وقوف الامام علي عليه السلام عند قبرها
*- في الكافي: الهرمزاني.، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين عليهماالسلام، قال:
لمّا مرضت فاطمة عليهاالسلام بنت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله وصّت إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام أن يكتم أمرها، و يخفي خبرها، و لا يؤذن أحداً بمرضها.
ففعل ذلك، و كان يمرّضها بنفسه، و تعينه على ذلك أسماء بنت عميس رحمهااللَّه على استسرار بذلك، كما وصّت به.
فلمّا حضرتها الوفاة وصّت أميرالمؤمنين عليه السلام أن يتولّى أمرها، و يدفنها ليلاً، و يعفي قبرها.
فتولّى ذلك أميرالمؤمنين عليه السلام و دفنها، و عفى موضع قبرها.
فلمّا نفض يده من تراب القبر هاج به الحزن، فأرسل دموعه على خدّيه، و حوّل وجهه إلى قبر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله فقال:
السلام عليك يا رسول اللَّه، السلام عليك من ابنتك، و حبيبتك، و قرّة عينك، و زائرتك، والبائسة في الثرى ببقيعك، المختار اللَّه لها سرعة اللحاق بك.
قلّ يا رسول اللَّه! عن صفيّتك صبري، و ضعف عن سيّدة النساء تجلّدي، إلّا أنّ في التأسّي لي بسنّتك والحزن الّذي حلّ بي لفراقك، موضع التعزّي.
و لقد وسّدتك في ملحود قبرك بعد أن فاضت نفسك على صدري، و غمّضتك بيدي، و تولّيت أمرك بنفسي.
نعم؛ و في كتاب اللَّه أنعم القبول، إنّا للَّه و إنّا إليه راجعون، قد استرجعت الوديعة، و أخذت الرهينة، واختلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول اللَّه!
أمّا حزني فسرمد، و أمّا ليلي فمسهّد، لا يبرح الحزن من قلبي، أو يختار اللَّه لي دارك الّتي فيها أنت مقيم، كمد مقيّح، و همّ مهيّج، سرعان ما فرّق (اللَّه) بيننا.
و إلى اللَّه أشكو و ستنبّئك ابنتك بتظاهر اُمّتك عليّ و على هضمها حقّها، فاستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثّه سبيلاً، و ستقول، و يحكم اللَّه و هو خير الحاكمين.
سلام عليك يا رسول اللَّه! سلام مودّع لا سئم و لا قال، فإن انصرف، فلا
عن ملالة، و إن أقم فلا عن سوء ظنّي بما وعد اللَّه الصابرين، الصبر أيمن و أجمل.
ولولا غلبة المستولين علينا لجعلت المقام عند قبرك لزاماً، والتلبّث عنده معكوفاً، و لأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزيّة.
فبعين اللَّه تدفن بنتك سرّاً، و يهتضم حقّها قهراً، و يمنع إرثها جهراً، و لم يطل العهد، و لم يخلق منك الذكر، فإلى اللَّه يا رسول اللَّه! المشتكى، و فيك أجمل العزاء، فصلوات اللَّه عليها، و عليك و رحمةاللَّه و بركاته.
*- وفي إرشاد القلوب: من مثالبهم ما تضمّنه خبر وفاة الزهراء عليهاالسلام، قرّة عين الرسول صلى اللَّه عليه و آله و أحبّ الناس إليه، مريم الكبرى والحوراء الّتي اُفرغت من ماء الجنّة من صلب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله الّتي قال في حقّها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله:
أمّا حزني؛ فسرمد، و أمّا ليلي؛ فمسهّد، إلى أن يختار اللَّه لي دارك الّتي أنت فيها مقيم؛ كمدٌ مقيّح، و همّ مهيّج، سرعان ما فرّق بيننا.
و إلى اللَّه أشكو، و ستنبّئك ابنتك بتظافر اُمّتك على هضمها، فاحفها السؤال، و استخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثّه سبيلاً، و ستقول، و يحكم اللَّه و هو خير الحاكمين.
والسلام عليكما سلام مودّع، لا قالٍ و لا سئم، فإن أنصرف فلا عن ملالة، و إن أقم فلا عن سوء ظنّ بما وعداللَّه الصابرين.
واهاً واهاً! والصبر أيمن و أجمل، ولولا غلبة المستولين لجعلت المقام واللبث عندك لزاماً معكوفاً، و لأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزيّة.
فبعين اللَّه تدفن ابنتك سرّاً، و تهضم حقّها، و يمنع إرثها، و لم يطل العهد، و لم يخلق منك الذكر.
إلى اللَّه يا رسول اللَّه! المشتكى، و فيك يا رسول اللَّه! أحسن العزاء، صلّى اللَّه عليك و عليك، و عليهاالسلام والرضوان.
و لمّا دفنها عليّ عليه السلام قام على شفير القبر، فأنشأ يقول:
لكلّ اجتماعٍ من خليل فرقة |
و كلّ الّذي دون الفراق قليل |
|
و إنّ افتقادي فاطماً بعد أحمد |
دليل على أن لا يدوم خليل
|
|
*- و روي أنّه سوّى قبرها عليهاالسلام مع الأرض مستوياً. و قالوا: سوّى حواليها قبوراً مزوّرة مقدار سبعة حتّى لا يعرف قبرها. و روي: أنّه رشّ أربعين قبراً، حتّى لا يبيّن قبرها عليهاالسلام من غيره من القبور فيصلّوا عليها.
*- عن ابن زكريّا القطّان، عن ابن حبيب، عن محمّد بن عبيداللَّه؛ و عبداللَّه بن الصّلت الجحدريّ قالا: حدّثنا ابن عائشة، عن عبداللَّه بن عبدالرحمان الهمدانيّ، عن أبيه، قال:
لمّا دفن عليّ بن أبي طالب عليه السلام فاطمة عليهاالسلام قام على شفير القبر، و ذلك في جوف الليل، لأنّه كان دفنها ليلاً، ثمّ أنشأ يقول:
لكلّ اجتماع من خليلين فرقة |
و كلّ الّذي دون الممات قليل |
و إنّ افتقادي واحداً بعد واحد |
دليل على أن لا يدوم خليل |
ستعرض عن ذكري و تنسى مودّتي |
و يحدث بعدي للخليل خليل
|
*- عبدالرحمان الهمدانيّ و حميد الطويل: أنّه عليه السلام أنشأ على شفير قبرها:
ذكرت أبا ودّي فبتّ كأنّني |
بردّ الهموم الماضيات وكيل |
لكلّ اجتماع من خليلين فرقة |
و كلّ الّذي دون الفراق قليل |
و إنّ افتقادي فاطماً بعد أحمد |
دليل على أن لا يدوم خليل |
فأجاب هاتفاً:
يريد الفتى أن لا يموت خليله |
و ليس له إلّا الممات سبيل |
فلا بدّ من موت و لابدّ من بلى |
و أنّ بقائي بعدكم لقليل |
إذا انقطعت يوماً من العيش مدّتي |
فإنّ بكاء الباكيات قليل
|
(البحار: 43/ 211 ح 40، الكافي: 2/ 356 ح 1)