رمى حُسَيناً بخطوبٍ عَلَت للشيخ احمد الاحسائي
قال:
هذا زمانٌ لا يرى راحةً |
|
إلاّ ويرمي أهلها بالعنا |
يرمي الورى كلاًّ على قدرهِ |
|
فمن علا قدراً تناهى بَلا |
فخالَ آل المصطفى صَفوةً |
|
فخصّهم من البَلا ما حوى |
رمى حُسَيناً بخطوبٍ عَلَت |
|
بهِ وجلّت كعلوِّ العُلا |
إذْ سارَ للقتلِ بقومٍ بهمْ |
|
يمحو لما شاءَ نَعمْ لمْ يشا |
وقال سيروا للمنايا وهُو |
|
في البِدء أخفى وهو سرّ البدا |
يسعى بهمْ سعيَ القضا في الأُولى |
|
حياتْهم في موتهم بالرِّضا |
حلَّ الحقيقاتِ بهمْ ظاهراً |
|
وباطناً حتى أتى كربلا |
فجالت الأعدا عليهمْ بها |
|
من كلّ وجهٍ فسدّوا الفضا |
فجادلوهم دونهُ فتيةٌ |
|
شوسٌ بهاليلُ أسودُ الشّرى |
يدّرعون أنفساً ذانها |
|
في العلم جودٌ والمعالي تُقى |
غلتْ فباعوها على ربّهمْ |
|
بيعةَ رضوانٍ له فاشترى |
نقداً فمن ذا لم يذوقوا بها |
|
حرَّ الضّبا ولم يخافوا العدى |
لهم تجلّى في الوغى ربُّهم |
|
في ابن النبي طالباً ما ارتضى |
والبيضُ والسّمرُ لهم مَعْرجٌ |
|
للهِ كمْ تسابقوا المرتقى |
والسّبط في القصدِ لهم غايةٌ |
|
اليهِ والله لهُم مُنتهى |
خوفاً عليه يصطلونَ الوغى |
|
وهم بذاك الثلّجونَ الرّوا |
رأوا عذاب الحرب في حبّهِ |
|
عذباً وبرداً يجدون الصِّلا |
حتى قضوا وما عليهم قضوا |
|
أكبادُهم ناشفةٌ بالظما |
للملأِ الأعلى عليهم بكا |
|
تندبهم بين الثّرى بالرثا |
فمذْ رآهم سيدي صُرّعوا |
|
فوقَ الثّرى ونورُهم في السَّما |
أنشا لقد فازَ الأولى همّهمْ |
|
نصرُ ابنِ بنتِ المصطفى والولا |
ثم بكى شوقاً إلى وردِهم |
|
في كلّ صابٍ سلسبيلاً مَلا |
الله أنصاري بقلبي لقد |
|
سارَ اليكم قبل سيري ألا |
فديتموني وأنا إنّما |
|
جئتُ لكي أفديكمُ من لَظى |
بمهجتي اشتريتكم فادياً |
|
كيف سبقتكمْ بالشِّرى والفِدا |
واستوحشَ الدنيا ونادى ايا |
|
أحبتي دونَ الورى ما جرى |
لئن رحلتمْ فأنا لاحقٌ |
|
بكم قريباً فابشروا باللّقا |
فجالتِ الاعدا على سيدي |
|
وهو ينادي ياليوثَ الوغى |
أينَ زهيرٌ وحبيبٌ ومَن |
|
صيّر نفسَه لنفسي وِقا |
مالي أناديكمْ على قربكم |
|
منّي أما فيكم مجيبُ الندا |
كيفَ مضيتم وأنا مُفْردٌ |
|
بين العِدى ولم أجِد ملتجى |
وصالَ فيهم صولةً كالقضا |
|
ليسَ له ردٌّ بما قد مضى |
يديرُ للمنونِ فيهم رحىً |
|
دوائرَ السّوءِ وسوءَ القضا |
لكنهُ يقضي على أبترٍ |
|
ولو تَزيلوا لعمَّ الفَنا |
ولم يزلْ مختلساً أنفساً |
|
من كلِّ نغلٍ ولعينٍ عتى |
ثمّ رأى اسلافهُ عندهُ |
|
عجّلْ الينا مُسرعاً بالوفا |
فلم يَر الدّنيا ولا أهلها |
|
فخرَّ من سهمٍ لَعينٍ رمى |
فوقَ الثرى مختضباً شيبهُ |
|
من دمهِ مُنجدلاً بالعَرا |
ذا مهجةٍ لاهبةٍ بالظما |
|
وجثةٍ شاخبةٍ بالدما |
فطبّق الدّنيا مصابٌ حوى |
|
لما سيأتي ابداً أو أتى |
ما في الوجود معجبٌ لم يكنْ |
|
إلاّ عرتهُ حيرةٌ فاستوى |
كلُّ انكسارٍ وخضوعٍ بهِ |
|
وكلّ صوتٍ فهو نوحُ الهدى |
وكلّ رَطبٍ ينتهي ذابلاً |
|
وذي قوامٍ يعتريهِ التِوى |
أما ترى الآفاق مغبرةً |
|
والشمسَ حمرا بكرةً أو مَسا |
أما ترى النّخلةَ في قبّةٍ |
|
ذاتِ انفطارٍ وانفراجٍ نشا |
ماسعفةٌ فيها انتهتْ اخبرتْ |
|
إلاّ لها حزنُ إمامي شوى |
أما ترى الأثلَ وأهدابهُ |
|
عند الرياح ذا حنينٍ علا |
أما سمعت الرّعدَ يبكي لهُ |
|
والبرقَ والسّحبَ بقطرٍ همى |
أما ترى النّحلَ له رنّةٌ |
|
في طيرانهِ شديدُ البكا |
وكلّ بقْعةٍ بها قبرُهُ |
|
فكربلا كلّ مكانٍ ترى |
وكلّ يومٍ يومهُ دائماً |
|
فغصّ شرب الماءِ على من وعى |
والسيفُ يفري نحرهُ باكياً |
|
والرّمحُ ينعى قائِماً وانثنى |
تبكيهِ جردٌ جارياتٌ على |
|
جثمانهِ وإن تدقّ القَرا |
والله ما رأيتُ شيئاً بدا |
|
في الكونِ إلاّ ببكاءٍ تلا |
واحرقتي والناسُ في نعمةٍ |
|
عيونُهم جامدةٌ في هَنا |
وآلُ احمدَ البكا دأبهمْ |
|
مسّهمُ الضّرّ ونالَ الأذى |
قلوبهمْ تخفقُ من خوفِهم |
|
والذّلُ مفروشٌ عليهم غِطا |
رجالهم جزرُ سباعٍ الفلا |
|
نساؤهم تُقتادُ قودَ الإما |
أموالهم نهْب الأعادي كذا |
|
خيامهم تُشعل فيها ذُكا |
بناتهمْ مسلوبةٌ سِترُها |
|
لا راحمٌ ولا محامٍ حمى |
والمسلمونَ حضّر ما بِهمْ |
|
عن منكرٍ رآه شخصٌ نهى |
يا سيّدَ الرّسلِ ترى ضعنهمْ |
|
إنْ فرّقوا آلكَ أيديْ سَبا |
أجراً لما صنعتهُ فيهمُ |
|
من الجميلِ أمْ جزاءُ الهُدى |
هُمُ وحقِّ سبطِكَ المُبتلى |
|
أهلُ الشّنانِ والقِلا والنّوى |
يا آلَ بيتِ احمدٍ حزنُكم |
|
شوى فؤادي وعظامي برى |