وصيته عليه السلام لهشام في العقل
* - أبو عبد الله الأشعري ، عن بعض أصحابنا ، رفعه عن هشام بن الحكم قال : قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : يا هشامإن الله تبارك وتعالى ([1]) بشر أهل العقل والفهم في كتابه فقال: فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم اولو الالباب يا هشام بن الحكم إن الله عزوجل أكمل للناس الحجج بالعقول وأفضى إليهم بالبيان ودلهم على ربوبيته بالادلاء، فقال: وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم إن في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار - إلى قوله - لآيات لقوم يعقلون
يا هشام قد جعل الله عزوجل ذلك دليلا على معرفته بأن لهم مدبرا، فقال: وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون. وقال: حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وقال: ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي بعد الارض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون
يا هشام ثم وعظ أهل العقل ورغبهم في الآخرة فقال: وما الحيوة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون. وقال: وما اوتيتم من شئ فمتاع الحيوة الدنيا وزينتها وما عند الله خيرا وأبقى أفلا
يا هشام ثم خوف الذين لا يعقلون عذابه فقال عزوجل: ثم دمرنا الآخرين وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون
يا هشام ثم بين أن العقل مع العلم فقال: وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون
يا هشام ثم ذم الذين لا يعقلون فقال: وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون وقال: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. وقال: ولئن سألتهم من خلق السموات والارض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون ثم ذم الكثرة فقال: وإن تطع أكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله. وقال: ولكن أكثرهم لا.وأكثرهم لا يشعرون
يا هشام ثم مدح القلة فقال: وقليل من عبادي الشكور. وقال: وقليل ما هم وقال: وما آمن معه إلا قليل
يا هشام ثم ذكر أولي الالباب بأحسن الذكر وحلاهم بأحسن الحلية، فقال: يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الالباب
يا هشام إن الله يقول: إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب. يعني العقل. وقال: ولقد آتينا لقمان الحكمة قال: الفهم والعقل.
يا هشام إن لقمان قال لابنه: تواضع للحق تكن أعقل الناس. يا بني إن الدنيا بحر عميق قد غرق فيه عالم كثير فلتكن سفينتك فيها تقوى الله وحشوها الايمان وشراعها التوكل وقيمها العقل. ودليلها العلم وسكانها الصبر .
يا هشام لكل شئ دليل. ودليل العاقل التفكر ودليل التفكر الصمت. ولكل شئ مطية ومطية العقل التواضع ([2]). وكفى بك جهلا أن تركب ما نهيت عنه.
يا هشام لو كان في يدك جوزة وقال الناس [ في يدك ] لؤلؤة ما كان ينفعك وأنت تعلم أنها جوزة. ولو كان في يدك لؤلؤة وقال الناس: إنها جوزة ما ضرك وأنت تعلم أنها لؤلؤة.
يا هشام ما بعث الله أنبياءه ورسله إلى عباده إلا ليعقلوا عن الله، فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة لله. وأعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلا. وأعقلهم ([3])أرفعهم درجة في الدنيا والآخرة.
يا هشام ما من عبد إلا وملك آخذ بناصيته، فلا يتواضع إلا رفعه الله ولا يتعاظم إلا وضعه الله. يا هشام إن لله على الناس حجتين حجة ظاهرة وحجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل والانبياء والائمة. وأما الباطنة فالعقول.
يا هشام إن العاقل، الذي لا يشغل الحلال شكره ولا يغلب الحرام صبره.
يا هشام من سلط ثلاثا على ثلاث فكأنما أعان هواه عل هدم عقله. من أظلم نور فكره بطول أمله. ومحا طرائف حكمته بفضول كلامه. وأطفأ نور عبرته بشهوات نفسه، فكأنما أعان هواه على هدم عقله. ومن هدم عقله أفسد عليه دينه ودنياه.
يا هشام كيف يزكو عند الله عملك وأنت قد شغلت عقلك عن أمر ربك وأطعت هواك على غلبة عقلك.
يا هشام الصبر على الوحدة علامة قوة العقل، فمن عقل عن الله تبارك وتعالى اعتزل أهل الدنيا والراغبين فيها، ورغب فيما عند ربه [ وكان الله ] آنسه في الوحشة وصاحبه في الوحدة. وغناه في العيلة ومعزه في غير عشيرة ([4]).
يا هشام نصب الخلق لطاعة الله ([5]). ولا نجاة إلا بالطاعة. والطاعة بالعلم. والعلم بالتعلم. والتعلم بالعقل يعتقد ([6]). ولا علم إلا من عالم رباني. ومعرفة العالم بالعقل.
