العباس بن امير المؤمنين عليه السلام
العباس (أبو الفضل) ابن الإِمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام) الشهيد 61هـ .عالم، محدَّث، كان صاحب راية الإِمام الحسين (عليه السلام) نافذ البصيرة، صلب الإِيمان محارباً شجاعاً ، وسيماً ، جميلاً ، طويل القامة ، يركب الفرس المطهم ورجلاه تخطان في الأرض . ولد سنة 26 هـ ، وعاش مع أبيه أربع عشرة سنة ، ومع أخيه الحسن (عليه السلام)عشر سنين ومع أخيه الحسين (عليه السلام) عشر سنين وجاهد دون الإِمام السبط (عليه السلام) وأبلى بلاءً حسناً، ومضى شهيداً في سبيل الله، فكان يؤمئذ لواء عسكر الحسين (عليه السلام) معه ، فأبلى في ذلك اليوم البلاء الحسن وحارب محاربة الشجعان حتى فدى بنفسه دون أخيه وأهل بيته ، وكان آخر من قُتل من أصحاب الحسين (عليه السلام) ، قتله حكيم بن الطفيل وزيد بن ورقاء .
وقتل وله 34 سنة، وخلف: عبيد الله. أمه أم النبين فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن. وأخوته من أمه: عثمان. جعفر. عبد الله قتلوا في كربلاء.كتبت عنه دراسات وبحوث قيّمة ومواضيع مفصَّلة جاءت أخباره فيها بصورة مبسطة.
قال الإمام الصادق (عليه السلام) في حقه : كان عمنا العباس بن علي نافذ البصيرة صلب الايمان جاهد مع أبي عبدالله وأبلى بلاء حسناً ومضى شهيداً .
قال السماوي في ترجمته وخير من استوفى ترجمته العلامة السماوي في الابصار واليك الترجمة بتحقيق الاستاذ على جهاد الحساني :
ولد سنة ست وعشرين من الهجرة ( وامه ) ام البنين فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر المعروف بالوحيد بن كلاب بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ( وامها ) ثمامة بنت سهيل بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب : وامها عمرة بنت الطفيل فارس قرزل بن مالك الاخزم رئيس هوازن بن جعفر بن كلاب : وامها كبشة بنت عروة الرحال بن عتبة بن جعفر بن كلاب : وامها ام الخشف بنت ابي معاوية فارس هوازن بن عبادة بن عقيل بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة : وامها فاطمة بنت جعفر بن كلاب :وامها عاتكة بنت عبد شمس بن عبد مناف ؛ وامها امنة بنت وهب بن عمير بن نصر بن قعين بن الحرث بن ثعلبة بن ذودان بن اسد بن خزيمة ؛ وامها بنت حجدر بن ضبيعة الاغر بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن ربيعة بن نزار ؛ وامها بنت مالك بن قيس بن ثعلبة ؛ وامها بنت ذي الراسين خشين ابن ابي عصم بن سمح بن فزارة : وامها بنت عمرو بن صرمة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن الريث بن غطفان .
قال السيد الداودي في العمدة ان امير المؤمنين (عليه السلام ) قال لاخيه عقيل وكان نسابة عالماً باخبار العرب وانسابهم ابغني امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب لاتزوجها فتلد لي غلاماً فارساً فقال له : اين انت عن فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية ؛ فانه ليس في العرب اشجع من آبائها ولا افرس([1]) ؛ وفي آبائها يقول لبيد للنعمان بن المنذر ملك الحيرة :
نحن بنو ام البنين الاربعة
ونحن خير عامر بن صعصعة
الضاربون الهام وسط المجمعة
فلا ينكر عليه احد من العرب ومن قومها ملاعب الاسنة ابو براء الذي لم يعرف في العرب مثله في الشجاعة : والطفيل فارس قرزل وابنه عامر فارس المزنوق فتزوجها أَمير المؤمنين (عليه السلام ) فولدت له وانجبت : واول ماولدت العباس يلقب في زمنه قمر بني هاشم ويكنى ابا الفضل :
وبعده عبد الله وبعده جعفراً ، وبعده عثمان : وعاش العباس مع ابيه اربع عشرة سنة حضر بعض الحروب فلم ياذن له ابوه بالنزال : ومع اخيه الحسن اربعاً وعشرين سنة : ومع اخيه الحسين (عليه السلام ) اربعاً وثلاثين سنة : وذلك مدة عمره : وكان (عليه السلام ) ايدا([2]) شجاعاً فارساً وسيماً([3]) جسيماً يركب الفرس المطهم([4]) ورجلاه تخطان في الارض وكان متزوجاً بلبابة بنت عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب فاولد منها عبيد الله وامها حورية بنت خالد بن قانط الكناني وهي التي رثت ولديها اللذين قتلهما سبر بن ارطاه صبراً فقالت يامن احس بنيتي .
