من كلمات الإمام الحسين عليه السلام
* - خطب عليه السلام يوم الطف فقال: أَلا إِنَّ الدَّعِيَّ ابْنَ الدَّعيّ قَدْ رَكَزَ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ ، بَيْنَ الْقَتَلَةِ وَالّذِلَّةِ ، وَهَيْهاتَ مِنّا أَخْذُ الدَّنيَّةِ ، أَبَى اللهُ ذلِكَ وَرَسُولُهُ ، وَجُدوُدٌ طابَتْ ، وَحُجُورٌ طَهُرَتْ ، وَأُنُوفٌ حَمِيَّةٌ ، وَنُفُوسٌ أَبِيَّةٌ ، لا تُؤْثِرُ طاعَةَ اللِّئامِ عَلى مَصارِعِ الْكِرامِ ، أَلا إِنّي قَدْ أَعْذَرْتُ وَأَنْذَرْتُ ، أَلا إِنّي زاحِفٌ بِهذِهِ عَلى قِلَّةِ الْعَتادِ ، وَخَذْلَةِ الأْصْحابِ([1]) .
* - قال الإمام الحسين ( عليه السلام ) : الأْمينُ آمِنٌ ، وَالْبَرئُ جَريءٌ ، وَالْخائِنُ خائِفٌ ، وَالْمُسئُ مُسْتَوْحِشٌ ، إِذا وَرَدَتْ عَلَى الْعاقِلِ لَمَّةٌ لَمَمَةٌ قَمَعَ الْحُزْنَ بِالْحَزْمِ ، وقَرَعَ الْعَقْلَ لِلاْحْتِيالِ . ([2])
علامات العقل
* - قال ( عليه السلام ) : الْعاقِلُ لا يُحَدِّثُ مَنْ يَخافُ تَكْذيبَهُ ، وَلا يَسْأَلُ مَنْ يَخافُ مَنْعَهُ ، وَلا يَثِقُ بِمَنْ يَخافُ غَدْرَهُ ، وَلا يَرْجُو مَنْ لا يُوثَقُ بِرَجائِهِ . ([3])
كمال العقل باتّباع الحقّ
* - قال الحسين ( عليه السلام ) : لا يَكْمُلُ الْعَقْلُ إِلاّ بِاِتِّباعِ الْحَقِّ . ([4])
علامات العلم والجهل
* - قال ( عليه السلام ) : مِنْ دَلائِلِ عَلاماتِ الْقَبُولِ : الْجُلُوسُ إِلى أَهْلِ الْعُقُولِ ، وَمِنْ عَلاماتِ أَسْبابِ الْجَهْلِ الْمُماراةُ لِغَيْرِ أَهْلِ الْفِكْرِ ، وَمِنْ دَلائِلِ الْعالِمِ انْتِقادُهُ لِحَديثِهِ وَعِلْمُهُ بِحَقائِقِ فُنُونِ النَّظَرِ . ([5])
معنى العالم
* - قال الحسين ( عليه السلام ) : لَوْ أَنَّ الْعالِمَ كُلَّ ما قالَ أَحْسَنَ وَأَصابَ لأََوْشَكَ أَنْ يُجَنَّ مِنَ الْعُجْبِ ، وَإِنَّمَا الْعالِمُ مَنْ يَكْثُرُ صَوابُهُ . ([6])
الأوصاف الجميلة
* - وقال ( عليه السلام ) : الْعِلْمُ لِقاحُ الْمَعْرِفَةِ ، وَطُولُ التَّجارُبِ زِيادَةٌ فِي الْعَقْلِ ، وَالشَّرَفُ التَّقْوى ، وَالْقُنُوعُ راحَةُ الأْبْدانِ ، وَمَنْ أَحَبَّكَ نَهاكَ ، وَمَنْ أَبْغَضَكَ أَغْراكَ . ([7])
* - قال ( عليه السلام ) : خَمْسٌ مَنْ لَمْ تَكُنْ فيهِ لَمْ يَكُنْ فيهِ كَثيرُ مُسْتَمْتِع : الْعَقْلُ ، وَالدّينُ ، وَالأْدَبُ ، وَالْحَياءُ ، وَحُسْنُ الْخُلْقِ . ([8])
أشرف الناس
* - من كلامه ( عليه السلام ) حين قال له رجلٌ : من أشرف الناس ؟ فقال ( عليه السلام ) : مَنْ اتَّعَظَ قَبْلَ أَنْ يُوعَظَ ، وَاسْتَيْقَظَ قَبْلَ أَنْ يُوقَظَ . فقال : أشهد أنّ هذا هو السعيد ! ([9])
الحكم المنقولة عنه
* - سأل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ابنه الحسن بن عليّ فقال : يا بنيّ ! ما العقل ؟
قال : حفظ قلبك ما استودعته .