يا هشام قليل العمل من العاقل مقبول مضاعف. وكثير العمل من أهل الهوى والجهل مردود.
يا هشام إن العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة. ولم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا، فلذلك ربحت تجارتهم.
يا هشام إن كان يغنيك ما يكفيك فأدنى ما في الدنيا يكفيك. وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس شئ من الدنيا يغنيك.
يا هشام إن العقلاء تركوا فضول الدنيا فكيف الذنوب. وترك الدنيا من الفضل وترك الذنوب من الفرض ([7]).
يا هشام إن العقلاء زهدوا في الدنيا ورغبوا في الآخرة. لانهم علموا أن الدنيا طالبة ومطلوبة والآخرة طالبة ومطلوبة ([8])، فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى يستوفي منها رزقه. ومن طلب الدنيا طلبته الآخره فيأتيه الموت فيفسد عليه دنياه وآخرته.
يا هشام من أراد الغنى بلا مال وراحة القلب من الحسد والسلامة في الدين فليتضرع إلى الله في مسألته بأن يكمل عقله، فمن عقل قنع بما يكفيه ومن قنع بما يكفيه استغنى ومن لم يقنع بما يكفيه لم يدرك الغنى أبدا.
يا هشام إن الله عزوجل حكى عن قوم صالحين أنهم قالوا: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ([9]) حين علموا أن القلوب تزيغ وتعود إلى عماها ورداها ([10]). إنه لم يخف الله من لم يعقل عن الله ومن لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة يبصرها ويجد حقيقتها في قلبه. ولا يكون أحد كذلك إلا من كان قوله لفعله مصدقا، وسره لعلانيته موافقا، لان الله لم يدل على الباطن الخفي من العقل إلا بظاهر منه وناطق عنه.
يا هشام كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: ما من شئ عبدالله به ([11]) أفضل من العقل. وما تم عقل امرء حتى يكون فيه خصال شتى، الكفر والشر منه مأمونان ([12]). والرشد والخير منه مأمولان ([13]). وفضل ماله مبذول. وفضل قوله مكفوف. نصيبه من الدنيا القوت. ولا يشبع من العلم دهره. الذل أحب إليه مع الله من العز مع غيره. والتواضع أحب إليه من الشرف. يستكثر قليل المعروف من غيره ويستقل كثير المعروف من نفسه ويرى الناس كلهم خيرا منه وأنه شرهم في نفسه وهو تمام الامر ([14]).
يا هشام من صدق لسانه زكى عمله. ومن حسنت نيته زيد في رزقه. ومن حسن بره بإخوانه وأهله مد في عمره.
يا هشام لا تمنحوا الجهال الحكمة فتظلموها ([15])، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم.
يا هشام كما تركوا لكم الحكمة فاتركوا لهم الدنيا ([16]).
يا هشام لا دين لمن لا مروة له. ولا مروة لمن لا عقل له. وإن أعظم الناس قدرا الذي لا يرى الدنيا لنفسه خطرا ([17])، أما إن أبدانكم ليس له ثمن إلا الجنة، فلا تبيعوها بغيرها ([18]).
يا هشام إن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول ([19]): لا يجلس في صدر المجلس إلا رجل فيه ثلاث خصال: يجيب إذا سئل وينطق إذا عجز القوم عن الكلام، ويشير بالرأي الذي فيه صلاح أهله، فمن لم يكن فيه شئ منهن فجلس فهو أحمق .
وقال الحسن بن علي عليهما السلام: إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها قيل: يا ابن رسول الله ومن أهلها؟ قال: الذين قص الله في كتابه وذكرهم، فقال: إنما يتذكر أولوا الالباب (
[20]) قال: هم أولوا العقول
وقال علي بن الحسين عليهما السلام: مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح. وأدب العلماء ([21]) زيادة في العقل. وطاعة ولاة العدل تمام العز. واستثمار المال ([22]) تمام المروة. وإرشاد المستشير قضاء لحق النعمة. وكف الاذى من كمال العقل وفيه راحة البدن عاجلا وآجلا .
يا هشام، إن العاقل لا يحدث من يخاف تكذيبه. ولا يسأل من يخاف منعه. ولا يعد ما لا يقدر عليه. ولا يرجو ما يعنف برجائه ([23]). ولا يتقدم على ما يخاف العجز عنه ([24]). وكان أمير المؤمنين عليه السلام يوصي أصحابه يقول: أوصيكم بالخشية من الله في السر والعلانية، والعدل في الرضا والغضب. والاكتساب في الفقر والغنى. وأن تصلوا من قطعكم. وتعفوا عمن ظلمكم. وتعطفوا ([25])على من حرمكم. وليكن نظركم عبرا. وصمتكم فكرا. وقولكم ذكرا وطبيعتكم السخاء ([26])، فإنه لا يدخل الجنة بخيل ولا يدخل النار سخي .
