة سوى المكتوبة كان  له حقا واجبا بيت في الجنة

يا أباذر مادمت في الصلاة فانك تقرع باب الملك الجبار  ومن يكثر قرع  باب الملك يفتح له .

يا أباذر ما من مؤمن يقوم مصليا إلا تناثر عليه البر مابينه وبين العرش  ووكل به ملك ينادي يا ابن آدم لو تعلم مالك في الصلاة ومن تناجي ما انفتلت

يا أباذر طوبى لاصحاب الالوية يوم القيامة يحملونها فيسبقون الناس إلى  الجنة ألا وهم السابقون إلى المساجد بالاسحار وغير الاسحار .

يا أباذر الصلاة عماد الدين واللسان أكبر والصدقة تمحو الخطيئة واللسان  أكبر ، والصوم جنة من النار واللسان أكبر ، والجهاد نباهة واللسان أكبر

يا أباذر الدرجة في الجنة كما بين السماء والارض وإن العبد ليرفع بصره فيلمع له نور يكاد يخطف بصره فيفزع لذلك فيقول  ما هذا ؟ فيقال : هذا نور أخيك  فيقول : أخي فلان كنا نعمل جميعا في الدنيا وقد فضل علي هكذا ؟ فيقال  له : إنه كان أفضل منك عملا ، ثم يجعل في قلبه الرضي حتى يرضى .

يا أباذر الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ، وما أصبح فيها مؤمن إلا حزينا  فكيف لا يحزن المؤمن وقد أو عده الله جل ثناؤه أنه وارد جهنم ولم يعده أنه صادرعنها  وليلقين أمراضا ومصيبات وأمورا تغيظه وليظلمن فلا ينتصر يبتغي ثوابا  من الله تعالى فما يزال فيها حزينا حتى يفارقها ، فإذا فارقها أفضى إلى الراحة  والكرامة .

يا أباذر ما عبدالله عزوجل على مثل طول الحزن .

يا أباذر من اوتي من العلم ما لا يبكيه لحقيق أن يكون قد اوتي علم  ما لاينفعه لان الله نعت العلماء فقال عزوجل إن الذين اوتوا العلم من قبله  إذا يتلى عليهم يخرون للاذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد لمفعولا ويخرون للاذقان يبكون ويزيذهم خشوعا

يا أباذر من استطاع أن يبكي فليبك ، ومن لم يستطع فليشعر قلبه الحزن وليتباك ، إن القلب القاسي بعيد من الله تعالى ولكن لا تشعرون .

يا أباذر يقول الله تبارك وتعالى : لا أجمع على عبد خوفين ولا أجمع له أمنين فاذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة وإذا خافني في الدنيا آمنته يوم القيامة .

يا أباذر إن العبد ليعرض عليه ذنوبه يوم القيامة  فيمن ذنب ذنوبه  فيقول :أما إني كنت مشفقا ، فيغفر له .

يا أباذر إن الرجل ليعمل الحسنة فيتكل عليها ويعمل المحقرات حتى يأتي الله وهو عليه غضبان وإن الرجل ليعمل السيئة فيفرق منها فيأتي الله عزوجل آمنا يوم القيامة .

يا أباذر إن العبد ليذنب الذنب فيدخل به الجنة

فقلت : وكيف ذلك بأبي أنت وامي يا رسول الله ؟

قال : يكون ذلك الذنب نصب عينيه تائبا منه ، فارا إلى الله  عزوجل حتى يدخل الجنة .

يا أباذر الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من اتبع نفسه وهواها  وتمنى على الله عزوجل الاماني .

يا أباذر إن أول شئ يرفع من هذه الامة الامانة والخشوع حتى لا تكاد ترى خاشعا

يا أباذر والذي نفس محمد بيده لو أن الدنيا كانت تعدل عند الله جناح بعوضة  أو ذباب ما سقى الكافر منها شربة من ماء .

