التحصين لأسرار ما زاد من اخبار كتاب اليقين لابن طاووس
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلاته على سيد المرسلين محمد النبي وآله الطاهرين . يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس العلوي الفاطمي : أحمد الله جل جلاله الذي أدهش جلاله لسان حال الناطقين وأفحم إفضاله بيان مقالة الحامدين وأذهل اقباله قوة المكاشفين وزلزل وصاله أقدام العارفين . وأشهد أن لا إله إلا هو شهادة أشرقت بها سراير العقل المكين وأضاءت لها نواظر قلوب أهل اليقين . وأشهد أن جدي محمدا صوات الله عليه وآله ، الذي سقاه منها بكاسات المحبة له والعناية به حتى يصل بها على الأولين والآخرين وأجلسه بشرف محلها على أرائك ممالك نهايات مسالك الدنيا والدين وخلع عليه خلع السبق للعالمين ورتبه في أعلى مراتب المخلصين وحماه ووقاه أن تقدم على كماله نقض أو نقص أو وهن أو وهم ينقله ويذهله عن أسمى وأسنى درجات السابقين . وأشهد أن نوابه في مثل هذه المراتب التي يقصر عن وصفها منطق العلماء الراسخين يجب أن يكونوا ممن سقى من تلك الكاسات شرابا طهورا ، ووقاهم من يوم كان شره مستطيرا ، وشهد لهم حيث كلفوا وشرفوا بأن قال جل جلاله : ( وكان سعيكم مشكورا ) .
وبعد ، فإن الله جل جلاله أحاط بعلمه السابق بحال عبده ، سائر به جل جلاله في مضائق مخافات ظلمات التكوين والتراب والطين والماء المهين وعقبات العلقة والمضغة والجنين ، وتنقلات المولود والرضيع والطفل المحجوب عن المعرفة بشئ من اسرار المنشئ ، والمسير في هذه الطرائق الكثيرة العوائق . فرحمني وبعث إلى من مشكاة أنواره ما احتمله حالي من الاطلاع على أسراره . فرأيت من جلاله اقتداره وهول تصرفه في تدبيري بيد اختياره وامدادي لما احتاج إليه من مناره واسعادي كما نبه لي من حوادث الدهر واخطاره ما جعلني أسيرا في قبضته وفقيرا إلى دوام رحمته وذليلا في مقدس حضرة عزته وحقيرا بين يدي جلالته وكالمجبر المقهور على طاعته فتلاقى رمقي بتشريفي بمعرفته وامسك حياتي أن تزول بهيبته لما أنسها من مشافهته حتى صرت حيا لعوارفه وعواطفه وميتا بتهديده ومخاوفه ومتالفه . فيا عجبا من جمعه بين الأضداد ، من وصفى بالبقاء ووصفي بالفناء والنفاد . وكان من جملة عوارفه إرشادي إلى من يدعوني إليه ، وانجادي لمن يدلني عليه وإمدادي لما يقويني على سلامتي بين يديه والظفر بسعادتي يوم القدوم عليه . وكان من جملة ثمرات عواطفه أن جنح بين يدي إلهامي بتعظيم العزيزين عليه والدعاة إليه وذكر آياتهم ونشر معجزاتهم وسطر كراماتهم الدالة عليه جل جلاله وعلى علو مقاماتهم ، فصنفت فيها . ومنها ما رجوت أن أكون فيه أولا في البرهان والبيان ومتأخرا في الزمان والمكان .
* ( فصل ) * : وكان من أواخر ما صنفته - وقد تجاوز عمري عن السبعين ومفارقتي للدنيا الداثرة ومجاوزتي لسعادتي في الآخرة - كتاب ( الأنوار الباهرة في انتصار العترة الطاهرة بالحجج القاهرة ) وكتاب ( اليقين في اختصاص مولانا علي عليه السلام بإمرة المؤمنين ) . وسبق هذا الكتاب في منهاجه من لم يدركه عن الماضين وعلا في معراجه على من عجز عن مثله من المصنفين والحافظين ، وتحدى بلسان حاله تحديا أقر له من تحداه بالتصديق في دعواه وشهد له أيضا من لم يتخذ بمقتضاه : أنه إنفرد بالتوفيق والتحقيق فيما حواه .
* ( فصل ) * : وكان قد ضمنته ثلاثمائة حديث وتسعة أحاديث في تسمية مولانا على صلوات الله عليه ( أمير المؤمنين ) ، ما يقوم به الحجة لرب العالمين وسيد المرسلين في ولايته عليه السلام وخلافته على كل من بعث إليه خاتم النبيين من الخلائق أجمعين .
* ( فصل ) * : وذكرت فيه أحدا وخمسين حديثا في تسميته عليه السلام ( إمام المتقين ) وما يفهم منه الخلافة على المسلمين ، وأحدا وأربعين حديثا [ في ] تسميته ( يعسوب المؤمنين ) . والمفهوم من الجميع المقرين والجاحدين : ثبوت رياسته وإمامته بعد محمد صلوات الله عليه ، على الأقربين والأبعدين والحاضرين والغائبين .
* ( فصل ) * : وكنت قد وجدت نحو خمسين حديثا في معاني أبواب كتاب اليقين ، مصنفها غير من ذكرناه ، إذ طرقها غير ما تضمنه ما رويناه فيه عن المخالفين أو الموافقين . وأشفقت ان تضيع باهمالها وانه لا يظفر غيرنا بحالها وان أكون يوم القيامة مطالبا بجمع شتاتها ونفع مهماتها .
* ( فصل ) * : واقتضت الاستخارة : انني أفردها وما عساه فات ، في كتاب واصف لما أستر من اسرارها وكاشف لأنوارها ، وان أجلو على أهل الجهالة وجوه جمالها وأدعو إلى أهل بيت الرسالة بلسان حالها .
* ( فصل ) * : وأن يكون زيادة في الحجج البالغة والآيات القاطعة الدامغة وقد سميته : ( كتاب التحصين لأسرار ما زاد من أخبار كتاب اليقين ) . وهذا حين الابتداء في أبواب هذا الكتاب .
القسم الأول من كتاب التحصين :
الأحاديث المتضمنة لتسميته عليه السلام بأمير المؤمنين
* الباب - فيما نذكره من قول رسول الله صلى الله عليه وآله أن عليا أمير المؤمنين بولاية الله عز وجل عقدها له فوق عرشه واشهد على ذلك ملائكته . رأينا ذلك في كتاب ( نور الهدى والمنجى من الردى ) تأليف الحسن بن أبي طاهر أحمد بن محمد بن الجاوابي ، وعليه خط الشيخ السعيد الحافظ محمد بن محمد المعروف بابن الكمال بن هارون ، وانهما قد اتفقا على تحقيق ما فيه وتصديق معانيه . فقال ما هذا لفظه : جعفر بن محمد بن مسرور قال : حدثنا الحسين بن محمد بن عامر عن عمه عبد الله بن عامر عن ابن أبي عمير عن حمزة بن حمران عن أبيه عن أبي حمزة عن علي بن الحسين عن أبيه عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم ، أنه جاء إليه رجل فقال له : يا أبا الحسن ، انك تدعى أمير المؤمنين ، فمن امرك عليهم ؟ قال : الله عز وجل أمرني عليهم . فجاء الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : يا رسول الله ، أتصدق عليا فيما يقول : ( إن الله امره على خلقه ) ؟ فغضب النبي صلى الله عليه وآله ، ثم قال : إن عليا أمير المؤمنين بولاية الله عز وجل ، عقدها له فوق عرشه واشهد على ذلك ملائكته . أن عليا خليفة الله وحجة الله وإنه إمام المسلمين ، طاعته مقرونة بطاعته ومعصيته مقرونة بمعصيته . فمن جهله فقد جهلني ومن عرفه عرفني ومن أنكر إمامته فقد أنكر نبوتي ومن جحد إمرته فقد جحد رسالتي ومن دفع فضله فقد نقضني ومن قاتله فقد قاتلني ومن سبه فقد سبني ، لأنه خلق من طينتي ، وهو زوج فاطمة ابنتي وأبو ولدي الحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين حجج الله على خلقه . أعداؤنا أعداء الله وأولياؤنا أولياء الله .
* الباب - فيما نذكره من أمر النبي صلى الله عليه واله تسعة رهط من الصحابة بالتسليم على على بإمرة المؤمنين بأمر رب العالمين . نذكره من كتاب ( نور الهدى والمنجى من الردى ) الذي قدمنا الإشارة إليه ، وقد كنا ذكرنا في كتاب اليقين أسناد بعض هذا الحديث بطريق معتمد عليه ، ووجدناه هيهنا محذوف الاسناد فنذكره بلفظه فقال : بحذف الاسناد عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن الله بعث جبرئيل إلى محمد أن يشهد لعلي بالولاية في حياته ويسميه ( أمير المؤمنين ) . فدعا النبي صلى الله عليه واله تسعة رهط . فقال : إنما دعوتكم لتكونوا شهداء في الأرض أقمتم أم كتمتم . وكانوا : حبتر وزفر وسلمان وأبو الذر والمقداد وعمار وحذيفة وعبد الله بن مسعود وبريدة الأسلمي وكان أصغر القوم . فقال صلى الله عليه واله للأول : قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين . فقال : من الله ورسوله ؟ فقال : نعم . ثم قال للاخر : قم فسلم . فقال مثل قول صاحبه ، وأمر الباقين بالسلام ، فلم يقل أحد منهم كمقالهما . فانزل الله تعالى : ( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ) إلى قوله تعالى : ( وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ) . وخرجا ويد كل واحد منهما في يد صاحبه وهما يقولان : والله لا يسلم له شيئا مما قال ابدا . قال : فسمعها غلام حدث السن من الأنصار ، فقال لهما : ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله فقلتم ( لا يسلم ) ؟ قالا : ما أنت وذاك ، امض عملك ! قال : والله ما ناصحت الله ورسوله ان مضيت . قالا : اذن والله نحلف لرسول الله صلى الله عليه واله فيصدقنا ويكذبك . قال : والله انى ما أبرح حتى يخرج رسول الله صلى الله عليه واله أو يؤذن لي عليه . فاستأذن ودخل فقال : يا رسول الله ، بأبي وأمي ، ان فلانا وفلانا خرجا وهما يقولان : والله ما يسلم له قال أبدا . فقال صلى الله عليه واله : فعلا ورب الكعبة . وقد أخبرني الله بما قالا وبما هما قائلان . علي بهما . فجئ بهما فقال : ما قلتما آنفا ؟ فقالا : والذي لا إله إلا هو ، ما قلنا شيئا ! قال : والله هو أصدق منكما ، وقد أخبرني الله بمقالتكما وأنزل علي كتابا : ( يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا . . . ) إلى آخر الآية . قال : وكان من رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان وولى ، وكان بريدة غائبا ، فلما قدم قال : أنسيت أم تناسيت أم جهلت أم تجاهلت ؟ أوما سلمنا عليه بإمرة المؤمنين وكنت أصغر القوم سنا ؟ قال : بلى ، ولكن غبت وحضرنا والامر يحدث بعده للأمة ، ولم يكن ليجمع الله الملك النبوة والخلافة لأهل البيت .
* (الباب -) فيما نذكره من قول النبي صلى الله عليه واله لعلي عليه السلام أنت أمير المؤمنين وإمام المتقين ، على أنت سيد الوصيين ووارث علم النبيين وخير الصديقين وأفضل السابقين . نذكره من كتاب ( نور الهدى والمنجى من الردى ) الذي قدمنا ذكره ، فقال ما هذا لفظه : نوح بن أحمد بن الحسين عن إبراهيم بن أحمد بن أبي حصين قال : حدثني جدي عن يحيى بن عبد الحميد قال : حدثني ميسرة بن الربيع عن سليمان الأعمش عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه عليه السلام قال : حدثني أبي أمير المؤمنين علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي ، أنت أمير المؤمنين وإمام المتقين . يا علي ، أنت سيد الوصيين ووارث علم النبيين وخير الصديقين وأفضل السابقين . يا علي ، أنت مولى المؤمنين والحجة بعدي على الناس أجمعين ، استوجب الجنة من والاك واستحق دخول النار من عاداك . يا علي ، والذي بعثني بالنبوة واصطفاني على جميع البرية لو أن عبدا عبد الله الف عام ما قبل الله ذلك منه إلا بولايتك وولاية الأئمة من ولدك وإن ولايتك لا يقبل إلا بالبراءة من أعدائك وأعداء الأئمة من ولدك . بذلك أخبرني جبرئيل فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر .
* الباب - فيما نذكره من تسمية جبرئيل لعلي عليه السلام بأمير المؤمنين ، نذكره من كتاب ( نور الهدى والمنجى من الردى ) الذي وصفناه ، فقال ما هذا لفظه : أبو عبد الله أحمد بن محمد بن أيوب عن علي بن محمد بن عيينة عن بكر بن أحمد ، وحدثنا أحمد بن محمد الجراح قال : حدثنا أحمد بن الفضل الأهوازي قال : حدثنا بكر بن أحمد بن محمد عن علي عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه عن محمد بن علي عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها وعمها الحسن بن علي عليه السلام قالا : حدثنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما دخلت الجنة رأيت فيها شجرة تحمل الحلى والحلل ، أسفلها خيل بلق وأوسطها الحور العين وفي أعلاها الرضوان ، قلت : يا جبرئيل ، لمن هذه الشجرة ؟ قال : هذه لابن عمك أمير المؤمنين علي أبي طالب عليه السلام ، فإذا أمر الله تعالى الخليقة بدخول الجنة يؤتى بشيعة علي حتى ينتهي بهم إلى هذه الشجرة ، فيلبسون من الحلى والحلل ويركبون الخيل البلوق وينادي مناد : ( هؤلاء شيعة علي ، صبروا في الدنيا على الأذى فحيوا اليوم بهذا ) .
* الباب - فيما نذكره من تسمية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام بأمير المؤمنين ، نذكره من كتاب ( نور الهدى والمنجى من الردى ) الذي أشرنا اليه ، فقال ما هذا لفظه : أبو محمد الفحام قال : حدثني عمي قال : حدثني إسحاق بن عبدوس قال : حدثني محمد بن بهار بن عمار قال : حدثنا زكريا بن يحيى عن جابر عن إسحاق بن عبد الله بن الحرب عن أبيه عن أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه قال : أتيت النبي صلى الله عليه وآله وعنده أبو بكر وعمر ، فجلست بينه وبين عايشة . فقالت عايشة : ما وجدت إلا عندي أو عند رسول الله ؟ فقال : مه يا عايشة ، لا تؤذيني في علي ، فإنه أخي في الدنيا وأخي في الآخرة وهو أمير المؤمنين يجلسه الله يوم القيامة على الصراط فيدخل أوليائه الجنة وأعدائه النار .
* الباب - فيما نذكره من تسمية الله جل جلاله عليا عليه السلام أمير المؤمنين حقا . نذكره أيضا من كتاب ( نور الهدى والمنجى من الردى ) ، الذي أشرنا إليه ، فقال ما هذا لفظه : ابن الصلت قال : أخبرنا ابن عقدة قال : أخبرني محمد بن هارون الهاشمي قراءة عليه قال : أخبرنا محمد بن مالك بن إبراهيم بن مالك الأشتر النخعي قال : حدثنا محمد بن فضيل بن غزوان الضبي قال : حدثنا غالب الجهني عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله . لما اسرى بي إلى السماء ثم من سماء إلى سماء ثم إلى سدرة المنتهى أوقفت بين يدي ربي عز وجل فقال لي : يا محمد . قلت : لبيك ربي وسعديك . قال : قد بلوت خلقي فأيهم وجدت أطوع لك ؟ قلت : رب عليا . قال : صدقت يا محمد ، فهل اتخذت لنفسك خليفة يؤدي عنك ويعلم عبادي من كتابي ما لا يعلمون ؟ قال : قلت : اختر لي . قال : قد اخترت لك عليا فاتخذه لنفسك خليفة ووصيا وتجليه علمي وحلمي ، وهو أمير المؤمنين حقا لم ينلها أحد قبله ولا أحد بعده . يا محمد ، على راية الهدى وإمام من أطاعني ونور أوليائي وهي الكلمة التي ألزمتها اليقين . من أحبه فقد أحبني ومن أبغضه فقد أبغضني فبشره بذلك يا محمد . فقال النبي صلى الله عليه واله : رب فقد بشرته . فقال علي عليه السلام : أنا عبد الله وفي قبضته ، إن يعذبني فبذنوبي لم يظلمني شيئا وإن يتم لي ما وعدني فالله أولى بي . فقال : اللهم أجل قلبه واجعل ربيعه الايمان بك . قال : قد فعلت ذلك به يا محمد ، غير أنى مختصه بشئ من البلاء لم اختص به أحدا من أوليائي . قال : قلت : رب أخي وصاحبي ؟ ! قال : انه قد سبق في علمي أنه مبتلى ومبتلى به ولولا علي لم يعرف لا أوليائي ولا أولياء رسلي . قال محمد بن مالك : فلقيت نصر بن مزاحم المنقري فحدثني عن غالب الجهني عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما اسرى بي إلى السماء . . . وذكر مثله سواء . وقال محمد بن مالك : ولقيت علي بن موسى بن جعفر الرضا فذكرت له هذا ، فقال : حدثني به أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر عن أبيه عن جده عن الحسين بن علي عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : لما اسرى بي إلى السماء ثم من السماء إلى السماء ثم إلى سدرة المنتهى . . . وذكر الحديث بطوله .
* الباب - فيما نذكره من تسمية الله جل جلاله عليا أمير المؤمنين حقا لم ينلها أحد قبله وليست لاحد بعده . رأينا ذلك في كتاب ( نور الهدى والمنجى من الردى ) بطريق آخر غير ما قدمنا ، فقال ما هذا لفظه : الحفار قال : حدثنا ابن الجعابي قال : حدثنا أبو إسحاق محمد بن هارون الهاشمي قال : حدثنا محمد بن زياد الثقفي قال : حدثنا محمد بن فضيل بن غزوان قال : حدثنا غالب الجهني عن أبي جعفر محمد بن علي عن أبيه عن جده قال : قال علي صلوات الله عليه : قال النبي صلى الله عليه واله : لما اسرى بي إلى السماء ثم من السماء إلى سدرة المنتهى ووقفت بين يدي ربي عز وجل فقال لي : يا محمد . قلت : لبيك وسعديك . قال : قد بلوت خلقي فأيهم رأيت أطوع لك ؟ قلت : رب عليا . قال : صدقت يا محمد ، فهل اتخذت لنفسك خليفة يؤدي عنك ويعلم عبادي من كتابي ما لا يعلمون ؟ قال : قلت : اختر لي فان خيرتك خير لي . قال : قد اخترت لك عليا فاتخذه لنفسك خليفة ووصيا وتجليه علمي وحلمي ، وهو أمير المؤمنين حقا لم ينلها أحد قبله وليست لأحد بعده . يا محمد ، علي راية الهدى وإمام من أطاعني ونور أوصيائي ، وهو الكلمة التي ألزمتها اليقين . من أحبه أحبني ومن أبغضه فقد أبغضني . فبشره بذلك يا محمد . قلت : رب بشرته . فقال علي عليه السلام : أنا عبد الله وفي قبضته ، إن يعاقبني فبذنوبي لم يظلمني شيئا ، وإن يتم لي ما وعدني فالله مولاي . قال : اللهم أجل قلبه واجعل ربيعه الايمان بك . قال : قد فعلت ذلك به يا محمد ، غير أنى مختصة بشئ من البلاء لم اختص به أحدا من أوليائي . قال : قلت : ربي ، أخي وصاحبي ؟ ! قال : قد سبق في علمي أنه مبتلى ، لولا علي لم يعرف خيرتي ولا أوليائي ولا أولياء رسلي .