يا هشام رحم الله من استحيا من الله حق الحياء، فحفظ الرأس وما حوى ([27]). والبطن وما وعى. وذكر الموت والبلى. وعلم أن الجنة محفوفة بالمكاره ([28]). والنار محفوفة بالشهوات.
يا هشام من كف نفسه عن أعراض الناس أقاله الله عثرته يوم القيامة. ومن كف غضبه عن الناس كف الله عنه غضبه يوم القيامة.
يا هشام إن العاقل لا يكذب وإن كان فيه هواه.
يا هشام وجد في ذؤابة ([29]) سيف رسول الله صلى الله عليه واله: إن أعتى الناس على الله من ضرب غير ضاربه وقتل غير قاتله. ومن تولى غير مواليه فهو كافر بما أنزل الله على نبيه محمد صلى الله عليه واله. ومن أحدث حدثا ([30])، أو آوى محدثا لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا.
يا هشام أفضل ما يقترب به العبد إلى الله بعد المعرفة به الصلاة وبر الوالدين وترك الحسد والعجب والفخر.
يا هشام أصلح أيامك الذي هو أمامك، فانظر أي يوم هو وأعد له الجواب، فإنك موقوف ومسؤول. وخذ موعظتك من الدهر وأهله، فإن الدهر طويلة قصيرة فاعمل كأنك ترى ثواب عملك لتكون أطمع في ذلك. واعقل عن الله وانظر ([31]) في تصرف الدهر وأحواله، فإن ما هو آت من الدنيا، كما ولى منها، فاعتبر بها. وقال علي ابن الحسين عليهما السلام: إن جميع ما طلعت عليه الشمس في مشارق الارض ومغاربها بحرها وبرها وسهلها وجبلها عند ولي من أولياء الله وأهل المعرفة بحق الله كفيئ الظلال - ثم قال عليه السلام -: أو لا حر يدع [ هذه ] اللماظة لاهلها ([32]) - يعني الدنيا - فليس لانفسكم ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها بغيرها، فإنه من رضي من الله بالدنيا فقد رضي بالخسيس .
يا هشام إن كل الناس يبصر النجوم ولكن لا يهتدي بها إلا من يعرف مجاريها ومنازلها. وكذلك أنتم تدرسون الحكمة ولكن لا يهتدي بها منكم إلا من عمل بها.
يا هشام إن المسيح عليه السلام قال للحواريين:
يا عبيد السوء يهو لكم طول النخلة ([33]) وتذكرون شوكها ومؤونة مراقيها وتنسون طيب ثمرها ومرافقها ([34]). كذلك تذكرون مؤونة عمل الآخرة فيطول عليكم أمده ([35]) وتنسون ما تفضون إليه من نعيمها ونورها وثمرها.
يا عبيد السوء نقوا القمح وطيبوه وأدقوا طحنه تجدوا طعمه ويهنئكم أكله، كذلك فأخلصوا الايمان وأكملوه تجدوا حلاوته وينفعكم غبه ([36])،
بحق أقول لكم: لو وجدتم سراجا يتوقد بالقطران ([37]) في ليلة مظلمة لاستضأتم به ولم يمنعكم منه ريح نتنه. كذلك ينبغي لكم أن تأخذوا الحكمة ممن وجدتموها معه ولا يمنعكم منه سوء رغبته فيها.
يا عبيد الدنيا بحق أقول لكم: لا تدركون شرف الآخرة إلا بترك ما تحبون، فلا تنظروا بالتوبة غدا، فإن دون غد يوما وليلة وقضاء الله فيهما ([38]) يغدوا ويروح بحق أقول لكم: إن من ليس عليه دين من الناس أروح وأقل هما ممن عليه الدين وإن أحسن القضاء وكذلك من لم يعمل الخطيئة أروح هما ممن عمل الخطيئة وإن أخلص التوبة وأناب. وإن صغار الذنوب ومحقراتها ([39]) من مكائد إبليس، يحقرها لكم ويصغرها في أعينكم فتجتمع وتكثر فتحيط بكم. بحق أقول لكم: إن الناس في الحكمة رجلان: فرجل أتقنها بقوله وصدقها بفعله. ورجل أتقنها بقوله وضيعها بسوء فعله، فشتان بينهما، فطوبى للعلماء بالفعل وويل للعلماء بالقول. يا عبيد السوء اتخذوا مساجد ربكم سجونا لاجسادكم وجباهكم. واجعلوا قلوبكم بيوتا للتقوى. ولا تجعلوا قلوبكم مأوى للشهوات، إن أجزعكم عند البلاء لاشدكم حبا للدنيا. وإن أصبركم على البلاء لازهدكم في الدنيا.