وروى عن ابي عبد الله الصادق (عليه السلام ) انه قال : (( كان عمنا العباس بن علي نافذ البصيرة ، صلب الايمان ، جاهد مع ابي عبد الله (عليه السلام ) : وابلى بلاء حسناً ومضى شهيداً )) .
وروى عن علي بن الحسين (عليه السلام ) انه نظر يوما الى عبيد الله بن العباس بن علي (عليه السلام ) فاستعبر ثم قال : (( مامن يوم اشد على رسول الله (f) من يوم احد ، قتل فيه عمه حمزة بن عبد المطلب اسد الله واسد رسوله : وبعده يوم موته قتل فيه ابن عمه جعفر بن ابي طالب : ولايوم كيوم الحسين (عليه السلام ) ازدلف([5]) اليه ثلاثون الف رجل ، يزعمون انهم من هذه الامة كل يتقرب الى الله عز وجل بدمه ، وهو يذكرهم بالله فلا يتعظون حتى قتلوه بغياً وظلماً وعدواناً ، ثم قال : (( رحم الله العباس فلقد آثر وابلى : وفدى اخاه بنفسهِ : حتى قطعت يداه : فابد له الله عز وجل منهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن ابي طالب (عليه السلام ) . وان للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه([6]) بها جميع الشهداء يوم القيامة ))([7]) .
وروى ابو مخنف انه لما مُنِعَ الحسين (عليه السلام ) واصحابه من الماء وذلك قبل ان يجمع على الحرب اشتد بالحسين واصحابه العطش فدعا اخاه العباس فبعثه في ثلاثين فارساً وعشرين راجلاً ليلاً فجاؤا حتى دنوا من الماء واستقدم امامهم باللواء نافع : فمنعهم عمرو بن الحجاج الزبيدي : فامتنعوا منه بالسيوف وملاؤا قربهم واتوا بها : والعباس بن علي ونافع يذبان عنهم : ويحملان على القوم : حتى خلصوا([8]) بالقرب الى الحسين ؛ فسمى السقاء وابا قربة وروى ابو مخنف انه لما كاتب عمر بن سعد عبيد الله بن زياد في امر الحسين (عليه السلام )([9]) وكتب اليه على يدي شمر بن ذي الجوشن بمنازلة الحسين (عليه السلام ) ونزوله أو بعزله وتولية شمر العمل قام عبد الله ابن ابي المحل بن حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر الوحيد ؛ وكانت عمته ام البنين فطلب من عبيد الله كتاباً بامان العباس واخوته وقام معه شمر في ذلك فكتب اماناً واعطاه لعبد الله : فبعثه الى العباس واخوته مع مولى له يقال له كزمان فاتى به اليهم فلما قرأوه قالوا له ابلغ خالنا السلام وقل له ان لاحاجة لنا في الامان امان الله خير من امان ابن سمية فرجع قال ووقف شمر في اليوم العاشر ناحية فنادى اين بنو اختنا ؟اين العباس واخوته ؟ فلم يجبه احد فقال لهم الحسين (عليه السلام ) : اجيبوه ولو كان فاسقاً فقام اليه العباس فقال له ماتريد ؟ قال : انتم أمنون يابني اختنا فقال له العباس : لعنك الله ولعن امانك ، لئن كنت خالنا اتؤمنا وابن رسول الله لاامان له ؟ ، وتكلم اخوته بنحو كلامه ثم رجعوا ([10]) .
