إرسال حبيب إلى حيّ من بني أسد
*- ابن أعثم : وأقبل حبيب بن مظاهر الأسدي إلى الحسين ( عليه السلام ) ، فقال : يا ابن رسول الله ! هاهنا حيّ من بني أسد بالقرب منّا ، أتأذن لي في المصير إليهم فأدعوهم إلى نصرتك ، فعسى الله أن يدفع بهم عنك ؟ قال : قَدْ أَذِنْتُ لَكَ يا حَبيبُ ! فخرج حبيب إليهم في جوف الليل متنكّراً حتّى أتى إليهم فعرفوه أنّه من بني أسد ، فقالوا : ما حاجتك ؟ فقال : إنّي قد أتيتكم بخير ما أتى به وافد إلى قوم ، أتيتكم أدعوكم إلى نصر ابن بنت نبيّكم ، فإنّه في عصابة من المؤمنين ، الرجل منهم خير من ألف رجل ، لن يخذلوه ولن يسلّموه أبداً ، وهذا عمر بن سعد قد أحاط به ، وأنتم قومي وعشيرتي وقد أتيتكم بهذه النصيحة ، فأطيعوني اليوم في نصرته تنالوا بها شرف الدنيا والآخرة ، فإنّي أقسم بالله ! لا يقتل أحد منكم في سبيل الله مع ابن بنت رسول الله صابراً محتسباً إلاّ كان رفيقاً لمحمّد ( صلى الله عليه وآله ) في علّيين . قال : فوثب إليه رجل من بني أسد يقال له : عبد الله بن بشر ([1]) ، فقال : أنا أوّل من يجيب إلى هذه الدعوة ، ثمّ جعل يرتجز ويقول :
قد علم القوم إذا تواكلوا |
|
وأحجم الفرسان إذ تناقلوا |
إنّي شجاع بطل مقاتل |
|
كأنّني ليث عرين باسل |
ثمّ تبادر رجال الحيّ حتّى التأم منهم تسعون رجلاً ، فأقبلوا يريدون الحسين ( عليه السلام ) ، وخرج رجل في ذلك الوقت من الحيّ حتّى صار إلى عمر بن سعد فأخبره بالحال ، فدعا ابن سعد برجل من أصحابه يقال له : الأزرق بن حرب الصيداوي ، فضمّ إليه أربعمائة فارس ووجّهه نحو حيّ بني أسد ، فبينما أُولئك القوم قد أقبلوا يريدون عسكر الحسين ( عليه السلام ) في جوف الليل ، إذا استقبلهم خيل ابن سعد على شاطئ الفرات ، وبينهم وبين عسكر الحسين ( عليه السلام ) اليسير ، فناوش القوم بعضهم بعضاً ، واقتتلوا قتالاً شديداً ، وصاح حبيب بن مظاهر الأسدي بالأزرق : ويلك مالك ومالنا انصرف عنّا ، ودعنا يشقى بنا غيرك ! فأبى الأزرق أن يرجع ، وعلمت بنو أسد أنّه لا طاقة لهم بالقوم ، فانهزموا راجعين إلى حيّهم ، ثمّ إنّهم ارتحلوا في جوف الليل خوفاً من ابن سعد أن يبيّتهم ، ورجع حبيب بن مظاهر إلى الحسين ( عليه السلام ) فخبّره بذلك ، فقال ( عليه السلام ) : لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللهِ الْعَليِّ الْعَظيمِ . ([2])