يا عبيد السوء لا تكونوا شبيها بالحداء الخاطفة ([40]) ولا بالثعالب الخادعة ولا بالذئاب الغادرة ولا بالاسد العاتية كما تفعل بالفرائس ([41]). كذلك تفعلون بالناس، فريقا تخطفون وفريقا تخدعون وفريقا تغدرون بهم ([42]).
بحق أقول لكم: لا يغني عن الجسد أن يكون ظاهره صحيحا وباطنه فاسدا. كذلك لا تغني أجسادكم التي قد أعجبتكم وقد فسدت قلوبكم. وما يغني عنكم أن تنقوا جلودكم وقلوبكم دنسة. لا تكونوا كالمنخل ([43]) يخرج منه الدقيق الطيب ويمسك النخالة. كذلك أنتم تخرجون الحكمة من أفواهكم ويبقى الغل في صدوركم. يا عبيد الدنيا إنما مثلكم مثل السراج يضيئ للناس ويحرق نفسه. يا بني إسرائيل زاحموا العلماء في مجالسهم ولو جثوا على الركب ([44])، فإن الله يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي الارض الميتة بوابل المطر ([45]) .
يا هشام مكتوب في الانجيل طوبى للمتراحمين، أولئك المرحومون يوم القيامة طوبى للمصلحين بين الناس، أولئك هم المقربون يوم القيامة. طوبى للمطهرة قلوبهم، أولئك هم المتقون يوم القيامة. طوبى للمتواضعين في الدنيا، أولئك يرتقون منابر الملك يوم القيامة .
يا هشام قلة المنطق حكم عظيم، فعليكم بالصمت، فإنه دعة حسنة وقلة وزر وخفة من الذنوب.فحصنوا باب الحلم، فإن بابه الصبر. وإن الله عزوجل يبغض الضحاك من غير عجب والمشاء إلى غير أرب ([46]). ويجب على الوالي أن يكون كالراعي لا يغفل عن رعيته ولا يتكبر عليهم. فاستحيوا من الله في سرائركم، كما تستحيون من الناس في علانيتكم. واعلموا أن الكلمة من الحكمة ضالة المؤمن، فعليكم بالعلم قبل أن يرفع ورفعه غيبة عالمكم بين أظهركم.
يا هشام تعلم من العلم ما جهلت. وعلم الجاهل مما علمت. عظم العالم لعلمه، ودع منازعته. وصغر الجاهل لجهله ولا تطرده ولكن قربه وعلمه.
يا هشام إن كل نعمة عجزت عن شكرها بمنزلة سيئة تؤاخذ بها.
وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: إن لله عبادا كسرت قلوبهم خشيته فأسكتتهم عن المنطق ([47]). وإنهم لفصحاء عقلاء، يستبقون إلى الله بالاعمال الزكية، لا يستكثرون له الكثير ولا يرضون لهم من أنفسهم بالقليل. يرون في أنفسهم أنهم أشرار وأنهم لاكياس وأبرار ([48]) .
يا هشام الحياء من الايمان والايمان في الجنة والبذاء من الجفاء ([49]) والجفاء في النار. يا هشام المتكلمون ثلاثة: فرابح وسالم وشاجب ([50])، فأما الرابح فالذاكر لله. وأما السالم فالساكت. وأما الشاجب فالذي يخوض في الباطل، إن الله حرم الجنة على كل فاحش بذي قليل الحياء لا يبالي ما قال ولا ما قيل فيه.
وكان أبوذر- رضي الله عنه - يقول: يا مبتغي العلم إن هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شر، فاختم على فيك كما تختم على ذهبك وورقك .
يا هشام بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين، يطري أخاه إذا شاهده ([51]) ويأكله إذا غاب عنه، إن أعطي حسده وإن ابتلي خذله. إن أسرع الخير ثوابا البر، وأسرع الشر عقوبة البغي. وإن شر عباد الله من تكره مجالسته لفحشه. وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم. ومن حسن إسلام المرء ترك ما لا يعنيه.
يا هشام لا يكون الرجل مؤمنا حتى يكون خائفا راجيا. ولا يكون خائفا راجيا حتى يكون عاملا لما يخاف ويرجو.