وروى ابو مخنف ايضاً وغيره ان عمر بن سعد نادى في اليوم التاسع ، ياخيل الله اركبي وابشري بالجنة ، فركب الناس وزحفوا ، وذلك بعد صلوة العصر ، والحسين (عليه السلام ) جالس امام بيته محتبياً بسيفه وقد خفق على ركبتيه فسمعت زينب الصيحة فدنت منه وقالت : اما تسمع الاصوات يا اخي قد اقتربت ! فرفع الحسين رأسه واخبرها برؤية رسول الله وانه يدعوه فلطمت زينب وجهها وقالت: ياويلتاه فقال لها : ليس الويل لك يا اخيه اسكتي رحمك الرحمن .
ثم قال العباس له : يا اخي قد اتاك القوم فنهض .
ثم قال : (( يا عباس اركب ، بنفسي انت([11]) ، حتى تلقاهم فتقول لهم (( مالكم ومابدا لكم ؟ وتسألهم عما جاء بهم )).
فاتاهم العباس في نحو عشرين فارساً فيهم زهير وحبيب : فقال لهم : مالكم ومابدا لكم وماتريدون ؟ فقالوا : جاء امر عبيد الله ان نعرض عليكم ان تنزلوا على حكمه أو ننازلكم .
قال : فلا تعجلوا حتى ارجع الى ابي عبد الله فاعرض عليه ماذكرتم : فوقفوا ثم قالوا : القه فاعلمه ذلك ثم اعلمنا بما يقول : فانصرف العباس يركض([12]) فرسه الى الحسين (عليه السلام ) يخبره ووقف اصحابه يخاطبون القوم حتى اقبل العباس يركض فرسه فانتهى اليهم .
فقال : ياهؤلاء ان ابا عبد الله يسألكم ان تنصرفوا هذه العشية حتى ينظر في هذا الامر . فان هذا امر لم يجر بينكم وبينه فيه منطق : فاذا اصبحنا التقينا ، فاما رضيناه فاتينا بالامر الذي تسألونه وتسومونه : أو كرهنا فرددناه .
قال : وانما اراد بذلك ان يردهم عن الحسين تلك العشية حتى يأمر بامره ويوصى اهله ، وقد كان الحسين قال له : (( يا اخي ان استطعت ان تؤخرهم هذه العشية الى غدوة وتدفعهم عنا ، لعلنا نصلّى لربنا الليلة وندعوه ونستغفره ، فهو يعلم اني قد كنت احب الصلوة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار )).
فقال لهم العباس ماقال : فقال عمر بن سعد ماترى ياشمر ؟ فقال ماترى انت ؟ انت الامير والرأي رأيك .
فقال : قد اردت ان لااكون ذا رأي ، ثم اقبل على الناس .
فقال : ماذا ترون ؟ فقال عمرو بن الحجاج : سبحان الله : والله لو كانوا من الديلم ثم سألوك هذه المنزلة لكان ينبغي لك ان تجيبهم اليها .
وقال قيس بن الاشعث : لاتجبهم الى ماسألوك فلعمري ليصبحنك بالقتال غدوة .
فقال : والله لو اعلم ان يفعلوا ما اخرتهم العشية ، ثم امر رجلاً ان يدنو من الحسين (عليه السلام ) بحيث يسمع الصوت فينادى : انا قد اجلناكم الى غدٍ : فان استسلمتم سرحنا بكم الى الامير . وان ابيتم فلسنا تاركيكم([13]) .
وروى اهل السير عن الضحاك بن قيس([14]) المشرقي قال : ان الحسين (عليه السلام ) جمع تلك الليلة اهل بيته واصحابه فخطبهم بخطبته التي قال فيها :
(( اما بعد : فاني لااعلم اهل بيت الخ )) . فقام العباس فقال : لِمَ نفعل ذلك ؟! لنبقي بعدك لاارانا الله ذلك ابداً .
ثم تكلم اهل بيته واصحابه بما يشبه هذا الكلام وسيذكر بعد .
قالوا ولما اصبح ابن سعد جعل على ربع المدينة عبد الله بن زهير([15]) بن سليم الازدى . وعلى ربع مذحج واسد عبد الرحمن بن سبرة([16]) الجعفي . وعلى ربع ربيعة وكندة قيس بن الاشعث بن قيس . وعلى ربع تميم وهمدان الحر بن يزيد الرياحي . وجعل الميمنة لعمرو بن الحجاج الزبيدي . والميسرة لشمر بن ذي الجوشن الضبابي والخيل . لعزرة بن قيس الاحمسي . والرجال لشبث بن ربعي . واعطى الراية لدريد مولاه . ولما اصبح الحسين (عليه السلام ) جعل الميمنة لزهير . والميسرة لحبيب . واعطى الراية اخاه العباس([17]) .
