العتبة العلوية المقدسة - بيعة العقبة والاذن بالهجرة -
» » سيرة الإمام » الهجرة النبوية ودور الإمام علي عليه السلام فيها » بيعة العقبة والاذن بالهجرة

بيعة العقبة والاذن بالهجرة

  * - في تفسير علي بن إبراهيم :  وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين  فإنها نزلت بمكة قبل الهجرة ، وكان سبب نزولها أنه لما أظهر رسول الله صلى الله عليه وآله الدعوة بمكة قدمت عليه الأوس والخزرج ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله : تمنعوني وتكونون لي جارا حتى أتلو عليكم كتاب ربي وثوابكم على الله الجنة ؟ فقالوا : نعم ، خذ لربك ولنفسك ما شئت ، فقال لهم : موعدكم العقبة في الليلة الوسطى من ليالي التشريق ، فحجوا ورجعوا إلى منى ، وكان فيهم ممن قد حج بشر كثير ، فلما كان اليوم الثاني من أيام التشريق قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا كان الليل فاحضروا دار عبد المطلب على العقبة ، ولا تنبهوا نائما ، ولينسل واحد فواحد ، فجاء سبعون رجلا من الأوس والخزرج ، فدخلوا الدار ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله : تمنعوني وتجيروني حتى أتلو عليكم كتاب ربي وثوابكم على الله الجنة ؟ فقال أسعد بن زرارة والبراء بن معرور وعبد الله بن حزام : نعم يا رسول الله ، اشترط لربك ولنفسك ما شئت ، فقال : أما ما أشترط لربي فأن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون أنفسكم وتمنعون أهلي مما تمنعون أهاليكم وأولادكم ، فقالوا : فما لنا على ذلك ؟ فقال : الجنة في الآخرة وتملكون العرب وتدين لكم العجم في الدنيا وتكونون ملوكا في الجنة فقالوا قد رضينا ، فقال : أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا يكونون شهداء عليكم بذلك كما أخذ موسى عليه السلام من بني إسرائيل اثني عشر نقيبا ، فأشار إليهم جبرئيل فقال : هذا نقيب ، وهذا نقيب ، تسعة من الخزرج ، وثلاثة من الأوس ، فمن الخزرج أسعد ابن زرارة ، والبراء بن معرور ، وعبد الله بن حزام أبو جابر بن عبد الله ، ورافع بن  مالك ، وسعد بن عبادة ، والمنذر بن عمر ، وعبد الله بن رواحة ، وسعد بن الربيع ، وعبادة بن الصامت ، ومن الأوس أبو الهيثم بن التيهان ، وهو من اليمن ، وأسيد بن حضير وسعد بن خيثمة ، فلما اجتمعوا وبايعوا لرسول الله صاح إبليس يا معشر قريش والعرب هذا محمد والصباة من أهل يثرب على جمرة العقبة يبايعونه على حربكم ، فأسمع أهل منى وهاجت قريش ، فأقبلوا بالسلاح ، وسمع رسول الله صلى الله عليه وآله النداء فقال للأنصار : تفرقوا ، فقالوا : يا رسول الله إن أمرتنا أن نميل عليهم بأسيافنا فعلنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لم أؤمر بذلك . ولم يأذن الله لي في محاربتهم ، قالوا : فتخرج معنا ؟ قال : أنتظر أمر الله ، فجاءت قريش على بكرة أبيها قد أخذوا السلاح وخرج حمزة وأمير المؤمنين عليهما السلام ومعهما السيف فوقفا على العقبة ، فلما نظرت قريش إليهما قالوا : ما هذا الذي اجتمعتم له ؟ فقال حمزة : ما اجتمعنا وما ههنا أحد ، والله لا يجوز هذه العقبة أحد إلا ضربته بسيفي فرجعوا إلى مكة وقالوا : لا نأمن أن يفسد أمرنا ويدخل واحد من مشايخ قريش في دين محمد ، فاجتمعوا في دار الندوة وكان لا يدخل دار الندوة إلا من أتى عليه أربعون سنة فدخلوا أربعين رجلا من مشايخ قريش ، وجاء إبليس في صورة شيخ كبير فقال له البواب : من أنت ؟ قال : أنا شيخ من أهل نجد لا يعدمكم مني رأي صائب ، إني حيث بلغني اجتماعكم في أمر هذا الرجل فجئت لأشير عليكم ، فقال : ادخل ، فدخل إبليس فلما أخذوا مجلسهم قال أبو جهل : يا معشر قريش إنه لم يكن أحد من العرب أعز منا ، نحن أهل الله تفد إلينا العرب في السنة  مرتين ويكرموننا ، ونحن في حرم الله لا يطمع فينا طامع ، فلم نزل كذلك حتى نشأ فينا محمد بن عبد الله ، فكنا نسميه الأمين لصلاحه وسكونه وصدق لهجته حتى إذا بلغ ما بلغ وأكرمناه ادعى أنه رسول الله ، وأن أخبار السماء تأتيه ، فسفه أحلامنا وسب آلهتنا ، وأفسد شباننا ، وفرق جماعتنا ، وزعم أنه من مات من أسلافنا ففي النار ، فلم يرد علينا شئ أعظم من هذا ، وقد رأيت فيه رأيا ، قالوا : وما رأيت ؟ قال رأيت أن ندس إليه رجلا منا ليقتله ، فإن طلبت بنو هاشم بدمه أعطيناهم عشر ديات ، فقال الخبيث : هذا رأي خبيث ، قالوا : وكيف ذاك ؟ قال : لان قاتل محمد مقتول لا محالة . فمن هذا الذي يبذل نفسه للقتل منكم ، فإنه إذا قتل محمد تعصب بنو هاشم وحلفاؤهم من خزاعة ، وإن بني هاشم لا ترضى أن يمشي قاتل محمد على وجه الأرض ، فيقع بينكم الحروب في حرمكم وتتفانوا ، فقال آخر منهم : فعندي رأي آخر ، قال : وما هو ؟ قال : نلقيه في بيت ونلقي إليه قوته حتى يأتيه ريب المنون ، فيموت كما مات زهير والنابغة وامرؤ القيس ، فقال إبليس ، : هذا أخبث من الآخر ، قال : وكيف ذاك ؟ قال : لان بني هاشم لا ترضى بذلك ، فإذا جاء موسم من مواسم العرب استغاثوا بهم ، واجتمعوا عليكم فأخرجوه ، قال آخر منهم : لا ولكنا نخرجه من بلادنا ، ونتفرغ نحن لعبادة آلهتنا ، فقال إبليس : هذا أخبث من الرأيين المتقدمين ، قالوا : وكيف ؟ قال : لأنكم تعمدون إلى أصبح الناس وجها ، وأنطلق الناس لسانا ، وأفصحهم لهجة ، فتحملوه إلى بوادي العرب فيخدعهم ويسحرهم بلسانه ، فلا يفجأكم إلا وقد ملاها عليكم خيلا ورجلا فبقوا حائرين ، ثم قالوا لإبليس : فما الرأي فيه يا شيخ ؟ قال : ما فيه إلا رأي واحد ،  قالوا : وما هي ؟ قال : يجتمع من كل بطن من بطون قريش وقبائل العرب ما أمكن ويكون معهم من بني هاشم رجل ، فيأخذون سكينة أو حديدة أو سيفا فيدخلون عليه فيضربونه كلهم ضربة واحدة حتى يتفرق دمه في قريش كلها ، فلا يستطيع بنو  هاشم أن يطلبوا بدمه ، وقد شاركوه فيه فان سألوكم أن تعطوهم الدية فأعطوهم ثلاث ديات ، فقالوا : نعم وعشر ديات ، ثم قال : الرأي رأي الشيخ النجدي ، فاجتمعوا فيه ودخل معهم في ذلك أبو لهب عم النبي صلى الله عليه وآله ، ونزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبره أن قريشا قد اجتمعت في دار الندوة يدبرون عليك وأنزل الله عليه في ذلك :  وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين  واجتمعت قريش أن يدخلوا عليه ليلا فيقتلوه وخرجوا إلى المسجد يصفرون ويصفقون ويطوفون بالبيت ، فأنزل الله :  وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية  فالمكاء : التصفير ، والتصدية : صفق اليدين وهذه الآية معطوفة على قوله :  وإذ يمكر بك الذين كفروا  وقد كتبت بعد آيات كثيرة ،فلما أمسى رسول الله