يا أباذر الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا من ابتغى به وجه الله  وما من شئ أبغض إلى الله تعالى من الدنيا ، خلقها ثم عرضها فلم ينظر إليها ولا ينظر إليها  حتى تقوم الساعة ، وما من شئ أحب إلى الله تعالى من الايمان به وترك ما أمر  بتركه .

يا أباذر إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى أخي عيسى عليه السلام : يا عيسى لا تحب  الدنيا فاني لست احبها وأحب الآخرة فانما هي دار المعاد .

يا أباذر إن جبرئيل أتاني بخزائن الدنيا على بغلة شهباء فقال لى : يا محمد  هذه خزائن الدنيا ولا ينقصك من حظك عند ربك فقلت : يا حبيبي جبرئيل لا حاجة  لي فيها ، إذا اشبعت شكرت ربي وإذا جعت سألته .

ياأباذر إذا أراد الله عزوجل بعبد خيرا فقهه في الدين وزهده في الدنيا وبصره بعيوب نفسه .

يا أباذر ما زهد عبد في الدنيا إلا أنبت الله الحكمة في قلبه  وأنطق بها لسانه  ويبصره عيوب الدنيا وداءها ودواءها وأخرجه منها سالما إلى دار السلام .

يا أباذر إذا رأيت أخاك قد زهد في الدنيا فاستمع منه فانه يلقى الحكمة

فقلت : يا رسول الله من أزهد الناس ؟

قال : من لم ينس المقابر والبلى ، وترك  فضل زينة الدنيا  وآثرما يبقى على ما يفنى ، ولم يعد غدا من أيامه ، وعد نفسه في  الموتى .

يا أباذر إن الله تبارك وتعالى لم يوح إلي أن أجمع المال ولكن أوحى  إلى أن  سبح بحمد ربك وكن من الساجدين  واعبد ربك حتى يأتيك اليقين  .

يا أباذر إني ألبس الغليظ  وأجلس على الارض وألعق أصابعي وأركب الحمار بغير سرج ، وأردف خلفي ، فمن رغب عن سنتي فليس مني .

يا أباذر حب المال والشرف أذهب لدين الرجل من ذئبين ضاريين في زرب  الغنم  فأغارا فيها حتى أصبحا فماذا أبقيا منها .

قال : قلت : يا رسول الله الخائفون الخائضون المتواضعون الذاكرون الله  كثيرا أهم يسبقون الناس إلى الجنة ؟

فقال : لا ولكن فقراء المسلمين فانهم  يتخطون رقاب الناس فيقول لهم خزنة الجنة كما أنتم حتى تحاسبوا فيقولون  بم نحاسب فوالله ما ملكنا فنجود و نعدل ، ولا أفيض علينا فنقبض ونبسط ولكنا عبدنا  ربنا حتى دعانا فأجبنا .

يا أباذر إن الدنيا مشغلة للقلوب والابدان وإن الله تبارك وتعالى سائلنا  عما نعمنا في حلاله فكيف بما نعمنا في حرامه .

يا أباذر إني قد دعوت الله جل ثناؤه أن يجعل رزق من يحبني الكفاف وأن  يعطي من يبغضني كثرة المال والولد .

يا أباذر طوبى للزاهدين في الدنيا ، الراغبين في الاخرة ، الذين اتخذوا  أرض الله بساطا ، وترابها فراشا ، وماءها طيبا ، واتخذوا كتاب الله شعارا ودعاءه دثارا  يقرضون الدنيا قرضا .

يا أباذر حرث الآخرة العمل الصالح ، وحرث الدنيا المال والبنون .

يا أباذر إن ربي أخبرني فقال : وعزتي وجلالي ما أدرك العابدون درك البكاء وإني لابني لهم في الرفيق الاعلى قصرا لا يشاركهم فيه أحد .

قال : قلت : يا رسول الله أي المؤمنين أكيس

قال : أكثرهم للموت ذكرا  وأحسنهم له استعدادا .