وروى ابو مخنف عن الضحاك بن قيس ان الحسين (عليه السلام ) لما خطب خطبته على راحلته ونادى في اولها باعلى صوته : (( ايها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوني )) . سمع النساء كلامه هذا . فصحن وبكين وارتفعت اصواتهن . فارسل اليهن اخاه العباس وولده علياً . وقال لهما : سكتاهن فلعمري لايكثرن بكاؤهن . فمضيا يسكتاهن حتى إذا سكتن عاد الى خطبته .
فحمد الله واثنى عليه وصلى على نبيه . قال : فو الله ماسمعت متكلماً قط لاقبله ولابعده ابلغ منه منطقاً([18]) .
وقال ابو جعفر وابن الاثير : لما نشبت الحرب بين الفريقين تقدم عمرو بن خالد ومولاه سعد ومجمع بن عبد الله وجنادة بن الحرث فشدوا مقدمين باسيافهم على الناس ؛ فلما وغلوا فيهم عطف عليهم الناس فاخذوا يحوزونهم وقطعوهم من اصحابهم .
فندب الحسين (عليه السلام ) لهم اخاه العباس . فحمل على القوم وحده . فضرب فيهم بسيفه حتى فرقهم عن اصحابه وخلص اليهم فسلموا عليه فأتى بهم . ولكنهم كانوا جرحى فابوا عليه ان يستنقذهم سالمين ، فعاودوا القتال . وهو يدفع عنهم حتى قتلوا في مكان واحد([19]) . فعاد العباس الى اخيه واخبره بخبرهم .
قال اهل السير : وكان العباس ربما ركز لواءه امام الحسين وحامى عن اصحابه أو استقى ماءاً فكان يلقب السقاء . ويكنى ابا قربة بعد قتله قالوا ولما رأى وحدة الحسين (عليه السلام ) بعد قتل اصحابه وجملة من اهل بيته قال لاخوته من امه تقدموا لاحتسبكم عند الله تعالى (فانه لاولد لكم )([20]) فتقدموا حتى قتلوا فجاء الى الحسين (عليه السلام ) واستأذنه في (المصاع)([21]) .
فقال (عليه السلام ) له : ((انت حامل لوائي )) .فقال : لقد ضاق صدري ، وسئمت الحياة : فقال له الحسين (عليه السلام ) (( ان عزمت فاستسق لنا ماءً )) . فاخذ قربته وحمل على القوم حتى ملأ القربة قالوا : واغترف من الماء غرفة ثم ذكر عطش الحسين (عليه السلام ) فرمى بها وقال :
يانفس من بعد الحسين هوني
وبعده لاكنت ان تكوني
هذا الحسين وارد المنون
وتشربين بارد المعين
ثم عاد فاخذ عليه الطريق فجعل يضربهم بسيفه وهو يقول :
لاارهب الموت اذ الموت زقا([22])
حتى اوارى في المصاليت([23]) لقى
اني انا العباس اغدو بالسقا
ولا اهاب الموت يوم لقى
فضربه حكيم بن طفيل الطائي السنبسي([24]) على يمينه فبراها فاخذ اللواء بشماله وهو يقول :
والله ان قطعتم يميني
اني احامي ابداً عن ديني
فضربه زيد بن زُرقاء الجهني على شماله فبراها فضم اللواء الى صدره ( كما فعل عمه جعفر اذ قطعوا يمينه ويساره في موته فضم اللواء الى صدره ) وهو يقول :
الاترون معشر الفجار
قد قطعوا ببغيهم يساري
فحمل عليه رجل تميمي من ابناء أبان بن دارم فضربه بعمود على رأسه فخر صريعاً الى الارض . ونادى باعلى صوته ادركني يا اخي . فانقض عليه ابو عبد الله كالصقر فراه مقطوع اليمين واليسار مرضوخ([25]) الجبين مشكوك العين بسهم مرتثاً بالجراحة فوقف عليه منحنياً وجلس عند رأسه يبكي حتى فاضت نفسه . ثم حمل على القوم فجعل يضرب فيهم يميناً وشمالاً فيفرون من بين يديه كما تفر المعزى إذا شد فيها الذئب . وهو يقول : اين تفرون وقد قتلتم اخي ؟! اين تفرون وقد فتتم عضدي ؟! ثم عاد الى موقفه منفرداً وكان العباس آخر من قتل من المحاربين لاعداء الحسين (عليه السلام ) ولم يقتل بعده الا الغلمان الصغار من آل ابي طالب الذين لم يحملوا السلاح وفيه يقول الكميت بن زيد الاسدي :