* الباب - فيما نذكره عن النبي صلى الله عليه وآله ان ( طوبى لهم وحسن مآب ) نزلت في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام . نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) الذي أشرنا إليه ، فقال ما هذا لفظه : أبو القاسم جعفر بن مسرور الخادم عن الحسين بن محمد عن إبراهيم بن محمد بن بلال عن إبراهيم بن صالح الأنماطي عن عبد الصمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه عليهم السلام قال : سئل النبي صلى الله عليه واله عن قوله تعالى : ( طوبى لهم وحسن مآب ) . قال : قد نزلت في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب . و ( طوبى ) شجرة في دار أمير المؤمنين في الجنة ليس في الجنة شئ إلا وهو فيها . * الباب - فيما نذكره من قوله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام ( أنت أمير المؤمنين وشيعتك المؤمنون ) نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) ) ، فقال ما هذا لفظه : أبو الحسن علي بن محمد بن قيلويه عن أبي عبد الله محمد بن أحمد عن حمران بن عبد الحميد عن محمد بن صدقة عن موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن الحسين بن علي عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : إن الله تعالى لما خلق جنة عدن قال لها : تزيني فتزينت ثم ماست . فقال لها : قري ، فو عزتي وجلالي ما خلقتك إلا للمؤمنين . فطوبى لك وطوبى لسكانك . ثم قال : يا علي ، أنت أمير المؤمنين وشيعتك المؤمنون ، والذي بعثني بالحق نبيا يا علي ، ما خلقت جنة عدن إلا لك ولشيعتك .
* الباب - فيما نذكره من أن حول العرش مكتوب بخط جليل : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، على أمير المؤمنين ، نذكره من كتاب ( نور الهدى ) بما هذا لفظه : يعقوب بن يزيد عن الصفار عن الحسن بن علي بن فضال عمن اخبره عن أبي عبد الله عليه السلام قال : مسطور حول العرش بخط جليل : ( لا اله إلا الله ، محمد رسول الله ، على أمير المؤمنين ) . أقول : وهذا الحديث ذكرناه في كتاب اليقين باسناد متصل عن رواة معروفين .
* الباب - فيما نذكره من تسمية الله جل جلاله لعلى عليه السلام بأمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين على لسان سيد المرسلين ، نذكر الراوي للحديث بلفظه من كتاب ( نور الهدى ) الذي أشرنا إليه ، فقال : أبو حمزة : سمعت أبا بصير يسئل أبا عبد الله عليه السلام : كم عرجرسول الله صلى الله عليه واله مرة ؟ قال : فقال : مرتين . فأوقفه جبرئيل موقفا فقال له ميكائيل : يا محمد ، لقد وقفت موقفا ما وقفه نبي ولا ملك مقرب . ثم قال عن الله جل جلاله إنه قال : يا محمد ، فقال : لبيك ربي . فقال : من لأمتك بعدك ؟ فقال : اللهم أنت أعلم . فقال : علي أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين . قال : ثم قال : والله ما جاءت ولاية علي من الأرض ولكن جاءت من الله مشافهة .
* الباب - فيما نذكره من تسميته رسول الله صلى الله عليه واله ( أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين ويعسوب الدين ) : بالاسناد الذي ذكره مصنف كتاب ( نور الهدى ) إلى الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي قال : حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي قال : حدثنا محمد بن ظهير قال : حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : يوم غدير خم أفضل أيام أمتي ، وهو اليوم الذي أمرني الله تعالى بنصب أخي علي بن أبي طالب علما لأمتي يهتدون به من بعدي . وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأتم على أمتي فيه النعمة ورضى لهم الاسلام دينا . ثم قال صلى الله عليه واله : معاشر الناس ، إن علي بن أبي طالب مني وإنا منه . علي خلق من طينتي وهو إمام الخلق بعدي يبين لهم ما اختلفوا فيه من سنتي . وهو أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين ويعسوب الدين وخير الوصيين وزوج سيدة نساء العالمين وأبو الأئمة المهديين . معاشر الناس ، من أحب عليا أحببته ومن أبغض عليا أبغضته ومن وصل عليا وصلته ومن قطع عليا قطعته ومن جفا عليا جفوته ومن والى عليا واليته ومن عادى عليا عاديته . معاشر الناس ، أنا مدينة العلم وعلي بن أبي طالب بابها ، ولن يؤت المدينة إلا من قبل الباب وكذب من زعم أنه يحبني ويبغض عليا . معاشر الناس ، والذي بعثني بالنبوة واصطفاني على جميع البرية ، ما نصب عليا علما لأمتي في الأرض حتى يؤت الله باسمه في سماواته وأوجب ولايته على ملائكته .
* الباب - فيما نذكره من كتاب ( نور الهدى ) في تسمية رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام العروة الوثقى وسيد الوصيين وأمير المؤمنين . فقال ما هذا لفظه : أبو عبد الله الحسن بن هارون الضبي عن أحمد بن محمد عن علي بن محمد عن أبيه [ محمد بن علي عن أبيه علي بن موسى ] عن [ موسى بن جعفر عن أبيه ] جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه [ عن علي ] عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : سيكون بعدي فتنة مظلمة ، الناجي من يمسك بعروة الله الوثقى . فقيل له : يا رسول الله ، وما العروة الوثقى ؟ قال : ولاية سيد الوصيين . قيل : يا رسول الله ، ومن سيد الوصيين ؟ قال : أمير المؤمنين . قيل : ومن أمير المؤمنين ؟ قال : مولى المسلمين وإمامهم بعدي . قيل : ومن مولى المسلمين ؟ قال : أخي علي بن أبي طالب .
* الباب - فيما نذكره من شهادة رسول الله صلى الله عليه وآله : إن عليا وصيه وخليفته وإمام كل مسلم وأمير كل مؤمن بعده . نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) بلفظه : محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله قال : حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن سعيد عن الحسين بن خالد عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السلام ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من أحب أن يتمسك بديني ويركب سفينة النجاة بعدي فليقتد بعلي بن أبي طالب وليعاد عدوه وليوال وليه فإنه وصيي وخليفتي على أمتي في حياتي وبعد وفاتي وهو إمام كل مسلم وأمير كل مؤمن بعدي . قوله قولي وأمره أمري ونهيه نهيي وبايعه بعدي وناصره ناصري وخاذله خاذلي . ثم قال صلى الله عليه واله : من فارق عليا بعدي لم يرني ولم أره يوم القيامة ، ومن خالف عليا حرم الله عليه الجنة وجعل مأواه النار ، ومن خذل عليا خذله الله يوم يعرض عليه ، ومن نصر عليا نصره الله يوم يلقاه ولقنه حجته عند المسائلة . ثم قال عليه السلام : والحسن والحسين إماما أمتي بعد أبيهما وسيدا شباب أهل الجنة ، أمهما سيدة نساء العالمين وأبوهما سيد الوصيين . ومن ولد الحسين تسعة أئمة ، تاسعهم القائم من ولدى ، طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي . إلى الله أشكو المنكرين لفضلهم والمضيعين لحرمتهم بعدي وكفى بالله وليا وناصرا لعدتي وأئمة أمتي ، ومنتقما من الجاحدين لحقهم ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) .
* الباب - فيما نذكره من تسمية رسول الله صلى الله عليه واله أنه أمير المؤمنين وسيد المسلمين وخير الوصيين وأولي الناس بالنبيين وقائد الغر المحجلين نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) فقال ما هذا لفظه : محمد بن حماد بن بشير عن محمد بن الحسن بن محمد بن جمهور قال : حدثني أبي عن الحسين بن عبد الكريم عن إبراهيم بن ميمون وعثمان بن سعيد عن عبد الكريم بن يعفور عن جابر الجعفي عن أنس بن مالك قال : كنت خادما لرسول الله صلى الله عليه واله ، فبينما أوضيه إذ قال صلى الله عليه واله : يدخل داخل هو أمير المؤمنين وسيد المسلمين وخير الوصيين وأولى الناس بالنبيين وقائد الغر المحجلين . قلت : اللهم اجعله رجلا من الأنصار ، حتى إذا فرغ فإذا هو بعلى بن أبي طالب . فلما دخل عرق وجه النبي صلى الله عليه واله عرقا شديدا فمسح النبي صلى الله عليه واله العرق من وجهه بوجه علي عليه السلام . فقال علي عليه السلام : يا رسول الله ، انزل في شئ ؟ قال : أنت مني ، وتؤدي عني وتبرئ ذمتي وتبلغ رسالتي . فقال علي عليه السلام : يا رسول الله ، أو لم تبلغ الرسالة ؟ فقال صلى الله عليه واله : بلى ، ولكن تعلم الناس من بعدي من تأويل القرآن ما لم يعلموا وتخبرهم به .
* الباب - فيما نذكره من أن مناديا ينادى يوم القيامة بتسمية مولانا علي عليه السلام سيد المؤمنين ، نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) الذي أشرنا اليه فقال ما هذا لفظه : محمد بن أحمد بن موسى قال : حدثنا هلال بن محمد قال : حدثنا إسماعيل بن علي بن رزين بن عثمان قال : حدثنا مجاشع بن عمر عن ميسرة بن عبد الله عن عبد الكريم الجزري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، انه سئل عن قول الله عز وجل ( وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما ) . قال : سأل قوم النبي صلى الله عليه واله : فيمن نزلت هذه الآية يا نبي الله ؟ قال : إذا كان يوم القيامة عقد لواء من نور ابيض فإذا مناد : ( ليقم سيد المؤمنين ومعه الذين آمنوا ، فقد بعث محمد صلى الله عليه واله . فيقوم علي بن أبي طالب عليه السلام ، فيعطي اللواء من النور الأبيض بيده ، تحته جميع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار لا يخلطهم غيرهم ، حتى يجلس على منبر من نور رب العزة ، ويعرض الجميع عليه رجلا رجلا فيعطي اجره ونوره . فإذا أتى على آخرهم قيل لهم : قد عرفتم صفيكم ومنازلكم من الجنة ، إن ربكم يقول لكم : عندي مغفرة واجرا عظيما يعني الجنة . فيقوم علي عليه السلام والقوم تحت لوائه معهم حتى يدخل بهم الجنة . ثم يرجع إلى منبر فلا يزال يعرض عليه جميع المؤمنين فيأخذ نصيبه منهم إلى الجنة وينزل أقواما إلى النار . فذاك قوله تعالى : ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم اجرهم ونورهم ) يعني للسابقين الأولين والمؤمنين وأهل الولاية . ( والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم ) يعني بالولاية بحق علي وحق علي الواجب على العالمين .
* الباب - فيما نذكر من أن الله جل جلاله يجعل ملكين على الصراط فلا يجوز أحد إلا أن يكون معه جواز من علي عليه السلام صورته : ( لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، أمير المؤمنين وصي رسول الله صلى الله عليه واله ، نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) ، فقال ما هذا لفظه : أبو عبد الله محمد بن وهبان عن أحمد بن إبراهيم بن محمد الثقفي عن يحيى بن عبد القدوس عن علي بن محمد الطيالسي عن وكيع بن الجراح عن فضيل بن مرزوق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول : إذا كان يوم القيامة أمر الله ملكين يقعدان على الصراط فلا يجوز أحد إلا ببراءة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومن لا يكون معه براءة أمير المؤمنين أكبه الله على شجرة في النار وذلك قوله تعالى : ( وقفوهم انهم مسؤولون ) . قال : فقلت بأبي وأمي : يا رسول الله ، ما معنى براءة أمير المؤمنين ؟ قال : ( لا إله إلا الله ، محمد رسول الله أمير المؤمنين وصي رسول الله صلى الله عليه واله ) . أقول أنا : وهذا الحديث ذكرناه في كتاب اليقين بهذا الطريق ، لكننا حيث ذكرنا ما تضمنه كتاب ( نور الهدى ) من أحاديثه ، رأينا أن يذكر في جملتها لئلا يتفرق بعضها عن بعض ، ولأن الحديث غريب جليل فتكراره في كتابين من المهمات ، ولأن الذي رويناه عن المخالفين انه ( لا يجوز أحد الصراط إلا من كان معه جواز من علي عليه السلام ) ولم يذكروا في رواياتهم صورة لفظ الجواز وكان الاهتمام به مما ينبغي بشره ليظهر في الروايات .
* الباب - فيما نذكره من قول النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام ( أنك أصل الدين ومنار الايمان وغاية الهدى وأمير الغر المحجلين ) نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) فقال ما هذا لفظه : عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : دعا رسول الله بطهور . فلما فرغ أخذ بيد علي فالزمها يده . ثم قال : يا علي ، أنت أصل الدين ومنار الايمان وغاية الهدى وأمير الغر المحجلين . اشهد لك بذلك .
* الباب - فيما نذكره من تسمية النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام ( إمام المسلمين وأمير المؤمنين ومولاهم بعده ) . نذكره من كتاب ( نور الهدى ) : بالاسناد الذي ذكره إلى محمد بن إسماعيل البرمكي قال : حدثنا جعفر بن أحمد بن محمد التميمي عن أبيه ، قال : حدثنا عبد الملك بن عميرة الشيباني عن أبيه عن جده عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أنا سيد الأنبياء والمرسلين وأفضل من الملائكة المقربين ، وأوصيائي سادة أوصياء النبيين والمرسلين ، وذريتي أفضل ذريات النبيين والمرسلين ، وأصحابي الذين سلكوا منهاجي أفضل أصحاب النبيين والمرسلين ، وابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين ، والطاهرات من أزواجي أمهات المؤمنين ، وأمتي خير أمة أخرجت للناس ، وأنا أكثر النبيين تبعا يوم القيامة ، ولي حوض عرضه ما بين قصرى وصنعاء فيه من الأباريق بعدد نجوم السماء ، وخليفتي على الحوض يومئذ خليفتي في الدنيا . فقيل : ومن ذاك ؟ قال : إمام المسلمين وأمير المؤمنين ومولاهم بعدي علي بن أبي طالب ، يسقى منه أوليائه ويذود عنه أعدائه كما يذود أحدكم الغريبة من الإبل عن الماء . ثم قال صلى الله عليه واله : من أحب عليا وأطاعه في دار الدنيا ورد على حوضي غدا وكان معي في درجتي في الجنة ، ومن أبغض عليا في دار الدنيا وعصاه لم أره ولم يرني يوم القيامة باحثا من دوني وأخذ به ذات الشمال إلى النار .
* الباب - فيما نذكره عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لعلي عليه السلام : ( أنت إمام المسلمين وأمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين وحجة الله بعدي على الخلق أجمعين وسيد الوصيين ووصي سيد النبيين ) . نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) أيضا . فقال : باسناده إلى موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن زيد عن علي بن سالم عن أبيه عن سعيد بن طريف عن سعيد جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام : يا علي ، أنت إمام المسلمين وأمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين وحجة الله بعدي على الخلق أجمعين وسيد الوصيين ووصى سيد النبيين . يا علي ، إنه لما عرج بي إلى السماء السابعة ومنها إلى سدرة المنتهى ومنها [ إلى ] حجب النور ، وأكرمني ربي جل جلاله لمناجاته قال لي : يا محمد . قلت : لبيك رب وسعديك ، تباركت وتعاليت . قال : ان عليا إمام أوليائي ونور لمن أطاعني وهو الكلمة التي ألزمتها اليقين . من اطاعه أطاعني ومن عصاه عصاني فبشره بذلك . فقال علي عليه السلام : يا رسول الله ، بلغ من قدري حتى أذكر هناك ؟ ! قال : نعم يا علي ، فاشكر ربك . فخر علي عليه السلام ساجدا ، شكرا لله على ما أنعم به عليه .
* الباب - فيما نذكره من قول النبي صلى الله عليه وآله لأم سلمة : اشهدي هذا علي أمير المؤمنين وسيد المسلمين ، نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) أيضا ، فقال ما هذا لفظه : بحذف الاسناد عن سليمان الأعمش عن عباية عن ابن عباس : كان جالسا بمكة يحدث على شفير زمزم ، فلما قضى حاجته نهض اليه رجل من القوم وقال : يا بن عباس ، إني رجل من أهل الشام . قال : عون كل ظالم إلا من عصمه الله منكم ! سل عما بدا لك قال : يا بن عباس ، اني جئت أسئلك عن علي عليه السلام وعن قتاله أهل لا اله إلا الله ، أيكفروا بقتاله وهم يحجون ويصومون شهر رمضان ؟ فقال : ثكلتك أمك ، سل عما يعنيك ولا تسئل عما لا يعنيك . فقال : يا عبد الله ، ما جئت اضرب من أجل حج ولا عمرة ، ولكن جئتك لتشرح لي أمر على وقتاله . فقال : ويحك ان علم العالم صعب لا يحمل ولا يقر به القلوب . ان عليا مثله في هذه الأمة كمثل موسى والعالم ، وذلك أن الله تعالى قال لموسى : ( وانى اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين ) وقال : ( وكتبنا في الألواح من كل شئ موعظة ) وكان يرى أن جميع الأشياء أثبتت له كما ترون أنتم ان علمائكم قد أثبتوا لكم جميع الأشياء . فلما انتهى إلى ساحل البحر اتى موسى العالم واستنطقه فاقر له موسى بالفضل عليه ، ولم يحسده كما حسدتم أنتم عليا في فعاله ، فقال له موسى - ورغب إليه - : ( هل اتبعك على أن تعلمني ) ؟ فعلم العالم ان موسى لا يطيق صحبته ولا يصبر على علمه ، فقال له ، ( لن تستطيع معي صبرا ) فقال له موسى عليه السلام - وهو يعتذر إليه - : ( ستجدني إن شاء الله صابرا ) فعلم العالم ان موسى لا يصبر على علمه ، فقال له : ( فإن اتبعتني فلا تسئلني عن شئ ) فركب السفينة فخرقها العالم وكان خرقها لله رضا وسخط لذلك موسى عليه السلام ، ولقى الغلام فقتله وكان قتله لله رضا ، وأقام الجدار وكان اقامته لله رضا وموسى سخط . وكذلك علي بن أبي طالب لم يقتل إلا من كان قتله لله رضا ولأهل الجهل من الناس سخطا . إجلس حتى أخبرك : أن رسول الله صلى الله عليه واله تزوج زينب بنت جحش فأولم وكانت وليمته الحيس وكان يدعوهم عشرة عشرة من المؤمنين وكان رسول الله صلى الله عليه واله يشتهى أن يخففوا عنه ويخلو له المنزل لأنه قريب عهد بالعرس وكان محبا لزينب ، وكان يكره اذى المؤمنين ، فأنزل الله قرآنا فيه أدب للمؤمنين ، قوله تعالى : ( لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم ) إلى آخر الآية . وكان النبي صلى الله عليه واله إذا أصابوا الطعام لم يلبثوا أن يخرجوا . فمكث رسول الله صلى الله عليه واله عند زينب سبعة أيام ولياليهن وتحول إلى أم سلمة بنت أبي أمية وكان ليلتها وصبيحتها منه . فلما تعالى النهار انتهى إلى الباب على فدق دقا خفيفا ، فعرف رسول الله صلى الله عليه واله دقه وأنكرته أم سلمة . فقال : يا أم سلمة ، قومي وافتحي الباب . فقالت : يا رسول الله ، من هذا الذي بلغ من خطره ان استقبله بمعاصمي ومحاسدي ؟ ! فقال لها كهيئة المغضب : من يطع الرسول فقد أطاع الله ، قومي فافتحي الباب ، فان على الباب رجل ليس بالخرق ولا النزق ولا بالعجل ، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله . يا أم سلمة ، إنه أخذ بعضادتي الباب وليس بفاتحه حتى يغيب عنه الوطي ء إن شاء الله . فقامت أم سلمة وهي لا تدري من بالباب غير أنها حفظت النعت والمدح . فمشت نحو الباب وامسك علي عليه السلام بعضادتي الباب فلم يزل واقفا حتى خفي عنه الوطي ء ودخلت أم سلمة في خدرها وفتح علي الباب فسلم على نبي الله صلى الله عليه واله . فقال : يا أم سلمة ، هل تعرفينه ؟ قالت : نعم ، وهنيئا له ، هذا علي بن أبي طالب . قال : صدقت يا أم سلمة ، هذا علي بن أبي طالب لحمه من لحمي ودمه من دمي وهو مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي . يا أم سلمة ، اسمعي واشهدي هذا علي أمير المؤمنين وسيد المسلمين وعيبة علمي وبابي الذي أوتي وأخي في الدنيا وقريني في الآخرة ومعي في السنام الأعلى . اشهدي يا أم سلمة ، انه يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين . فقال الشامي : فرجت عني يا بن عباس ، أشهد أن عليا مولاي ومولى كل مسلم
* الباب - فيما نذكره عن النبي صلى الله عليه واله : ما استقر الكرسي والعرش ولا دار الفلك ولا قامت السماوات والأرض إلا بان كتب عليها ( لا إله إلا الله محمد رسول الله علي أمير المؤمنين ) . نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) أيضا وقد رويناه في كتاب اليقين من كتاب ( كنز الفوائد ) تصنيف الكراجكي بطريقه عن المخالفين ، ذكره من كتاب ( نور الهدى ) فقال ما هذا لفظه : محمد بن عبد الله بن عبد الله عن محمد بن القاسم عن عباد بن يعقوب عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : والذي بعثني بالحق بشيرا ، ما استقر الكرسي والعرش ولا دار الفلك ولا قامت السماوات والأرض إلا بان يكتب عليها ( لا إله إلا الله محمد رسول الله على أمير المؤمنين ) . وان الله تعالى لما عرج بي إلى السماء اختصني باللطف بذاته قال : يا محمد قلت لبيك ربى وسعديك . فقال : أنا المحمود وأنت محمد ، شققت اسمك من اسمي وفضلتك على جميع بريتي فانصب أخاك عليا علما لعبادي يهديهم إلى ديني . يا محمد إني قد جعلت عليا أمير المؤمنين ، فمن تأمر عليه لعنته ومن خالفه عذبته ومن اطاعه قربته . يا محمد إني جعلت عليا إمام المسلمين ، فمن تقدم عليه خزيته ومن عصاه سجنته ، إن عليا سيد الوصيين وقائد الغر المحجلين وحجة الله على الخليقة أجمعين .