يا هشام قال الله عزوجل: وعزتي وجلالي وعظمتي وقدرتي وبهائي وعلوي في مكاني لا يؤثر عبد هواي على هواه إلا جعلت الغنى في نفسه. وهمه في آخرته. وكففت عليه [ في ] ضيعته ([52]). وضمنت السماوات والارض رزقه وكنت له من وراء تجارة كل تاجر.
يا هشام الغضب مفتاح الشر. وأكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا. وإن خالطت الناس فإن استطعت أن لا تخالط أحدا منهم إلا من كانت يدك عليه العليا ([53]) فافعل.
يا هشام عليك بالرفق، فإن الرفق يمن والخرق شوم، إن الرفق والبر وحسن الخلق يعمر الديار ويزيد في الرزق.
يا هشام قول الله: هل جزاء الاحسان إلا الاحسان ([54]) جرت في المؤمن والكافر والبر والفاجر. من صنع إليه معروف فعليه أن يكافئ به. وليست المكافأة أن تصنع كما صنع حتى ترى فضلك. فإن صنعت كما صنع فله الفضل بالابتداء ([55]).
يا هشام إن مثل الدنيا مثل الحية مسها لين وفي جوفها السم القاتل، يحذرها الرجال ذووا العقول ويهوي إليها الصبيان بأيديهم.
يا هشام اصبر على طاعة الله واصبر عن معاصي الله، فإنما الدنيا ساعة، فما مضى منها فليس تجد له سرورا ولا حزنا. وما لم يأت منها فليس تعرفه، فاصبر على تلك الساعة التي أنت فيها فكأنك قد اغتبطت ([56]).
يا هشام مثل الدنيا مثل ماء البحر كلما شرب منه العطشان ازداد عطشا حتى يقتله.
يا هشام إياك والكبر، فإنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر. الكبر رداء الله، فمن نازعه رداءه أكبه الله في النار على وجهه.
يا هشام ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم، فإن عمل حسنا استزاد منه. وإن عمل سيئا استغفر الله منه وتاب إليه.
يا هشام تمثلت الدنيا للمسيح عليه السلام في صورة امرأة زرقاء فقال لها: كم تزوجت؟ فقالت: كثيرا، قال: فكل طلقك؟ قالت: لا بل كلا قتلت. قال المسيح عليه السلام: فويح لازواجك الباقين، كيف لا يعتبرون بالماضين.
يا هشام إن ضوء الجسد في عينه، فإن كان البصر مضيئا استضاء الجسد كله. وإن ضوء الروح العقل، فإذا كان العبد عاقلا كان عالما بربه وإذا كان عالما بربه أبصر دينه. وإن كان جاهلا بربه لم يقم له دين. وكما لا يقوم الجسد إلا بالنفس الحية، فكذلك لا يقوم الدين إلا بالنية الصادقة، ولا تثبت النية الصادقة إلا بالعقل.
يا هشام إن الزرع ينبت في السهل ولا ينبت في الصفا ([57]). فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع ولا تعمر في قلب المتكبر الجبار، لان الله جعل التواضع آلة العقل وجعل التكبر من آلة الجهل، ألم تعلم أن من شمخ إلى السقف برأسه شجه ([58]). ومن خفض رأسه استظل تحته وأكنه. وكذلك من لم يتواضع لله خفضه الله. ومن تواضع لله رفعه.
يا هشام ما أقبح الفقر بعد الغنى. وأقبح الخطيئة بعد النسك. وأقبح من ذلك العابد لله ثم يترك عبادته.
يا هشام لا خير في العيش إلا لرجلين: لمستمع واع، وعالم ناطق.
يا هشام ما قسم بين العباد أفضل من العقل. نوم العاقل أفضل من سهر الجاهل وما بعث الله نبيا إلا عاقلا حتى يكون عقله أفضل من جميع جهد المجتهدين. وما أدى العبد فريضة من فرائض الله حتى عقل عنه ([59]).
يا هشام قال رسول الله صلى الله عليه واله: إذا رأيتم المؤمن صموتا فادنوا منه، فإنه يلقى الحكمة. والمؤمن قليل الكلام كثير العمل والمنافق كثير الكلام قليل العمل.
يا هشام أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام قل لعبادي: لا يجعلوا بيني وبينهم عالما مفتونا بالدنيا فيصدهم عن ذكري وعن طريق محبتي ومناجاتى، أولئك قطاع الطريق من عبادي، إن أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة محبتي ([60]) ومناجاتي من قلوبهم. يا هشام من تعظم في نفسه لعنته ملائكة السماء وملائكة الارض. ومن تكبر على إخوانه واستطال عليهم فقد ضاد الله ([61])ومن ادعى ما ليس له فهو [ أ ] عني لغير رشده ([62]).