وابو الفضل ان ذكرهم الحلو
شفاء النفوس في الاسقام
قتل الادعياء اذ قتلوه
اكرم الشاربين صوب الغمام
ويقول حفيده الفضل بن محمد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله بن العباس (عليه السلام ) :
اني لاذكر للعباس موقفه
بكربلاء وهام القوم تختطف
يحمى الحسين ويحميه على ظمأٍ
ولايولى ولا يثنى فيختلف
ولا ارى مشهداً يوما كمشهده
مع الحسين عليه الفضل والشرف
اكرم به مشهداً بانت فضيلته
وما اضاع له افعاله خلف
واقول :
امسند ذاك اللوا صدره
وقد قطعت منه يمنى ويسرى
لثنيت جعفر في فعله
غداة استضم اللوا منه صدرا
وابقيت ذكرك في العالمين
يتلونه في المحاريب ذكرا
واوقفت فوقك شمس الهدى
يدير بعينيه يمنى ويسرى
لئن ظل منحنياً فالعدى
بقتلك قد كسروا منه ظهرا
والقوا لواه فلف اللواء
ومن ذا ترى بعد يسطيع نشرا
ناى الشخص منك وابقى ثناك
الى الحشر يدلج فيه ويسرى
وانا استرق جداً من رثاء امه فاطمة ام البنين الذي انشده ابو الحسن الاخفش في شرح الكامل([26]) : وقد كانت تخرج الى البقيع كل يوم ترثيه وتحمل ولده عبيد الله فيجتمع لسماع رثائها اهل المدينة وفيهم مروان بن الحكم فيبكون لشجى الندبة قولها رضى الله عنها :
يامن رأى العباس كر
على جماهير النقد([27])
ووراه من ابناء حيدر
كل ليث ذي لبد
انبئت ان ابني اصيب
برأسه مقطوع يد
ويلي على شبلي اما
ل برأسه ضرب العمد
لو كان سيفك في يد
يك لما دنا منه احد
وقولها :
لاتدعوني ويك ام البنين
تذكريني بليوث العرين
كانت بنون لي ادعى بهم
واليوم اصبحت ولامن بنين
اربعة مثل نسور الربى
قد واصلوا الموت بقطع الوتين
تنازع الخرصان اشلاءَهم
فكلهم امسى صريعاً طعين
ياليت شعري اكما اخبروا
بان عباساً قطيع اليمين
وروى جماعة عن القسم بن الاصبغ بن نباته قال : رأيت رجلاً من بني ابان بن دارم اسود الوجه وقد كنت اعرفه شديد البياض جميلاً فسألته عن سبب تغيره وقلت له ماكدت اعرفك ، فقال : اني قتلت رجلاً بكربلاء وسيماً جسيما ، بين عينيه اثر السجود ، فمابت ليلة منذ قتلته الى الان ، الا وقد جاءني في النوم ، واخذ بتلابيبي([28]) وقادني الى جهنم ، فيدفعني فيها فاظل اصيح . فلا يبقى احد في الحي : الا ويسمع صياحي .
قال فانتشر الخبر .
فقالت جارة له : انه مازلنا نسمع صياحه حتى مايدعنا ننام شيئاً من الليل .
فقمت في شباب الحي الى زوجته فسألناها ؟
فقالت : اما إذا اخبر هو عن نفسه . فلا ابعد الله غيره ، قد صدقكم ، قال : والمقتول هو العباس بن علي([29]) عليهما السلام .
انتهى كلام صاحب ابصار العين ([30])
([1]) عمدة الطالب /324 .
([2]) الأَيْدُ: القوة - ورَجلُ ( أيّدٌ ) أي قوي ، لسان العرب ج3/76 .
([3]) الوسيم : من الوسامة وهي الجمال ، لسان العرب ج12/636 .
([4]) المطهم : السمين / الحَسنُ التام ، كل شيء منه بارع الجمال وهذه كناية عن طوله وجسامته (u) ، لسان العرب ج12/372 .
