نفي الرؤية
* - عن ابن طريف ، عن الاصبغ - في حديث - قال : قام إليه رجل يقال له : ذعلب ، فقال : يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك ؟ فقال : ويلك يا ذعلب لم أكن بالذي أعبد ربا لم أره قال : فكيف رأيته ؟ صفه لنا . قال : ويلك لم تره العيون بمشاهدة الابصار ، ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان . ويلك يا ذعلب إن ربي لايوصف بالبعد ولا بالحركة ولا بالسكون ولا بالقيام قيام انتصاب ولا بجيئة ولا بذهاب ، لطيف اللطافة لا يوصف باللطف ، عظيم العظمة لا يوصف بالعظم ، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر ، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ ، رؤوف الرحمة لا يوصف بالرقة ، مؤمن لا بعبادة ، مدرك لا بمجسة ، قائل لا بلفظ ، هو في الاشياء على غير ممازجة ، خارج منها على غير مباينة ، فوق كل شئ ولا يقال شئ فوقه ، أمام كل شئ ولا يقال له أمام ، داخل في الاشياء لاكشئ في شئ داخل ، وخارج منها لاكشئ من شئ خارج . فخر ذعلب مغشيا عليه .
* - روى أهل السيرأن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن الله أرأيته حين عبدت الله ؟ فقال له أمير المؤمنين : لم أك بالذي أعبد من لم أره فقال : كيف رأيته يا أمير المؤمنين ؟ فقال له : ويحك لم تره العيون بمشاهدة العيان ، ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان ، معروف بالدلالات ، منعوت بالعلامات ، لايقاس بالناس ، ولايدرك بالحواس . فانصرف الرجل وهو يقول : الله أعلم حيث يجعل رسالاته .
* - في خبر الزنديق الذي سأل أمير المؤمنين عليه السلام عما توهمه من التناقض في القرآن قال عليه السلام : وأما قوله تعالي : ( وجوه يومئذ ناضرة إلي ربها ناظرة ) ذلك في موضع ينتهي فيه أولياؤ الله عزوجل بعد ما يفرغ من الحساب إلي نهر يسمى الحيوان يؤمرون بدخول الجنة فمن هذا المقام ينظرون إلي ربهم كيف يثيبهم ، ومنه يدخلون الجنة فذلك قوله عزوجل في تسليم الملائكة عليهم : ( سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ) فعند ذلك اثيبوا بدخول الجنة والنظر إلي ما وعدهم الله عزوجل ، فذلك قوله : ( إلى ربها ناظرة ) والناظرة في بعض اللغة هي المنتظرة ، ألم تسمع إلى قوله تعالى : ( فناظرة بم يرجع المرسلون ) أي منتظرة بم يرجع المرسلون وأما قوله :( ولقد رآه نزلة اخري عند سدرة المنتهى ) يعني محمدا صلى الله عليه وآله حين كان عند سدرة المنتهى ، حيث لا يجاوزها خلق من خلق الله عزوجل . وقوله في آخر الآية : ( ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى ) رأي جبرئيل عليه السلام في صورته مرتين : هذه المرة ومرة اخري ، وذلك أن خلق جبرئيل عظيم فهو من الروحانيين الذين لايدرك خلقهم وصورتهم إلا رب العالمين .
* - عن أبي عبدالله عليه السلام قال : جاء حبر إلي أمير المؤمنين عليه السلام فقال : يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك حين عبدته ؟ فقال : ويلك ما كنت أعبد ربا لم أره . قال : وكيف رأيته قال : ويلك لا تدركه العيون في مشاهدة الابصار ، ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان .
* - عن عبدالله بن عباس في قوله عزوجل : ( فلما أفاق قال سبحانك إني تبت إليك وأنا أول المؤمنين ) قال : يقول : سبحانك تبت إليك من أن أسألك رؤية ، وأنا أول المؤمنين بأنك لا ترى .
* - عن أبي عبدالله عليه السلام قال : بينا أمير المؤمنين عليه السلام يخطب على منبر الكوفة إذقام إليه رجل يقال له : ذعلب ذرب اللسان بليغ في الخطاب شجاع القلب فقال : يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك ؟ فقال : ويلك يا ذعلب ما كنت أعبد ربا لم أره . قال : يا أمير المؤمنين كيف رأيته ؟ قال يا ذعلب لم تره العيون بمشاهدة الابصار ، ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان .
* - في نهج البلاغة : من كلام له عليه السلام - وقد سأله ذعلب اليماني - فقال : هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين ؟ فقال عليه السلام : أفأ عبد مالا أرى ؟ قال : وكيف تراه ؟ قال : لاتدركه العيون بمشاهدة العيان ، ولكن تدركه القلوب بحقائق الايمان ، قريب من الاشياء غير ملامس ، بعيد منها غير مبائن ، متكلم لابروية ، ومريد بلاهمة ، صانع لا بجارحة ، لطيف لا يوصف بالخفاء ، كبير لا يوصف بالجفاء ، بصير لا يوصف بالحاسة ، رحيم لا يوصف بالرقة ، تعنو الوجوه لعظمته ، وتجب القلوب من مخافته .