* الباب - فيما نذكره من تسليم النبي صلى الله عليه واله على علي عليه السلام بإمرة المؤمنين ، نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) أيضا ، فقال ما هذا لفظه : سهل بن أحمد بن عبد الله عن علي بن عبد الله عن إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق بن همام عن معمر عن عبد الله بن طاووس عن أبيه عن ابن عباس قال : كنا جلوسا مع النبي صلى الله عليه واله إذ دخل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : السلام عليك يا رسول الله . فقال صلى الله عليه واله : وعليك السلام يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته . فقال علي عليه السلام : وأنت حي يا رسول الله ؟ قال : نعم وأنا حي يا علي ، مررت بنا أمس يومنا وأنا وجبرئيل في حديث ولم تسلم ؟ فقال جبرئيل عليه السلام : ما بال أمير المؤمنين مر بنا ولم يسلم ؟ أما والله لو سلم لسررنا ورددنا عليه . فقال علي عليه السلام : يا رسول الله ، رأيتك ودحية الكلبي استخليتما في حديث وكرهت أن اقطع عليكما . فقال له النبي صلى الله عليه واله : انه لم يكن دحية وإنما كان جبرئيل عليه السلام فقلت : يا جبرئيل ، كيف سميته أمير المؤمنين ؟ فقال : كان والله أوحى إلى في غزوة بدر : أن اهبط إلى محمد فمره أن يأمر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ان يجول بين الصفين ، فإن الملائكة يحبون أن ينظروا إليه وهو يجول بين الصفين . فسماه الله تعالى أمير المؤمنين . فأنت يا علي أمير من في السماء وأمير من في الأرض ولا يتقدمك بعدي إلا كافر ولا يتخلف عنك بعدي إلا كافر وان أهل السماوات يسمونك أمير المؤمنين .
* الباب - في تسمية رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام سيد الوصيين وأمير المؤمنين وأخو رسول رب العالمين وخليفتي على الناس أجمعين . نذكره من كتاب ( نور الهدى ) الذي أشرنا اليه ، فقال ما هذا لفظه : محمد بن الحسين بن أحمد عن محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن إبراهيم بن هاشم عن محمد بن سنان عن زياد بن المنذر عن سعيد عن الأصبغ عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول : معاشر الناس ، اعلموا إن لله تعالى بابا من دخله أمن من النار ومن الفزع الأكبر . فقام اليه أبو سعيد الخدري فقال : يا رسول الله ، اهدنا إلى هذاالباب حتى نعرفه . فقال صلى الله عليه واله : هو علي بن أبي طالب سيد الوصيين وأمير المؤمنين وأخو رسول رب العالمين وخليفتي على الناس أجمعين . معاشر الناس ، من أحب أن يعرف الحجة بعدي فليعرف علي بن أبي طالب ، معاشر الناس ، من سر أن يتولى ولاية الله فليقتد بعلي بن أبي طالب والأئمة من ذريتي فإنهم خزان علمي . فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال : يا رسول الله ، وما عدة الأئمة ؟ فقال : يا جابر ، سئلتني رحمك الله عن الاسلام بأجمعه . عدتهم عدة الشهور وهي عند الله اثنتا عشرة شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض وعدتهم عدة العيون التي انفجرت لموسى بن عمران عليه السلام حين ضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا وعدتهم عدة [ نقباء ] بني إسرائيل . ثم قال صلى الله عليه وآله : يا جابر ، أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم .
* الباب - فيما نذكره عن مناد ينادي من بطن العرش أن علي بن أبي طالب وصي رسول الله رب العالمين وأمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين في جنات النعيم . نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) أيضا ، فقال [ ما ] هذا لفظه : أبو عمرو قال : أخبرنا أحمد قال : حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال : حدثنا خذيمة بن ماهان المروزي قال : حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : يأتي على الناس يوم القيامة وقت ما فيه راكب إلا نحن أربعة . قال : أنا على البراق وأخي صالح على ناقة الله التي عقرها قومه وعمي حمزة أسد الله وأسد رسوله على ناقتي العضباء وأخي علي بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنة مدبحة الجنبين عليه حلتان خضراوان من كسوة الرحمان وعلى رأسه تاج من نور ، لذلك التاج سبعون ركنا على كل ركن ياقوتة حمراء يضئ للراكب مسيرة ثلاثة أيام وبيده لواء الحمد ينادى : ( لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ) . فيقول الخلايق : من هذا ؟ هذا ملك مقرب أو نبي مرسل أو حامل عرش ؟ ! فينادي مناد من بطن العرش : ليس هذا بملك مقرب ولا نبي مرسل ولا حامل عرش ، هذا علي بن أبي طالب وصي رسول رب العالمين وأمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين في جنات النعيم .
* الباب - فيما نذكره من أمر النبي صلى الله عليه وآله أبا بكر وعمر بالتسليم على علي عليه السلام بإمرة المؤمنين ، نذكره من كتاب ( نور الهدى والمنجى من الردى ) وقد قدمنا ذكره ، فقال ما هذا لفظه : أبو محمد الفحام قال : حدثني عمي عن عمر بن يحيى الفحام قال : حدثني أبو الحسن إسحاق بن عبدوس قال : حدثني محمد بن بهار بن عمار التيمي قال : حدثنا عيسى بن مهران قال : حدثنا مخول بن إبراهيم قال : حدثنا الفضيل بن الزبير عن أبي داود الشسعي عن عمران بن حصيب أخو بريدة بن حصيب قال : بينا أنا وأخي بريدة عند النبي صلى الله عليه واله إذ دخل أبو بكر فسلم على رسول الله صلى الله عليه واله ، فقال صلى الله عليه واله له : انطلق فسلم على أمير المؤمنين . فقال : يا رسول الله : ومن أمير المؤمنين ؟ قال : : علي بن أبي طالب . قال : عن امر الله وأمر رسوله ؟ قال : نعم . ثم دخل عمر فسلم . فقال صلى الله عليه واله : انطلق فسلم على أمير المؤمنين فقال : يا رسول الله ، ومن أمير المؤمنين ؟ قال : علي بن أبي طالب . قال : عن امر الله وأمر رسوله ؟ قال : نعم .
* الباب - فيما نذكره من أمر النبي صلى الله عليه وآله مطلقا بالتسليم على علي بإمرة المؤمنين . نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) فقال ما هذا لفظه : أبو الحسن أحمد بن محمد بن هارون بن الصلت الأهوازي سماعا منه في مسجد بشارع دار الرفيق ببغداد ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة املاء قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن المستورد قال : حدثنا يوسف بن كليب قال : حدثني يحيى سالم قال : حدثنا صباح المزني عن العلاء بن المسيب عن أبي داود عن بريدة قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه واله ان نسلم على علي بأمرة المؤمنين .
* الباب - فيما نذكره من تسميته رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين وسيد المسلمين وإمام المتقين ، نذكره من كتاب ( نور الهدى ) أيضا ، فقال ما هذا لفظه : الشريف أبو جعفر محمد بن أحمد [ بن ] عيسى العلوي عن محمد بن أحمد المكتب عن حميد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد الله بن الحسين عن محمد بن علي عن محمد بن كثير عن إسماعيل بن زياد البزاز عن ابن إدريس عن نافع مولى عايشة ، قال : كنت غلاما أخدم عايشة ، فكنت إذا كان النبي صلى الله عليه وآله عندها قريبا أغطيهم . قال : فبينما النبي صلى الله عليه وآله عندها ذات يوم إذا داق يدق الباب ، فخرجت اليه فإذا جارية معها طبق مغطى . قال : فرجعت إلى عايشة فأخبرتها . فقالت : أدخلها . فدخلت فوضعته بين يدي عايشة فوضعته عايشة بين يدي النبي صلى الله عليه واله ، فجعل يتناول منه ويأكل . ثم قال النبي صلى الله عليه واله : أين أمير المؤمنين وسيد المسلمين وإمام المتقين ، يأكل معي ؟ فقالت عايشة : ومن أمير المؤمنين وسيد المسلمين ؟ فسكت ثم أعاد الكلام مرة أخرى ، فقالت عايشة مثل ذلك فسكت ، فإذا داق يدق الباب ، فخرجت اليه فإذا علي بن أبي طالب عليه السلام . فرجعت فقلت له : علي بن أبي طالب ! فقال النبي صلى الله عليه واله : مرحبا وأهلا ، لقد تمنيتك مرتين حتى لو أبطأت علي لسألت الله أن يأتيني بك ، إجلس وكل . قال : فجلس واكل معه . ثم قال النبي صلى الله عليه وآله : قاتل الله من قاتلك وعادى من عاداك . فقالت عايشة : ومن يقاتله ومن يعاديه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أيدي يديهم معك ولا ترضين بذلك وتنكرينه .
* الباب - فيما نذكره من خطبة ( يوم الغدير ) وفيها من رجال المخالفين ، بتسمية النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام عدة مرات ( أمير المؤمنين ) ، نذكرها من كتاب ( نور الهدى والمنجى من الردى ) الذي قدمنا ذكره . فقال ما هذا لفظه : أبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني قال : أخبرنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري وهارون بن عيسى بن السكين البلدي قالا : حدثنا حميد بن الربيع الخزاز قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : حدثنا نوح بن مبشر قال : حدثنا الوليد بن صالح عن ابن امرأة زيد بن أرقم وعن زيد بن أرقم قال : : لما اقبل رسول الله صلى الله عليه واله من حجة الوداع جاء حتى نزل بغدير خم بالجحفة بين مكة والمدينة ، ثم أمر بالدوحات بضم ما تحتهن من شوك ثم نودي بالصلاة جامعة ، فخرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه واله في يوم شديد الحر ، وان منا ( من ) يضع ردائه تحت قدميه من شدة الحر والرمضاء ومنا من يضعه فوق رأسه . فصلى بنا صلى الله عليه وآله ثم التفت الينا فقال : الحمد لله الذي علا في توحيده ودنا في تفرده وجل في سلطانه وعظم في أركانه وأحاط بكل شئ وهو في مكانه وقهر جميع الخلق بقدرته وبرهانه . حميدا لم يزل ومحمودا لا يزال ومجيدا لا يزول ومبديا ومعيدا وكل أمر اليه يعود . بارئ الممسوكات وداحي المدحوات ، متفضل على جميع من برأه متطول على كل من ذرأه ، يلحظ كل نفس والعيون لا تراه ، كريم حليم ذو أناة قد وسع كل شئ رحمته ومن عليهم بنعمته . لا يعجل بانتقامه ولا يبادر إليهم بما يستحقون من عذابه . قد فهم السراير وعلم الضماير ولم يخف عليه المكنونات ولا اشتبه عليه الخفيات ، له الإحاطة بكل شئ والغلبة لكل شئ ، والقوة في كل شئ والقدرة على كل شئ ، ليس كمثله شئ وهو منشئ حي حين لا حي ودائم حي وقائم بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم . جل ان تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير . لا يلحق وصفه أحد من معاينة ولا يحده أحد كيف هو من سر وعلانية إلا بما دل هو عز وجل على نفسه . أشهد له بأنه الله الذي ملأ الدهر قدسه والذي يغشى الأمد نوره وينفذ أمره بلا مشاورة ولا مع شريك في تقدير ولا يعاون في تدبيره ، صور ما ابتدع على غير مثال وخلق ما خلق بلا معونة من أحد ولا تكلف ولا اختبال ، شائها فكانت ، وبرأها فبانت . فهو الله لا إله إلا هو المتقن الصنعة والحسن الصنيعة ، العدل الذي لا يجور والأكرم الذي اليه مرجع الأمور . أشهد أنه الله الذي تواضع كل شئ لعظمته وذل كل شئ لهيبته ، مالك الأملاك ومسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ، يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل يطلبه حثيثا ، قاصم كل جبار عنيد وكل شيطان مريد ، لم يكن له ضد ولم يكن معه ند ، أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، إلها واحدا ماجدا ، شاء فيمضى ويريد ويقضى ويعلم ويحصى ويميت ويحيى ويفقر ويغنى ويضحك ويبكي ويدني ويقصي ويمنع ويعطي ، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شئ قدير . لا يولج ( لليل ) في نهار ولا مولج لنهار في ليل إلا هو مستجيب للدعاء ، مجزل العطاء محصي الأنفاس ، رب الجنة والناس الذي لا يشكل عليه لغة ولا يضجره مستصرخة ولا يبرمه الحاح الملحين . العاصم للصالحين والموفق للمفلحين مولي المؤمنين ورب العالمين الذي استحق من كل خلق أن يشكره ويحمده على كل حال . احمده كثيرا واشكره دائما على السراء والضراء والشدة والرخاء وأؤمن به وبملائكته وكتبه ورسله أسمع لأمره وأطيع وأبادر إلى رضاه وأسلم لما قضاه رغبة في طاعته وخوفا من عقوبته لأنه الله الذي لا يؤمن مكره ولا يخاف جوره . أقر له على نفسي بالعبودية واشهد له بالربوبية وأؤدي أن لا إله إلا هو ، لأنه قد أعلمني أنى إذا لم أبلغ ما انزل إلى لما بلغت رسالته وقد ضمن لي العصمة وهو الله الكافي الكريم . أوحى إلى : بسم الله الرحمن الرحيم : ( يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس . . . . ) إلى آخر الآية ) . معاشر الناس ، وما قصرت فيما بلغت ولا قعدت عن تبليغ ما أنزله ، وأنا أبين لكم سبب هذه الآية : ان جبرئيل عليه السلام هبط إلي مرارا ثلاثا فأمرني عن السلام رب السلام أن أقوم في هذا المشهد وأعلم كل أبيض وأسود : ان علي بن أبي طالب أخي ووصيي وخليفتي والامام من بعدي ، الذي محله مني محل هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، ( و ) وليكم بعد الله ورسوله ، نزل بذلك آية هي : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) وعلي بن أبي طالب الذي أقام الصلاة وأتى الزكاة وهو راكع يريد الله تعالى في كل حال . فسألت جبرئيل عليه السلام أن يستعفي لي السلام من تبليغي ذلك إليكم أيها الناس لعلمي بقلة المتقين وكثرة المنافقين ولاعذال الظالمين وادغال الآثمين وحيلة المستشرين ، الذين وصفهم الله تعالى في كتابه : ( بأنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ) ، ( ويحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ) ، وكثرة أذاهم لي مرة بعد أخرى حتى سموني اذنا وزعموا أني هو لكثرة ملازمته إياي واقبالي عليه وهواه وقبوله مني ، حتى أنزل الله تعالى في ذلك - لا إله إلا هو - : ( الذين يؤذون النبي ويقولون هو اذن ، قل اذن خير لكم ) إلى آخر الآية . ولو شئت أن أسمي القائلين بأسمائهم لأسمينهم وأن أومي إليهم بأعيانهم لأومأت وأن أدل عليهم لدللت ، ولكني والله بسترهم قد تكرمت . وكل ذلك لا يرضى الله مني إلا أن أبلغ ما أنزل إلي : ( بلغ ما انزل إليك من ربك ) إلى آخر الآية . واعلموا معاشر الناس ذلك وافهموه ، واعلموا ان الله قد نصبه لكم وليا وإماما فرض طاعته على المهاجرين والأنصار وعلى التابعين باحسان ، وعلى البادي والحاضر ، وعلى العجمي والعربي ، وعلى الحر والمملوك والصغير والكبير ، وعلى الأبيض والأسود ، وعلى كل موجود ماض حكمه وجاز قوله ونافذ أمره . ملعون من خالفه ومرحوم من صدقه ، قد غفر الله لمن سمع وأطاع له . معاشر الناس ، إنه آخر مقام أقومه في هذا المشهد ، فاسمعوا وأطيعوا وانقادوا لأمر الله ربكم فان الله هو موليكم وإلهكم ، ثم من دونه رسوله ونبيه محمد القائم المخاطب لكم ، ومن بعده علي وليكم وإمامكم ، ثم الإمامة في ولدي الذين من صلبه إلى يوم القيامة ويوم يلقون الله ورسوله . لا حلال إلا ما أحله الله ولا حرام إلا ما حرمه الله عليكم وهو والله عرفني الحلال والحرام وأنا وصيت بعلمه اليه . معاشر الناس ، فصلوه ، ما من علم إلا وقد أحصاه الله في ، وكل علم علمته فقد علمته عليا وهو المبين لكم بعدي . معاشر الناس ، فلا تضلوا عنه ولا تفروا منه ولا تستنكفوا عن ولايته فهو الذي يهدي إلى الحق ويعمل به ويزهق الباطل وينهى عنه ، لا تأخذه في الله لومة لائم . أول من آمن بالله ورسوله والذي فدى رسول الله بنفسه ، والذي كان مع رسول الله ولا يعبد الله مع رسوله غيره . معاشر الناس ، فضلوه فقد فضله الله وأقبلوه فقد نصبه الله ، معاشر الناس ، إنه إمام من الله ، ولن يتوب الله على أحد أنكره ولن يغفر الله له ، حتما على الله ان يفعل ذلك وان يعذبه عذابا نكرا أبد الأبد ودهر الدهر . واحذروا ان تخالفوا فتصلوا بنار ( وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين ) . معاشر الناس ، لي والله بشرى لأكون من النبيين والمرسلين والحجة على جميع المخلوقين من أهل السماوات والأرضين ، فمن شك في ذلك فقد كفر كفر الجاهلية الأولى ومن شك في شئ من قولي فقد شك في الكل منه والشاك في ذلك في النار . معاشر الناس ، حباني الله بهذه الفضيلة منا منه علي واحسانا منه إلي . لا إله إلا هو ألا له الحمد مني أبد الأبد ودهر الدهر على كل حال . معاشر الناس ، فضلوا عليا فهو أفضل الناس بعدي من ذكر وأنثى ما نزل الرزق وبقي الخلق . ملعون ملعون