الإمام الحسين عليه السلام في الصفاح
*- المفيد : ثّم سار حتّى بلغ الصفاح ([1]) ، وروي عن الفرزدق أنّه قال : حججت بأُمّي في سنة ستّين ، فبينما أنا أسوق بعيرها حتّى دخلت الحرم إذ لقيت الحسين ( عليه السلام ) خارجاً من مكّة ، معه أسيافه وأتراسه ، فقلت : لمن هذا القطار ؟ فقيل : للحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) ، فأتيته وسلّمت عليه ، وقلت له : أعطاك الله سؤلك وأمّلك فيما تحبّ ، بأبي أنت وأُمّي يا ابن رسول الله ! ما أعجلك عن الحجّ ؟ قال : لَوْ لَمْ أُعَجِّلْ لأَُخِذْتُ ، ثمّ قال لي : مَنْ أَنْتَ ؟قلت : امرؤ من العرب ، فلا والله ! ما فتّشني عن أكثر من ذلك . ثمّ قال لي : أَخْبِرْني عَنِ النّاسِ خَلْفَكَ ؟ فقلت : الخبير سألت ، قلوب الناس معك وأسيافهم عليك ، والقضاء ينزل من السماء ، والله يفعل ما يشاء . فقال : صَدَقْتَ ، لِلّهِ الأْمْرُ [ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ] وَكُلَّ يَوْم ( رَبُّنا ) هُوَ في شَأْن ، إِنْ نَزَلَ الْقَضاءُ بِما نُحِبُّ [ وَنَرْضى ] فَنَحْمِدُ الله عَلى نَعْمائِهِ ، وَهُوَ الْمُسْتَعانُ عَلى أَداءِ الشُّكْرِ ، وَإِنْ حالَ الْقَضاءُ دُونَ الرَّجاءِ فَلَمْ يَبْعُدْ مَنْ كانَ الْحَقُّ نيَّتَهُ وَالتَّقْوى سَريرَتَهُ . فقلت له : أجل بلّغك الله ما تحبّ ، وكفاك ما تحذر ، وسألته عن أشياء من نذور ومناسك ، فأخبرني بها ، وحرّك راحلته وقال : السَّلامُ عَلَيْكَ ، ثمّ افترقنا . ([2])
*- ابن سعد أخبرنا عليّ بن محمّد ، عن الهذلي : إنّ الفرزدق قال : لقيت حسيناً فقلت بأبي أنت وأُمّي لو أقمت حتّى يصدر الناس لرجوت أن يتقصّف أهل الموسم معك . فقال : لَمْ آمَنُهُمْ يا أَبا فِراس ! . ([3])
*- ابن الجوزي : وروي أنّه ( عليه السلام ) قال له : يا فَرَزْدَقُ ! إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لَزِمُوا طاعَةَ الشَّيْطانِ ، وَتَرَكُوا طاعَةَ الرَّحْمانِ ، وَأَظْهَروُا الْفَسادَ في الأْرْضِ ، وَأَبْطَلُوا الْحُدُودَ ، وَشَرِبُوا الْخُمُورَ ، وَاسْتَأْثَروُا في أَمْوالِ الْفُقَراءِ وَالْمَساكينَ ، وَأَنا أَوْلى مَنْ قامَ بِنُصْرَةِ دينِ اللهِ وَإِعْزازِ شَرْعِهِ وَالْجِهادِ في سَبيلِهِ ، لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا . فأعرض عنه الفرزدق وسار . ([4])
وروى الدينوري : أنّ الإمام ( عليه السلام ) قال : كَيْفَ خَلَّفْتَ النّاسَ بِالْعِراقِ ؟ ([5])
*- ابن سعد : أخبرنا عليّ بن محمّد ، عن جويرية بن أسماء وعليّ بن مدرك ، عن إسماعيل بن يسار ، قال : لقي الفرزدق حسيناً بالصفاح فسلّم عليه ، فوصله بأربعمائة دينار ، فقالوا : يا أبا عبد الله ! تعطي شاعراً مبتهراً ؟ ! قال : إِنَّ خَيْرَ ما أَمْضَيْتَ ما وَقَيْتَ بِهِ عِرْضَكَ ، وَالْفَرَزْدَقُ شاعِرٌ لا يُؤمَنُ . فقال قوم لإسماعيل : وما عسى أن يقول في الحسين ومكانه مكانه ، وأبوه وأُمّه من قد علمت ؟ قال : اسكتوا ، فانّ الشاعر ملعون ، إن لم يقل في أبيه وأُمّه قال في نفسه . ([6]) وسار الحسين ( عليه السلام ) من الصفاح إلى العقيق . ([7])
([1])الصِفاح ، بكسر الصاد : موضع بين حنين وأنصاب الحرم ، على مسيرة الداخل إلى مكّة من مشاش - معجم البلدان 3 : 412 .