يا أباذر إذا دخل النور القلب انفسح القلب واستوسع ،

قلت : فما علامة ذلك بأبي  أنت وامي يا رسول الله ؟

قال : الا نابة إلى دار الخلود ، والتجا في عن دار الغرور  والاستعداد للموت قبل نزوله .

يا أباذر اتق الله ولا تري الناس أنك تخشى الله فيكرموك وقلبك فاجر .

يا أباذر ليكن لك في كل شئ نية حتى في النوم والاكل .

يا أباذر ليعظم جلال الله في صدرك فلا تذكره كما يذكره الجاهل عند الكلب  اللهم اخزه وعند الخنزير اللهم اخزه .

يا أباذر إن لله ملائكة قياما من خيفته ، ما رفعوا رؤوسهم حتى ينفخ في الصور النفخة الآخرة فيقولون جميعا : سبحانك وبحمدك ما عبدناك كما ينبغي لك أن تعبد .

يا أباذر ولو كان لرجل عمل سبعين نبيا لا ستقل عمله من شدة مايرى يومئذ ولو أن دلوا صبت من غسلين في مطلع الشمس لغلت منه جماجم من مغربها ولو  زفرت جهنم زفرة لم يبق ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خر جاثيا على ركبتيه يقول : رب نفسي نفسي حتى ينسى إبراهيم إسحاق عليهما السلام يقول : يا رب أنا خليلك  إبراهيم فلا تنسني .

يا أباذر لو أن امرأة من نساء أهل الجنة أطلعت من سماء الدنيا في ليلة  ظلماء لاضاءت لها الارض أفضل مما يضيئها القمر ليلة البدر ولوجد ريح نشرها  جميع أهل الارض ولو أن ثوبا من ثياب أهل الجنة نشر اليوم في الدنيا لصعق من ينظر إليه وما حملته أبصارهم .

يا أباذر اخفض صوتك عند الجنائز ، وعند القتال ، وعند القرآن .

يا أباذر إذا تبعت جنازة فليكن عقلك فيها مشغولا بالتفكر والخشوع واعلم أنك لاحق به .

يا أباذر اعلم كل شئ إذا فسد فالملح دواؤه فاذا فسد الملح فليس له دواء واعلم أن فيكم خلقين : الضحك من غير عجب والكسل من غير سهو

يا أباذر ركعتان مقتصدتان في تفكر خير من قيام ليلة والقلب ساه .

يا أباذر الحق ثقيل مر والباطل خفيف حلو ، ورب شهوة ساعة تورث حزنا

يا أباذر لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى الناس في جنب الله تبارك وتعالى أمثال الاباعر ثم يرجع إلى نفسه ، فيكون هو أحقر حاقر لها .

يا أباذر لا تصيب حقيقة الايمان حتى ترى الناس كلهم حمقاء في دينهم عقلاء  في دنياهم .

يا أباذر حاسب نفسك قبل أن تحاسب فهو أهون لحسابك غدا ، وزن نفسك  قبل أن توزن ، وتجهز للعرض الاكبر يوم تعرض لا تخفى على الله خافية .

يا أباذر استحي من الله فاني والذي نفسي بيده لا ظل حين أذهب إلى الغائط متقنعا بثوبي استحي من الملكين اللذين معي .

يا أباذر اتحب أن تدخل الجنة ؟

 قلت : نعم فداك أبي

قال  فاقصر من الامل واجعل الموت نصب عينيك واستح من الله حق الحياء ،

قال : قلت : يا  رسول الله كلنا نستحي من الله ؟

قال : ليس ذلك الحياء ولكن الحياء من الله أن  لا تنسى المقابر والبلى والجوف وما وعى والرأس ومن حوى ، ومن أراد كرامة  الاخرة فليدع زينة الدنيا فاذا كنت كذلك أصبت ولاية الله .

يا أباذر يكفي من الدعاء مع البر ما يكفي الطعام من الملح .

