العتبة العلوية المقدسة - خطبة له عليه السّلام مشهورة بالشّقشقيّة -
» » سيرة الإمام » بلاغة الامام علي وحكمته » خطب الامام علي عليه السلام » خطبة له عليه السّلام مشهورة بالشّقشقيّة

خطبة له عليه السّلام مشهورة بالشّقشقيّة

قال ابن قتيبة فى غريب الحديث : اى انّ معناه ركبنا مركب الضّيم و الذّلّ ، لأنّ راكب عجز البعير يجد مشقّة لا سيّما اذا تطاول به الرّكوب على‏ تلك الحال ، و يجوز ان يكون اراد : نصبر على‏ ان نكون اتباعاً لغيرنا ، لأنّ راكب عجز البعير يكون ردفاً لغيره ، و قريب هذين ذكرهما الهروى فى كتاب الجمع بين الغريبين .

فى مستدرك النّهج : روى‏ هذه الخطبة الشّريف في النّهج ، و رواها غيره ممّن تقدّم على‏ عصره ، و الرّوايات كلّها متوافقة فى المعنى‏ ، و ان اختلفت فى بعض الألفاظ ،

و نحن نذكر واحدة من الرّوايات الّتى لم تذكر فى النّهج ، و هى ما رواه الصّدوق فى كتابيه : المعانى و العلل باسناد معنعن الى ابن عبّاس ،

قال : ذكرت الخلافة عند امير المؤمنين علىّ بن ابيطالب عليه السّلم فقال :

وَ اللَّهِ لَقَدْ تَقَمَّصَها اَخُو تَيْمٍ ، وَ اِنَّهُ لَيَعْلَمُ اَنَّ مَحَلّى‏ مِنْها مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحى‏ ، يَنْحَدِرُ عَنِّى السَّيْلُ ، وَ لا يَرْقى‏ اِلَىَّ الطَّيْرُ ، فَسَدَلْتُ دُونَها ثَوْباً ، وَ طَوَيْتُ عَنْها كَشْحاً ، وَ طَفِقْتُ اَرْتَأى‏ ما بَيْنَ اَنْ اَصوُلَ بِيَدٍ جَذَّآءَ ، اَوْ اَصْبِرَ عَلى‏ طَخْيَةٍ عَمْيآءَ ، يَشيبُ فيهَا الصَّغيرُ ، وَ يَهْرَمُ فيهَا الْكَبيرُ ، وَ يَكْدَحُ فيها مُؤْمِنٌ حَتّى‏ يَلْقَى اللَّهَ ، فَرَأَيْتُ اَنَّ الصَّبْرَ عَلى‏ هاتا اَحْجى‏ ، فَصَبَرْتُ وَ فىِ الْعَيْنِ قَذى‏ ، وَ فىِ الْحَلْقِ شَجى‏ ، اَرى‏ تُراثى‏ نَهْباً ، حَتّى‏ مَضى‏ اِلى‏ سَبيلِهِ عَقَدَها لِأَخى‏ عُدَىٍّ بَعْدَهُ ، فَيا عَجَبا بَيْنا هُوَ يَسْتَقيلُها فى‏ حَياتِهِ اِذْ عَقَدَها لِاَخِرَ بَعْدَ وَفاتِهِ ، فَصَيَّرَها وَ اللَّهِ فى‏ حَوْزَةٍ خَشْنآءَ ،

يَخْشَنُ مَسُّها ، وَ يَغْلُظُ كَلْمُها ، وَ يَكْثِرُ الْعِثارُ وَ الْإِعْتِذارُ مِنْها ، فَصاحِبُها كَراكِبِ الصَّعْبَة ، اِنْ عَنَفَ بِها خَرَمَ ، وَ اِنْ اَسْلَسَ لَها تَقَحَّمَ ، فَمُنِىَ النَّاسُ بِخَبْطٍ وَ شماسٍ ، وَ تَلَوُّنٍ وَ اعْتِراضٍ ، فَصَبَرْتُ عَلى‏ طوُلِ الْمُدَّةِ ، وَ شَديدِ الْمِحْنَةِ ، حَتّى‏ اِذا مَضى‏ لِسَبيلِهِ ، جَعَلَها فى‏ جَماعَةٍ زَعَمَ اَنّى‏ مِنْهُمْ ، فَيا لَلَّهِ وَ لِلشّوُرى‏ ، مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِىَّ مَعَ الْأَوَّلِ مِنْهُمْ ، حَتّى‏ صِرْتُ اُقْرَنُ اِلى‏ هذِهِ النَّظآئِرِ ، فَمالَ رَجُلٌ لِضَغْنِهِ ، وَ صَغى‏ اخَرُ لِصِهْرِهِ ، وَ قامَ ثالِثُ الْقوْمِ نافِجاً حِضْنَيْهِ بَيْنَ نَثيلِهِ وَ مُعْتَلِفِهِ ، وَ قامَ مَعَهُ بَنوُ اَبيهِ يَهْضِموُنَ مالَ اللَّهِ هَضْمَ الْأِبِلِ نَبْتَةَ الرَّبيعِ ، حَتّى‏ اَجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ ، فَما راعَنى‏ اِلاَّ وَ النَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ ، قَدِ انْثالوُا عَلَىَّ مِنْ كُلِّ جانِبٍ ، حَتّى‏ لَقَدْ وُطِئَ الْحَسَنانِ ، وَ شُقَّ عِطْفاىَ حَتّى‏ اِذا نَهَضْتُ بِالْاَمْرِ ، نَكَثَتْ طآئِفَةٌ ، وَ فَسَقَتْ اُخْرى‏ ، وَ مَرَقَ اخَروُنَ ، كَاَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعوُا قَوْلَ اللَّهِ تَبارَكَ وَ تَعالى‏ : " تِلْكَ " " الدَّارُ الْأخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذينَ لا يُريدُونَ عُلُوّاً فىِ الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقينَ.

بَلى‏ وَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعوُها وَ لكِنِ احْلَوْلَتِ الدُّنْيا فى‏ اَعْيُنِهِمْ وَ راقَهُمْ زِبرِجُها ، وَ الَّذى‏ فَلَقَ الْحَبَّةَ ، وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ ، لَوْلا حُضُورُ الْحاضِرِ وَ قِيامُ الْحُجَّةِ بِوُجوُدِ النَّاصِرِ ، وَ مآ اَخَذَ اللَّهُ تَعالى‏ عَلَى الْعُلَمآءِ اَلاَّ يُقِرُّوا عَلى‏ كِظَّةِ الظَّالِمِ ، وَ لا سَغَبِ مَظْلوُمٍ ، لَاَلْقَيْتُ حَبْلَها عَلى‏ غابِرِها ، وَ لَسَقَيْتُ اخِرَها بِكَاْسِ اَوَّلِها ، وَ لَأَلْفَيْتُمْ دُنْياكُمْ هذِهِ اَزْهَدَ عِنْدى‏ مِنْ حُقْبَةِ عَنْزٍ .

قال ابن عبّاس : و ناوله رجل من اهل السّواد كتابا فقطع كلامه و تناول الكتاب فقلت يا امير المؤمنين لو اطّردت مقالتك الى‏ حيث بلغت فقال : هيهات يا بن عبّاس : تِلْكَ شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ ثُمَّ قَرَّتْ .

قال ابن عبّاس : فما اسفت على‏ كلام قطّ كأسفى على‏ كلام امير المؤمنين ع اذ لم يبلغ حيث اراد.