العتبة العلوية المقدسة - بولس سلامة -
» » سيرة الإمام » استشهاد الامام علي عليه السلام » رثاء الامام عليه السلام » بولس سلامة

بولس سلامة

ايه عبد الرحمن نذل مراد
أنت عبد الشيطان خَلقاً وخلقاً

 

يا عدو السماء في بغضائه
والزنيم الدنيء في ادنيائه

لطخة العار يا ابن ملجم يا من

 

هب نتن الاقذار من اسمائه

كنية لو وعى الزمان محاها

 

من حروف الهجاء قبل ابتدائه

لعنته السماء والارض طَراً

 

لعنة ترتقي الى آبائه

تحرق النبت في ربوع مراد

 

ويجف النخيل قبل استوائه

ييبس الضرع طالماً لا يلاقي

 

في الينابيع قطرة لارتوائه

يحبس الغيث قطره ويولي

 

ويذوب الغمام قبل امتلائه

لا يداني مستنقع الرجس طل

 

ويظل الجحيم بعض لظائه

ينشد الظاميء المرادي ماءً

 

فيرى الدم آسناً في سقائه

لفه الصبح بالظلام وغارت

 

ساطعات النجوم في امسائه

كلما مد للكواكب عيناً

 

مدها الميل في هوى ظلمائه

ليت يوماً قد جاء بابن مراد

 

كفنته العصور في دهمائه

وتوارى في مبهمات الهيولي
ولد الغدر يوم جاء شقياً

 

وتلاشى التنين في دأمائه

ولد الغدر يوم جاء شقياً




 

وتهادى ابليس في نافقائه ([1])

زفها في غياهب النار بشرى

 

واصطفاه الرجيم في حلفائه

فحباه الحسام يقطر سماً

 

وطلاه بمرشف من دهائه

نفث الشهد في لسان قطام

 

ربة الماكرين من سفرائه

يا قطاماً أتهدمين بناءً

 

من لآلي الجنان في أحنائه

افختم ماجر آدم جرماً

 

ان يذوق التفاح من حوائه

تستحث الالوان والطعم حلواً

 

وتبث العبير في اغرائه

فاذا لان واستنام رخياً

 

اسكرته بالعذب من اطرائه

تلمس الكف بالانامل لدنا

 

فتصب الصهباء في اعضائه

فاذا الساعد المرنح شر

 

والحسام الاثيم من نصرائه

يا يمين السفاح شلت يمين

 

حملت للامام أي انتهائه

هاجها السم فالرواهش([2]) رقط

 

لون جلد الثعبان عند بغائه

لم يرعه الامام وهو يصلي

 

والملاك السميع في اصغائه

ضربة الوغد خضبته ومالت

 

دوحة الغر عن رفيع بنائه

ومشى الليث للعرين جريحاً

 

مرسلاً طرفه الى اجوائه

قال ( مدوا له الفراش وثيراً

 

واعدوا أطايباً لغدائه

فاذا عشت فالجروح قصاص

 

واذا مت حان يوم انقضائه )

أجهش المسجد اليتيم بكاءً

 

حين غاب الامام من فقهائه

وبكى الشط والفرات وغاضت

 

زقزقات الهزار في غينائه

وجرى اسود المياه كئيباً

 

يتلوى مولولاً  في انثنائه

يحمل النعي للخليج فجيعاً

 

هََّدَم الضفتين وَقرَ عنائه

فقدت غزة الحجاز علياً

 

خاتم الراشدين من أمرائه

واشرأبت تهامة وعسير

 

وتنادت جبالها لبكائه

مركب النور والهداية جدت

 

عاصفات الرياح في اقصائه

يطلب المرفأ الامين عزيزاً

 

والليالي تصده عن لقائه

يستحيل البحر الخضم جبالاً

 

ويرد الشراع عن إرسائه

يتحاشى غر الشمائل سمح

 

تستطيب الاخلاق رحب فنائه

كلما همّ للعلى عبقرياً

 

أخرج الدهر نابه لعدائه

فهو في اهله غريب وحيد

 

ترك السيف ساطعاً في عرائه

لا تراه العيون رمداً مراضاً

 

