خطبة له عليه السّلام تعرف بالدّيباج
عِبادَ اللَّهِ اِنَّ اَنْصَحَ النَّاسِ لِنَفْسِهِ اَطْوَعُهُمْ لِرَبِّهِ ، وَ اَغَشَّهُمْ لِنَفْسِهِ اَعْصاهُمْ لَهُ ، فَاِنَّ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ يَاْمَنْ ، وَ مَنْ يَعْصِهِ يَخِبْ وَ يَنْدَمْ ، سَلُوا اللَّهَ الْيَقينَ ، وَ اَرْغبُوا اِلَيْهِ فىِ التَّوْفيقِ ، فَاِنَّهُ اُسٌّ وَثيقٌ . وَ اعْلَمُوا اَنَّ اَفْضَلَ اُمُورِ الْخَلْقِ عَزآئِمُها ، وَ شَرَّها مُحْدَثاتُها ، وَ كُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ ، وَ كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ ، وَ الْمَغْبُونُ مَنْ غُبِنَ دينُهُ ، وَ الْمَغْبُوطُ مَنْ سَلِمَ لَهُ دينُهُ ، وَ حَسُنَ يَقينُهُ ، وَ السَّعيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ ، وَ الشَّقِىُّ مَنِ انْخَدَعَ لِهَواهُ ، اَلْيَسيرُ مِنَ الرِّيآءِ شِرْكٌ ، وَ الْهَوى يَقُودُ اِلىَ النَّارِ ، وَ مُحادَثَةُ النِّساءِ تَدْعُو اِلَى الْبَلآءِ وَ تُزيغُ الْقُلُوبَ ، وَ لَمْحُ الْعُيُونِ مَصآئِدُ الشَّيْطانِ ، وَ مُجالَسَةُ السُّلْطانِ تَهِيجُ النّيرانَ .
عِبادَ اللَّهِ ، اُصْدُقوا فَاِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّادِقينَ ، وَ جانِبُوا الْكِذْبَ فَاِنَّ الصَّادِقَ عَلى شَفا مَنْجاةٍ وَ كَرامَةٍ ، وَ الْكاذِبَ عَلى شَفا مَهْواةٍ وَ هَلَكَةٍ ، قُولُوا الْحَقَّ تُعْرَفُوا بِهِ ، وَ اعْمَلُوا بِهِ تَكُونُوا مِنْ اَهْلِهِ ، اَدُّوا الْأَمانَةَ اِلى مَنِ ائتَمَنَكُمْ عَلَيْها ، وَ صِلُوا مَنْ قَطَعَكُمْ ، وَ عُودُوا بِالْفَضْلِ عَلى مَنْ حَرَمَكُمْ ، وَ اَوْفُوا اِذا عاقَدْتُمْ ، وَ اعْدِلُوا اِذا حَكَمْتُمْ ، وَ اصْبِرُوا اِذا ظُلِمْتُمْ ، وَ لا تَفاخَرُوا بِالابآءِ وَ لا تَنابَذُوا بِالْاَلْقابِ ، وَ لا تَحاسَدُوا فَاِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْإِيمانَ كَما تَاْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ ، وَ لا تَباغَضُوا فَاِنَّهَا الْحالِقَةُ ، وَ رُدُّوا التَّحِيَّةَ عَلى اَهْلِها بِاَحْسَنَ مِنْها ، وَ ارْحَمُوا الْاَرْمَلَةَ وَ الْيَتيمَ ، وَ اَعينُوا الضَّعيفَ ، وَ انْصُرُوا الْمَظْلُومَ ، وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى ، وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ اِلاَّ وَ اَنْتُمْ مُسْلِمُونَ .
خَلَقَ الدُّنْيا لِلْفَنآءِ ، وَ الْاخِرَةَ لِلْبَقآءِ ، لا يَجُورُ فى حُكْمِهِ اِذا قَضى ، وَ لا يُصْرَفُ ما اَمْضى ، وَ لا يُنْسى وَ لا يُعَجِّلُ ، وَ لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ، قَريبٌ مِمَّنْ دَعاهُ ، مُجيبٌ لِمَنْ ناداهُ ، بَرٌّ بِمَنْ لَجَأَ اِلى ظِلِّهِ وَ اعْتَصَمَ بِحَبْلِهِ ، حَليمٌ عَمَّنْ اَلْحَدَ فى اياتِهِ وَ دانَ بِالْجُحُودِ فى حالاتِهِ ، مُتَعالٍ عَنِ الْأَنْدادِ ، مُتَفَرِّدٌ بِالْمِنَّةِ عَلىَ الْعِبادِ ، مُحْتَجِبٌ بِالْعِزَّةِ وَ الْمَلَكُوتِ ، مُتَوَحِّدٌ بِالْقُدْرَةِ وَ الْجَبَرُوتِ لا تَراهُ الْعُيُونُ ، وَ لا تَعْزُبُ عَنْهُ حَرَكَةٌ وَ لا سُكُونٌ ، لَيْسَ لَهُ ضِدٌّ وَ لا نِدٌّ ، وَ لا عِدْلٌ وَ لا مِثْلٌ ، لا يُعْجِزُهُ مَنْ طَلَبَ ، وَ لا يَسْبِقُهُ مَنْ هَرَبَ ، خَلَقَ الْخَلْقَ عَلى غَيْرِ اَصْلٍ ، وَ ابْتَدَأَهُمْ عَلى غَيْرِ مِثالٍ ، وَ رَفَعَ السَّمآءَ بِغَيْرِ عَمَدٍ ، وَ بَسَطَ الْاَرْضَ عَلَى الْهَوآءِ بِغَيْرِ اَرْكانٍ ، فَمَهَّدَها وَ فَرَشَها ، وَ اَخْرَجَ مِنْها مآءً فُجاجاً وَ نَباتاً رَجْراجاً ، فَسَبَّحَهُ نَباتُها ، وَ جَرَتْ بِاَمْرِهِ مِياهُها ، فَسُبْحانَهُ ما اَعْظَمَ شَاْنَهُ ، وَ اَحْسَنَ تَقْديرَهُ ، وَ اَنْفَذَ اَمْرَهُ .