يا هشام أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام يا داود حذر، وأنذر ([63]) أصحابك عن حب الشهوات، فإن المعلقة قلوبهم بشهوات الدنيا قلوبهم محجوبة عني.
يا هشام إياك والكبر على أوليائي والاستطاعة بعلمك فيمقتك الله، فلا تنفعك بعد مقته دنياك ولا آخرتك. وكن في الدنيا كساكن دار ليست له، إنما ينتظر الرحيل.
يا هشام مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة. ومشاورة العاقل الناصح يمن وبركة ورشد وتوفيق من الله، فإذا أشار ([64]) عليك العاقل الناصح فإياك والخلاف فإن في ذلك العطب) ([65]).
يا هشام إياك ومخالطة الناس والانس بهم إلا أن تجد منهم عاقلا ومأمونا فآنس به واهرب من سايرهم كهربك من السباع الضارية ([66]). وينبغي للعاقل إذا عمل عملا أن يستحيي من الله. وإذا تفرد له بالنعم أن يشارك في عمله أحدا غيره ([67]). وإذا مر بك ([68])أمران لا تدري أيهما خير وأصوب، فانظر أيهما أقرب إلى هواك فخالفه، فإن كثير الصواب في مخالفة هواك. وإياك أن تغلب الحكمة وتضعها في أهل الجهالة ([69])
قال هشام: فقلت له: فإن وجدت رجلا طالبا له غير أن عقله لا يتسع لضبط ما القي إليه؟ قال عليه السلام: فتلطف له في النصيحة، فإن ضاق قلبه [ ف ] - لا تعرضن نفسك للفتنة. واحذر رد المتكبرين، فإن العلم يدل على أن يملى على من لا يفيق ([70]). قلت: فإن لم أجد
من يعقل السؤال عنها؟ قال عليه السلام: فاغتنم جهله عن السؤال حتى تسلم من فتنة القول وعظيم فتنة الرد.
واعلم أن الله لم يرفع المتواضعين بقدر تواضعهم ولكن رفعهم بقدر عظمته ومجده. ولم يؤمن الخائفين بقدر خوفهم ولكن آمنهم بقدر كرمه وجوده. ولم يفرج المحزونين ([71]) بقدر حزنهم ولكن بقدر رأفته ورحمته. فما ظنك بالرؤوف الرحيم الذي يتودد إل من يؤذيه بأوليائه، فكيف يمن يؤذى فيه. وما ظنك بالتواب الرحيم الذي يتوب على من يعاديه، فكيف بمن ([72]) ويختار عداوة الخلق فيه.
يا هشام من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قبله وما اوتي عبد علما فازداد للدنيا حبا إلا ازداد من الله بعدا وازداد الله عليه غضبا.
يا هشام إن العاقل اللبيب من ترك ما لا طاقة له به. وأكثر الصواب في خلاف الهوى. ومن طال أمله ساء عمله.
يا هشام لو رأيت مسير الاجل لالهاك عن الامل.
يا هشام إياك والطمع. وعليك باليأس مما في أيدي الناس. وأمت الطمع من المخلوقين، فإن الطمع مفتاح للذل، ([73]) واختلاس العقل، واختلاق المروات ([74])، وتدنيس العرض، والذهاب بالعلم، وعليك بالاعتصام بربك والتوكل عليه. وجاهد نفسك لتردها عن هواها، فإنه وجب عليك كجهاد عدوك.
قال هشام: فقلت له فأي الاعداء أوجبهم مجاهدة؟ قال عليه السلام: أقربهم إليك وأعداهم لك وأضرهم بك و أعظمهم لك عداوة وأخفاهم لك شخصا مع دنوه منك، ومن يحرض ([75]) أعداءك عليك وهو ([76]) إبليس الموكل بوسواس [ من ] القلوب فله فلتشتد ([77]). ولا يكونن أصبر على مجاهدته لهلكتك منك على صبرك لمجاهدته، فإنه أضعف منك ركنا في قوته ([78]) وأقل منك ضررا في كثرة شره. إذا أنت اعتصمت بالله فقد هديت إلى صراط مستقيم.
يا هشام من أكرمه الله بثلاث فقد لطف له: عقل يكفيه مؤونة هواه. وعلم يكفيه مؤونة جهله وغنى يكفيه مخافة الفقر.
