العتبة العلوية المقدسة - كلام له عليه السّلام يصف رجلين ابتعدا عن طريق الحقّ -
» » سيرة الإمام » بلاغة الامام علي وحكمته » خطب الامام علي عليه السلام » كلام له عليه السّلام يصف رجلين ابتعدا عن طريق الحقّ

كلام له عليه السّلام يصف رجلين ابتعدا عن طريق الحقّ

اِنَّ مِنْ اَبْغَضِ الْخَلْقِ اِلىَ اللَّهِ تَعالى‏ لَرَجُلَيْنِ : رَجُلٌ وَكَلَهُ اللَّهُ تَعالى‏ اِلى‏ نَفْسِهِ فَهُوَ جآئِرٌ عَنْ قَصْدِ السَّبيلِ ، مَشْغوُفٌ بِكَلامِ بِدْعَةٍ ، قَدْ لَهِجَ بِالصَّوْمِ وَ الصَّلوةِ ، فَهُوَ فِتْنَةٌ لِمَنِ افْتَتَنَ بِهِ ، ضآلٌّ عَنْ هُدى‏ مَنْ كانَ قَبْلَهُ ، مُضِلٌّ لِمَنِ اقْتَدى‏ بِهِ فى‏ حَياتِهِ وَ مَماتِهِ حَمَّالٌ خَطايا غَيْرِهِ ، رَهْنٌ بِخَطيئَتِهِ .

وَ رَجُلٌ قَمشَ جَهْلاً فى‏ جُهَّالِ النَّاسِ ، غارٌّ بِاَغْباشِ الْفِتْنَةِ قَدْ سَمَّاهُ اَشْباهُ النَّاسِ عَلَماً ، وَ لَمْ يُغْنِ فيه يَوْماً سالِماً ، بَكَّرَ فَاسْتَكْثَرَ ، ما قَلَّ مِنْهُ خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ ، حَتّى‏ اِذَا ارْتَوى‏ مِنْ اجِنٍ ، وَ اَكْثَرَ مِنْ غَيْرِ طآئِل ، جَلَسَ بَيْنَ النَّاسِ قاضِياً ، ضامِناً لِتَخْليصِ مَا الْتَبَسَ عَلى‏ غَيْرِهِ ، وَ اِنْ خالَفَ قاضِياً سَبَقَهُ ، لَمْ يَأْمَنْ اَنْ يَنْقُضَ حُكْمَهُ مَنْ يَأْتى‏ بَعْدَهُ ، كَفِعْلِهِ بِمَنْ كانَ قَبْلَهُ ، وَ اِنْ نَزَلَتْ بِهِ اِحْدىَ الْمُبْهَماتِ الْمُعْضَلاتِ هَيَّأَ لَها حَشْواً مِنْ رَأْيِهِ ، ثُمَّ قَطَعَ بِهِ فَهُوَ مَنْ لَبِسَ الشُّبَهاتِ فى‏ مِثْلِ غَزْلِ الْعَنْكَبوُتِ لا يَدْرى‏ اَصابَ اَمْ اَخْطَأَ ، لا يَحْسَبُ الْعِلْمَ فى‏ شَى‏ءٍ مِمَّا اَنْكَرَ ، وَ لا يَرى‏ اَنَّ ما بَلَغَ فيهِ مَذْهَباً ، اِنْ قاسَ شَيْئاً بِشَىْ‏ءٍ لَمْ يَكْذِبْ نَظَرَهُ ، وَ اِنْ اَظْلَمَ عَلَيْهِ اَمْرٌ اكْتَتَمَ بِهِ ، ما يَعْلَمُ مِنْ جَهْلِ نَفْسِهِ يَكِنُّ الصَّوابُ لِكَيْلا يُقالَ لَهُ لا يَعْلَمُ ، ثُمَّ يَجْسِرُ فَقَضى‏ ، فَهُوَ مَفاتيحُ عَشَواتٍ ، رَكَّابُ شَهَواتٍ ، خَبَّاطُ جَهالاتٍ ، لا يَعْتَذِرُ مِمَّا لا يَعْلَمُ فَيَسْلِمُ ، وَ لا يَعَضُّ فىِ الْعِلْمِ فَيَغْنِمُ ، يَذْرِى الرِّواياتِ ذَرْوَ الرّيحِ الْهَشيمِ ، تَبْكى‏ مِنْهُ الْمَواريثُ ، وَ تَصْرُخُ مِنْهُ الدِّمآءُ ، يَسْتَحِلُّ بِقَضآئِهِ الْفَرْجُ الْحَرامُ ، وَ يَحْرُمُ بِقَضآئِهِ الْفَرْجُ الْحَلالُ لا مَليئٌ بِاصْدارِ ما عَلَيْهِ وَرَدَ ، وَ لا هُوَ اَهْلٌ لِما مِنْهُ فَرَّطَ ، مِن اِدِّعآئِهِ عِلْمُ الْحَقِّ .