كلام الإمام الحسين ( عليه السلام ) مع ابن الزبير
*- ابن عساكر : أخبرنا أبو الحسين محمّد بن محمّد بن الفرّاء ، وأبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن ، قالوا : أنبأنا أبو جعفر بن السلمة ، أنبأنا محمّد بن عبد الرحمان بن العبّاس ، أنبأنا أحمد بن سليمان ، أنبأنا الزبير بن بكّار ، حدّثني عمّي مصعب بن عبد الله ، أخبرني مَن سمع هشام بن يوسف الصنعاني ، يقول عن معمّر ، قال : وسمعت رجلا يحدّث عن الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) قال : سمعته يقول لعبد الله بن الزبير : أَتَتْني بَيْعَةُ أَرْبَعينَ أَلْفاً يَحْلِفُونَ لي بِالطَّلاقِ وَالْعِتاقِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ - أو قال : مِنْ أَهْلِ الْعِراقِ - . فقال له عبد الله بن الزبير : أتخرج إلى قوم قتلوا أبا ك وأخرجوا أخاك ؟ ! ([1])
*- الطبري : قال أبو مخنف : قال أبو جناب يحيى بن أبي حيّه : عن عدي بن حرملة الأسدي ، عن عبد الله بن سليم الأسدي والمذري بن المشمعل الأسديين قالا : خرجنا حاجّين من الكوفة حتّى قدمنا مكّة فدخلنا يوم التروية ، فإذا نحن بالحسين ( عليه السلام ) وعبد الله بن الزبير قائمين عند ارتفاع الضحى فيما بين الحجر والباب ، فتقرّبنا منهما فسمعنا ابن الزبير وهو يقول للحسين ( عليه السلام ) : إن شئت أن تقيم أقمت فولّيت هذا الأمر فآزرناك وساعدناك ونصحنا لك وبايعناك . فقال له الحسين ( عليه السلام ) : إنَّ أبي حَدَّثَني : أَنَّ بِها كَبْشاً يَسْتَحِلُّ حُرْمَتَها ! فَما أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَنَا ذلِكَ الْكَبْشُ ! فقال له ابن الزبير : فأقم إن شئت وتولّيني أنا الأمر فتطاع ولا تعصى ، فقال : وَما أُريدُ هذا أَيْضاً . قالا : ثمّ إنّهما أخفيا كلامهما دوننا فما زالا يتناجيان حتّى سمعنا دعاء الناس رائحين متوجهين إلى منى عند الظهر ، قالا : فطاف الحسين ( عليه السلام ) بالبيت وبين الصفا والمروة ، وقصّ من شعره وحلّ من عمرته ثمّ توجّه نحو الكوفة وتوجّهنا نحو الناس إلى منى . ([2])
*- وعنه : روى أبو مخنف ، عن أبي سعيد العقيصى ، عن بعض أصحابه ، قال : سمعت الحسين بن عليّ وهو بمكّة ، وهو واقف مع عبد الله بن الزبير . فقال له ابن الزبير : إليّ يا ابن فاطمة ! فأصغى إليه فسارّه ، ثمّ التفت إلينا الحسين ( عليه السلام ) فقال : أَتَدْرُونَ ما يَقُولُ ابْنُ الزُّبَيْرِ ؟ فقلنا : لا ندري ؛ جعلنا الله فداك ! فقال : قال : أَقِمْ في هذَا الْمَسْجِدِ أَجْمَعْ لَكَ النّاسَ . ثمّ قال الحسين ( عليه السلام ) : وَاللهِ ! لاَن أُقْتَلَ خارِجاً مِنها بِشِبْر أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُقْتَلَ داخِلاً مِنْها بِشِبْر ! وَأَيْمُ اللهِ ! لَوْ كُنْتُ في جُحْرِ هامَّة مِنْ هذِهِ الْهَوامِّ لاَسْتَخْرَجُوني حَتّى يَقْضُوا فِيَّ حاجَتَهُمْ ، وَاللهِ ! لَيَعْتَدُنَّ عَلَيَّ كَمَا اعْتَدَتِ الْيَهُودُ في السَّبْتِ . ([3])
*- ابن قولويه : حدّثني أبي ؛ وعليّ بن الحسين جميعاً ، عن سعد ، عن محمّد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن داود بن فرقد ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قال عبد الله بن الزبير للحسين ( عليه السلام ) : ولو جئت إلى مكّة فكنت بالحرم . فقال الحسين ( عليه السلام ) : لا نَسْتَحِلُّها وَلا تُسْتَحَلُّ بِنا ، وَلاَِنْ أُقْتَلْ عَلى تَلِّ أَعْفَرَ ([4]) أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُقْتَلَ بِها . ([5])
