وكلاء آخرون للإمام عليه السلام غير الأربعة
وهناك وكلاء أخرون للإمام المهدي عليه السلام في بلاد أخرى غير السفراء والنواب الذين مر أسماؤهم، كما كان له عليه السلام أصحاب وثقهم وأمر الناس بالأخذ منهم والرجوع إليهم كأبي الحسين الأسدي واحمد ابن اسحاق القمي ومن أشبه:
[1]): قد كان في زمان السفراء المحمودين أقوام ثقاة ترد عليهم التوقيعات من قبل المنصوبين للسفارة، منهم: أبو الحسين محمد بن جعفر الأسدي رحمه الله كان بالري، أخبرنا أبو الحسين بن أبي جيد القمي عن محمد بن الحسن بن الوليد... عن صالح بن أبي صالح قال: سألني بعض الناس في سنه تسعين ومائتين قبض شيء فامتنعت من ذلك، وكتبت أستطلع الرأي، فأتاني الجواب: بالري محمد بن جعفر العربي فليدفع إليه، فإنّه من ثقاتنا.
[2]) طاب ثراه، عن أحمد بن يوسف الشاشي، قال: قال لي محمد بن الحسن الكاتب المروزي: وجهت إلى حاجز الوشا مائتي دينار، وكتبت إلى الغريم بذلك، فخرج الوصول، وذكر أنه كان قبلي ألف دينار، وإني وجهت إليه مائتي دينار، قال إن أردت أن تعامل فعليك بأبي الحسين الأسدي بالري، فورد الخبر بوفاة حاجز رحمه الله بعد يومين أو ثلاثة، فأعلمته بموته فاغتم فقلت له: لاتغتم فإنّ لك في التوقيع إليك دلالتين إحداهما إعلامه إياك أن المال ألف دينار، والثانية أمره إياك بمعاملة أبي الحسن الأسدي لعلمه بموت حاجز.
وبالإسناد عن أبي جعفر محمد بن علي بن نوبخت، قال: عزمت على الحجّ، وتأهبت فورد علي: نحن لذلك كارهون، فضاق صدري واغتممت وكتبت: أنا مقيم، بالسمع والطاعة غير أني مغتم بتخلفي عن الحج، فوقع: لايضيقنّ صدرك فإنك تحجّ من قابل، فلما كان من قابل، استأذنت فورد الجواب، فكتبت: إني عادلت محمد بن العباس وأنا واثق بديانته وصيانته.
فورد الجواب: الأسدي نعم العديل، فإن قدم فلا تختره عليه، فقدم الأسدي فعادلته..
وروى عن محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد، عن محمد بن شاذان النيشابوري، قال: اجتمع عندي خمسمائة درهم ينقص عشرون درهماً، فلم أحبّ أن تنقص هذا المقدار، فوزنت من عندي عشرين درهماً ودفعتها إلى الأسدي، ولم أكتب بخبر نقصانها..
فورد الجواب: قد وصلت الخمسمائة التي لك فيها عشرون.. ومات الأسدي رحمه الله في شهر ربيع الآخر سنة اثنتي عشر وثلاثمائة(
[3]).
ومنهم: أحمد بن إسحاق وجماعة خرج التوقيع في مدحهم، روى أحمد ابن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي محمد الرازي، قال: كنت وأحمد بن أبي عبد الله بالعسكر ـ سر من رأى ـ فورد علينا رسول من قبل الرجل (يعني صاحب الأمر عليه السلام ) فقال: (أحمد بن إسحاق الأشعري، وإبراهيم بن محمد الهمداني وأحمد بن حمزة بن اليسع ثقاة).
قال الإربلي رحمه الله في كشف الغمة: الفصل الرابع: في ذكر أسماء الذين شاهدوا الإمام المنتظر عليه السلام وأوردوا دلائله وخرج إليهم توقيعاته، وبعضهم وكلاؤه: الشيخ أبو جعفر (قدّس الله روحه)، عن محمد بن أبي عبد الله أنه ذكر عدد من انتهى إليه ممّن وقف على معجزات صاحب الزمان عليه السلام رآه من الوكلاء ببغداد العمري وابنه، وحاجز، والبلالي، والعطار. ومن الكوفة: العاصمي، ومن أهل الأهواز محمد بن إبراهيم بن مهزيار، ومن أهل قم محمد بن إسحاق(
[4])، ومن أهل همدان محمد بن صالح، ومن أهل الري البسّامي والأسدي، ومن أهل أذربيجان القاسم ابن العلاء، ومن نيشابور محمد بن شاذان.
ومن رآه من غير وكلائه عليه السلام من أهل بغداد: أبو القاسم بن حابس، وأبو عبد الله الكندي، وأبو عبد الله الجندي، وهارون القزاز، والنيلي، وأبو القاسم ابن رئيس، وأبو عبد الله ابن فرّوخ، ومسرور الطباخ مولى أبي الحسن ـ الهادي ـ عليه السلام ، وغير هؤلاء من أهل همدان، والدينور، وأصفهان، والصيمرة، وقم، والري، وقزوين…(
[5]).
ثم إن السفراء الأربعة مع علو شأنهم وجلالة قدرهم وعظمتهم ونبالتهم وعلمهم وفضلهم وكمالاتهم النفسية وتقدمهم لدى العديد من الأئمة كالإمام الهادي والإمام العسكري والحجة الغائب المهدي المنتظر (صلوات الله وسلامه عليهم وعلى آبائهم أجمعين) لم ير لهم ترجمة مناسبة في كتب التراجم والرجال، وحتى علماء التراجم والرجال من الشيعة لم يذكروا تاريخ حياتهم وكيفيتها، بل لم يتعرضوا لتاريخ وفاة عثمان بن سعيد العمري رحمه الله لا يوماً ولا شهراً ولا سنة، فلِمَ ذلك، وما العلّة، هل تقية أو ما أشبه، لست أدري.
([4]) والظنّ أن محمد بن إسحاق خطأ، والصواب: أحمد بن إسحاق. انظر ترجمته في رجال النجاشي: ج91. فهرست الطوسي: ج26، رجال الطوسي: ج398 و427، اختيار الكشي: رقم 1050 و1053، الخلاصة: ج1 ص15.