نهج البردة للحافظ البرسي
ما هاجني ذكر ذات البان والعلم |
|
ولا السلام على سلمى بذي سلم |
ولا على طلل يوما أطلت به |
|
مخاطبا لأهيل الحي والخيم |
ولا تمسكت بالحادي وقلت له |
|
( إن جئت سلما فسل عن جيرة العلم ) |
لكن تذكرت مولاي الحسين وقد |
|
أضحى بكرب البلا كربلاء ظمي |
ففاض صبري وفاض الدمع |
|
وابتعد الرقاد واقترب السماء بالسقم |
وهام إذ همت للعبرات من عدم |
|
قلبي ولم أستطع مع ذاك منع دمي |
لم أنسه وجيوش الكفر جائشة |
|
والجيش في أمل والدين في ألم |
تطوف بالطف فرسان الضلال به |
|
والحق يسمع والأسماع في صمم |
وللمنايا بفرسان المنى عجل |
|
والموت يسعى على ساق بلا قدم |
مسائلا ودموع العين سائلة |
|
وهو العليم بعلم اللوح والقلم |
ما اسم هذا الثرى يا قوم ؟ فابتدروا |
|
بقولهم يوصلون الكلم بالكلم |
بكربلا هذه تدعى ؟ فقال : أجل |
|
آجالنا بين تلك الهضب والأكم |
حطوا الرحال فحال الموت حل بنا |
|
دون البقاء وغير الله لم يدم |
يا للرجال لخطب حل مخترم |
|
الآجال معتديا في الأشهر الحرم |
فها هنا تصبح الأكباد من ظمأ |
|
حرى وأجسادها تروى بفيض دم |
وها هنا تصبح الأقمار آفلة |
|
والشمس في طفل والبدر في ظلم |
وها هنا تملك السادات أعبدها |
|
ظلما ومخدومها في قبضة الخدم |
وها هنا تصبح الأجساد ثاوية |
|
على الثرى مطعما للبوم والرخم |
وها هنا بعد بعد الدار مدفننا |
|
وموعد الخصم عند الواحد الحكم |
وصاح بالصحب : هذا الموت |
|
أسدا فرائسها الآساد في الأجم |
من كل أبيض وضاح جبينها |
|
يغشى صلى الحرب لا يخشى من الضرم |
من كل منتدب لله محتسب |
|
في الله منتجب ، بالله معتصم |
وكل مصطلم الأبطال ، مصطلم |
|
الآجال ، ملتمس الآمال ، مستلم |
وراح ثم جواد السبط يندبه |
|
عالي الصهيل خليا طالب الخيم |
فمذ رأته النساء الطاهرات بدا |
|
بكارم الأرض في خلد له وفم |
فجئن والسبط ملقى بالنصال أبت |
|
من كف مستلم أو ثغر ملتثم |
والشمر ينحر منه النحر من حنق |
|
والأرض ترجف خوفا من فعالهم |
فتستر الوجه في كم عقيلته |
|
وتنحني فوق قلب وآله كلم |
تدعو أخاها الغريب المستظام أخي |
|
يا ليت طرف المنايا عن علاك عم |
من اتكلت عليه النساء ؟ ومن |
|
أوصيت فينا ؟ ومن يحنو على الحرم |
هذي سكينة قد عزت سكينتها |
|
وهذه فاطم تبكي بفيض دم |
تهوي لتقبيله والدمع منهمر |
|
والسبت عنها بكرب الموت في غمم |
فيمنع الدم والنصل الكسير به فيمنع |
|
عنها فتنصل لم تبرح ولم ترم |
تضمه نحوها شوقا ، وتلثمه |
|
ويخضب النحر منه صدرها بدم |
تقول من عظم شكواها ولوعتها |
|
وحزنها غير منفض ومنفصم |
أخي لقد كنت نورا يستضاء به |
|
فما لنور الهدى والدين لي ظلم
|
أخي لقد كنت غوثا للأرامل يا |
|
غوث اليتامى وبحر الجود والكرم |
يا كافلي هل ترى الأيتام بعدك في |
|
أسر المذلة والأوصاب والألم |
يا واحدي يا بن أمي يا حسين لقد |
|
نال العدى ما تمنوا من طلابهم |
وبردوا غلل الأحقاد من ضغن |
|
وأظهروا ما تخفى في صدورهم |
أين الشقيق وقد بان الشقيق وقد |
|
جار الرقيق ولج الدهر في الأزم |
مات الكفيل وغاب الليث فابتدرت |
|
عرج الضباع على الأشبال في نهم |