واخوه يخونه في إخائه

ينشد المال خانقاً كل حسٍ

 

غير صوت الدينار في احشائه

ايها الطامعون في الارض انتم

 

اولياء الشيطان في ايحائه

في النفوس الشحاح شاد قصور

 

الوهم تدعو الاقطاب من بخلائه

بيع عيسى بالمال بيع لقيط

 

وهو كنز السماء من عذرائه

مات موسى خلو اليدين نقياً

 

كصفاء النهار عند اعتلائه

مات طه ودرعه رهن دين

 

كل جهد الوفي عن ايفائه

وهو لو شاء رمل يثرب تبراً

 

أمطرته السماء في ارضائه

يتعالى الانوف نفساً وكفاً

 

عن متاع الغني عن اشيائه

في جناحيه همة وانطلاق

 

وقصي النجوم دون ارتقائه

آنس العيش فرحة فتهادى

 

فيه طيف الهناء غب خلائه

بنت اسحاق آية الدهر حسناً

 

وسماء الجمال في إصحائه

ذهب الشمس صاغها وهج نور

 

وأفاض البهاء في شقرائه

طلقّ الروح زوجها في طلاق

 

نسج المكر فخه لشقائه

كلما صاح بلبل وتغنى

 

رفرفت روحه على هيفائه

واذا اقبل الصباح ندياً

 

حسب النور من صحى حسنائه

قد أعدت الحياة لابن سلام

 

واستفاق الغريق من إغمائه

ألهب الوجد عظمه فتلظى

 

وارتمى قلبه على عفرائه

ياولي الزمان بعد علي

 

والزعيم النبيل في كبرائه

انما الدهر محنة وخطوب

 

وحسام يحز في أدبائه

فكأن العيش الرخي مشاعَ

 

للبغاة الرعاع من لؤمائه

جئت تبغي عرش العراق اميراً

 

يصغر الكون عن مدى إيوائه

فتلقتك عصبة الشر رهط

 

من بناة الاجرام من اوليائه

بينهم كل ارقم يتلوى

 

فتفيض السموم في غبرائه

يبدهون الحسين بالجيش غدراً

 

وهو بين الادنين من خلصائه

باقة الزهر من رياض قريش

 

والرياحين غضة من نسائه

تحرم الماء والفرات مشاع

 

لا يصد الشفاه من نزلائه

يغدق الخصب للجماد ويهمي

 

ويذيب العيون في احبائه

راكضاً تارة وطوراً وئيداً

 

كي يروي الصحراء في ابطائه

 

في مجاريه عطفة وحنان

 

واندفاق الخيرات في بيدائه

يفتح النهر صدره للضواري

 

والافاعي يظلها بولائه

ساقه الله رحمة وحياة

 

يجتنيها الوراد من احيائه

يستوي فيه ساكن الشط حقاً

 

والشريد الحقير من غربائه

صد عنه الحسين والاهل

 

والاولاد تهفو حلوقهم لاجتنائه

يا شفاه الصدي غذاها حليب

 

سلسل الحوض دون غذائه

قبلتها شفاه طه فنالت

 

هالة النور من دفيق ضيائه

ولها الكوثر العريض ثواب

 

في جنان النعيم في افنائه

 

يستفيض الرحيق فوق اللالي

 

ويشع الياقوت من حصبائه

وزعيم الشباب في يوم بعث

 

غير مرمى السهام من غوغائه

جاء للسلم فانبريتم سيوفاً

 

قاطعات لولده وامائه

ما رحمتم فتاه وهو غلام

 

بسمات الحياة في سيمائه

من رطيب الاملود في ساعديه

 

من حياء العذراء في اغضائه

لو اتى الورد قاطفاً لتحامت

 

نافرات الاشواك عن ايذائه

يا انيس الرسول طفلا لعوباً

 

والضياء الاخير في ابنائه

يعجز الخاطر المجنح وصفاً

 

ويغص الخيال عند رثائه

 



([1] ) النافقاء احدى حجر اليربوع يكتمها ويظهر غيرها فاذا اتى من جهة الفاصعاء ضرب النافقاء براسه فخرج منها الصحاح ج4 / 1560     .

([2] ) الرواهش هي العروق البادية في ظاهر اليد     .