([5]) ازدلف : أي سار اليه وقرب منه ، لسان العرب ج9/106 .
([6]) يغبطه : يتمنى ان يحظى بمثل نعمة الغير من غير زوالها . ينظر لسان العرب ج7/359 .
([7]) الخصال /68 باب الاثنين ج101 .
([8]) خلصوا : وصلوا ، لسان العرب ج7/26 .
([9]) تاريخ الطبري ج3/312 .
([10]) تاريخ الطبري ج3/313 .
([11]) بنفسي انت : أي فديتك بنفسي . ويمضي في بعض الكتب بنفسك وليس به .لسان العرب ج6/234 .
([12]) ركض : أي ضرب الفرس برجله ؛ قال الله تعالى { فاركض برجلك } ( صَ/ 42 ) فاما بمعنى عَدواً فليس صحيحاً أوهو مستعمل مجازا وظاهر قوله تعالى { اذا هم منها يركضون } ( الأنبياء/12) ان المراد يعدون فان لم يكن حقيقة فهو مجاز ، لسان العرب ج7/158 .
([13]) تاريخ الطبري ج3/313 .
([14]) الضحاك بن قيس : المشرقي من همدان هذا جاء الى الحسين (u) هو ومالك بن النضر الارحبي ايام الموادعة يسلمان عليه فدعاهما لنصرته فاعتذر مالك بدينه وعياله واجاب الضحاك على شريطة انه رأى نصرته لاتفيد الحسين (u) فهو في حل ، فرضى الحسين عليه السلام منه حتى إذا لم يبق من اصحابه الا نفران جاء الى الحسين (u) وقال له شريطتي قال نعم ولكن أنّى لك النجاء ؟، ان قدرت على ذلك فانت في حل فاقبل على فرسه وقد كان خباها بين البيوت حين راى الخيل تعقر وقاتل راجلاً : فاستخرجها ثم استوى على متنها حتى إذا قامت على السنابك رمى بها عرض القوم فافرجوا له ، وتبعه خمسة عشر فارساً حتى انتهى الى شفية فلحقوه وعطف عليهم : فعرفه كثير بن عبد الله الشعبي وايوب بن مشرح الخيواني وقيس بن عبد الله الصائدي ، فناشدوا الله اصحابهم في الكف عنه : فنجا فهو يخبر عن جملة مما وقع للحسين واصحابه في المقاتلة ، تاريخ الطبري ج5/444 .
([15]) عبد الله بن زهير بن سليم الازدي كان من اصحاب امير المؤمنين (u) وله ذكر في الحروب والمغازي وولي الاعمال لآل اُمية .
تاريخ الطبري ج5/422 .
([16]) عبد الرحمن بن ابي سبرة : يزيد بن مالك بن عبد الله بن ذويب بن سلمة بن عمرو بن ذهل بن مران بن جعفي وفد هو واخوه سبره مع ابيه على رسول الله (صلى الله عليه وآله ) وكان اسمه عزيزاً فسماه رسول الله (صلى الله عليه وآله ) عبد الرحمن وله مع صحبته افعال ذميمة .
جمهرة أنساب العرب /409 ، أسد الغابة ج5/206 .
([17]) الأخبار الطوال /256 ، الارشاد ج2/95 ، الكامل ج4/60 .
([18]) تاريخ الطبري ج3/319 .
([19]) تاريخ الطبري ج3/330 .
([20]) فانه لاولد لكم : يعني بذلك انكم ان تقدمتموني وقتلوكم لم تبق لكم ذرية فينقطع نسب امير المؤمنين (u) منكم فيشتد حزني ويعظم اجري بذلك : وزعم بعض الناس انه يعني لاحوز ميراثكم فاذا قتلت خلص لولدي : وهذا طريف ، فان العباس اجل قدراً من ذلك لان اهل البيت لايورثون الاخ مع وجود الام وهو من اعلم اهل البيت بما فيه ولان تلك الملاحظة على تقدير جوازها انما يلتفت اليها الا ديناء وذو الهمم القاصرة . ولما ذكرته في مراده نظير ، وهو قول عابس لشوذب الذي ياتي ذكره وسانبه عليه هناك إنْ شاء الله .
([21]) الأصل / المصال . والمصاع : القتال والجلاد بالسيوف .
لسان العرب ج8/338 .