صلى الله عليه وآله جاءت قريش ليدخلوا عليه ، فقال أبو لهب : لا أدعكم أن تدخلوا عليه بالليل ، فإن في الدار صبيانا ونساء ، ولا نأمن أن تقع يد خاطئة ، فنحرسه الليلة ، فإذا أصبحنا دخلنا عليه ، فناموا حول حجرة رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأمر رسول  - الله صلى الله عليه وآله أن يفرش له ، ففرش له ، فقال لعلي بن أبي طالب عليه السلام : افدني بنفسك ، قال : نعم يا رسول الله ، قال : نم على فراشي ، والتحف ببردتي ، فنام على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله والتحف ببردته وجاء جبرئيل فأخذ بيد رسول الله فأخرجه على قريش وهم نيام وهو يقرأ عليهم :  وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم  فهم لا يبصرون  وقال جبرئيل : خذ على طريق ثور ، وهو جبل على طريق منى ، له سنام كسنام الثور ، فدخل الغار ، وكان من أمره ما كان ، فلما أصبحت قريش وثبوا إلى الحجرة وقصدوا الفراش ، فوثب علي عليه السلام في وجوههم ، فقال : ما شأنكم ؟ قالوا له : أين محمد ؟ قال : أجعلتموني عليه رقيبا ؟ ألستم قلتم : نخرجه من بلادنا ؟ فقد خرج عنكم ، فأقبلوا على أبي لهب يضربونه ، ويقولون : أنت تخدعنا منذ الليلة ، فتفرقوا في الجبال ، وكان فيهم رجل من خزاعة يقال له : أبو كرز 410ونه8يقفو الآثار ، فقالوا : يا أبا كرز اليوم اليوم ، فوقف بهم على باب حجرة رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال : هذه قدم محمد ، والله لأنها لأخت القدم التي في المقام ، وكان أبو بكر استقبل رسول الله صلى الله عليه وآله فرده معه ، فقال أبو كرز : وهذه قدم أبي قحافة أو ابنه ، ثم قال : وههنا غير ابن أبي قحافة ، فما زال بهم حتى أوقفهم على باب الغار ، ثم قال : ما جازوا هذا المكان ، إما إن يكونوا صعدوا إلى السماء ، أو دخلوا تحت الأرض ، وبعث الله العنكبوت فنسجت على باب الغار ، وجاء فارس من الملائكة حتى وقف على باب الغار ، ثم قال : ما في الغار أحد ، فتفرقوا في الشعاب ، وصرفهم الله عن رسول الله صلى الله عليه وآله ثم أذن لنبيه في الهجرة

  * - الخرائج : روي أن نفرا من قريش اجتمعوا وفيهم عتبة وشيبة وأبو جهل وأمية بن أبي خلف ، فقال أبو جهل : زعم محمد أنكم إن اتبعتموني كنتم ملوكا فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله فقام على رؤوسهم وقد ضرب الله على أبصارهم فقبض قبضة من تراب فذرها على رؤوسهم ، وقرأ : يس حتى بلغ العشر منها ، ثم قال : إن أبا جهل هذا يزعم أني أقول : إن خالفتموني فإن لي فيكم ريحا ، و صدق ، وأنا أقول ذلك ، ثم انصرف فقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم ولم يشعروا به ولا كانوا رأوه .

  * - تفسير العياشي : عن سعيد بن المسيب ، عن علي بن الحسين عليه السلام قال : كانت خديجة ماتت قبل الهجرة بسنة ، ومات أبو طالب بعد موت خديجة بسنة فلما فقدهما رسول الله صلى الله عليه وآله شنأ المقام بمكة ، ودخله حزن شديد ، وأشفق على نفسه من كفار قريش ، فشكا إلى جبرئيل ذلك ، فأوحى الله إليه : يا محمد اخرج من القرية الظالم أهلها ، وهاجر إلى المدينة ، فليس لك اليوم بمكة ناصر ، وانصب للمشركين حربا ، فعند ذلك توجه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة .