الإمام الحسين في بطن العقيق وذات عرق
*- الدينوري : فسار حتّى انتهى إلى بطن العقيق ، فلقيه رجل من بني عكرمة ، فسلّم عليه وأخبره بتوطيد ابن زياد الخيل ما بين القادسية إلى العذيب رصداً له . ثمّ قال له : انصرف بنفسي أنت فو الله ! ما تسير إلاّ إلى الأسنّة والسيوف ، ولا تتّكلنّ على الذين كتبوا لك ، فإنّ أولئك أوّل الناس مبادرة إلى حربك . فقال له الحسين ( عليه السلام ) : قَدْ ناصَحْتَ وَبالَغْتَ فَجُزيتَ خَيْراً . ثمّ سلّم عليه ومضى حتّى نزل بشراة بات بها ثمّ ارتحل . ([1])
*- ابن اعثم : وسار [ من العقيق ] حتّى إذا بلغ ذات عرق ([2]) فلقيه رجل من بني أسد يقال له : بشر بن غالب ، فقال له الحسين ( عليه السلام ) : مِمَّنِ الرَّجُلُ ؟ قال : رجل من بني أسد . قال : فَمِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ ، يا أَخا بَني أَسَد ! ؟ قال : من العراق . فقال : كَيْفَ خَلَّفْتَ أَهْلَ الْعِراقِ ؟ قال : يا ابن بنت رسول الله ! خلّفت القلوب معك ، والسيوف مع بني أُميّة ! فقال له الحسين ( عليه السلام ) : صَدَقْتَ يا أَخا الْعَرَبِ ! إِنَّ الله تَبارَكَ وَتَعالى يَفْعَلُ ما يَشاءُ ، وَيَحْكُمُ ما يُريدُ . فقال له الأسدي : يا ابن بنت رسول الله ! أخبرني عن قول الله تعالى : ( يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسِم بِإِمَامِهِمْ ) ([3])
؟ فقال الحسين ( عليه السلام ) : نَعَمْ يا أَخا بَني أَسَد ! هُمْ إِمامانِ : إِمامُ هُدىً دَعا إِلى هُدىً ، وَإِمامُ ضَلالَة دَعا إِلى ضَلالَة ، فَهَدى مَنْ أَجابَهُ إِلىَ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ أَجابَهُ إِلَى الضَّلالَةِ دَخَلَ النّارَ . ([4])
*- الصدوق روى بإسناده إلى أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سأل رجل يقال له : بشر بن غالب أبا عبد الله الحسين ( عليه السلام ) فقال : يا ابن رسول الله ! أخبرني عن قول الله عزّوجلّ : ( يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسِم بِإِمَامِهِمْ ) . قال : إِمامٌ دَعى [ دعا ] إِلى هُدىً فَأَجابُوهُ إِلَيْهِ ، وَإِمامٌ دَعي [ دعا ] إِلى ضَلالَة فَأَجابُوهُ إِلَيْها ، هؤُلاءِ فِي الْجَنَّةِ ، وَهؤُلاءِ فِي النّارِ ، وَهوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ( فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ) . ([5])
*- البلاذري : حدّثني أحمد بن إبراهيم الدورقي ، حدّثنا وهب بن جرير ، عن أبيه ، عن الزبير بن الخرّيت قال : سمعت الفرزدق قال : لقيت الحسين ( عليه السلام ) بذات عرق ، وهو يريد الكوفة ، فقال له : ما تَرى أَهْلَ الْكُوفَةِ صانِعينَ ؟ فَإِنَّ مَعي حِمْلاً مِنْ كُتُبِهِمْ ! قلت : يخذلونك فلا تذهب ، فإنّك تأتي قوماً قلوبهم معك وأيديهم عليك . فلم يطعني . ([6])
وما زال ( عليه السلام ) يواصل سيره حتّى أتى غمرة ، ([7]) ولمّا رحل الحسين ( عليه السلام ) من غمرة قصد مسلحاً ، ([8]) ومن المسلح إلى الأفيعية ، ([9]) وتابع سيره من الأفيعية هذه إلى معدن سليم ، ([10]) ومن معدن سليم رحل ( عليه السلام ) بظعنه إلى عمق . ([11]) ولقد اجتاز الحسين ( عليه السلام ) هذا المنزل - العمق - إلى السليلية ، ([12]) ومن السليلية سار ( عليه السلام ) بمن معه إلى مغيثة الماوان ، ([13]) وسار من المغيثة إلى النقرة . ([14])
([2])ذات عرق : مهلّ أهل العراق ، وهو الحد بين نجد وتهامة . وقيل : عرق جبل بطريق مكة ، ومنه ذات عرق . معجم البلدان 4 : 107 .
([4])الفتوح 5 : 77 ، مقتل الحسين ( عليه السلام ) للخوارزمي 1 : 220 وفيه : " فهذا ومن أجابه إلى الهدى في الجنّة وهذا ومن أجابه إلى الضلالة في النار " ، مثير الأحزان : 42 ، اللهوف : 30 ، بحار الأنوار 44 : 367 ، العوالم 17 : 217 وفي المصادر الأربعة الأخيرة إلى قوله : يحكم ما يريد .
([6])أنساب الأشراف 3 : 165 ح 29 ، تاريخ ابن عساكر ( ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ) : 208 ح 261 ، تاريخ الإسلام 5 : 10 .
([7])غَمْرَةُ : وهو منهل من مناهل طريق مكّة ومنزل من منازلها ، وهو فصل بين تهامة ونجد ، معجم البلدان 4 : 212 .
([8])مسلح ، بضمّ الميم وسكون السين : قرية بين جبلين ، ومن غمرة إلى مسلح ثمانية عشر ميلاً ، وقيل : سبعة عشر ميلاً ،
([9])أفيعية : وهي منهل لسليم ، من أعمال المدينة في الطريق النجد إلى مكّة من الكوفة ، معجم البلدان 1 : 233 .
([10])معدن بني سليم : وهو منسوب إلى فران بن بلى بن عمرو بن الخفاف بن قضاعة . ومن المعدن إلى سليلية ستّة عشرون ميلاً ، وكان معدن ذهب يستخرج في قديم الدهر ،