قال : فما الحزم ؟
قال : أن تنتظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك .
قال : فما المجد ؟
قال : حمل المغارم وابتناء المكارم .
قال : فما السماحة ؟
قال : إجابة السائل وبذل النائل .
قال : فما الشحّ ؟
قال : أن ترى القليل سرفاً وما أنفقت تلفاً .
قال فما الرقّة ؟
قال : طلب اليسير ومنع الحقير .
قال فما الكلفة ؟
قال : التمسّك بمن لا يؤمنك ، والنظر فيما لا يعنيك .
قال : فما الجهل ؟
قال : سرعة الوثوب على الفرصة قبل الإستمكان منها ، والامتناع عن الجواب ، ونعم العون الصمت في مواطن كثيرة وإن كنت فصيحاً .
ثمّ أقبل صلوات الله عليه على الحسين ابنه ( عليه السلام ) فقال له : يا بنىّ ! ما السؤدد ؟
قال : اصْطِناعُ الْعَشيرَةِ وَاحْتِمالُ الْجَريرَةِ .
قال : فما الغنى ؟
قال : قِلَّةُ أَمانِيِّكَ وَالرِّضى بِما يَكْفيكَ .
قال : فما الفقر ؟
قال : الطَّمَعُ وَشِدَّةُ الْقُنُوطِ .
قال : فما اللؤم ؟
قال : إِحْرازُ الْمَرْءِ نَفْسَهُ وَإِسْلامُهُ عِرْسَهُ .
قال : فما الخرق ؟
قال : مُعاداتُكَ أَميرَكَ وَمَنْ يَقْدِرُ عَلى ضَرِّكَ وَنَفْعِكَ .
ثمّ التفت إلى الحارث الأعور فقال : يا حارث ! علّموا هذه الحكم أولادكم ، فإنّها زيادة في العقل والحزم والرأي . ([10])
تسليمه ( عليه السلام ) لرضاء اللّه
* - سئل الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) فقيل له : كيف أصبحت يا بن رسول الله ! ؟ قال ( عليه السلام ) : أَصْبَحْتُ وَلِيَ رَبٌّ فَوْقي ، وَالنّارُ أَمامي ، وَالْمَوْتُ يَطْلُبُني ، وَالْحِسابُ مُحدِقٌ بي ، وَأَنَا مُرْتَهَنٌ بِعَمَلي ، لا أَجِدُ ما أُحِبُّ ، وَلا أَدْفَعُ ما أَكْرَهُ ، وَالأْمُورُ بِيَدِ غَيْري ، فَإِنْ شاءَ عَذَّبَني ، وَإِنْ شاءَ عَفى عَنّي ، فَأيُّ فَقير أَفْقَرُ مِنّي ؟ ! ([11])
الإيمان واليقين
* - عن يحيى بن يعمن ( نعمان ) قال : كنت عند الحسين ( عليه السلام ) إذ دخل عليه رجل من العرب متلثّماً أسمر شديد السمرة ، فسلّم وردّ الحسين ( عليه السلام ) فقال : يا بن رسول الله ! مسألة ؟ قال ( عليه السلام ) : هات . قال : كم بين الإيمان واليقين ؟
قال ( عليه السلام ) : أَرْبَعُ أَصابِعَ . قال : كيف ؟
قال ( عليه السلام ) : الاْيمانُ ما سَمِعْناهُ ، وَالْيَقينُ ما رَأَيْناهُ ، وَبَيْنَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ أَرْبَعُ أَصابِعَ .