من خالفه ، مغضوب عليه . قولي عن جبرئيل وقول جبرئيل عن الله عز وجل . فلتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله ان يخالفوه ، ان الله خبير بما تعملون . معاشر الناس ، تدبروا القرآن وافهموا آياته ومحكماته ولا تبتغوا متشابهه ، فوالله لن يبين لكم زواجره ولن يوضح لكم تفسيره إلا الذي أنا آخذ بيده ومصعده إلى وشائل عضده ورافعها بيدي ومعلمكم : من كنت مولاه فهو مولاه وهو علي بن أبي طالب أخي ووصيي ، امر من الله نزله علي . معاشر الناس إن عليا والطيبين من ولدي من صلبه هم الثقل الأصغر والقرآن الثقل الأكبر وكل واحد منهما مبني على صاحبه لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، أمر من الله في خلقه وحكمه في أرضه . ألا وقد أديت ، ألا وقد بلغت ، إلا وقد أسمعت ، إلا وقد نصحت ، إلا إن الله تعالى قال وأنا قلت عن الله ، ألا وانه لا أمير للمؤمنين غير أخي هذا ، ألا ولا يحل إمرة المؤمنين بعدي لأحد غيره . ثم ضرب بيده إلى عضده فرفعه ، وكان أمير المؤمنين عليه السلام منذ أول ما صعد رسول الله صلى الله عليه واله منبره على درجة دون مقامه متيامنا عن وجه رسول الله صلى الله عليه واله كأنهما في مقام واحد . فرفعه رسول الله صلى الله عليه واله بيده وبسطها إلى السماء وشال عليا حتى صارت رجله مع ركبة رسول الله صلى الله عليه واله ، ثم قال : معاشر الناس ، هذا علي أخي ووصيي وواعي علمي وخليفتي على من آمن بي وعلى تفسير كتاب ربي والدعاء إليه والعمل بما يرضاه والمحاربة لأعدائه والدال على طاعته والناهي عن معصيته . خليفة رسول الله وأمير المؤمنين والامام والهادي من الله بأمر الله . يقول الله عز وجل : ( وما يبدل القول لدى ) . بأمرك أقول : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله والعن من أنكره واغضب على من جحده . اللهم انك أنزلت الآية في علي وليك عند تبين ذلك ونصبك إياه لهذا اليوم : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ) . ( ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) . اللهم إني أشهدك أني قد بلغت . معاشر الناس ، إنما أكمل الله لكم دينكم بإمامته ، فمن لم يأتم به وبمن كان من ولدي من صلبه إلى يوم القيامة والعرض على الله ( فأولئك الذين حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون ) ( لا يخفف العذاب عنهم ولا هم ينظرون ) . معاشر الناس ، هذا أنصركم لي وأحق الناس بي والله عنه وأنا راضيان ، وما أنزلت آية رضا إلا فيه ولا خاطب الله الذين آمنوا إلا بدأ به ، وما أنزلت آية في مدح في القرآن إلا فيه ، ولا سئل الله بالجنة في ( هل أتى على الإنسان ) إلا له ولا أنزلها في سواه ولا مدح بها غيره . معاشر الناس ، هو يؤدي دين الله والمجادل عن رسول الله ، والتقى النقي الهادي المهدي ، نبيه خير نبي ووصيه خير وصي . معاشر الناس ، ذرية كل نبي من صلبه وذريتي من صلب أمير المؤمنين علي . معاشر الناس ، إن إبليس أخرج آدم من الجنة بالحسد فلا تحسدوه فتحبط اعمالكم وتزل أقدامكم . اهبط آدم بخطيئته وهو صفوة الله فكيف أنتم ؟ ! فان أبيتم فأنتم أعداء الله . ما يبغض ( عليا ) إلا شقي ولا يوالي عليا إلا تقى ولا يؤمن به إلا مؤمن مخلص . في علي - والله - نزل سورة والعصر : ( بسم الله الرحمان الرحيم ، والعصر إن الإنسان لفي خسر ) إلا علي الذي آمن ورضي بالحق والصبر . معاشر الناس ، قد اشهدني الله وأبلغتكم ( وما على الرسول إلا البلاغ المبين ) . معاشر الناس ( اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) . معاشر الناس : ( آمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا ) ( من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت ) . معاشر الناس ، النور من الله تعالى في ثم مسلوك في علي ثم في النسل منه إلى القائم المهدي الذي يأخذ بحق وبكل حق هو لنا ، بقتل المقصرين والغادرين والمخالفين والخائنين والآثمين والظالمين من جميع العالمين . معاشر الناس ، إني أنذر لكم اني رسول الله ، قد خلت من قبلي الرسل فإن مت أو قتلت انقلبتم على أعقابكم ؟ ! ( ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ) ألا أن عليا الموصوف بالصبر والشكر ثم من بعده ولدي من صلبه . معاشر الناس ، على الله فينا ما لا يعطيكم الله ويسخط عليكم ويبتليكم بسوط عذاب ، إن ربكم لبالمرصاد . معاشر الناس ، سيكون بعدي أئمة يدعون إلى النار ويوم القيمة لا ينصرون . معاشر الناس ، إن الله تعالى وأنا بريئان منهم . معاشر الناس ، إنهم وأشياعهم وأنصارهم واتباعهم ( في الدرك الأسفل من النار وبئس مثوى المتكبرين ) . معاشر الناس ، إني أدعها إمامة ووراثه ، وقد بلغت ما بلغت حجة على كل حاضر وغايب وعلى كل أحد ممن ولد ، وشهد ولم يولد ولم يشهد ، يبلغ الحاضر الغائب والوالد الولد إلى يوم القيامة . وسيجعلونها ملكا واغتصابا فعندها يفرغ لكم أيها الثقلان من يفرغ ( ويرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران ) . معاشر الناس ، إن الله تعالى لم يكن ليذركم على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وكان الله ليطلعكم على الغيب . معاشر الناس ، إنه ما من قرية إلا والله مهلكها قبل يوم القيامة ومملكها الإمام المهدي والله مصدق وعده . معاشر الناس ، ( قد ضل قبلكم أكثر الأولين ) . والله ، فقد أهلك الأولين بمخالفة أنبيائهم وهو مهلك الآخرين ، ثم تلى صلى الله عليه واله الآية إلى آخرها ثم قال : معاشر الناس ، إن الله أمرني ونهاني وقد أمرت عليا ونهيته وعلم الأمر والنهي لديه فاسمعوا لأمره وتنهوا لنهيه و ( لا يفرق بكم السبل عن سبيله ) . معاشر الناس ، أنا صراط الله المستقيم الذي أمركم الله أن تسلكوا الهدي اليه ثم علي من بعدي ثم ولدي من صلبه أئمة الهدى يهدون بالحق وبه يعدلون ، ثم قرء صلى الله عليه واله الحمد وقال : فيمن ذكرت ذكرت فيهم والله فيهم نزلت ولهم والله شملت وآباؤهم خصت وعمت أولئك أولياء الله الذين ( لا خوف عليهم ولا يحزنون وحزب الله هم الغالبون ) . إلا أن أعدائهم هم الشقاء والغاوون واخوان الشياطين الذين ( يوحي بعضهم إلى ( بعض ) زخرف القول غرورا ) ألا إن أوليائهم الذين ذكر الله في كتابه المؤمنين الذين وصف الله فقال : ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كان آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الايمان ) إلى آخر الآية الا ان أوليائهم المؤمنون الذين وصفهم الله انهم ( لم يلبسوا ايمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) ألا ان أوليائهم ( الذين آمنوا ولم يرتابوا ) ألا أن أوليائهم الذين يدخلون الجنة بسلام آمنين وتتلقاهم الملائكة بالتسليم ان : ( طبتم فادخلوها خالدين ) إلا أن أوليائهم ( لهم الجنة يرزقون فيها بغير حساب ) . إلا أن أعدائهم الذين ( يصلون سعيرا ) ألا ان أعدائهم الذين ( يسمعون لجهنم شهيقا ويرون لها زفيرا ، كلما دخلت أمة لعنت أختها ) إلى آخر الآية . ألا إن أعداء الله الذين قال الله : ( كلما القي فيها فوج سئلهم خزنتها ألم يأتكم نذير . . . ) إلى آخر الآية ألا فسحقا لأصحاب السعير ، ألا وان أوليائهم ( الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة واجر كبير ) . معاشر الناس ، شتان ما بين السعير والأجر الكبير . معاشر الناس ، عدونا كل من ذمه الله ولعنه ، وولينا كل من أحبه الله ومدحه . معاشر الناس ، إلا اني النذير وعلي البشير . معاشر الناس ، إني منذر وعلي هاد . معاشر الناس ، إلا انى نبي وعلي وصي . معاشر الناس ، ألا اني رسول وعلي الامام والأئمة من بعده ولده والأئمة منه ومن ولده ، ألا واني والدهم وهم يخرجون من صلبه . ألا واني والدهم و ( خاتم ) الأئمة منا القائم المهدي الظاهر على الدين . الا انه المنتقم من الظالمين . ألا انه فاتح الحصون وهادمها . إلا أنه غالب كل قبيلة من الترك وهاديها . الا انه المدرك لكل ثار لأولياء الله . الا انه ناصر دين الله ، الا انه المصباح من البحر العميق الواسم لكل ذي فضل بفضله وكل ذي جهل بجهله ، الا انه خيرة الله ومختاره ، الا انه وارث كل علم والمحيط بكل فهم ، الا انه المخبر عن ربه والمشيد لأمر آياته ، الا انه الرشيد السديد ، الا انه المفوض اليه ، الا انه قد بشر به كل نبي سلف بين يديه ، الا انه الباقي في ارضه وحكمه في خلقه وأمينه في علانيته وسره . معاشر الناس ، اني قد بينت لكم وأفهمتكم ، وهذا علي يفهمكم بعدي ، الا وعند انقضاء خطبتي أدعوكم إلى مصافقتي على يدي ببيعته والاقرار له ، ثم مصافقته بعد يدي . ألا اني قد بايعت الله وعلى قد بايع لي وانا أمدكم بالبيعة له عن الله عز وجل ( فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ) إلى آخر الآية . معاشر الناس ، الا و ( إن الحج والعمرة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر ) إلى آخر الآية . معاشر الناس ، حجوا البيت ، فما ورده أهل بيت إلا تموا وأبشروا ولا تخلفوا عنه إلا تبروا وافتقروا . معاشر الناس ما وقف بالموقف مؤمن إلا غفر له ما سلف من ذنبه إلى وقته ذلك ، فإذا انقضت حجته استؤنف به . معاشر الناس ، الحاج معانون ونفقاتهم مخلفه عليهم والله لا يضيع اجر المحسنين . معاشر الناس حجوا بكمال في الدين وتفقه ولا تنصرفوا المشاهد إلا بتوبة اقلاع . معاشر الناس ، أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة كما أمرتكم فان طال عليكم الأمد فقصرتم أو نسيتم فعلى وليكم الذي نصبه الله لكم ومن خلقه منى و ( انا ) منه يخبركم بما تسئلون ويبين لكم ما لا تعلمون . إلا وان الحلال والحرام أكثر من أن أحصيها واعدها ، فآمر بالحلال وأنهى عن الحرام في مقام واحد وأمرت فيه ان آخذ البيعة عليكم ، والصفقة لكم بقبول ما جئت من الله عز وجل في علي أمير المؤمنين والأوصياء من بعده الذين هم منى ومنه امامة فيهم قائمة ، خاتمها المهدى إلى يوم يلقى الله الذي يقدر ويقضى . الا معاشر الناس ، كل حلال دللتكم عليه وحرام نهيكم عنه فاني لم ارجع عن ذلك ولم ابدل . الا فادرسوا ذلك واحفظوه وتواصوا به ولا تبدلوه . الا واني أجدد القول : الا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ومروا بالمعروف وانهوا عن المنكر . الا وان رأس الأمر بالمعروف ان تنبهوا قولي إلى من يحضر ويأمروه بقبوله عني ونبهوه عن مخالفته فإنه امر من الله تعالى . القسم الثاني من كتاب التحصين : الأحاديث المتضمنة لتسميته عليه السلام بإمام المتقين وما في معناها يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس : وحيث قد ذكرنا ما حضرنا من الأخبار المتضمنة لتسمية مولانا علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ( أمير المؤمنين ) وجعلنا بعده أوراقا بياضا لأجل ما عساه يحضرني من هذه الأخبار اتفاقا من غير كشف ولا اعتبار لكتب المصنفين ، لأنني عازم على أنني ما بقيت أطلب الزيادة على ما صنفته ، ففيه كفاية وحجة على المقرين والجاحدين . فسوف أبتدئ بذكر الأخبار المتضمنة لتسمية مولانا علي عليه السلام بإمام المتقين وما في معناها من خلافته على المسلمين . وهذا حين الابتداء بهذه الأبواب على ما أرجوه من الصواب .
* الباب - فيما نذكره من قول رسول الله صلى الله عليه وآله لمولانا علي عليه السلام : ( أنت سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين ويعسوب المؤمنين ) . نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى والمنجى من الردى ) تأليف الحسن بن أبي طاهر الجاواني . وعليه كما ذكرنا خط المقري الصالح محمد بن هارون بن الكمال بأنه قد اتفق مع مصنفه على تحقيق ما تضمنه كتابه من تحقيق الأخبار والأحوال . فقال ما هذا لفظه : أبو عبد الله محمد بن أحمد بن شهريار الخازن بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، قال : حدثنا الشريف الجليل أبو عبد الله الحسن بن الحسن بن أحمد العلوي الموسوي ، وحدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد البرسي رحمه الله ، قال : حدثنا الشريف الجليل أبو الحسين زيد بن جعفر العلوي المحمدي قراءة عليه ، قال : حدثنا أبو الحسين علي بن محمد بن موسى بن أحمد بن عيسى المسيري في داره بالبصرة ببني قيس زكية الماء ، قال : حدثنا أبو القاسم عبد الله أبي أحمد بن عامر بن سليمان ، قال : حدثني أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام سنة أربع وتسعين ومائة قال : حدثني موسى بن جعفر ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن الحسين قال : حدثني أبي الحسين بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن أبي طالب عليه وعليهم السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي ، إنك سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين ويعسوب المؤمنين .
* الباب - فيما نذكره من قول رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام ( إنك سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين ويعسوب المؤمنين ) بغير الطريق الذي قدمناه ، وفيه من رجال المخالفين نذكره من كتاب ( نور الهدى ) وهذا لفظ ما ذكره : ابن الصلت قال : أخبرنا ابن عقدة قال : حدثنا علي بن موسى القزويني قال : حدثنا داود بن سليمان ، قال : حدثني علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جعفر عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام : يا علي ، إنك سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين ويعسوب المؤمنين .
* الباب - فيما نذكره من تسمية الله جل جلاله لعلي عليه السلام أنه سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين يوم القيامة . نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) أيضا وقال ما هذا لفظه : محمد بن محمد قال : أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ، قال : حدثني أبي ، عن سعيد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن بكر بن صالح عن الحسن بن علي عن عبد الله بن إبراهيم ، قال : حدثني الحسن بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما أسرى بي إلى السماء وانتهيت إلى سدرة المنتهى نوديت : ( يا محمد ، استوص بعلي خيرا ، فإنه سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين إلى يوم القيامة .
* الباب - فيما نذكره من قول رسول الله صلى الله عليه وآله عن علي عليه السلام : انه أخوه ووزيره وخليفته وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين ، نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) أيضا ، فقال ما هذا لفظه : محمد بن عمير بن الحافظ البغدادي ، قال : حدثني أبو عبد الله محمد بن ثابت من كتابه ، قال : حدثنا محمد بن العباس وأبو جعفر الخزاعي ، قالا : حدثنا الحسن بن الحسين العرني قال : حدثنا عمر بن ثابت عن عطاء بن السايب عن أبي يحيى عن ابن عباس قال : صعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر واجتمع الناس إليه ، فخطب فقال : يا معاشر المؤمنين ، إن الله عز وجل أوحى إلي اني مقبوض وان ابن عمي مقتول . وإني أيها الناس أخبركم خبرا إن عملتم به سلمتم وتركتموه هلكتم : ( إن ابن عمي عليا هو أخي وهو وزيري وهو خليفتي وهو المبلغ عني ، وهو إمام المتقين وقائد الغر المحجلين ، إن استرشدتموه أرشدكم وإن تابعتموه نجوتم وإن خالفتموه ضللتم ، وإن أطعتموه فالله أطعتم وإن عصيتموه فالله عصيتم ، وإن بايعتموه فالله بايعتم وإن نكثتم بيعته فبيعه الله نكثتم . إن الله عز وجل أنزل علي القرآن ، وهو الذي من خالفه ضل ومن اتبع علمه من عند غير علي هلك . أيها الناس ، اسمعوا قولي واعرفوا حق نصحي ، ولا تخالفوني في أهل بيتي إلا بالذي أمرتكم به من حفظهم ، فإنهم خاصتي وقرابتي وإخوتي وأولادي .وإنكم مجموعون ومسائلون عن الثقلين ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما . إنهم أهل يقين ، فمن آذاهم آذاني ومن ظلمهم ظلمني ومن أذلهم أذلني ومن أعزهم أعزني ومن أكرمهم أكرمني ومن نصرهم نصرني ومن خذلهم خذلني ومن طلب غيرهم فقد كذبني . أيها الناس ، اتقوا الله وانظروا ما أنتم قائلون ( إذا ) لقيتموني ، فانى خصم لمن آذاهم ومن كنت خصمه خصمته . أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم .
* الباب - فيما نذكره من شهادة رسول الله صلى الله عليه وآله أن عليا عليه السلام إمام المتقين . نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) أيضا فقال ما هذا لفظه : أبو طاهر محمد بن علي بن محمد المتبع قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد بن مسلم الحبلى قال : حدثنا أبي خالد الكاتب قال : حدثنا أحمد بن جعفر قال : حدثني عمر بن أحمد بن روح الساجي ، وحدثنا أبو طاهر يحيى بن الحسن العلوي ، قال : حدثني محمد بن سعيد الداري . وحدثنا موسى بن جعفر عن أبيه عن محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عليهم السلام ، قال : قال : : بينا ابن عباس يحدث الناس على شفير زمزم إذ جائه رجل فقال : يا بن عباس ، ما تقول في قتلى لا إله إلا الله ، لم يكفروا بصوم ولا صلاة ولا حج ولا قتلة ولا جهاد ؟ قال : فقال : ابن عباس : ويحك ، سل عما يعنيك ودع ما لا يعنيك . فقال له الرجل : ما جئت إلا لهذا الأمر . قال : فممن الرجل ؟ قال : رجل من أهل الشام . فقال له : ويحك ، اسمع مني : مثل علي فينا كمثل موسى بن عمران ، إذ أتاه التوراة فظن أنه قد استوجب العلم كله حتى ( رأى ) الخضر ، فأقبله وعلمه ولم يحسده ، وإنكم حسدتم علي بن أبي طالب عليه السلام . وإن الخضر قتل الغلام وكان قتله لله رضا ولموسى سخطا ، وخرق السفينة وكان خرقها لله رضى ولموسى سخطا ، وإن عليا عليه السلام قتل الخوارج وكان قتلهم لله رضا ولأهل الضلالة سخطا . إسمع مني : إن رسول الله صلى الله عليه وآله تزوج زينب بنت جحش وأولم فكانت وليمته حيسة ، وكان يدخل عليه عشرة عشرة . فلبث عندها أياما ولياليهن ، وتحول إلى بيت أم سلمة رضي الله عنها ، فجاء علي عليه السلام فسلم بالباب واستأذن ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا أم سلمة ، بالباب رجل ليس بنزق ولا بخلق ولا خرق ، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، قومي يا أم سلمة فافتحي له الباب . فقالت أم سلمة : فأجبت رسول الله صلى الله عليه وآله : من ذا الذي بلغ من خطره أن أقوم إليه فاستقبله بمحاسني ومحاسدي ومعاصمي ؟ . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله شبه المغضب : إنه من يطع الرسول فقد أطاع الله ، قومي فافتحي له الباب ، فإنه أخذ بعضادتي الباب ولن يفتحه حتى يتوارى عنه الوطي ء . فقامت أم سلمة من خدرها وهي تقول : لمن يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله ؟ . قال : ( ف ) فتحت الباب فكان آخذا بعضادتي الباب حتى يوارى عنه الوطي ء ودخل أم سلمة خدرها . قالت : فدخل على النبي صلى الله عليه وآله فقال : السلام عليك يا رسول الله صلى الله عليك . فقال : وعليك السلام . يا أم سلمة ، هل تعرفين هذا ؟ قالت : نعم يا رسول الله ، هذا علي بن أبي طالب . قال : إشهدي يا أم سلمة أن ابنيه ولدي وقرة عيني وريحاني من الدنيا . واشهدي يا أم سلمة أنه خليفتي في أهلي . واشهدي يا أم سلمة ، أن لحمه من لحمي وأن دمه من دمي . واشهدي يا أم سلمة ، انه ممن يرد علي حوضي . واشهدي يا أم سلمة ، انه وليي في الدنيا والآخرة . واشهدي يا أم سلمة إنه مقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين .
* الباب - فيما نذكره عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال عن علي عليه السلام : ( أنه الصديق الأكبر والفاروق وإمام كل مسلم بعدي ، نذكره من كتاب ( نور الهدى ) فقال ما هذا لفظه : الحسن بن حمزة بن عبد الله عن أحمد بن الحسين الخشاب عن أيوب بن نوح عن العباس بن عامر عن عمر بن أبان بن تغلب عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : قال رسول صلى الله عليه وآله بعد منصرفه من حجة الوداع : أيها الناس ، إن جبرئيل الروح الأمين نزل من عند ربي جل جلاله وقال : يا محمد ، إن الله تعالى يقول : ( إني قد اشتقت إلى لقائك ، فاوص بخير وتقدم إلي ) . أيها الناس ، إنه قد اقترب أجلي وكأنني بكم قد فارقتموني بأبدانكم ولا تفارقوني بقلوبكم . أيها الناس ، إنه لم يكن لله نبي خلد في الدنيا فأخلد ، ( أفإن مت فهم الخالدون ) ، ( كل نفس ذائقه الموت ) . إلا وإني أريد أن أدلكم على سفينة نجاتكم وباب حطتكم . فمن أراد النجاة بعدي والسلامة من العين المردية فليتمسك بحب علي بن أبي طالب ، فإنه الصديق الأكبر والفاروق الأعظم ، وهو إمام كل مسلم بعدي ، من اقتدى به في الدنيا ورد على حوضي ، ومن خالفه لم أره ولن يراني واختلج دوني وأخذ به ذات الشمال إلى النار . أيها الناس ، فقد نصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين . أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم .
* الباب - فيما نذكره من قول النبي صلى الله عليه وآله عن علي عليه السلام ( إنه خير الأولين والآخرين من أهل السماوات والأرضين وإمام المتقين وسيد الصديقين وسيد الوصيين وقائد الغر المحجلين ) ، نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) فقال ما هذا لفظه : أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري عن عبد العزيز بن عبد الله عن جعفر بن محمد عن عبد الكريم قال : حدثني فتحان العطار أبو نصر عن أحمد بن محمد عن عروة عن أبي ذر رحمة الله عليه قال : نظر النبي صلى الله عليه وآله إلى علي بن أبي طالب عليه السلام وقال : هذا خير الأولين وخير الآخرين من أهل السماوات والأرضين وإمام المتقين . هذا سيد الصديقين وسيد الوصيين وقائد الغر المحجلين . إذا كان يوم القيامة جاء على ناقة من الجنة قد أضاءت القيامة من ضوئها ، على رأسه تاج من الزبرجد مرصع بالدر والياقوت . فيقول الملائكة : هذا ملك مقرب ! ؟ ويقول النبيون : هذا نبي مرسل ! ؟ . فينادى مناد من تحت العرش : هذا الصديق الأكبر ، هذا وصي حبيب الله ، هذا علي بن أبي طالب . فيقف على شفير جهنم ، فيخرج من يحب ويدخل فيها من يحب ويأتي باب فيدخل أوليائه بغير حساب
* الباب - فيما نذكره من شهادة رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام : ( انه سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ) ، نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) فقال ما هذا لفظه : محمد بن الحسن بن الوليد قال : حدثني محمد بن أبي القاسم عن محمد بن علي الصيرفي عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال : بلغ أم سلمة زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله أن مولى لها يتنقص عليا ويتناوله . فأرسلت إليه ، فلما صار إليها قالت له : يا بني ، بلغني أنك تتنقص عليا وتتناوله ؟ قال : نعم يا أماه . قال له : اقعد ، ثكلتك أمك ، حتى أحدثك بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم اختر لنفسك . إنا كنا عند رسول الله صلى الله عليه ، فاتيت الباب فقلت : أدخل يا رسول الله ؟ قال : لا . قالت : فكبوت كبوة شديدة مخافة أن يكون رد لي سخطة أو نزل في شئ من السماء . ثم لم ألبث أن أتيت الباب الثانية فقلت : أدخل يا رسول الله ؟ فقال : لا . فكبوت كبوة أشد من الأول . ثم لم ألبث حتى أتيت الباب الثالثة فقلت : أدخل يا رسول الله ؟ فقال : أدخل يا أم سلمة ، فدخلت وعلي عليه السلام جاث بين يديه وهو يقول : ( فداك أبي وأمي يا رسول الله ، إذا كان لدى ولدي فما تأمرني ؟ ) قال : أمرك بالصبر . ثم أعاد عليه القول ثانية فأمره بالصبر ، فأعاد القول عليه الثالثة فقال له : يا علي ، إذا كان ذلك منهم فسل سيفك فضعه على عاتقك واضرب قدما قدما حتى تلقاني وسيفك شاهر يقطر من دمائهم . ثم التفت إلي فقال لي : والله ما هذه الكآبة يا أم سلمة ؟ قلت : الذي كان من ردك لي بابى ، يا رسول الله . فقال لي : والله ما رددتك من موجدة وإنك لعلى خير من الله ورسوله ، ولكن أتيتني وجبرئيل يخبرني الأحداث التي يكون بعدي وأمرني أن أوصي بذلك عليا . يا أم سلمة اسمعي واشهدي ، هذا علي بن أبي طالب وزيري في الدنيا ووزيري في الآخرة . يا أم سلمة اسمعي واشهدي ، هذا علي بن أبي طالب حامل لوائي و حامل لواء الحمد غدا في القيامة . يا أم سلمة اسمعي واشهدي ، هذا علي بن أبي طالب وصيي وخليفتي من بعدي وقاضي عداتي والذائد عن حوضي . يا أم سلمة اسمعي واشهدي ، هذا علي بن أبي طالب سيد المسلمين وإمام المسلمين وقائد الغر المحجلين وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين . قلت : يا رسول الله ، من الناكثون ؟ قال : الذين يبايعونه بالمدينة وينكثون بالبصرة . قلت : من القاسطون ؟ قال : معاوية وأصحاب أهل الشام . قلت : من المارقون ؟ قال : أصحاب النهروان . فقال مولى أم سلمة : فرجت عني فرج الله عنك . والله لا سببت عليا أبدا .
* الباب - فيما نذكره من تسمية الله جل جلاله لعلي عليه السلام أنه سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين ، نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) بلفظه : أبو طاهر محمد بن علي بن التبع البغدادي فيما كتب إلي : أن أبا محمد عبد الله بن أبي مسلم العرايصي حدثهم ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الحافظ ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل بن إسحاق قال : حدثنا محمد بن عدلس ، قال : حدثنا جعفر الأحمر قال : حدثنا هلال الصواف عن عبد الله بن كثير وكثير بن عبد الله عن ابن أخطب عن محمد بن عبد الرحمان عن أسعد بن زرارة الأنصاري عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما كان ليلة أسرى بي إلى السماء ، إذا قصر احمر من ياقوتة حمراء يتلألأ ، فأوحى إلي في علي عليه السلام : ( أنه سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين ) .
الباب – فيما نذكره من قول أبي ذر رضى الله جل جلاله عنه الذي هو مأخوذ من قول رسول الله صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام أنه إمام المرحومين وقائد الغر المحجلين والصديق الأكبر . نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) الذي أشرنا إليه ، فقال ما هذا لفظه : معاوية بن ثعلبه الكعبي قال : لما قدم أبو ذر الغفاري مكة دخل المسجد واخذ بحلقة باب الكعبة ، ثم استقبل الناس بوجهه فقال : أيها الناس ، ( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ) . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى أهل بيته : الأسرة من نوح ، والآل من إبراهيم ، والصفوة والسلالة من إسماعيل ، والعترة الهادية من محمد عليه وعليهم السلام . شرف شرفهم وبه أخذوا الفضل من فوقهم . فهم فينا كالسماء المرفوعة والجبال المنصوبة والكعبة المستورة والشجرة الزيتونة ، أضاء زيتها وبورك زبدها وكالشمس الضاحية والنجوم الهادية . ومن الأوصياء وصي آدم في علمه ومعدن العلم بتأويله وإمام المرحومين وقائد الغر المحجلين والصديق الأكبر علي بن أبي طالب عليه السلام .
* الباب - فيما نذكره من حديث بعض محبي أمير المؤمنين عليه السلام وكان قد قطعه عليه السلام على سرقة ، فوصف المقطوع أمير المؤمنين عليه السلام بعد قطعه بمدائح ، منها أنه أمير المؤمنين وأنه أبو الأئمة الراشدين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين ويعسوب الدين . فجعلتها في هذا الباب لأنني رايته أقرب إلى الصواب ، لئلا يقال : أن تسميته له بأمير المؤمنين لأجل موافقة الناس . فأعاد أمير المؤمنين عليه السلام للمقطوع اليد وضم يده إلى موضعه ودعا الله جل جلاله فعادت كما كانت . وكان ذلك مصدقا لما وصفه به . نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى والمنجى من الردى ) الذي قدمنا ذكره ، فقال ما هذا لفظه : روى الأصبغ بن نباته رحمة الله عليه قال : حضرت عند أمير المؤمنين عليه السلام صلوات الله عليه في جامع الكوفة ، وإذا بجماعة كثيرة قد أقبلوا ومعهم عبد أسود موثق كتافا . فقالوا : يا أمير المؤمنين ، السلام عليك ، جئناك بسارق . فقال : مولاي : يا أسود ، أنت سارق ؟ قال : نعم يا مولاي . ثم قال : ثانية : يا أسود أنت سارق ؟ قال : نعم يا مولاي . قال : أمير المؤمنين عليه السلام : إن قلتها ثالثة قطعت يمينك ، يا أسود أنت سارق ؟ قال : نعم . قال : فقطع يمين الأسود . فحيث قطعت يمين الأسود أخذها بشماله وخرج وهي تقطر دما . فلقيه عبد الله الكواء ، فقال : يا أسود ، من قطع يمينك ؟ قال له : قطع يميني الإمام المبين والأنزع البطين وباب اليقين والحبل المتين والشافع يوم الدين . قطع يميني إمام التقى وغاية ذوي النهى وأولي الحجى وكهف الورى وذرية الأنبياء وصاحب الدنيا وزوج فاطمة الكبرى والدعوة الحسنى والإمام الوصي . قطع يميني إمام الحق وسيد الخلق وجابر الفتق وحال الرتق . فاروق الأولين وقاتل الناكثين ونور المتعبدين وركن القاصدين وخير المتهجدين وأول السابقين ودافع المارقين وفارس المسلمين والمختم باليمين ، المصلى أحدا وحنين . قطع يميني - يا ويلك يا بن الكواء - خطيب بدري ، وفي محجاج ، مكي أبطحي قرشي ، برازي مردي الكتائب وصاحب العجائب ، منكس العلامات ، مفرق ما بين الجماعات ، داحي باب خيبر ، قاتل عمرو ومرحب ، وخير من حج واعتمر ، وهلل وكبر ، وحذر وأنذر ، وصام وفطر ، وحلق ونحر ، أبو الأئمة الراشدين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين ويعسوب الدين . قطع يميني - ويلك يا بن الكواء - إمام سنحنحي بهلولي روحاني مكي مبارزي ، بطل محجاج ، مصل الخمس ، صاحب الشمس ، ذكي اللبس ، نقي النفس ، أبو الأبرار ، صاحب الأسحار ، هذاب المحراب ، شريف الأصل ، خاصف النعل ، مرحل الأصلاق ، وصاحب الحروب ، مكي ساربي وعالم رباني ، وزاهد رهباني ، وضامن وفى . أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين . قطع يميني - يا ويلك يا بن الكواء - إمام صاحب القبلتين ، مخرب الكنيستين ، الضارب بسيفين الطاعن برمحين ، وارث المشعرين ، ميزان قسط الله ، ومصباح نور الله وموضع سبيل النجاة . قطع يميني أبو الأئمة الطاهرة الذي بحبهم تبتع الأشجار وتحط الأوزار ، أبو الحسن والحسين ، المرتضى وأخو محمد المصطفى . قطع يميني - يا ويلك يا بن الكواء - إمام اسمه عند الأرمن ( فريقيا ) ، وعند الروم ( بطرسيا ) وعند الخزرج ( مليا ) وعند الترك ( سريا ) ، وعند النوب ( نوبيا ) وعند البحرية ( هجريا ) وعند الأوصياء ( يوحيا ) ، وعند الأرواح ( مقطف الأرواح ) وعند الكهنة ( المدمر ) . وعند الفرندس ( نسانوس ) وعند الهند ( كبكرا ) وعند الفرس ( خيرواج ) ، وعند فرنس ( الباركا ) وعند الزنج ( حبليا ) وعند الحبشة ( المجيرة ) ، وعند السرندي ( سرنكرة ) ، وعند النوباط ( قباطل ) . وعند أمه ( حيدر ) ، وعند الطيرة ( الميمون ) وعند ابن هلال ( احية ) ، وعند أبيه ( ظهيرا ) ، وفي التوراة اسمه ( بريا ) ، وفي الإنجيل ( اليا ) وفي القرآن ( عليا ) . قطع يميني أبو الحسن والحسين ، على رغم أنف من قد رغم . سيد بني هاشم ، فارس بني غالب ، علي بن أبي طالب عليه السلام . ومضى الأسود إلى حال سبيله ، ودخل ابن الكواء على أمير المؤمنين عليه السلام وسلم عليه وقال : يا أمير المؤمنين ، أنت قطعت يمين هذا الأسود ، وهو ثنى عليك لدى ولدي ! ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام للحسن والحسين عليهما السلام : أتوني بالأسود . فأحضروا الأسود وحضر الناس . فتقدم الأسود بين يدي أمير المؤمنين صلوات الله عليه . فرق له وركب اليد على الزند ورمى ردائه عليه ساعة ، فإذا باليد على الزند كما خلقه الله تعالى أول مرة وكبر المسلمون وسر المؤمنون واسودت وجوه المنافقين . قال أمير المؤمنين عليه السلام : يا ويلك يا بن الكواء ، أما علمت أن شيعتنا لنا ، والله لو قطعناهم إربا إربا ما ازدادوا في هوانا إلا حبا .
* الباب - فيما نذكره عن النبي صلى الله عليه وآله أن الله جل جلاله سمى عليا عليه السلام راية الهدى وإمام أوليائي ونور من أطاعني وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين . نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) أيضا ، فقال ما هذا لفظه : أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمان العلوي رحمه الله ، قال : حدثنا أبو الطيب محمد بن الحسين الباهلي البزاز قال : حدثنا الحسين بن علي السلوني قال : حدثنا محمد بن الحسن السكوني قال : حدثنا صالح بن أبي الأسود عن أبي المطهر الرازي عن سلام الجعفي عن أبي جعفر عن أبي بريرة عن النبي صلى الله عليه وآله : إن الله تبارك وعهد إلى في علي عهدا ، فقلت : يا رب بينه لي . فقال الله جل وعز : اسمع . قلت : سمعت . قال : إن عليا راية الهدى وإمام أوليائي ونور من أطاعني وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين . من أحبه أحبني ومن اطاعه أطاعني ، فبشره بذلك . قال : فبشرته . فقال علي عليه السلام : يا نبي الله ، أنا عبد الله وفي قبضته ، فإن يعذبني فبذنبي ولم يظلمني ، وإن يتم الذي بشرني فالله أولى به . قال : فقال : اللهم أجل قلبه واجعل ربيعه الإيمان بك . فقال الله عز وجل : إني قد فعلت . ثم إن الله عهد إلي أن استخصه من البلاء ما لا أخص به أحدا من أصحابك فقلت : يا رب ، أخي وصاحبي ، فقال : أمر قد سبق أنه مبتلى ومبتلى به .
* الباب - فيما نذكره من أن النبي صلى الله عليه وآله ذكر ان الله جل جلاله سمى عليا عليه السلام ( امام خلقي ومولى بريتي ) نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) فقال ما هذا لفظه : محمد بن علي بن الفضل بن رئاب عن الحسين بن محمد عن الحسين بن علي عن ابن بديع الماحشون عن إسماعيل بن أبان الوراق عن غياث بن إبراهيم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه عليهم السلام قال : قال النبي صلى الله عليه وآله : نزل على جبرئيل صبيحة يوم فرحا مستبشرا . فقلت : حبيبي ، ما لك فرحا مستبشرا ؟ فقال : يا محمد ، وكيف لا أكون كذلك وقد قرت عيني بما أكرم الله به أخاك ووصيك وامام أمتك علي بن أبي طالب . فقلت : ولم أكرم الله أخي وامام أمتي ؟ قال : باهى بعبادته البارحة ملائكته وحملة عرشه وقال : ملائكتي ، انظروا إلى حجتي في ارضى بعد نبيي محمد ، وقد عفر خده بالتراب تواضعا لعظمتي . أشهدكم أنه امام خلقي ومولى بريتي .
