العتبة العلوية المقدسة - زياد بن عبيد بن أبي سفيان -
» » سيرة الإمام » اصحاب الامام علي عليه السلام » العمال والاداريون » زياد بن عبيد بن أبي سفيان

 زياد بن عبيد بن أبي سفيان

 

عامله (عليه السلام) على البصرة. وقيل: إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد يوم الجمل، أراد الشخوص إلى الكوفة، فاستخلف عبد الله بن العباس على البصرة، وخطب فأمر أهلها بالسمع والطاعة له، وضم إليه زياد بن عبيد، كاتباً. وذكره الشيخ الطوسي، في رجاله من أصحاب عليًّ (عليه السلام)

في سير أعلام النبلاء - في ذكر زياد بن أبيه - : هو زياد بن عبيد الثقفي ، وهو زياد بن سمية وهي أمه ، وهو زياد بن أبي سفيان الذي استلحقه معاوية بأنه أخوه . كانت سمية مولاة للحارث بن كلدة الثقفي طبيب العرب . يكنى أبا المغيرة . له إدراك ، ولد عام الهجرة ، وأسلم زمن الصديق وهو مراهق ، وهو أخو أبي بكرة الثقفي الصحابي لأمه ، ثم كان كاتبا لأبي موسى الأشعري زمن إمرته على البصرة . . . . وكان كاتبا بليغا ، كتب أيضا للمغيرة ولابن عباس ، وناب عنه بالبصرة . يقال : إن أبا سفيان أتى الطائف ، فسكر ، فطلب بغيا ، فواقع سمية ، وكانت مزوجة بعبيد ، فولدت من جماعه زيادا ، فلما رآه معاوية من أفراد الدهر ، استعطفه وادعاه ، وقال : نزل من ظهر أبي . ولما مات علي ( عليه السلام ) ، كان زياد نائبا له على إقليم فارس .

 وفي الاستيعاب - في ذكر زياد بن أبيه - : كان رجلا عاقلا في دنياه ، داهية خطيبا ، له قدر وجلالة عند أهل الدنيا وفي أسد الغابة : كان عظيم السياسة ، ضابطا لما يتولاه

وفي تاريخ اليعقوبي : كان [ المغيرة ] يختلف إلى امرأة من بني هلال يقال لها : أم جميل ، زوجة الحجاج بن عتيك الثقفي ، فاستراب به جماعة من المسلمين ، فرصده أبو بكرة ونافع بن الحارث وشبل بن معبد وزياد بن عبيد ، حتى دخل إليها فرفعت الريح الستر فإذا به عليها ، فوفد على عمر ، فسمع عمر صوت أبي بكرة وبينه وبينه حجاب ، فقال : أبو بكرة ! قال : نعم . قال : لقد جئت ببشر ؟ قال : إنما جاء به المغيرة . ثم قص عليه القصة . فبعث عمر أبا موسى الأشعري عاملا مكانه ، وأمره أن يشخص المغيرة ، فلما قدم عليه جمع بينه وبين الشهود ، فشهد الثلاثة ، وأقبل زياد ، فلما رآه عمر قال : أرى وجه رجل لا يخزي الله به رجلا من أصحاب محمد ، فلما دنا قال : ما عندك يا سلح العقاب ؟ قال : رأيت أمرا قبيحا ، وسمعت نفسا عاليا ، ورأيت أرجلا مختلفة ، ولم أر الذي مثل الميل في المكحلة . فجلد عمر أبا بكرة ، ونافعا ، وشبل بن معبد ، فقام أبو بكرة وقال : أشهد أن المغيرة زان ، فأراد عمر أن يجلده ثانية ، فقال له : علي إذا توفي صاحبك حجارة . وكان عمر إذا رأى المغيرة قال : يا مغيرة ، ما رأيتك قط إلا خشيت أن يرجمني الله بالحجارة

 في الاستيعاب : بعث عمر بن الخطاب زيادا في إصلاح فساد وقع باليمن ، فرجع من وجهه وخطب خطبة لم يسمع الناس مثلها ، فقال عمرو بن العاص : أما والله لو كان هذا الغلام قرشيا لساق العرب بعصاه . فقال أبو سفيان بن حرب : والله إني لأعرف الذي وضعه في رحم أمه . فقال له علي بن أبي طالب : ومن هو يا أبا سفيان ؟ قال : أنا . قال : مهلا يا أبا سفيان . فقال أبو سفيان :