قال : فكم بين السماء والأرض ؟
قال : دَعْوَةٌ مُسْتَجابَةٌ .
قال : فكم بين المشرق والمغرب ؟
قال : مَسيرَةُ يَوْم لِلشَّمْسِ .
قال : فما عزّ المرء ؟
قال : اسْتِغْناؤُهُ عَنِ النّاسِ .
قال : فما أقبح شئ ؟
قال : الْفِسْقُ في الشَّيْخِ قَبيحٌ ، وَالْحِدَّةُ فِي السُّلْطانِ قَبيحَةٌ ، وَالْكِذْبُ في ذي الْحَسَبِ قَبيحٌ ، وَالْبُخْلُ في ذِي الْغَناءِ ، وَالْحِرصُ في الْعالِمِ .
قال : صدقت يا بن رسول الله ! فأخبرني عن عدد الأئمّة بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
قال : إِثْنا عَشَرَ ، عَدَدَ نُقَباءِ بَنى إِسْرائِيلَ .
قال : فسمّهم لي .
قال : فأطرق الحسين ( عليه السلام ) مليّاً ثمّ رفع رأسه فقال : نَعَمْ ، أُخْبِرُكَ يا أَخَا الْعَرَبِ ! إِنَّ الإْمامَ وَالْخَلِيفَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) أَميرُ الْمُؤْمِنينَ عَلِيٌّ ( عليه السلام ) وَالْحَسَنُ وَأَنَا وَتِسْعَةٌ مِنْ وُلْدِي مِنْهُمْ عَلِيٌّ ابْنِي ، وَبَعْدَهُ مُحَمَّدٌ ابْنُهُ ، وَبَعْدَهُ جَعْفَرٌ ابْنُهُ ، وَبَعْدَهُ مُوسى ابْنُهُ وَبَعْدَهُ عَلِيٌّ ابْنُهُ ، وَبَعْدَهُ مُحَمَّدٌ ابْنُهُ ، وَبَعْدَهُ عَلِيٌّ ابْنُهُ ، وَبَعْدَهُ الْحَسَنُ ابْنُهُ ، وَبَعْدَهُ الْخَلَفُ الْمَهْدِيُّ هُوَ التّاسِعُ مِنْ وُلْدِي ، يَقُومُ بِالدِّينِ في آخِرِ الزَّمَانِ . قال : فقام الأعرابي وهو يقول :
مسح النبىّ جبينه |
|
فله بريق في الخدود |
أبواه من أعلا قريش |
|
وجدّه خير الجدود ([12]) |
أوصاف المؤمن
* - وقال ( عليه السلام ) :إِنَّ الْمُؤْمِنَ اتّخَذَ اللهَ عِصْمَتَهُ ، وَقَوْلَهُ مِرْآتَهُ ، فَمَرَّةً يَنْظُرُ في نَعْتِ الْمُؤْمِنينَ ، وَتارَةً يَنْظُرُ في وَصْفِ الْمُتَجَبِّرينَ ، فَهُوَ مِنْهُ في لَطائِفَ ، وَمِنْ نَفْسِهِ في تَعارُف ، وَمِنْ فَطِنَتِهِ في يَقين ، وَمِنْ قُدْسِهِ عَلى تَمْكين . ([13])
التوكّل
* - قال الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) ، : إِنَّ الْعِزَّ وَالْغِنى خَرَجا يَجُولانِ ، فَلَقِيَا التَّوَكُّلَ فَاسْتَوْطَنا . ([14])
الإتّكال على حسن إختيار اللّه
* - قيل للحسين ( عليه السلام ) : إنّ أباذرّ يقول : الفقر أحبّ إلىّ من الغنى ، والسقم أحبّ إليّ من الصحّة ، فقال ( عليه السلام ) : رَحِمَ اللهُ تَعالى أَباذَرٍّ ، أَمّا أَنَا فَأقُولُ : مَنْ اتَّكَلَ عَلى حُسْنِ اخْتِيارِ اللهِ تَعالى لَهُ لَمْ يَتَمَنَّ غَيْرَ ما اخْتارَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ . ([15])