* الباب - فيما نذكره من قول النبي صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام ( انك الامام لامتي والقائم في رعيتي ) . نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) فقال ما هذا لفظه : أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال : أخبرني الحسن بن علي الزعفراني قال : أخبرنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال : حدثني عثمان بن أبي شيبة عن عمرو بن ميمون عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليهم السلام قال : قال علي بن أبي طالب صلوات الله عليه على منبر الكوفة : أيها الناس انه كان لي من رسول الله عشر خصال ، لهن أحب إلى مما طلعت عليه الشمس . فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي ، أنت أخي في الدنيا والآخرة ، وأنت أقرب الخلائق إلى يوم القيامة في الموقف بين يدي الجبار ، ومنزلك في الجنة مواجه منزلي كما يتواجه منازل الأخوان في الله عز وجل . وأنت الوارث منى وأنت الوصي من بعدي في عداتي وأسرتي وأنت الحافظ في أهلي عند غيبتي ، وأنت الامام لامتي ، والقائم بالقسط في رعيتي ، وأنت وليي ووليي ولى الله ، وعدوك عدوي وعدوي عدو الله .
* الباب - فيما نذكره من قول النبي صلى الله عليه وآله عن علي عليه السلام ( انه ) راية الهدى ، فقال ما هذا لفظه : محمد بن محمد قال : أخبرني المظفر بن محمد البجلي قال : حدثنا محمد بن جرير قال : حدثنا عيسى قال : أخبرنا مخول بن إبراهيم قال : حدثنا عبد الرحمان بن الأسود عن محمد بن عبيد الله عن عمر بن علي عن أبي جعفر عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ان الله عهد إلى عهدا فقلت : رب بينه لي . قال : اسمع . قلت : سمعت . قال : يا محمد ، إن عليا راية الهدى بعدك وإمام أوليائي ونور من أطاعني وهو الكلمة التي ألزمها الله المتقين . فمن أحبه فقد أحبني ومن أبغضه فقد أبغضني ، فبشره بذلك .
* الباب - فيما نذكره من تسمية النبي صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام ( انه الإمام والخليفة من بعدي ) نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) فقال ما هذا لفظه : أحمد بن محمد بن عمران عن الحسين بن محمد العسكري عن إبراهيم بن عبد الله عن عبد الداري عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبيه عن إبراهيم بن العبدي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : علي بن أبي طالب أقدم أمتي سلما وأكثرهم علما وأصحهم دينا وأفضلهم نصيبا وأكملهم علما وأسمحهم كفا وأسحقهم قلبا وهو الإمام والخليفة بعدي .
* الباب - فيما نذكره من تسميه النبي صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام أنه إمام أمتي وخليفتي عليها بعدي ، نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) فقال ما هذا لفظه : حدثنا علي بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن جده أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن محمد بن خالد عن عثمان بن إبراهيم عن ثابت بن دينار عن سعد بن طريف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي بن أبي طالب عليه السلام : أنا مدينة الحكمة وأنت بابها ولن تؤتى الحكمة إلا من قبل الباب ، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغضك ، لأنك منى وانا منك . لحمك من لحمي ودمك من دمى وروحك من روحي وسريرتك من سريرتي وعلانيتك من علانيتي . وأنت إمام أمتي وخليفتي عليها بعدي . سعد من أطاعك وشقي من عصاك وربح من تولاك وخسر من عاداك وفاز من لزمك وهلك من فارقك . مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق . ومثلكم مثل النجوم كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة .
* الباب - فيما نذكره من قول النبي صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام : ( أنت إمام أمتي وخليفتي عليها بعدي ) بطريق غير الطريق الذي قدمناه ، نذكره من كتاب ( نور الهدى ) فقال ما هذا لفظه : محمد بن سعيد بن أبي الفرج عن أحمد بن محمد بن سعد بن منصور عن أحمد بن صبيح عن الحسين بن علوان عن عمر بن ثابت عن سعد بن ظريف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي بن أبي طالب عليه السلام : يا علي أنا مدينة الجنة وأنت بابها ولن تؤتى المدينة إلا من قبل الباب . كذب من زعم أنه يحبني ويبغضك ، لأنك منى وانا منك . لحمك من لحمي ودمك من دمى وروحك من روحي وسريرتك من سريرتي وعلانيتك من علانيتي . وأنت إمام أمتي وخليفتي عليها بعدي ، سعيد من أطاعك وشقي من عصاك وخسر من عاداك وفاز من لزمك . مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق . مثلكم مثل النجوم ، كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة .
* الباب - فيما نذكره من قول النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام ( أنه إمام الهدى ومصباح الدجى والحجة على أهل الدنيا وأنه الصديق الأكبر والفاروق ) ، نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) فقال ما هذا لفظه : أحمد بن محمد بن عبد الله عن ابن عياش الحافظ عن القاضي عبد الباقي بن بايع عن الحسن بن إسحاق ، وحاتم بن محمد عن إبراهيم بن سعيد عن الحسين بن محمد عن سليمان بن الفرج عن محمد بن سلت عن داود بن علي عن أبيه عن جده عبد الله بن العباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي بن أبي طالب عليه السلام : يا علي ، إن جبرئيل أخبرني فيك بأمر قرت به عيني وفرح له قلبي ، قال لي : يا محمد ، إن الله تعالى قال لي : اقرا محمدا مني السلام واعلمه أن عليا إمام الهدى ومصباح الدجى والحجة على أهل الدنيا وانه الصديق الأكبر والفاروق الأعظم . وإني آليت بعزتي أن لا أدخل النار أحدا يواليه وسلم له والأوصياء من بعده . ولاحق القول مني : لأملأن جهنم وأطباقها من أعدائه ولأملأن الجنة من أوليائه وشيعته .
* الباب - فيما نذكره من قول النبي صلى الله عليه وآله في علي عليه ا لسلام ( أنه إمام أمتي وأميرها وأنه وصيي وخليفتي عليها ) . نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) أيضا فقال ما هذا لفظه : أحمد بن محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن زياد بن المنذر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما طلعت الخضراء وما أقلت الغبراء بعدي ( على ) أفضل من علي بن أبي طالب ، وإنه إمام أمتي وأميرها وأنه وصيي وخليفتي عليها ، من اقتدى به اهتدى ومن اقتدى بغيره ضل وغوى . إني أنا النبي المصطفى ، ما أنطق بفضل علي بن أبي طالب عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، نزل به الروح المجتبى عن الذي له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى .
* الباب - فيما نذكره من قول النبي صلى الله عليه وآله للمهاجرين والأنصار ( أن عليا عليه السلام أخي ووزيري وخليفتي وامامكم ) ، نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) أيضا فقال ما هذا لفظه : أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال : حدثنا أبو الحسن علي بن سعيد المقرى ، قال : حدثنا عبد الرحمان بن محمد بن أبي هاشم قال : حدثنا يحيى بن الحسين عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن سلمان الفارسي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : يا معاشر المهاجرين والأنصار ، ألا أدلكم على ما إن تمسكتم به لم تضلوا بعدي أبدا ؟ قالوا : بلى يا رسول الله . قال : هذا علي ، أخي ووزيري ووارثي وخليفتي وإمامكم ، فأحبوه لمحبتي وأكرموه لكرامتي . فإن جبرئيل أمرني أن أقول لكم ما قلت * الباب - فيما نذكره من قول النبي صلى الله عليه وآله عن علي عليه السلام : ( إنه إمام أمتي وخليفتي عليهم من بعدي ) تمام الحديث ، نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) الذي قدمنا ذكره ، فقال ما هذا لفظه : محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله ، قال : حدثني عن محمد بن أبي القاسم عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمان بن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : كفر المجادلون في دين الله على لسان سبعين نبيا ، ومن جادل في كتاب الله فقد كفر . قال الله جل ثنائه : ( ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد ) . ومن فسر القرآن برأيه فقد افترى على الله كذبا . ومن أفتى الناس بغير علم لعنته ملائكة السماء والأرض ، وكل بدعة ضلالة سبيلها إلى النار . قال عبد الرحمان بن سمرة : فقلت : يا رسول الله ، أرشدني إلى النجاة . فقال : يا بن سمرة ، إذا اختلفت الأهواء وتفرقت الآراء فعليك بعلي بن أبي طالب ، فإنه إمام أمتي وخليفتي عليهم من بعدي ، وهو الفاروق الذي يميز به بين الحق والباطل . من سأله أجابه ومن استرشده أرشده ومن طلب الحق عنده وجده ومن التمس الهدى لديه صادفه ، ومن لجا إليه أمنه ومن استمسك به نجا ، ومن اهتدى به هداه . يا بن سمرة ، أنا سلم لمن سلم له ووالاه ، وهلك من رد عليه وعاداه . يا بن سمرة ، إن عليا مني ، روحه من روحي وطينته من طينتي . وهو أخي وأنا أخوه ، وهو زوج ابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين . وإن منه أماما أمتي وسيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين ، تاسعهم قائمهم ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما .
* الباب - فيما نذكره من قول رسول الله صلى الله عليه وآله ( أن عليا أمير البررة وقاتل الفجرة ) نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) فقال ما هذا لفظه : أحمد بن الحسن بن هارون بن سليمان وعلي بن أحمد بن مروان بن نفيس المغربي بسر من رأى وأبو ذر أحمد بن سليمان الباغندي ، قالوا : حدثنا أحمد بن عبد الله بن بريد الحنفي المؤدب قال : حدثنا عبد الرزاق بن همام قال : أخبرنا سفيان بن سعيد الثوري عن عبد الله بن عثمان بن حنتم وعبد الرحمان بن بهمان عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله آخذا بيد علي عليه السلام وهو يقول : هذا أمير البررة وقاتل الفجرة ، منصور من نصره مخذول من خذله . ثم رفع بها صوته : أنا مدينه الحكمة وعلي بابها ، فمن أراد الحكمة فليأت الباب .
* الباب - فيما نذكره من تسمية رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام ( أنه إمامهم ) وأمرهم بالاقتداء به . نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) فقال ما هذا لفظه : قادم الكوفي الهمداني قال : حدثنا الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قال : ( قال : ) عبد الله بن عباس : قلت لأم سلمة ، إنك تكثرين من القول الطيب في علي بن أبي طالب دون نساء النبي ، فهل سمعت من رسول الله ما لم يسمعه غيرك ؟ . فقالت : يا بن عباس ، إن ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام فهو أكثر من أن أصفه ، ولكني أخبرك من ذلك بما يكفيك ويشفيك . سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول في علي قبل موته بجمعة ، فإن زاد على جمعة لم يزد على عشرة أيام ، وهو في بيتي قبل أن يتحول إلى بيت عائشة وقبل أن ينقطع عن نسائه ، فدخل علي عليه السلام في بيتي فسلم مختفيا توقيرا لرسول صلى الله عليه وآله . فرد رسول الله صلى الله عليه وآله معلنا كالمسرور بأخيه المحبب إليه . ثم قبض على يده فقال : أنت علي ؟ ! فقال : نعم يا رسول الله . فقال : أنت يا علي أخي في الدنيا والآخرة . وبكى رسول الله صلى الله عليه وآله ، فبكى علي عليه السلام لبكاء رسول الله صلى الله عليه وآله ويده في يده وعلي لا يرفع طرفه إليه تعظيما له . قالت أم سلمة : فقلت : يا رسول الله ، إلى من تكلنا ومن توصي بنا ؟ فقال : أكلكم إلى العزيز الغفار الذي دعوتكم إليه وأوصي بكم إلى هذا . يا أم سلمة ، هذا الوصي في الأموات من أهل بيتي والخليفة على الاحياء من أمتي في الدنيا والآخرة ، وهو قريني في الجنة كما أنه أخي في الدنيا ، وهو معي في الرفيع الأعلى . فاسمعي يا أم سلمة قولي واحفظي وصيتي واشهدي وأبلغي : هذا علي أخي في الدنيا والآخرة ، خلط لحمه بلحمي ودمه بدمي ، مني ابنتي فاطمة ومنه ولداي الحسن والحسين . يا أم سلمة ، علي سيد كل مسلم ، إذ كان أولهم اسلاما ، وولي كل مؤمن إذ كان أقدمهم إيمانا . يا أم سلمة ، على معدن كل علم ومبرء من الشرك مذ كان . يا أم سلمة ، قال لي جبرئيل يوم عرفه بعرفات : يا محمد ، إن الله عز وجل باهى بكم في هذا اليوم فغفر لكم عامة وباهى بعلي فغفر له خاصة وعامة . يا أم سلمة ، هذا علي إمامكم فاقتدوا به وأحبوه ، وإذا أمركم فأطيعوه ، وأحبوه بعدي لحبي له وأكرموه لكرامتي إياه . ما قلت لكم هذا من قبلي ، ولكنني أمرت أن أقوله . ثم قالت أم سلمة : يكفيك هذا يا بن عباس وإلا والله زدتك ؟ قال ابن عباس فقلت : بل يكفيني .
* الباب - فيما نذكره من اجتماع قريش والمهاجرين والأنصار بعد ولاية عثمان وذكرهم فضائلهم ، وما قاله لهم علي عليه السلام ، وفيه أنه إمامهم عن النبي صلى الله عليه وآله ومن يجب عليهم طاعته . نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) فقال ما هذا لفظه : بحذف الإسناد عن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي قال : رأيت عليا عليه السلام في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله في خلافة عثمان وجماعة يتحدثون ويتذاكرون العلم والفقه ، فذكروا قريشا وفضلها وسوابقها وهجرتها وما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله من الفضل فيها . مثل قوله ( الأئمة من قريش ) وقوله ( ان للقرشي قوة رجلين من غيرهم ) وقوله ( من أبغض قريشا أبغضه الله تعالى ) وقوله ( من أراد هوان قريش أهانه الله عز وجل ) . وذكروا الأنصار وفضائلها وسوابقها ونصرتها وما اثنى الله عز وجل عليهم في كتابه وما قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله من الفضل ( و ) ما قال في سعد بن عبادة وغسيل الملائكة . فلم يدعوا شيئا من فضلهم حتى قال كل حي منا فلان وفلان ، وقالت قريش : ( منا رسول الله ومنا حمزة ومنا عبيدة بن الحارث وزيد بن حارثة وأبو بكر وعمر وعثمان وسعد وأبو عبيدة وسالم وابن عوف ) فلم يدعوا من الحيين أحدا من أهل السابقة إلا سموه . وفي الحلقة أكثر من مائتي رجل ، فيهم علي بن أبي طالب عليه السلام وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمان بن عوف وطلحة والزبير وعمار والمقداد وأبو الذر وهاشم بن عتبه وابن عمر والحسن والحسين صلوات الله عليهما ، وعبد الله بن عباس ومحمد بن أبي بكر وعبد الله بن جعفر . ومن الأنصار : أبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبو أيوب الأنصاري وأبو الهيثم بن التيهان ومحمد بن الحارث وقيس بن سعد بن عبادة وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وزيد بن أرقم وعبد الله بن أبي أوفى . فجاء أبو الحسن البصري وابنه الحسن غلام أمرد صبيح الوجه معتدل القامة . قال : فجعلت أنظر إليه وإلى عبد الرحمان بن أبي ليلى ، فلا أدري أيهما أجمل ، غير أن الحسن أعظمهما وأطولهما . فأكثروا القول في ذلك من بكرة إلى حين الزوال ، وعثمان في داره لا يعلم ما هم فيه ، وعلي بن أبي طالب عليه السلام ساكت لا ينطق هو ولا أحد من أهل بيته . فأقبل القوم عليه فقالوا : يا أبا الحسن ، ما يمنعك أن تتكلم ؟ فقال عليه السلام : ما من الحيين إلا وقد ذكر فضلا ، وقال حقا . أسئلكم يا معشر قريش والأنصار : بمن أعطاكم الله هذا الفضل ؟ أبأنفسكم وعشايركم وبيوتاتكم أم لغيركم ؟ . قالوا : بل أعطانا الله عز وجل ومن به علينا بمحمد صلى الله عليه وآله وعشيرته لا بأنفسنا وعشايرنا ولا بأهل بيوتاتنا . قال : صدقتم يا معشر قريش والأنصار . ألستم تعلمون أن الذي نلتم به من خير الدنيا والآخرة منا أهل البيت خاصة دون غيرنا ، وأن ابن عمي رسول الله قال : ( إني وأهل بيتي كنا نورا يسعى بين يدي الله عز وجل قبل أن يخلق الله عز وجل آدم صلوات الله عليه بأربعة آلاف سنة . فلما خلق الله آدم عليه السلام وضع ذلك النور في صلبه وأهبطه إلى الأرض ، ثم حمله في السفينة في صلب نوح صلوات الله عليه ، ثم قذف به في النار في صلب إبراهيم صلى الله عليه ، ثم لم يزل الله عز وجل ينقلنا من الأصلاب الكريمة إلى الأرحام الطاهرة ، ومن الأرحام الطاهرة إلى الأصلاب الكريمة من الاباء والأمهات ، لم يلتق واحد منهم على سفاح قط ) . فقال أهل السابقة والقدمة وأهل بدر وأهل أحد : قد سمعنا ذلك من رسول الله . قال : أنشدكم الله ، أتعلمون أن الله عز وجل فضل في كتابه السابق على المسبوق في غير آية ، وأنه لم يسبقني إلى الله عز وجل وإلى رسوله أحد من هذه الأمة ؟ قالوا : اللهم نعم . قال : فأنشدكم الله ، أتعلمون حيث نزلت ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ) و ( والسابقون السابقون أولئك المقربون ) سئل عنها رسول الله ، قال : أنزلها الله عز وجل في الأنبياء وأوصيائهم ، وأنا أفضل أنبياء الله ورسله وعلي بن أبي طالب وصيي أفضل الأوصياء ؟ قالوا : اللهم نعم . قال : أنشدكم الله ، أتعلمون حيث نزلت ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) ، وحيث نزلت ( وإنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) ، وحيث نزلت ( ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة ) قال أناس : يا رسول الله أخاصة في بعض المؤمنين أو عامة لجميعهم ؟ فأمر الله عز وجل نبيه أن يعلمهم ولاة أمرهم وأن لهم من زكاتهم وصلاتهم وصومهم وحجهم ، فنصبني للناس بغدير خم ، ثم خطب فقال : يا أيها الناس ، إن الله عز وجل أرسلني إليكم برسالة ضاق بها صدري وظننت أن الناس مكذبي فأوعدني لأبلغنها أو ليعذبني . ثم أمر فنودي للصلاة جامعة ، ثم خطب فقال : أيها الناس ، إن الله عز وجل مولاي وأنا مولى المؤمنين ، وأولى بهم من أنفسهم . قالوا : بلى يا رسول الله . قال : فقم يا علي ، فقمت فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . فقام سلمان فقال : يا رسول الله ، ولاء كما ذا ؟ فقال : ولاء كولائي ، من كنت أولى به من نفسه فعلى أولى به من نفسه ، فأنزل الله عز وجل : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ) . وكبر رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : الله أكبر على تمام نبوتي وتمام دين الله عز وجل وولاية علي بعدي . فقام أبو بكر وعمر فقالا : يا رسول الله ، هؤلاء الآيات خاصة في علي ؟ قال : بل فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة . قالا : يا رسول الله ، بينهم لنا . قال : علي أخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن من بعدي ، ثم ابني الحسن ثم ابني الحسين ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد ، القرآن معهم وهم مع القرآن ، لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا علي حوضي . قالوا كلهم : اللهم نعم قد سمعنا ذلك وشهدنا كما قلت سواء . فقال بعضهم : قد حفظنا كلما قلت ولم يحفظ كله وهؤلاء الذين حفظوا خيارنا وأفاضلنا . فقال علي صلوات الله عليه : صدقتم ، ليس كل الناس يستوون في الحفظ ، أنشد الله عز وجل من حفظ ذلك من رسول الله إلا قام فأخبر به . فقام زيد بن أرقم والبراء بن عازب وسلمان وأبو ذر والمقداد وعمار بن ياسر رضي الله عنهم فقالوا : نشهد لقد حفظنا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وهو قائم على المنبر وأنت إلى جنبه وهو يقول : ( أيها الناس ، إن الله جل وعز أمرني أن أنصب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي ووصيي وخليفتي والذي فرض الله على المؤمنين في كتابه طاعته وقرنها بطاعته وطاعتي وأمركم بولايته ، وإني راجعت ربي عز وجل خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم فأوعدني لتبلغها أو ليعذبني ) . أيها الناس ، إن الله عز وجل أمركم في كتابه بالصلاة وقد بينتها لكم والزكاة والصوم والحج فبينتها لكم وفسرتها لكم وأمركم بالولاية وإني أشهدكم أنها لهذا خاصة - ووضع يده على علي بن أبي طالب صلوات الله عليه - ثم لابنيه بعده ثم الأوصياء من بعدهم ومن ولدهم لا يفارقون القرآن ولا يفارقهم القرآن حتى يردوا علي حوضي . أيها الناس ، قد بينت لكم مفزعكم بعدي وإمامكم ودليلكم وهاديكم وهو أخي علي بن أبي طالب وهو فيكم كمنزلتي فيكم فقلدوه دينكم وأطيعوه في جميع أموركم فإن عنده جميع ما علمني الله عز وجل من علمه وحكمته ، فسلوه وتعلموا ومن أوصيائه بعده ، ولا تعلموهم ولا تتقدموهم ولما تتخلفوا عنهم ، فإنهم مع الحق والحق معهم لا يزايلونه ولا يزايلهم ) . ثم جلسوا . فقال سليم : قال علي عليه السلام : أيها الناس ، أتعلمون أن الله أنزل في كتابه ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) ، فجمعني وفاطمة وابني الحسن والحسين ، ثم ألقى علينا كسائه وقال : ( اللهم هؤلاء أهل بيتي ولحمتي ، يؤلمني ما يؤلمهم ويحزنني ما يحزنهم ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ) . فقالت أم سلمة : وأنا يا رسول الله ؟ فقال : أنت إلى خير ، إنها نزلت في وفي أخي وفي ابني وفي تسعة من ولد ابني الحسين خاصة ، ليس معنا فيها أحد غيرنا . فقال كلهم : نشهد أن أم سلمة حدثتنا بذلك ، فسألنا رسول الله فحدثنا كما حدثتنا أم سلمة . ثم قال علي عليه السلام : أنشدكم بالله ، أتعلمون أن الله أنزل ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) . فقال سلمان : يا رسول الله ، عامة هذا أم خاصة ؟ فقال : أما المأمورون فعامة المؤمنين أمروا بذلك ، وأما الصادقون فخاصة لأخي علي وأوصيائي من بعده إلى يوم القيامة . قالوا : اللهم نعم . قال : أنشدكم الله ، أتعلمون أني قلت لرسول الله في غزوة تبوك : لم خلفتني ؟ فقال صلوات الله عليه : إن المدينة لا يصلح إلا بي أو بك ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي . قالوا : اللهم نعم . فقال : أنشدكم الله ، أتعلمون أن الله إنزل في سورة الحج : ( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا وافعلوا الخير لعلكم . . . ) إلى آخر السورة ، فقام سلمان فقال : يا رسول الله ، من هؤلاء الذين أنت شهيد عليهم وهم شهداء على الناس ، الذين اجتباهم الله ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ، ملة أبيكم ؟ . قال : عنى بذلك ثلاثة عشر رجلا خاصة دون هذه الأمة . قال سلمان : بينهم لنا يا رسول الله . فقال : أنا وأخي علي وأحد عشر من ولدي قالوا : اللهم نعم . قال : أنشدكم أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قام خطيبا لم يخطب بعد ذلك فقال : أيها الناس ، إني تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فتمسكوا بهما لا تضلوا ، فإن اللطيف الخبير أخبرني وعهد إلي أنهما لم يفترقا حتى يردا علي الحوض . فقام عمر بن الخطاب شبه المغضب ، فقال : يا رسول الله ، أكل أهل بيتك ؟ فقال : لا ولكن أوصيائي منهم ، أولهم أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي ولي كل مؤمن بعدي ، هو أولهم ، ثم ابني الحسن ثم ابني الحسين ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد ، حتى يردوا علي الحوض ، شهداء الله في أرضه وحججه على خلقه وخزان علمه ومعادن حكمته . من أطاعهم فقد أطاع الله ومن عصاهم فقد عصى الله . قالوا كلهم : نشهد أن رسول الله قال ذلك . ثم تمادي بعلي عليه السلام السؤال ، فما ترك شيئا إلا ناشدهم به الله علي عليه السلام فيه ، وسألهم عنه ، حتى أتى على آخر مناقبه وما قال له رسول الله صلى الله عليه وآله ، كل ذلك يصدقونه ويشهدون أنه حق .