وفي رواية أُخرى ، أنّ الحسين ( عليه السلام ) خرج من مكّة قبل التروية بيوم ، فشيّعه عبد الله بن الزبير فقال : يا أبا عبد الله ! لقد حضر الحجّ وتدعه وتأتي العراق قال : يَا ابْنَ الزّبير ! لاَِنْ أُدْفَنَ بِشاطِىءِ الْفُراتِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُدْفَنَ بِفِناءِ الْكَعْبَةِ . ([6])
*- السيّد ابن طاووس : وجاء عبد الله بن العبّاس رضوان الله عليه ، وعبد الله بن الزبير ، فأشارا عليه بالإمساك ، فقال لهما : إِنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) قَدْ أَمَرَني بِأَمْر وَأَنَا ماض فيهِ . قال : فخرج ابن العبّاس وهو يقول : وا حسيناه ! ثمّ جاء عبد الله بن عمر ، فأشار عليه بصلح أهل الضلال وحذّره من القتل والقتال ، فقال ( عليه السلام ) : يا أَبا عَبْدِ الرَّحْمانِ ! أَما عَلِمْتَ أَنَّ مِنْ هَوانِّ الدُّنْيا عَلَى اللهِ تَعالى أَنَّ رَأْسَ يَحْيىَ بْنَ زَكَرِيّا أُهْدِيَ إِلى بَغِيَّة مِنْ بَغايا بَني إِسْرائيلَ ! ؟ أَما تَعْلَمُ أَنَّ بَني إِسْرائيلَ كانُوا يَقْتُلُونَ ما بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلى طُلُوعِ الشَّمْسِ سَبْعينَ نَبيّاً ، ثُمَّ يَجْلِسُونَ في أَسْواقِهِمْ يَبيعُونَ وَيَشْتَروُنَ كَأَنْ لَمْ يَصْنَعُوا شَيْئاً ! ؟ فَلَمْ يُعَجِّلِ اللهُ عَلَيْهِمْ بَلْ أَمْهَلَهُمْ وَأَخَذَهُمْ بَعْدَ ذلِكَ أَخْذَ عَزيز ذِي انْتِقام ! ! اِتَّقِ الله يا أَبا عَبْدِ الرَّحْمانِ ! وَلا تَدَعْ نُصْرَتي . ([7])
*- ابن قولويه : حدّثني أبي ؛ ، وعليّ بن الحسين جميعاً ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن أبي الصهبان ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن فضيل الرسّان ، عن أبي سعيد عقيصا ، قال : سمعت الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) وخلا به عبد الله بن الزبير فناجاه طويلاً ، قال : ثمّ أقبل الحسين ( عليه السلام ) بوجهه إليهم ، وقال : إِنَّ هذا يَقُولُ لي : كُنْ حَماماً مِنْ حَمامِ الْحَرَمِ ، وَلاِنْ أُقْتَلْ وَبَيْني وَبَيْنَ الْحَرَمِ باعٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُقْتَلَ وَبَيْني وَبَيْنَهُ شِبْرٌ ، وَلاَِنْ أُقْتَلْ بِالطَّفِّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُقْتَلَ بِالْحَرَمِ . ([8])
([1])تاريخ ابن عساكر ( ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ) : 194 ح 249 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 20 : 117 وفيه قال : وبعض الناس يزعم أنّ عبد الله بن عباس هو الذي قال للحسين ذلك
([2])تأريخ الطبري 3 : 295 ، وقعة الطف 152 روى صدر الحديث كما رواه الطبري ، ثمّ خلط ذيله بالرواية الآتية وجعلهما رواية واحدة .
([3])تأريخ الطبري 3 : 295 ، الكامل في التأريخ 2 : 546 ، تاريخ ابن عساكر ( ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ) : 212 في هامشه ، وقعة الطفّ : 152 .