وتستغيث رسول الله صارخة |
|
يا جد أين الوصايا في ذوي الرحم |
يا جدنا لو رأت عيناك من حزن |
|
للعترة الغر بعد الصون والحشم |
مشردين عن الأوطان قد قهروا |
|
ثكلى أسارى حيارى ضرجوا بدم |
يسري بهن سبايا بعد عزهم |
|
فوق المطايا كسبي الروم والخدم |
هذا بقية آل الله سيد أهل |
|
الأرض زين عباد الله كلهم |
نجل الحسين الفتى الباقي ووارثه |
|
والسيد العابد السجاد في الظلم |
يساق في الأسر نحو الشام مهتضما |
|
بين الأعادي فمن باك ، ومبتسم |
ابن النبي السبط وثغر يقرعه |
|
يزيد بغضا لخير الخلق كلهم |
أينكث الرجس ثغرا كان قبله |
|
من حبة الطهر خير العرب والعجم ؟ |
ويدعي بعدها الإسلام من سفه |
|
وكان أكفر من عاد ومن أرم ! |
يا ويله حين تأتي الطهر فاطمة |
|
في الحشر صارخة في موقف الأمم |
تأتي فيطرق أهل الجمع أجمعهم |
|
منها حياء ووجه الأرض في قتم |
وتشتكي عن يمين العرش صارخة |
|
وتستغيث إلى الجبار ذي النقم |
هناك يظهر حكم الله في ملأ |
|
عصوا وخانوا فيا سحقا لفعلهم |
وفي يديها قميص للحسين غدا |
|
مضمخا بدم قرنا إلى قدم |
أيا بني الوحي والذكر الحكيم ومن |
|
ولاهم أملي والبرء من ألمي |
حزني لكم أبدا لا ينقضي كمدا |
|
حتى الممات ورد الروح في رمم |
حتى تعود إليكم دولة وعدت |
|
مهدية تملأ الأقطار بالنعم |
فليس للدين من حام ومنتصر |
|
إلا الإمام الفتى الكشاف للظلم |
القائم الخلف المهدي سيدنا |
|
الطاهر العلم ابن الطاهر العلم |
بدر الغياهب تيار المواهب |
|
منصور الكتائب حامي الحل والحرم |
يا بن الإمام الزكي العسكري فتى
|
|
الهادي النقي علي الطاهر الشيم |
يا بن الجواد ويا نجل الرضاء ويا |
|
سليل كاظم غيظ منبع الكرم
|
خليفة الصادق المولى الذي ظهرت
|
|
علومه فأثارت غيهب الظلم |
خليفة الباقر المولى خليفة زين
|
|
العابدين علي طيب الخيم |
نجل الحسين شهيد الطف سيدنا |
|
وحبذا مفخر يعلو على الأمم |
نجل الحسين سليل الطهر فاطمة |
|
وابن الوصي علي كاسر الصنم |
يا بن النبي ويا بن الطهر حيدرة |
|
يا بن البتول ويا بن الحل والحرم |
أنت الفخار ومعناه وصورته |
|
ونقطة الحكم لا بل خطة الحكم |
أيامك البيض خضر فهي خاتمة |
|
الدنيا وختم سعود الدين والأمم |
متى نراك فلا ظلم ، ولا ظلم |
|
والدين في رغد والكفر في رغم |
أقبل فسبل الهدى والدين قد |
|
ومسها نصب والحق في عدم |
يا آل طه ومن حبي لهم شرف |
|
أعده في الورى من أعظم النعم |
إليكم مدحة جاءت منظمة |
|
ميمونة صغتها من جوهر الكلم |
بسيطة إن شدت أو أنشدت عطرت |
|
بمدحكم كبساط الزهر منخرم |
بكرا عروسا ثكولا زفها حزن |
|
على المنابر غير الدمع لم تسم |
يرجو بها ( رجب ) رحب المقام |
|
بعد العناء غناء غير منهدم |
يا سادة الحق ما لي غيركم أمل |
|
وحبكم عدتي والمدح معتصمي |
ما قدر مدحي والرحمن مادحكم |
|
في ( هل أتى ) مع نون والقلم |
حاشاكم تحرموا الراجي مكارمكم |
|
ويرجع الجار عنكم غير محترم |
أو يخشى الزلة ( البرسي ) وهو يرى |
|
ولاكم فوق ذي القربى وذي الرحم |
إليكم تحف التسليم واصلة |
|
ومنكم وبكم أنجو من النقم |
صلى الله عليكم ما بدا نسم |
|
وما أتت بسمات الصبح في الحرم |