* الباب - فيما نذكره في حديث عالم من النصارى ورد على أبي بكر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله فعجز عن جوابه ، فأجابه علي عليه السلام فشهد ومن معه ان عليا أحق بمقام رسول الله من أبي بكر وغيره . نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) فقال ما هذا لفظه : العباس بن وليد قال : حدثنا محمد بن عمر الكندي قال : حدثنا عبد الكريم بن إسحاق الرازي قال : حدثنا محمد بن داود عن سعيد بن خالد عن إسماعيل بن أبي أويس عن عبد الرحمان بن قيس المنقري قال : حدثنا زاذان عن سلمان الفارسي رحمة الله عليه ، قال : لما قبض النبي صلى الله عليه وآله وتقلد أبو بكر الأمر ، قدم المدينة جماعة من النصارى يتقدمهم جاثليق لهم ، له سمت ومعرفة بالكلام ووجوهه ، وحفظ التوراة والإنجيل وما فيهما . فقصدوا أبا بكر ، فقال الجاثليق : إنا وجدنا في الإنجيل رسولا يخرج بعد عيسى عليه السلام وقد بلغنا خروج محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله ، يذكر انه ذلك الرسول . ففزعنا إلى ملكنا فجمع وجوه قومنا وأنفذنا في التماس الحق فيما اتصل بنا وقد فاتنا بينكم محمد ، وفي ما قرأناه من كتبنا ان الأنبياء لا يخرجون من الدنيا إلا بعد إقامة أوصيائهم يخلفونهم في أمتهم يقتبس منهم الفتيا فيما أشكل . فأنت أيها الأمير وصيه لنسئلك عما نحتاج اليه ؟ . فقال عمر : هذا خليفة رسول الله . فجثا الجاثليق لركبتيه وقال : أخبرنا أيها الخليفة عن فضلكم علينا في الدين ، فانا جئنا نسأل عن ذلك فقال أبو بكر : نحن مؤمنون وأنتم كفار ، والمؤمن خير من الكافر والايمان خير من الكفر . فقال : هذه دعوى يحتاج إلى حجة ، فخبرني أنت مؤمن عند الله أم عند نفسك . فقال أبو بكر : انا مؤمن عند نفسي ولا أعلم بما لي عند الله ! قال : فهل أنا كافر عندك على مثل ما أنت مؤمن أم أنا كافر عند الله ؟ فقال : أنت عندي كافر ولا أعلم ما لك عند الله ! قال الجاثليق : فما أراك إلا شاكا في نفسك وفي ، ولست على يقين من دينك . فخبرني ألك عند الله منزلة في الجنة بما أنت عليه من الدين تعرفها ؟ فقال : لي منزلة في الجنة أعرفها بالوعد ولا أعلم هل أصل إليها أم لا ! فقال له : فترجو لي ان يكون لي منزلة في الجنة ؟ قال : أجل ، أرجو ذلك . فقال الجاثليق : فما أراك إلا راجيا لي وخائفا على نفسك ، فما فضلك علي في العلم ؟ ! ثم قال له : أخبرني هل احتويت على جميع علم النبي المبعوث إليك ؟ قال : لا ولكن اعلم ما رضي لي علمه . قال : فكيف صرت خليفة النبي وأنت لا تحيط علما بما يحتاج إليه أمته من علمه وكيف قدمك قومك على ذلك ؟ فقال عمر : كف أيها النصراني عن هذا العنت وإلا أبحنا دمك ! ! فقال الجاثليق : ما هذا عدل على من جاء مسترشدا طالبا . قال سلمان رحمه الله : وكأنما ألبسنا جلباب المذلة ، فنهضت حتى أتيت عليا عليه السلام فأخبرته الخبر ، فأقبل - بأبي وأمي - حتى جلس ، والنصراني يقول : دلوني على من اسأله عما احتاج اليه . فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : يا نصراني ، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لا تسألني عما مضى وما يكون إلا أخبرتك به عن نبي الهدى محمد صلى الله عليه وآله . فقال النصراني : أسألك عما سألت عنه هذا الشيخ . خبرني أمؤمن أنت عند الله أم عند نفسك ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أنا مؤمن عند الله كما أنني مؤمن في عقيدتي . قال الجاثليق : الله أكبر ، هذا كلام واثق بدينه ، متحقق فيه بصحة يقينه ، فخبرني الان عن منزلتك في الجنة ما هي ؟ فقال عليه السلام : منزلتي مع النبي الأمي في الفردوس الأعلى لا أرتاب لذلك ولا أشك في الوعد به من ربي . فقال النصراني : فبماذا عرفت الوعد لك بالمنزلة التي ذكرتها ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام : بالكتاب المنزل وصدق النبي المرسل . قال : فبما علمت صدق نبيك ؟ قال عليه السلام : بالآيات الباهرة والمعجزات والبينات . قال الجاثليق : هذا طريق الحجة لمن أراد الاحتجاج ، فخبرني عن الله تعالى ، أين هو اليوم ؟ ! فقال عليه السلام : يا نصراني إن الله يجل عن الأين ويتعالى عن المكان ، كان فيما لم يزل ولا مكان ، وهو اليوم على ذلك لم يتغير من حال إلى حال . قال : أجل ، أحسنت أيها العالم وأوجزت في الجواب . فخبرني عنه تعالى ، أيدرك بالحواس عندك ، يسلك المسترشد في طلبه استعمال الحواس ، أم كيف طريق المعرفة إن لم يكن الأمر كذلك ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام : تعالى الملك الجبار ان يوصف بمقدار أو يدركه الحواس أو يقاس بالناس ، والطريق إلى معرفته صنائعه الباهرة للعقول الدالة ذوي الاعتبار بما هو منها مشهود معقول . فقال الجاثليق : صدقت ، هذا والله الحق الذي ضل عنه التائهون في الجهالات ، ( فخبرني ) الان عما قاله نبيكم في المسيح ومن انه مخلوق ، من أين أثبت له الخلق ونفى عنه الإلهية وأوجب النقص وقد عرفت ما يعتقد فيه كثير من المبتدئين ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أثبت له الخلق بالتقدير الذي لزمه والتصوير والتغيير من حال إلى حال والزيادة التي لم ينفك منها والنقصان ، ولم أنف عنه النبوة ولا أخرجه عن العصمة والكمال والتأييد ، وقد جائنا عن الله تعالى أنه مثل آدم عليه السلام خلقه تراب ثم قال له كن فيكون . فقال الجاثليق : هذا ما لا يطعن فيه الان ، غير أن الحجاج مما يشترك الحجة الخلق والمحجوج منهم ، فبم ثبت أيها العالم من الرعية الناقصة عنك ؟ قال : فبما أخبرتك به من علمي بما كان وما يكون . قال الجاثليق : فهلم شيئا من ذكر الخلق ( يثبت ) به دعواك . فقال أمير المؤمنين عليه السلام : خرجت أيها النصراني من مستقرك مستنفرا لمن قصدت سؤالك مضمرا لخلاف ما أظهرت من الطلب والاسترشاد ، فأريت في منامك مقامي وحدثت فيه كلامي وحذرت فيه خلافي وأمرت باتباعي . قال : صدقت ، والله الذي بعث المسيح ، ما اطلع على ما أخبرتني إلا الله تعالى . وأنا أشهد إن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وانك وصي رسول الله وأحق الناس بمقامه وأسلم الذين كانوا معه كاسلامه وقالوا : نرجع إلى صاحبنا فنخبره بمن وجدناه عليه هذا الأمر وندعوه إلى الحق . فقال عمر : الحمد لله الذي هداك أيها الرجل إلى الحق وهدى من معك إليه ، غير أنه يجب أن تعلم أن علم النبوة في أهل بيت صاحبها ، والأمر بعده لمن خاطبت أولا برضا الأمة واصطلاحها عليه ! ! وتخبر صاحبك بذلك وتدعوه إلى طاعة الخليفة ! ! فقال : قد عرفت ما قلت أيها الرجل ، وأنا على يقين من أمري فيما أسررت وأعلنت . فانصرف الناس ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : يا سلمان ، أما ترى كيف يظهر الله الحجة لأوليائه وما يزيد بذلك قومنا عنا إلا نفورا ؟ ! .
* الباب - فيما نذكره من مناظره قوم من أحبار اليهود لعمر بن الخطاب وعجزه عن الجواب وقيام مولانا علي عليه أفضل السلام بالحق والصواب ، وشهادة الحبر من اليهود بأنه عليه السلام أحق بالأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله من كل من تقدم عليه وانه اسلم بما هداه إليه . نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) كما ذكره من غير إسناد ، لأن الحديث دال على صدق ما جرت عليه الحال وفيه حديث أصحاب الكهف مشروحا . فقال ما هذا لفظه : ولما جلس عمر بن الخطاب في الخلافة أتاه قوم من أحبار اليهود من بلد الشام فقالوا : أنت خليفة رسول الله ؟ قال : نعم . قالوا : نحن رسل أحبار اليهود - يهود الشام - جئناكم لنسألكم مسائل ، فان أجبتمونا بما هو مكتوب في التوراة علمنا أن دينكم حق وان نبيكم صادق ، وان لم تجيبونا علمنا أن نبيكم كان كاذبا وأن دينكم باطل . قال : سلوني عما بدا لكم . قالوا أخبرنا أي شئ لم يخلق ( الله ) وأي شئ لا يعلمه الله وأي شئ ليس لله وأي شئ ليس من الله وأي قبر سار بأهله وأي موضع طلعت عليه الشمس مرة ولم يطلع بعد هناك ولا يطلع بعده إلى يوم القيامة ؟ فأطرق عمر مليا ، ثم قال : لا عيب على عمر إذا سئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم ! ! فقالت اليهود : الست تزعم انك خليفة رسول الله ؟ وقد علمنا أن نبيكم كان كاذبا وأن دينكم باطلا . فقام سلمان الفارسي حتى اتى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه فقال له : يا أبا الحسن ، أغث الاسلام . فقام علي عليه السلام فارتدى وانتعل وأقبل حتى دخل على عمر . فلما رآه عمر قام اليه فاعتنقه فقال : لكل شديدة تدعى يا أبا الحسن . فجلس علي عليه السلام فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله صلوات الله عليه . ثم قال : سلوني معاشر اليهود ، فان أخي رسول الله علمني الف باب من العلم يخرج من كل باب الف حديث ، وما نزل شيئا التوراة والأنجيل إلا أخبرني به . فقالت اليهود : أخبرنا أي شئ لم يخلق الله ؟ وأي شئ لا يعلم الله ؟ وأي شئ ليس لله ؟ وأي شئ ليس من الله ؟ وأي قبر سار بصاحبه ؟ وأي موضع طلعت عليه الشمس مرة ولم تطلع قبله ولا بعده عليه إلى يوم القيامة ؟ وأي شئ يقول الضفدع في نقيقه والفرس في صهيله والحمار في نهيقه ؟ وأخبرنا ما الواحد والاثنان ، وما الثلاثة وما الأربعة وما الخمسة وما الستة وما السبعة وما الثمانية وما التسعة وما العشرة وما الأحد عشر وما الاثني عشر ؟ قال علي عليه السلام : لا حول وقوة إلا بالله ، يا أخا اليهود ، أن أخبرتك بما في التوراة أتسلمون وتقرون نبينا ؟ قالوا : نعم . قال : أما قولكم ( أي شئ لم يخلق الله ) فإن المعاصي ليس مما خلقها الله . وأما قولكم ( أي شئ ليس لله ) فليس لله شريك ولا ولد . وأما قولكم ( أي شئ ليس من الله ) ، فليس من الله الجور ، بل العدل حكمه وأمرنا أن نعدل . وأما قولكم ( أي شئ لا يعلم الله ) فلا يعلم الله أن في السماوات والأرض إلها غيره . وأما قولكم ( أي قبر سار بأهله ) فتلك الحوت التي ابتلعت يونس بن متى فطافت به سبعة أبحر في ثلاثة أيام . وأما قولكم ( أي موضع طلعت عليه الشمس مرة ولم تطلع قبلها ولا بعدها ) فذلك البحر بحر مصر إذ قال الله : ( يا موسى ، اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم ) فأنجى الله موسى وغرق فرعون ، فطلعت عليه الشمس يومئذ ولم يطلع قبله ولا بعده إلى يوم القيامة . وأما قولك ( ما يقول الضفدع في نقيقه ) فإنه يسبح الله ويقول : سبحان ربي المعبود في لجج البحار . وأما قولك ( أي شئ يقول الفرس في صهيله ) فان الفرس يستنصر على أعدائه الكافرين . وأما الحمار فإنه ينهق في عين الشيطان ويلعن مبغض أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وعلى أهل بيته . وأما الواحد ، فالله واحد لا شريك له . والاثنان آدم وحواء . والثلاثة فالأيام التي وعد الله زكريا ( ألا تكلم الناس ثلاثة أيام ) سويا . وان شئت فالأيام التي وعد الله قوم صالح فقال : ( تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ) . وأما الأربعة فجبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل . وأما الخمسة فخمس صلوات افترضها على أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله ، ولم يفترضها على ساير الأمم . وأما الستة فخلق السماوات والأرض في ستة أيام وأما السبعة فهي أبواب جهنم . وأما الثمانية فهي أبواب الجنة . وأما التسعة فالمرأة تحمل ولدها تسعة أشهر . والعشرة فالأيام التي وعد الله موسى صلى الله عليه ، إذ قال : ( وأتممناها بعشر ) . والأحد عشر فإخوة يوسف إذ قال : ( رأيت أحد عشر كوكبا ) . والاثنى عشر فشهور السنة اثنى عشر شهرا . فأسلم الرجلان من اليهود وبقى الثالث ، فقال : بقيت لي مسألة واحدة فإن أخبرتني بها علمت أنك أعلم أصحاب محمد . فقال علي عليه السلام : هات . فقال اليهودي : أخبرني عن أناس ماتوا أكثر من ثلاثمائة سنة ثم أحياهم الله ، ما هم ؟ فقال علي عليه السلام : قد انزل الله على نبينا سورة في شأنهم فان شئت قرأتها عليك . فقال : ما أكثر ما سمعت قرآنكم ، ولكن أخبرنا إن كنت عالما بخبرهم وأسمائهم واسم مدينتهم واسم ملكهم واسم كلبهم واسم جبلهم واسم كهفهم . قال علي عليه السلام : لا حول وقوة إلا بالله العلي العظيم . أخبرني حبيبي محمد صلى الله عليه وآله ، انه كانت بالروم مدينه يقال لها ( افسوس ) ، وكان عليها ملك يقال له ( دقيوس ) وكان كثير المال ، وجمع من الجنود ما لم يكن لاحد من ملوك الروم . فعاش أربعمائة لم يوعك ولم يحم ولم يمرض ولم يمت فادعى الربوبية وكفر بربه ودعا الناس إلى عبادته . فمن اجابه أكرمه وحباه والبسه وأعطاه ، ومن عصاه ولم يطعه فيما امره أهانه وعذبه وحبسه وأذاقه ألوان العذاب . فعاش ذلك دهرا طويلا . ثم إنه أمر أهل مملكته ان يجعلوا له مجلسا من مرمر ، عرضه أربعمائة ذراع في طول مثله مشبك باللئالئ واليواقيت والجواهر ، وصور عليها تصاوير جميع ما خلق الله تعالى ووضع سريره عليه . وجعل عن يمينه مائتي كرسي للبطارقة وعن شماله مائتي كرسي للهراقلة وبين يديه أربعمائة رجل من خاصته وقوفا على أعمدة الذهب والفضة . واختار من أولاد الحكماء ثلاثة فأجلسهم عن يمينه ومن أولاد الملوك ثلاثة أجلسهم عن شماله وكان لا يقطع أمرا دون رأيهم . وكان إذا جلس في مجلسه في كل يوم يدخل من باب المجلس ثلاثة غلمان ، بيد أحدهم جام من ذهب مملوا بالمسك وفي يد الثاني جام من ذهب فيه ماء الورد وفي يد الثالث طائر . قال اليهودي : كيف كان لون الطائر ؟ قال علي عليه السلام : كان لونه أخضر ، احمر المنقار والرجلين ، وكان دون الحمامة وأكبر من العصفور ، وكان يقف الغلام عند الملك فيصيح بالطير ويكلمه بلسانه ، فيطير الطائر حتى يقع في الجام الذي فيه ماء الورد فيغمس نفسه فيه فيأخذ المسك بجناحه ، ثم يصيح به الغلام الثالث فيطير حتى يكون فوق رأس الملك فينتفض حتى ينثر ذلك المسك وماء الورد عليه . وكان هذا دأبهم دهرا طويلا . فكان من أولئك الفئة ستة من خيار أصحابه وأعلمهم ، وكانوا كبني أم في التعاطف ، وكان الملك يثق بهم ويصدر أموره بقولهم . وكانوا كل يوم إذا خرجوا من عند الملك يجتمعون عند واحد منهم وكانت النوبة تدور عليهم . ثم إنه أتى الملك خبر من بعض مسالحه ، خروج خارجي ، واخذ بعض مملكته ، فاغتم الملك واهتم حتى عرف ذلك في وجهه ودخل على أهل مملكته من ذلك غم شديد وحزن لأجل ذلك الملك . وكان ذلك نوبة كبيرهم ، وأن يكونوا عنده وكان اسمه ( تمليخا ) فصنع لأصحابه من أنواع الطعام والشراب والفواكه والطرائف ، وفرش لهم اللين من الفراش . فلما دخلوا وقعدوا ، قدم إليهم المائدة وقال : اخواني ، كلوا مما رزقتم واشربوا . فقالوا : ما لك لا تأكل معنا ؟ . قال : نزل بي أمر يعوقني عن الأكل والشرب . قالوا : يا تمليخا قد علمت إنه لا يطيب لنا العيش ولا الطعام ولا الشراب إلا معك . قال : اخواني ، كلوا فإنه أمر لا أقدر أن آكل شيئا معه . قالوا : يا تمليخا ، أخبرنا بعلتك ، فإن كنت مغتما من أجل الملك وما نزل به فانا شركاؤك في ذلك ، وإن كان لعلة مرض فانا علماء بالطب ، وإن كان أمرا دون ذلك فلا ينبغي لك ان تغتم ولا ان تغمنا ، فأخبرنا بأمرك فرب أمر هو شديد على صاحبه عسر عليه وعند غيره كشف له وفرج منه . فقال : اخواني ، ان الذي منعني من الطعام فكرة فكرت ليلتي هذه فيها . فقالوا : أخبرنا . فقال : اخواني ، فكرت في الهنا ( دقيوس ) فقلت : لو كان ( دقيوس ) الها كما زعم ما كان له ان يغتم ولا ان يفرح ولا ان يمسه هم . فانا أراه كأحدنا يأكل ويشرب ويتغوط ويقوم ويقعد ويركب ويحتاج إلى الأهل وينام ، فكيف يكون دقيوس الها ؟ ! . وفكرت في نفسي فقلت : من أخرجني جنينا ومن خلقني في بطن أمي من ماء ابيض سويا ؟ ومن رباني ومن غذاني إذ كنت طفلا رضيعا ثم فطيما ثم أمرد ثم إلى الشباب ثم أصير كهلا وشيخا ثم الموت لا بد منه ؟ ثم فكرت في نفسي : من سوى فوقنا سقفا مرفوعا بلا عمد هواه ولا علاقة ولا متكأ ؟ ومن زينها بالكواكب الطالعات ؟ ومن اجرى الشمس والقمر ؟ ومن يأتي بالليل المظلم والنهار المبصر ؟ ومن يأتي بالسحاب فيسقى البلاد والعباد منه ؟ ومن ينبت الحب في الثرى ؟ هو الذي خلقنا وخلقه . وقلت : ما ( دقيوس ) إلا بشر مثلنا وخلق من خلقه وعبد من عبيده . ملكه اله السماوات وأعطاه النعمة السابغة والعمر الطويل والجند الكثير والمال المزيد فكفر به وعصاه وطغى ، وادعى الربوبية ودعى الناس إلى نفسه . فقالوا : يا تمليخا ، ان الامر كما ذكرت والفكرة ما فكرت . ما ( دقيوس ) إلا عاص وكافر باله الخلق أجمعين ، ما الاله إلا خالق السماوات والأرض . فقال تمليخا : فكيف الحيلة بالكفر به فالطاعة لاله السماء والأرض ؟ فقالوا : لا نعلم ، والرأي رأيك . فقال تمليخا : لا أرى لنفسي ونفسكم إلا الفرار من دقيوس الكافر إلى اله السماء الذي خلقنا وخلقه . فقالوا : نعم الرأي ما رأيت . فباتوا تلك الليلة . فلما كان نصف الليل قال تمليخا : اخواني ، قوموا إلى عبادة ربكم . فقاموا فقالوا : ( ربنا رب السماوات والأرض ولن ندعو من دونه الها ، لقد قلنا إذا شططا ) . وجعلوا يدعون ربهم بقية ليلتهم حتى أصبحوا . فلما أصبحوا ركبوا خيولهم وخرجوا هرابا من ( دقيوس ) الكافر متثابتين عن ثلاثة أميال من المدينة . فقال تمليخا : أنزلوا عن خيولكم ليخفى أثركم . فنزلوا وخلوا خيولهم ومشوا على أرجلهم حتى قطر الدم من أرجلهم . فشكوا ذلك اليه ، فقال : اخواني إن هذا في الله قليل . فمشوا حتى أظهروا وأصابهم العطش ، فرأوا ان رجلا يرعى غنما ، فقالوا : هل لكم أن نستسقي الراعي ؟ ومالوا اليه فقالوا : يا راعي ، هل عندك شربة من ماء أو لبن . قال الراعي : بحق إلهي ( دقيوس ) ما أصبح عندي ماء ولا لبن . قالوا : يا راعي ، لا تسم دقيوس إلها وهو عبد من عباد الله ، أعطاه الله النعمة السابغة والملك والجند والمال ، فكفر وتجبر .فقال الراعي : ان أمركم لعجب ، أرى وجوهكم وجوه الملوك وثيابكم ثياب الملوك وكلامكم أنكره ، ما أراكم إلا هرابا من إلهي ( دقيوس ) ، فأخبروني بقصتكم واصدقوني عن شأنكم . فقالوا : يا راعي ، إنا دخلنا في دين لا يحل لنا الكذب ، أنا تمليخا وزير الملك وهؤلاء أصحابي ، فكرنا في دقيوس فقلنا لو كان إلها كما زعم ما كان له أن يغتم ولا يحزن ولا يفرح ولا يأكل ولا يشرب ولا يقوم ولا يقعد ولا يصيبه ما يصيبنا من المصائب ، لأن الإله لا يكون - يا راعي - كذلك . وليكن إلهك يا راعي الذي خلقك ولم تكن شيئا ، والذي يأتي بالنهار المضئ والليل المظلم ، والذي يأتي بالسحاب فيسقى العباد والبلاد والذي خلق السماوات والأرض والجبال والشمس والقمر والنجوم . يا راعي ، لا تسم دقيوس إلها ، وليكن اسمه عبدا كافرا عابثا عاصيا للذي خلقه . قال الراعي : قد وقع في قلبي ما وقع في قلوبكم ، فأين تريدون ؟ قالوا : نريد الهرب إلى إله السماء من ( دقيوس ) الكافر . فقال : هذه الأغنام أمانة في عنقي ، قفوا علي ساعة حتى أؤديها إلى أربابها وأصحبكم وافر معكم من دقيوس الكافر إلى إلهنا الذي خلقنا . فوقفوا له حتى رد الأغنام إلى أربابها ثم رجع إليهم ، فساروا وكلب الراعي يتبعهم . فقالوا : يا راعي ، إن كلبك هذا يفضحنا الليلة بنباحه . فرموه بالحجارة ورماه الراعي ، فما زاده ذلك إلا الحاحا . فلما رأوا ذلك قالوا له : يا راعي ، اقبل اليه أنت واضربه ضربا وجيعا . فاقبل الراعي يرجمه ويضربه . فلما رأى ذلك الكلب أنطقه الله بلسانهم وهو يقول : ( يا قوم ، دعوني أحرسكم من عدوكم فاني مؤمن بالإله الذي خلقني وخلقكم ) . فلما سمعوا ذلك تعجبوا تعجبا شديدا وازدادوا يقينا بربهم فساروا حتى جنهم الليل . فقال اليهودي : يا علي ، أخبرني كيف كان لون الكلب وما اسمه ؟ قال علي عليه السلام : كان لون الكلب أبلق في سواد واسمه ( قطمير ) . فلما جنهم الليل قال تمليخا : اخواني ، هل لكم هذه الليلة في هذا الجبل لعلنا نجد فيه كهفا أو كنا . فقالوا : نعم ، فارتقوا الجبل ، واسم الجبل ( الخلوس ) فبينا هم يدورون على رأس الجبل إذ وجدوا كهفا كأحسن ما يكون من الكهوف وعند رأس الكهف عينا غزيره من الماء طيبة وأشجارا مثمرة . فأكلوا من الثمرة وجنهم الليل ، فدخلوا الكهف فناموا فيه . وبعث الله إليهم ملك الموت وأمره ان يقبض أرواحهم مع نومهم ، فقبض أرواحهم وأوحى الله إلى الشمس ( أن تزاور عن كهفهم ذات اليمين وذات الشمال إذا طلعت وإذا غربت ) ووكل الله بهم ملكين يقلبانهم ظهرا لبطن . فلما طال على الملك رجوع أصحابه سئل عنهم . فقالوا : أيها الملك ، اتخذوا إلها غيرك وخرجوا هرابا منك إليه . فركب الملك وخرج في طلبهم في ثمانين الف فارس من أصحابه ، وجعلوا يقفون على أثرهم حتى ارتقوا الجبل فوجدوهم في الكهف موتى فظنوا أنهم نيام . فقال : لو رأيت أن أعاقبهم بأكثر من ذلك ما عاقبوا به أنفسهم قدرت عليه ولكن إيتوني بالكلس والحجارة وابنوا باب الغار . فبنوا ذلك . فقال الملك : قولوا لإلهكم أن ينقذكم من سخطي فظنوا أنهم نيام . فلما اتى عليهم ثلاثمائة سنة وتسع سنين أحياهم الله وقد كادت الشمس تغرب ، فلما قاموا قال تمليخا : اخواني ، لقد غفلنا هذه الليلة عن عبادة ربنا فقاموا وخرجوا من الغار ، فإذا الماء قد غار والأشجار قد جفت . فقال : اخواني ، كم لبثنا في هذا الكهف ؟ قالوا : يوما أو بعض يوم ! قال : ربكم أعلم بما لبثتم إن في أمرنا لعجبا ! في ليلة يغور عين مثل هذا العين الغزيرة وتجف مثل هذه الأشجار المثمرة ولا عجب من أمر الله . وقد مسهم الجوع ، وكان تمليخا قد باع ثمرا له حين خرج من المدينة وصره في ثوبه . فقال : من يذهب المدينة ويشترى لنا طعاما ؟ فجعل كل واحد منهم يخاف من دقيوس . فقال تمليخا : اخواني ، لا أحد اجترى على ذلك إلا أنا ، ولكن يا راعى انزع ثيابك حتى ألبسها لعلهم ينكروني ، فنزع الراعي ثيابه فلبسها تمليخا . فجعل يمر بمواضع لا يعرفها وعمران لم يرها وخرابات لم يعهدها . فقال في نفسه : ( انى غلطت الطريق ) ! فسأل رجلا نحو المدينة التي يسمى ( افسوس ) . فقال : ( افسوس ) امامك . قال : فما اسم ملكها . قال : عبد الرحمان . فازداد عجبا وجعل يمسح عينيه ويقول : لعلى نائم . ثم سار حتى اتى المدينة وإذا بابها على خلاف ما كان ، وإذا على الباب علمان منصوبان ابيض واسود ، مكتوب عليهما : ( لا اله إلا الله ، عيسى رسول الله ) . فازداد عجبا ودخل المدينة فرأى الناس يقرؤون الإنجيل . فدنى من خباز فقال له : يا خباز ، ما اسم مدينتكم هذه ؟ قال : افسوس . فقال : ما اسم ملككم ؟ قال : عبد الرحمان . قال تمليخا : فانى نائم بعد ! ! قال الخباز : أنت تكلمني ولست بنائم . قال : وأخذ درهما من الدراهم التي كانت معه فأعطاه الخباز فقال : زن لي بهذا خبزا وعجل . فأخذه الخباز فرآه ثقيلا وزنه عشرة دراهم وثلثان ، فجعل الخباز ينظر إلى تمليخا ( مرة ) ومرة إلى الدرهم . ثم قال : ما اسمك ؟ فقال : ( تمليخا ) . قال : يا تمليخا أظنك قد وجدت كنزا فإن كان قد أصبته فأعطني بعضه وإلا . . . . . قال تمليخا : يا هذا ، لا تظلمني ، فأنا أخذت الدراهم من ثمن ثمرة بعتها بالأمس في القرية وكان أهل المدينة يعبدون دقيوس الملك . فقال الخباز : هات نصيبي من الكنز فإني لا أقبل منك قولك هذا . قال تمليخا : يا رجل ، إني من أهل هذه المدينة ولست بغريب . قال الخباز : من يعرفك من أهل المدينة ؟ قال : هم يعرفني جماعة فسمى أكثر من مائة انسان فلم يعرفهم الخباز ولا عرف أحد منهم . فغضب الخباز وقال : إنك لأحمق وقد وجدت كنزا ولست تعطيني منه شيئا . ثم تذكر أسماء قوم كفار ماتوا منذ ثلاثمائة سنه . وتعلق به واجتمع عليه الناس ، فقدموه إلى ملكهم . وقال الملك : ما شأنكم ؟ - وكان رجلا عاقلا - . قالوا : اتيناك بالعجب هذا رجل قد وجد كنزا وهي دراهم معه . فقال الملك : إن نبينا عيسى عليه السلام أمرنا إلا نأخذ من الكنز إلا الخمس ، فأعطنا مما وجدت الخمس وسائر ذلك لك حلال . فقال : أيها الملك ابتد وانظر في امرى حسنا . أنا رجل من أهل هذه المدينة ، بعت ثمرة بالأمس وأخذت ثمنها . قال الملك : وتعرف من أهل هذه المدينة أحدا ؟ قال : نعم فلان وفلان ، فسمى أكثر من مائة رجل ما عرفوا منهم أحدا . قال الملك : يا هذا ، هذه أسامي قوم كفار وليست بأسمائنا ولكن هل لك بالمدينة دار تعرفها ؟ قال : نعم . ( قال : ) فانطلق معنا فأرنا . قال : فخرج وتبعه الملك والناس حتى انتهى إلى أشرف دار في المدينة فقال : هذا دارى أيها الملك إلا أنها قد تبدلت بعدي . فقرع الملك الباب فخرج منها شيخ كبير قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر . فقال : ما جاء بكم أيها الملك ؟ قال : قد جئناك بعجب ، هذا الذي يزعم أن هذه الدار ( له ) . قال : فغضب الشيخ وقال : اربطوا عنى حاجبي ، فربطوها ثم قال : ما اسمك فهذه الدار ورثتها عن أبي وورثها أبي عن جدي ! قال : اسمى تمليخا . قال : ابن من ؟ قال : ابن قسطنطين . قال : فعاد الشيخ وانتسب له فانكب الشيخ يقبل يديه ورجليه ويقول : هذا جد أبي - ورب عيسى - هؤلاء قوم هربوا من دقيوس الكافر إلى اله السماوات والأرض . فأقبل الملك والناس يبكون حوله ويقبلونه . ثم قال له الملك : ما فعل أصحابك . قال : هم في الجبل . قال : اذهب بنا إلى أصحابك فركب الملك وركب أصحابه حتى إذا كانوا على الجبل قال تمليخا : أيها الملك ، قف أنت ساعة حتى أنبههم بخبر دقيوس وموته وخبر أهل المدينة ومتى ما سمعوا وقع حوافر الخيل خافوا وظنوا أن دقيوس الكافر قد غشيهم . قال : فوقف الملك والناس فذهب تمليخا حتى دخل عليهم . فقالوا : الحمد لله الذي أنقذك من شر دقيوس الكافر . فقال تمليخا : ذروني من دقيوس ، كم لبثنا ؟ قالوا : يوما أو بعض ( يوم ) . قال : ( بل لبثتم ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعا ) وقد مات دقيوس وبعث الله نبيا ورفعه الله إليه وهؤلاء أصحاب المدينة قد أتوكم . فقالوا : يا تمليخا أتريد أن نكون عبرة للخلق ؟ قال : لا . فقالوا : يا تمليخا ، ارفع يديك ونرفع أيدينا وندعو أن يسترنا ربنا ولا يفضحنا . ففعلوا ذلك وقالوا : ( ربنا بحق الذي أريتنا من العجائب وأحييتنا بعد أن أمتنا ان تقبض أرواحنا وتعجل عندك في الجنة ) . قال : فما تم كلامهم حتى قبضت أرواحهم . قال : فوقف الملك ساعة طويلة ، فما رأى منهم أحدا . قال : لأصحابه : اذهبوا فاطلبوا القوم . قال : فطلبوهم فلم يجدوا لهم أثرا إلا علامة الغار وقد طمس الله على باب الغار . فقال الملك : هذه عبرة أراكم الله . ثم قال الملك : إبنوا عليهم بنيانا يعنى مسجدا . فكان على المدينة ملك آخر كافر . فقال الكافر : ماتوا على ديننا ، أبني على باب الكهف كنيسة . فتقاتل المسلمون والكفار ، فهزم الكفار وتحكم المسلمون وانقلب الكفار . وبني عليهم مسجدا . وذلك قوله تعالى : ( وقال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا ) . فقام اليهودي فأسلم وقال : أشهد ان لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنت أعلم أصحاب محمد وأحق بهذا الأمر من غيرك . أسامي أصحاب الكهف : فرطالوس ، أميوس ، دانيوس ، واسرافيون ، واسطاطانوس ، ومكساميس وتمليخا . قال أبو الحسن علي بن عمر بن مهدي الدارقطني الحافظ ، قال : هذا حديث جعفر بن محمد عن أبيه انفرد به يحيى بن العلاء الرازي عنه ولم يروه غير عبادة .