يا هشام احذر هذه الدنيا واحذر أهلها، فإن الناس فيها على أربعة أصناف: رجل مترد معانق لهواه. ومتعلم مقرى ([79]) كلما ازداد علما ازداد كبرا، يستعلي ([80]) بقراءته وعلمه على من هو دونه. وعابد جاهل يستصغر من هو دونه في عبادته يحب أن يعظم ويوقر. وذي بصيرة عالم عارف بطريق الحق يحب القيام به، فهو عاجز أو مغلوب ولا يقدر على القيام بما يعرف [ ه ] فهو محزون، مغموم بذلك، فهو أمثل أهل زمانه ([81]) وأوجههم عقلا.
يا هشام اعرف العقل وجنده، والجهل وجنده تكن من المهتدين،
قال هشام: فقلت: جعلت فداك لا نعرف إلا ما عرفتنا.
فقال عليه السلام: يا هشام إن الله خلق العقل وهو أول خلق خلقه الله من الروحانيين ([82]) عن يمين العرش من نورهفقال له: أدبر، فأدبر. ثم قال له: أقبل فأقبل. فقال الله عزوجل: خلقتك خلقا [ عظيما ] وكرمتك على جميع خلقي. ثم خلق الجهل من البحر الاجاج الظلماني، فقال له: إدبر، فأدبر. ثم قال له: أقبل، فلم يقبل. فقال له: استكبرت فلعنه. ثم جعل للعقل خمسة وسبعين جندا، فلما رأى الجهل ما كرم الله به العقل وما أعطاه أضمر له العداوة فقال الجهل: يا رب هذا خلق مثلي خلقته و كرمته وقويته وأنا ضده ولا قوة لي به أعطني من الجند مثل ما أعطيته؟ فقال تبارك وتعالى، نعم، فإن عصيتني بعد ذلك أخرجتك وجندك من جواري ومن رحمتي، فقال: قد رضيت. فأعطاه الله خمسة وسبعين جندا فكان مما أعطى العقل من الخمسة و السبعين جندا: الخير وهو وزير العقل وجعل ضده الشر وهو وزير الجهل. ([83])
([5])نصب - من باب ضرب على صيغة المجهول - بمعنى وضع، أو من باب التفعيل من نصب الامير فلانا ولاه منصبا. وفي الكافى [ ونصب الحق لطاعة الله ].
([7])وزاد في الكافى [ يا هشام إن العاقل نظر إلى الدنيا وإلى أهلها فعلم انها لا تنال إلا بالمشقة ونظر إلى الاخرة فعلم انها لا تنال إلا. بالمشقة، فطلب بالمشقة أبقاهما ].
([14])أى ملاك الامر وتمامه في أن يكون الانسان كاملا تام العقل هو كونه متصفا بمجموعة هذه الخصال. (وافى).
([18])ههنا كلام نقله صاحب الوافى عن استاده - رحمهما الله - قال: وذلك لان الابدان في التناقص يوما فيوما لتوجه النفس منها إلى عالم آخر فان كانت النفس سعيدة كانت غاية سعيه في هذه الدنيا و انقطاع حياته البدنية إلى الله سبحانه وإلى نعيم الجنة لكونه على منهج الهداية والاستقامة فكأنه باع بدنه بثمن الجنة معاملة مع الله تعالى ولهذا خلقه الله عزوجل وإن كان شقية كانت غاية سعيه وانقطاع أجله وعمره إلى مقارنة الشيطان وعذاب النيران لكونه على طريق الضلالة فكأنه باع بدنه بثمن الشهوات الفانية واللذات الحيوانية التى ستصير نيرانات محرقة مؤلمة وهى اليوم كامنة مستورة عن حواس أهل الدنيا وستبرز يوم القيامة وبرزت الجحيم لمن يرى معاملة مع الشيطان و خسر هنالك المبطلون
([19])في الكافى [ إن من علامة العاقل أن يكون فيه ثلاث خصال: يجيب إذا سئل. وينطق إذا عجز القوم عن الكلام. ويشير بالرأى الذى يكون فيه صلاح أهله، فمن لم يكن فيه من هذه الخصال الثلاث شئ فهو أحمق. ان امير المؤمنين عليه السلام قال: لا يجلس في صدر المجلس إلا رجل فيه هذه الخصال الثلاث أو واحدة منهن - الخ ].
([24])في الكافى [ ولا يقدم على ما يخاف فوته بالعجز عنه ]. أى لا يبادر إلى فعل قبل أوانه خوفا من ان يفوته بالعجز عنه في وقته.
