العتبة العلوية المقدسة - من كلامه عليه السلام لجابر الجعفي ايضا -
» سيرة الإمام » » المناسبات » شذرات من حياة الامام الباقر عليه السلام » من كلمات الامام الباقر عليه السلام » من كلامه عليه السلام لجابر الجعفي ايضا

من كلامه عليه السلام  لجابر الجعفي ايضا

 

خَرَجَ يَوْماً وَهُوَ يَقُولُ أَصْبَحْتُ وَاللَّهِ يَا جَابِرُ مَحْزُوناً مَشْغُولَ الْقَلْبِ

 

فَقُلْتُ‏ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا حُزْنُكَ وَشُغْلُ قَلْبِكَ كُلُّ هَذَا عَلَى الدُّنْيَا

 

فَقَالَ عليه السلام  لَا يَا جَابِرُ وَلَكِنْ حُزْنُ هَمِّ الْآخِرَةِ يَا جَابِرُ مَنْ دَخَلَ قَلْبَهُ خَالِصُ حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ شُغِلَ عَمَّا فِي الدُّنْيَا مِنْ زِينَتِهَا إِنَّ زِينَةَ زَهْرَةِ الدُّنْيَا إِنَّمَا هُوَ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ

 

 يَا جَابِرُ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَرْكَنَ وَيَطْمَئِنَّ إِلَى زَهْرَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاعْلَمْ أَنَّ أَبْنَاءَ الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ غَفْلَةٍ وَغُرُورٍ وَجَهَالَةٍ وَأَنَّ أَبْنَاءَ الْآخِرَةِ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ الْعَامِلُونَ الزَّاهِدُونَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ وَأَهْلُ فِكْرَةٍ وَاعْتِبَارٍ وَاخْتِبَارٍ لَا يَمَلُّونَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَاعْلَمْ يَا جَابِرُ أَنَّ أَهْلَ التَّقْوَى هُمُ الْأَغْنِيَاءُ أَغْنَاهُمُ الْقَلِيلُ مِنَ الدُّنْيَا فَمَئُونَتُهُمْ يَسِيرَةٌ إِنْ نَسِيتَ الْخَيْرَ ذَكَّرُوكَ وَإِنْ عَمِلْتَ بِهِ أَعَانُوكَ أَخَّرُوا شَهَوَاتِهِمْ وَلَذَّاتِهِمْ خَلْفَهُمْ وَقَدَّمُوا طَاعَةَ رَبِّهِمْ أَمَامَهُمْ وَنَظَرُوا إِلَى سَبِيلِ الْخَيْرِ وَإِلَى وَلَايَةِ أَحِبَّاءِ اللَّهِ فَأَحَبُّوهُمْ وَتَوَلَّوْهُمْ وَاتَّبَعُوهُمْ

 

فَأَنْزِلْ نَفْسَكَ مِنَ الدُّنْيَا كَمَثَلِ مَنْزِلٍ نَزَلْتَهُ سَاعَةً ثُمَّ ارْتَحَلْتَ عَنْهُ أَوْ كَمَثَلِ مَالٍ اسْتَفَدْتَهُ فِي مَنَامِكَ فَفَرِحْتَ بِهِ وَسُرِرْتَ ثُمَّ انْتَبَهْتَ مِنْ رَقْدَتِكَ وَلَيْسَ فِي يَدِكَ شَيْ‏ءٌ وَإِنِّي إِنَّمَا ضَرَبْتُ لَكَ مَثَلًا لِتَعْقِلَ وَتَعْمَلَ بِهِ إِنْ وَفَّقَكَ اللَّهُ لَهُ

فَاحْفَظْ يَا جَابِرُ مَا أَسْتَوْدِعُكَ مِنْ دِينِ اللَّهِ وَحِكْمَتِهِ وَانْصَحْ لِنَفْسِكَ وَانْظُرْ مَا اللَّهُ عِنْدَكَ فِي حَيَاتِكَ فَكَذَلِكَ يَكُونُ لَكَ الْعَهْدُ عِنْدَهُ فِي مَرْجِعِكَ وَانْظُرْ فَإِنْ تَكُنِ الدُّنْيَا عِنْدَكَ عَلَى غَيْرِ مَا وَصَفْتُ لَكَ فَتَحَوَّلْ عَنْهَا إِلَى دَارِ الْمُسْتَعْتَبِ الْيَوْمَ فَلَرُبَّ حَرِيصٍ عَلَى أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا قَدْ نَالَهُ فَلَمَّا نَالَهُ كَانَ عَلَيْهِ وَبَالًا وَشَقِيَ بِهِ وَلَرُبَّ كَارِهٍ لِأَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ قَدْ نَالَهُ فَسَعِدَ بِهِ‏