يا أباذر إن الله يصلح بصلاح العبد ولده وولد ولده ، ويحفظه في دويرته والدور حوله مادام فيهم .

يا أباذر إن ربك عزوجل يباهي الملائكة بثلاثة نفر: رجل في أرض قفرفيؤذن ثم يقيم ثم يصلي فيقول ربك للملائكة انظرواإلى عبدي يصلي ولا يراه  غيري ، فينزل سبعين ألف ملك يصلون وراءه ويستغفرون له إلى الغد من ذلك  اليوم . ورجل قام من الليل فصلى وحده فسجد ونام وهو ساجد فيقول الله تعالى  انظروا إلى عبدي روحه عندي وجسده ساجد . ورجل في زحف فر أصحابه وثبت  هو ويقاتل حتى يقتل .

يا أباذر ما من رجل يجعل جبهته في بقعة من بقاع الارض إلا شهدت له بها يوم القيامة وما من منزل ينزله قوم إلا وأصبح ذلك المنزل يصلي عليهم أو يلعنهم .

يا أباذر ما من صباح ولا رواح إلا وبقاع الارض تنادي بعضها بعضا يا جارهل مربك ذاكر لله تعالى أو عبد وضع جبهته عليك ساجدا لله ؟ فمن قائلة لا ومن  قائلة نعم ، فاذا قالت نعم اهتزت وانشرحت وترى أن لها الفضل على جارتها .

يا أباذر إن الله جل ثناؤه لما خلق الارض وخلق ما فيها من الشجر لم يكن  في الارض شجرة يأتيها بنو آدم إلا أصابوا منها منفعة ، فلم تزل الارض والشجر  كذلك حتى تكلم فجرة بني آدم بالكلمة العظيمة قولهم  اتخذ الله ولدا  فلما قالوها اقشعرت الارض وذهبت منفعة الاشجار .

يا أباذر إن الارض لتبكي علي المؤمن إذا مات أربعين صباحا .

يا أباذر إذا كان العبد في أرض قي [ يعني قفر ] فتوضأ أو تيمم ثم أذن وأقام  وصلى أمر الله عزوجل الملائكة فصفوا خلفه صفا لايرى طرفاه يركعون بركوعه  ويسجدون بسجوده ويؤمنون على دعائه .

يا أباذر من أقام ولم يؤذن لم يصل معه إلا ملكاه اللذان معه .

ياأباذر ما من شاب يدع لله الدنيا ولهوها وأهرم شبابه في طاعة الله إلا أعطاه

الله أجراثنين وسبعين صديقا .

ياأباذر الذاكر في الغافلين كالمقاتل في الفارين .

يا أباذر الجليس الصالح خير من الوحدة والوحدة خير من جليس السوء  وإملاء الخير خير من السكوت والسكوت خيرمن إملاء الشر .

يا أباذر لا تصاحب إلا مؤمنا ، ولا يأكل طعامك إلا تقي ولا تأكل طعام  الفاسقين .

يا أباذر أطعم طعامك من تحبه في الله وكل طعام من يحبك في الله  عزوجل .

يا أباذر إن الله عزوجل عند لسان كل قائل فليتق الله أمرء وليعلم مايقول .

يا أباذر اترك فضول الكلام ، وحسبك من الكلام ما تبلغ به حاجتك .

يا أباذر كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما يسمع .

يا أباذر ما من شئ أحق بطول السجن ، من اللسان .

ياأباذر إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم وإكرام حملة  القرآن العالمين ، وإكرام السلطان المقسط .

ياأباذر ما عمل من لم يحفظ لسانه .

يا أباذر لاتكن عيابا ولا مداحا ولا طعانا ولا مماريا .

ياأباذر لايزال العبد يزداد من الله بعدا ما ساء خلقه .

يا أباذر الكلمة الطيبة صدقة وكل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة .

يا أباذر من أجاب داعي الله وأحسن عمارة مساجد الله كان ثوابه من الله الجنة

فقلت : بأبي أنت وامي يا رسول الله كيف تعمر مساجد الله ؟

 قال : لا ترفع فيها  الاصوات ولا يخاض فيها بالباطل ، ولايشتر فيها ولا يباع واترك اللغو مادمت فيها

فان لم تفعل فلا تلومن يوم القيامة إلا نفسك .

يا أباذر إن الله تعالى يعطيك مادمت جالسا في المسجد بكل نفس تنفست  درجة في الجنة وتصلي عليك الملائكة وتكتب لك بكل نفس تنفست فيه عشر حسنات وتمحى عنك عشر سيئات .

يا أباذر أتعلم في أى شئ أنزلت هذه الآية  اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون

قلت : لا  أدري فداك أبي وامي ، قال : في انتظار الصلاة خلف الصلاة .

يا أباذر إسباغ الوضوء في المكاره من الكفارات ، وكثرة الاختلاف إلى المساجد فذلكم الرباط .

يا أباذر يقول الله تبارك وتعالى : إن أحب العباد إلي المتحابون من أجلي المتعلقة قلوبهم بالمساجد ، والمستغفرون با الاسحار ، اولئك إذا أردت بأهل الارض عقوبة ذكرتهم فصرفت العقوبة عنهم .

يا أباذر كل جلوس في المسجد لغو إلا ثلاثة قراءة مصل أو ذكر الله أو سائل عن علم .

يا أباذر كن با لعمل بالتقوى أشد اهتماما منك بالعمل فانه لا يقل عمل بالتقوى

وكيف يقل عمل يتقبل ، يقول الله عزوجل :  (إنما يتقبل الله من المتقين) .

يا أباذر لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك شريكه فيعلم من أين مطعمه ومن أين مشربه ومن أين ملبسه ، أمن حل ذلك أم من حرام .

يا أباذر من لم يبال من أين اكتسب المال لم يبال الله عزوجل من أين  أدخله النار

يا أباذر من سره أن يكون أكرم الناس فليتق الله عزوجل .

يا أباذر إن أحبكم إلى الله جل ثناؤه أكثركم ذكرا له ، وأكرمكم  عند الله عزوجل أتقيكم له وأنجاكم من عذاب الله أشد كم له خوفا .

يا أباذر إن المتقين الذين يتقون  الله عزوجل  من الشئ الذي لا يتقى منه خوفا من الدخول في الشبهة .

يا أباذر من أطاع الله عزوجل فقد ذكر الله وإن قلت صلاته وصيامه وتلاوته  للقرآن .

يا أباذر أصل الدين الورع ورأسه الطاعة .

يا أباذر كن ورعا تكن أعبد الناس ، وخير دينكم الورع .

يا أباذر فضل العلم خير من فضل العبادة ، واعلم أنكم لوصليتم حتى تكونوا كالحنايا  وصمتم حتى تكونوا كالا وتار ما ينفعكم ذلك إلا بورع .

يا أباذر إن أهل الورع والزهد في الدنيا هم أولياء الله حقا .

يا أباذر من لم يأت يوم القيامة بثلاث فقد خسر ،

قلت : وما الثلاث فداك  أبي وامي ؟

قال : ورع يحجزه عما حرم الله عزوجل عليه ، وحلم يرد به  جهل السفيه ، وخلق يداري به الناس

يا أباذر إن سرك أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله ، وإن سرك أن  تكون أكرم الناس فاتق الله ، وإن سرك أن تكون أغنى الناس فكن بما في يدالله  عزوجل أوثق منك بما في يديك .

يا أباذر لو أن الناس كلهم أخذوا بهذه الآية لكفتهم  (ومن يتق الله يجعل  له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره)

يا أباذر يقول الله جل ثناؤه : وعز تي وجلالي لا يؤثر عبدي هواي على هواء

إلا جعلت غناه في نفسه وهمومه في آخرته وضمنت السماوات والارض رزقه وكففت  عليه ضيعته  وكنت له من وراء تجارة كل تاجر .

يا أباذر لو أن ابن آدم فر من رزقه كما يفر من الموت لادركه رزقه كما يدركه الموت .

يا أباذر ألا اعلمك كلمات ينفعك الله عزوجل بهن

قلت : بلى يا رسول  الله ،

قال : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، وإذا سألت فاسأل الله عزوجل ، وإذا استعنت فاستعن با لله فقد جرى

القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة ، فلو أن الخلق كلهم جهدوا أن ينفعوك بشئ لم

يكتب لك ما قدروا عليه ، ولو جهدوا أن يضروك بشئ لم يكتبه الله عليك ما ئقدروا عليه ، فان استطعت أن تعمل لله عزوجل بالرضى في اليقين فافعل وإن لم تستطع فان في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا ، وإن النصر مع الصبر والفرج معلاالكرب وإن مع العسر يسرا .

يا أباذر استعفن بغنى الله يغنك الله ،

فقلت : وما هو يا رسول الله ؟

 قال ، غداءة يوم وعشاءة ليلة فمن قنع بما رزقه الله فهو أغنى الناس .

يا أباذر إن الله عزوجل يقول : إني لست كلام الحكيم أتقبل ولكن همه وهواه ، فان كان همه وهواه فيما أحب وأرضى جعلت صمته حمدا لي وذكرا ووقارا وإن لم يتكلم .

يا أباذر إن الله تبارك وتعالى لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن  ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم يا أباذر التقوى ههنا ، التقوى ههنا - واشار إلى صدره - .

يا أباذر أربع لا يصيبهن إلا مؤمن : الصمت وهو أول العبادة ، والتواضع لله سبحانه ، وذكر الله تعالى على كل حال ، وقلة الشئ يعني قلة المال .

يا أباذر هم بالحسنة وإن لم تعملها لكيلا تكتب من الغافلين .

يا أباذر من ملك ما بين فخذيه وبين لحييه دخل الجنة ،

قلت يا رسول الله نا لنؤخذ بما ينطق به ألسنتنا ،

قال : يا باذر وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم ، إنك لا تزال سالما ما سكت فاذا تكلمت كتب لك أو عليك .

يا أباذر إن الرجل يتكلم با لكلمة في المجلس ليضحكهم بها فيهوى في جهنم ما بين السماء والارض .

يا أباذر ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ويل له  ويل له  .

يا أباذر من صمت نجا فعليك باالصدق ولا تخرجن من فيك كذبة أبدا ،

قلت  يا رسول الله فما توبة الرجل الذي يكذب متعمدا ؟

فقال : الاستغفار وصلوات الخمس  تغسل ذلك .

يا أباذر إياك والغيبة فان الغيبة أشد من الزنا ،

قلت : يا رسول الله ولم ذاك  بأبي أنت وامي ؟

قال : لان الرجل يزني فيتوب إلى الله فيتوب الله عليه ، والغيبة  لا تغفر حتى يغفرها صاحبها .

يا أباذر سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر ، وأكل لحمه من معاصي الله ، وحرمة

ما له كحرمة دمه ،

قلت : يا رسول الله وما الغيبة ؟

قال : ذكرك أخاك بما يكره ،

قلت  يا رسول الله فان كان فيه ذاك الذي يذكربه ؟

قال : اعلم أنك إذا ذكرته بما هو فيه  فقد اغتبته وإذا ذكرة بما ليس فيه فقد بهته .

يا أباذرمن ذب عن أخيه المسلم الغيبة كان حقا على الله عزوجل أن يعتقه من النار

يا أباذر من اغتيب عنده أخوه المسلم وهو يستطيع نصره فنصره نصره الله عزوجل في الدنيا والآخرة ، فان خذله وهو يستطيع نصره خذله الله في الدنيا  والاخرة .