([22]) زقا : صاح تزعم العرب ان للموت طائراً يصيح ويسمونه الهامة ويقولون إذا قتل الانسان ولم يؤخذ بثاره زقت هامته حتى يثأر قال الشاعر :
فان تك هامة بهراة تزقو
فقد ازقيت بالمروين هاما
لسان العرب ج10/143 .
([23]) المصاليت : جمع مصلات : وهو الرجل السريع المتشمر : قال عامر بن الطفيل :
وانا المصاليت يوم الوغا
إذا ما المغاوير لم تقدم
لسان العرب ج2/54 .
([24]) السنبسي : بالسين المهملة وبعدها النون ثم الباء المفردة والسين والياء المثناة تحت منسوب الى سنبس بطن من طي ، جمهرة أنساب العرب /402 .
([25]) الرّضخ : الكسر ، ومرضوخ الجبين أي مكسور الجبين .
لسان العرب ج3/19 .
([26]) عند مراجعتنا لشرح الكامل الخاص بالحسن الأخفش وتحرينا لكل هامش خاص به لم نحصل على هذه الأبيات ويحتمل أن المصنف قد حصل على نسخة نادرة لشرح الكامل قد درجت فيها هذه الأبيات .
([27]) النقد : جنس من الغنم قصار الارجل قباح الوجوه فمعنى البيت يامن رأى العباس وهو اسم للاسد : كر على جماعات الغنم المعروفة بالنقد : وهو بديع . ( ورقاء ) بالواو والراء المهملة والقاف والمد . ويمضى في بعض الكتب رقاد وهو تصحيف ، لسان العرب ج3/426 .
([28]) تلابيبي : جمع تلبيب وهو موضع اللبب من الثياب : واللبب موضع القلادة من الصدر ، لسان العرب ج1/733 .
([29]) مناقب ابن شهر اشوب ج4/58 .
([30])وينظر في ترجمته :أعيان الشيعة ج7 ص429 ـ ص431 ، رجال الطوسي ص76 ، الخصال ص68 ، تنقيح المقال ج2 ص128 ، سفينة البحار ج6 ص132 ـ ص 134 ، رجال الحلي ص118 ، مجمع الرجال ج3 ص248 ، قاموس الرجال ج6 ص26 ـ ص33 ، الارشاد ص240 ، الاختصاص ص82 ، منهج المقال ص188 ، منتهى المقال ج4 ص68 ، رجال ابن داود ص114 ، بهجة الآمال ج5 ص114 وص115 ، نقد الرجال ص179 ، جامع الرواة ج1 ص433 ، العقد الفريد ج4 ص171 ، جمهرة أنساب العرب ص67 ، الكامل في التاريخ ج3 ص397 ، وص398 ، وج4 ص54 وص56 وص57 وص59 وص61 وص74 وص76 وص92 وص242 ، البداية والنهاية ج7 ص344 وص365 وج8 ص14 وص177 ـ ص180 وص189 وص191 وص275 ، المعارف ص127 ، تاريخ ابن خلدون ج3 ص30 ، الأخبار الطوال ص257 ، عمدة الطالب ص356 ، تهذيب الأنساب ص32 وص33 وص 275 ، النجوم الزاهرة ج1 ص155 ، تاريخ الطبري ج4 ص314 وص315 وبعدها ، جمهرة النسب ص31 ، مرآة الجنان ج1 ص132 ، تاريخ اليعقوبي ج1 ص213 ، المجدي في أنساب الطالبيين ص15 وص231 ، اعلام الورى ص248 ، الفخري من أنساب الطالبيين ص169 ، مقاتل الطالبيين ص84 وص85 ، المنتظم ج5 ص69 ، سراج الأنساب (فارسي) ص34 وص174 وص175 ، تاريخ الاسلام (حوادث ووفيات 61 ـ 80 هـ) ص21 ، التبيين في أنساب القرشيين ص137 ،الأصيلي في أنساب الطالبيين ص56 ، تاريخ ابن الوردي ج1 ص164 ، بلغة المحدثين (آخر كتاب معراج أهل الكمال) ص372 ، فرهنگ معين (فارسي) ج5 ص91 ، لغت نامه دهخدا (فارسي) ج3 ص727 ، معجم رجال الحديث ج9 ص235 وص236 ، الوجيزة ص233 .إتقان المقال /75. أخبار شعراء الشيعة /33. الأخبار الطوال /228،