 أما والله لولا خوف شخص * يراني يا علي من الأعادي

 لأظهر أمره صخر بن حرب * ولم تكن المقالة عن زياد

 وقد طالت مجاملتي ثقيفا * وتركي فيهم ثمر الفؤاد

 في تاريخ دمشق عن الشعبي : أقام علي ( عليه السلام ) بعد وقعة الجمل بالبصرة خمسين ليلة ، ثم أقبل إلى الكوفة واستخلف عبد الله بن عباس على البصرة ، قال : فلم يزل ابن عباس على البصرة حتى سار إلى صفين . ثم استخلف أبا الأسود الديلي على الصلاة بالبصرة ، واستخلف زيادا على الخراج وبيت المال والديوان ، وقد كان استكتبه قبل ذلك ، فلم يزالا على البصرة حتى قدم من صفين

 قال في شرح نهج البلاغة : فأما أول ما ارتفع به زياد فهو استخلاف ابن عباس له على البصرة في خلافة علي ( عليه السلام ) ، وبلغت عليا عنه هنات ، فكتب إليه يلومه ويؤنبه ؛ فمنها الكتاب الذي ذكر الرضي بعضه وقد شرحنا فيما تقدم ما ذكر الرضي منه . وكان علي ( عليه السلام ) أخرج إليه سعدا مولاه يحثه على حمل مال البصرة إلى الكوفة ، وكان بين سعد وزياد ملاحاة ومنازعة ، وعاد سعد وشكاه إلى علي ( عليه السلام ) وعابه ، فكتب علي ( عليه السلام ) إليه : أما بعد ، فإن سعدا ذكر أنك شتمته ظلما ، وهددته وجبهته تجبرا وتكبرا ، فما دعاك إلى التكبر وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :  الكبر رداء الله ، فمن نازع الله رداءه قصمه  . وقد أخبرني أنك تكثر من الألوان المختلفة في الطعام في اليوم الواحد ، وتدهن كل يوم ، فما عليك لو صمت لله أياما ، وتصدقت ببعض ما عندك محتسبا ، وأكلت طعامك مرارا قفارا ، فإن ذلك شعار الصالحين ! أفتطمع وأنت متمرغ في النعيم ؟ ! تستأثر به على الجار والمسكين والضعيف والفقير والأرملة واليتيم ، أن يحسب لك أجر المتصدقين ! وأخبرني أنك تتكلم بكلام الأبرار ، وتعمل عمل الخاطئين ، فإن كنت تفعل ذلك فنفسك ظلمت ، وعملك أحبطت ، فتب إلى ربك يصلح لك عملك ، واقتصد في أمرك ، وقدم إلى ربك الفضل ليوم حاجتك ، وادهن غبا ، فإني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول :  ادهنوا غبا ولا تدهنوا رفها  .

 في تاريخ اليعقوبي : وجه [ علي ( عليه السلام ) ] رجلا من أصحابه إلى بعض عماله  مستحثا ، فاستخف به فكتب إليه : أما بعد ، فإنك شتمت رسولي وزجرته ، وبلغني أنك تبخر وتكثر الأدهان وألوان الطعام ، وتتكلم على المنبر بكلام الصديقين ، وتفعل إذا نزلت أفعال المحلين ، فإن يكن ذلك كذلك فنفسك ضررت وأدبي تعرضت . ويحك أن تقول العظمة والكبرياء ردائي ، فمن نازعنيهما سخطت عليه ! بل ما عليك أن تدهن رفيها ، فقد أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بذلك ؟ ! وما حملك أن تشهد الناس عليك بخلاف ما تقول ، ثم على المنبر حيث يكثر عليك الشاهد ، ويعظم مقت الله لك ، بل كيف ترجو وأنت متهوع في النعيم جمعته من الأرملة واليتيم ، أن يوجب الله لك أجر الصالحين ؟ ! بل ما عليك ، ثكلتك أمك ، لو صمت لله أياما ، وتصدقت بطائفة من طعامك ، فإنها سيرة الأنبياء وأدب الصالحين ، أصلح نفسك وتب من ذنبك وأد حق الله عليك ، والسلام .

 وفي تاريخ الطبري عن الشعبي : لما انتقض أهل الجبال وطمع أهل الخراج في كسره ، وأخرجوا سهل بن حنيف من فارس - وكان عاملا عليها لعلي ( عليه السلام ) - قال ابن عباس لعلي : أكفيك فارس . فقدم ابن عباس البصرة ، ووجه زيادا إلى فارس في جمع كثير ، فوطئ بهم أهل فارس ، فأدوا الخراج

 و عن علي بن كثير : إن عليا استشار الناس في رجل يوليه فارس حين امتنعوا من أداء الخراج ، فقال له جارية بن قدامة : ألا أدلك يا  أمير المؤمنين على رجل صليب الرأي ، عالم بالسياسة ، كاف لما ولي ؟ قال : من هو ؟ قال : زياد . قال : هو لها . فولاه فارس وكرمان ، ووجهه في أربعة آلاف ، فدوخ تلك البلاد حتى استقاموا