يا أباذر لا يدخل الجنة قتات ،

 قلت : وما القتات ؟

 قال : النمام .

يا أباذر صاحب النميمة لا يستريح من عذاب الله عزوجل في الآخرة .

يا أباذر من كان ذا وجهين ولسانين في الدنيا فهو ذولسانين في النار .

يا أباذر المجالس بالامانة وإفشاء سرأخيك خيانة فاجتنب ذلك واجتنب مجلس العشيرة .

يا أباذر تعرض أعمال أهل الدنيا على الله من الجمعة إلى الجمعة في يومين الاثنين والخميس فيغفر لكل عبد مؤمن إلا عبدا كان بينه وبين أخيه شحناء فقال : اتركوا عمل هذين حتى يصطلحا .

يا أباذر إياك وهجران أخيك فان العمل لا يتقبل من الهجران .

يا أباذر أنهاك عن الهجران وإن كنت لا بد فاعلا فلا تهجره فوق ثلاثة أيام كملا  فمن مات فيها مهاجرا لاخيه كانت النار أولى به .

يا أباذر من أحب أن يتمثل له الرجال قياما  فليتبوأ مقعده من النار .

يا أباذر من مات وفي قلبه مثقال ذرة من كبرلم يجد رائحة الجنة إلا أن يتوب قبل ذلك ،

فقال : يا رسول الله إنى ليعجبني الجمال حتى وددت أن علاقة سوطي وقبال نعلي حسن فهل يرهب على ذلك ؟

قال : كيف تجد قلبك ؟

قال : أجده عارفا  للحق مطمئنا إليه ،

قال : ليس ذلك بالكبر ولكن الكبر أن تترك الحق وتتجاوزه إلى غيره وتنظر إلى الناس ولا ترى أن أحدا عرضه كعرضك ولا دمه كدمك .

يا أباذر أكثر من يدخل النار المستكبرون

فقال رجل : وهل ينجو من الكبر أحد يا رسول الله ؟

قال : نعم من لبس الصوف وركب الحمار وحلب العنز وجالس المساكين .

يا أباذر من حمل بضاعته فقد برئ من الكبر ، يعني ما يشتري من السوق .

يا أباذر من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله عزوجل إليه يوم القيامة .

يا أباذر أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه ولا جناح عليه فيما بينه وبين كعبيه .

يا أباذر من رفع ذيله وخصف نعله وعفر وجهه فقد برئ من الكبر .

يا أباذر من كان له قميصان فليلبس أحدهما وليلبس الآخر أخاه .

يا أباذر سيكون ناس من امتي يولدون في النعيم ويغذون به ، همتهم ألوان الطعام والشراب ويمدحون بالقول أولئك شرار امتي .

يا أباذر من ترك لبس الجمال وهو يقدر عليه تواضعا لله عزوجل فقد كساه حلة الكرامة .

يا أباذر طوبى لمن تواضع لله تعالى في غير منقصة وأذل نفسه في غير مسكنة وأنفق ما لا جمعه في غير معصية ورحم أهل الذل والمسكنة وخالط أهل الفقه والحكمة

طوبى لمن صلحت سريرته وحسنت علانيته وعزل عن الناس شره ، طوبى لمن عمل  بعلمه ، وأنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من قوله .

يا أباذر البس الخشن من اللباس والصفيق من الثياب لئلا يجد الفخرفيك مسلكا .

يا أباذر يكون في آخر الزمان قوم يلبسون الصوف في صيفهم وشتائهم يرون أن لهم الفضل بذلك على غير هم اولئك تلعنهم ملائكة السماوات والارض .

يا أباذر ألا اخبرك بأهل الجنة ؟

قلت : بلى يا رسول الله ؟

قال : كل أشعث  أغبرذي طمرين لا يؤبه به  لو أقسم على الله لابره . ([1])

 



([1]) مكارم الاخلاق 543