([27])وما حوى أى ما حواه الرأس من الاوهام والافكار بأن يحفظها ولا يبديها ويمكن أن يكون المراد ما حواه الرأس من العين والاذن وسائر المشاعر بأن يحفظها عما يحرم عليه. وما وعى أى ما جمعه من الطعام والشراب بأن لا يكونا من حرام. والبلى - بالكسر -: الاندراس والاضمحلال.
([28])هذا الكلام مشهور معروف بين الفريقين متواتر منقول عن النبى وأهل بيته صلوات الله عليهم. والمحفوفة: المحيطة. والمكاره: جمع مكرهة - بفتح الراء وضمها -: ما يكرهه الانسان ويشق عليه. والمراد أن الجنة محفوفة بما يكره النفس من الاقوال والافعال فتعمل بها، فمن عمل بها دخل الجنة. والنار محفوفة بلذات النفس وشهواتها، فمن اعطى نفسه لذتها وشهوتها دخل النار.
([29])الذؤابة من كل شئ: أعلاه. ومن السيف: علاقته. ومن السوط: طرفه. ومن الشعر: ناصيته. وعتا يعتو عتوا، وعتى يعتى عتيا بمعنى واحد أى استكبر وتجاوز الحد، والعتو: الطغيان والتجاوز عن الحدود والتجبر. وفي بعض النسخ [ واعنى الناس ] من عن عليه أى اعترض. وفي بعضها [ وأعق الناس ] من عقه: خالفه وعصاه.
([31])في بعض النسخ [ فانظر ]. و عقل عن الله : عرف عنه وبلغ عقله إلى حد يأخذ العلم عن الله فكأنه أخذ العلم عن كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله.
([37])القطران - بفتح القاف وسكون الطاء وكسرها أو بكسر القاف وسكون الطاء -: سيال دهنى شبيه النفط، يتخذ من بعض الاشجار كالصنوبر والارز فيهنأ به الابل الجربى ويسرع فيه اشعال النار. وقوله: نتنه أى خبث رائحته.
([40])الحداء - بالكسر -: جمع حدأة - كعنبة -: طائر من الجوارح وهو نوع من الغراب يخطف الاشياء والخاطفة من خطف الشئ يخطف كعلم يعلم -: استلبه بسرعة. والغادرة: الخائنة. والعاتى: الجبار.
([43])المنخل - بضم الميم والخاء او بفتح الخاء -: ما ينخل به. والنخالة - بالضم -: ما بقى في المنخل من القشر ونحوه.
([44])جثا يجثو. وجثى يجثى: جلس على ركبتيه او قام على أطراف الاصابع. وفي بعض النسخ [ حبوا ] أى زحفا على الركب من حبا يحبو وحبى يحبى: اذا مشى على أربع.
([46])المشاء: الكثير المشى. وأيضا النمام والمراد ههنا الاول. والادب - بفتحتين -: الحاجة. وفي بعض النسخ [ إلى غير أدب ]
([62])عنى - بصيغة المجهول أو المعلوم - بالامر كلف ما يشق عليه. وفي بعض النسخ [ أعنى لغيره ] أى يدخل غيره في العناء والتعب. هذا ويحتمل أن يكون الاصل [ فهو لغى لغير رشدة ] فصحف.
([67])أى إذا اختص العاقل بنعمة ينبغى له أن يشارك غيره في هذه النعمة بأن يعطيه منها. وفي بعض النسخ [ إذ تفرد له ].
([69])قال المجلسى - رحمه الله - كان فيه حذفا ايصالا اى تغلب على الحكمة أى يأخذها منك قهرا من لا يستحقها بأن يقرأ على صيغة المجهول أو على المعلوم أى تغلب على الحكمة فانها تأبى عمن لا يستحقها ، ويحتمل أن يكون بالفاء والتاء من الافلات بمعنى الاطلاق فانهم يقولون: انفلت منى كلام أى صدر بغير رويه. وفي بعض النسخ المنقولة من الكتاب [ واياك أن تطلب الحكمة وتضعها في الجهال ].
([70])الافاقة: الرجوع عن الكسر والاغماء الغفلة إلى حال الاستقامة. وفي بعض النسخ [ فان العلم يذل على أن يحمل على من لا يفيق ] وفي بعضها [ يجلى ].
([74])الاختلاق: الافتراء. وفي بعض النسخ [ واخلاق ] والظاهر انه جمع خلق - بالتحريك - أى البالى. والعرض: النفس والخليقة المحمودة - وأيضا: ما يفتخر الانسان من حسب وشرف.
([78])الركن: العز والمنعة. وأيضا: ما يقوى به. والامر العظيم. صبره في المجاهدة أقوى منك. فانك إذا كنت على الاستقامة في مخالفته يكون مع قوته أضعف منك ركنا وضررا.