 وفي شرح نهج البلاغة عن علي بن محمد المدائني : لما كان زمن علي ( عليه السلام ) ولى زيادا فارس أو بعض أعمال فارس ، فضبطها ضبطا صالحا ، وجبى خراجها وحماها ، وعرف ذلك معاوية ، فكتب إليه : أما بعد ، فإنه غرتك فلاع تأوي إليها ليلا ، كما تأوي الطير إلى وكرها ، وأيم الله ، لولا انتظاري بك ما الله أعلم به لكان لك مني ما قاله العبد الصالح : ( فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون ) . وكتب في أسفل الكتاب شعرا من جملته : تنسى أباك وقد شالت نعامته  إذ يخطب الناس والوالي لهم عمر فلما ورد الكتاب على زياد قام فخطب الناس ، وقال : العجب من ابن آكلة الأكباد ، ورأس النفاق ! يهددني وبيني وبينه ابن عم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وزوج سيدة نساء العالمين ، وأبو السبطين ، وصاحب الولاية والمنزلة والإخاء في مائة ألف من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان ! أما والله لو تخطى هؤلاء أجمعين إلي لوجدني أحمر مخشا ضرابا بالسيف . ثم كتب إلى علي ( عليه السلام ) ، وبعث بكتاب معاوية في كتابه . فكتب إليه علي ( عليه السلام ) ، وبعث بكتابه : أما بعد ، فإني قد وليتك ما وليتك وأنا أراك لذلك أهلا ، وإنه قد كانت من أبي سفيان فلتة في أيام عمر من أماني التيه وكذب النفس ، لم تستوجب بها ميراثا ، ولم تستحق بها نسبا ، وإن معاوية كالشيطان الرجيم يأتي المرء من بين يديه وعن خلفه وعن يمينه وعن شماله ، فاحذره ، ثم احذره ، ثم احذره ، والسلام

 في أنساب الأشراف : كتب معاوية إلى زياد يتوعده ويتهدده ، فخطب الناس فقال : أيها الناس ، كتب إلي ابن آكلة الأكباد ، وكهف النفاق ، وبقية الأحزاب ، يتوعدني ، وبيني وبينه ابن عم رسول الله في سبعين ألفا ، قبائع سيوفهم عند أذقانهم ، لا يلتفت أحد منهم حتى يموت ، أما والله لئن وصل هذا الأمر إليه ليجدني ضرابا بالسيف

في أسد الغابة : لما ولي زياد بلاد فارس لعلي ، كتب إليه معاوية يعرض له بذلك ويتهدده إن لم يطعه ، فأرسل زياد الكتاب إلى علي ، وخطب الناس وقال : عجبت لابن آكلة الأكباد ، يتهددني ، وبيني وبينه ابن عم رسول الله في المهاجرين والأنصار . فلما وقف على كتابه علي ( عليه السلام ) كتب إليه : إنما وليتك ما وليتك وأنت عندي أهل لذلك ، ولن تدرك ما تريد إلا بالصبر واليقين ، وإنما كانت من أبي سفيان فلتة زمن عمر لا تستحق بها نسبا ولا ميراثا ، وإن معاوية يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه ، فاحذره ، والسلام

في نهج البلاغة : من كتاب له ( عليه السلام ) إلى زياد بن أبيه ، وقد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته باستلحاقه : وقد عرفت أن معاوية كتب إليك يستزل لبك ، ويستفل غربك ، فاحذره فإنما هو الشيطان ، يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه ، وعن يمينه وعن شماله ، ليقتحم غفلته ، ويستلب غرته . وقد كان من أبي سفيان في زمن عمر بن الخطاب فلتة من حديث النفس ، ونزغة من نزغات الشيطان : لا يثبت بها نسب ، ولا يستحق بها إرث ، والمتعلق بها كالواغل المدفع ، والنوط المذبذب . فلما قرأ زياد الكتاب قال : شهد بها ورب الكعبة ، ولم تزل في نفسه حتى ادعاه معاوية

(إتقان المقال /191. أعيان الشيعة 7/77. أنساب الأشراف 2/271. تنقيح المقال 1/455. جامع الرواة 1/336. الجرح والتعديل 3/539. خلاصة الأقوال /74. رجال ابن داود /99. رجال الطوسي /42. شرح ابن أبي الحديد 1/173 و20/95، 245.. قاموس الرجال 4/215. مجمع الرجال 3/69. معجم الثقات /275. منتهى المقال /141. مجالس المؤمنين 1/316. نقد الرجال /141.)