خير الدنيا والآخرة
* - كتب رجل إلى الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) : يا سيّدي ! أخبرني بخير الدنيا والآخرة ؟ فكتب إليه : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ ، أَمّا بَعْدُ فَإنَّهُ مَنْ طَلَبَ رِضَى اللهِ بِسَخَطِ النّاسِ كَفاهُ اللهُ أُمُورَ النّاسِ ، وَمَنْ طَلَبَ رِضىَ النّاسِ بِسَخَطِ اللهِ وَكَلَهُ اللهُ إِلىَ النّاسِ ، وَالسّلامُ . ([16])
الأخلاق
* - قال الحسين ( عليه السلام ) : مَنْ رَزَقَهُ اللهُ صِدْقَ اللَّهْجَةِ وَحُسْنَ الْخُلْقِ وَعَفافَ فَرْج وَبَطْن ، خَصَّهُ اللهُ تَعالىَ بِخَيْرَيِ الدُّنْيا وَالآْخِرَةِ . ([17])
أنواع العبادة وأفضلها
* - قال ( عليه السلام ) : إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللهَ رَغْبَةً ، فَتِلْكَ عِبادَةُ التُّجّارِ ، وَإِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللهَ رَهْبَةً ، فَتِلْكَ عِبادَةُ الْعَبيدِ ، وَإِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللهَ شُكْراً ، فَتِلْكَ عِبادَةُ الأَْحْرارِ ، وَهِىَ أَفْضَلُ الْعِبادَةِ ([18])
أجر العبادة
* - قال الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) : مَنْ عَبَدَ اللهَ حَقَّ عِبادَتِهِ آتاهُ اللهُ فَوْقَ أَمانِيّهِ وَكِفايَتِهِ . ([19])
المراء والجدل في الدين
* - روي أنّ رجلاً قال للحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) : إجلس حتّى نتناظر في الدين ! قال : يا هذا أَنَا بَصيرٌ بِديني ، مَكْشُوفٌ عَلَيَّ هُدايَ ، فَإِنْ كُنْتَ جاهِلاً بِدينِكَ فَاذْهَبْ وَاطْلُبْهُ ، ما لي وَلِلْمُماراةِ وَإِنَّ الشَّيْطانَ لَيُوَسْوِسُ لِلرَّجُلِ وَيُناجيهِ ، وَيَقُولُ : ناظر الناس في الدين ، كيلا يظنّوا بك العجز والجهل ! ثُمَّ الْمِراءُ لا يَخْلُوْ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُه :
إِمّا أَنْ تَتَمارى أَنْتَ وَصاحِبُكَ في ما تَعْلَمانِ ، فَقَدْ تَرَكْتُما بِذلِكَ النَّصيْحَةَ ، وَطَلَبْتَُما الْفَضيحَةَ ، وَأَضَعْتُما ذلِكَ الْعِلْمَ ،
أَوْ تَجْهَلانِهِ فَأَظْهَرْتُما جَهْلاً ، وَخاصَمْتُما جَهْلاً ،
وَإِمّا تَعْلَمُهُ أَنْتَ فَظَلَمْتَ صاحِبَكَ بِطَلَبِكَ عَثْرَتَهِ ،
أَوْ يَعْلَمُهُ صاحِبُكَ فَتَرَكْتَ حُرْمَتَهُ ، وَلَمْ تُنْزِلْهُ مَنْزِلَتَهُ ،
وَهذا كُلُّهُ مُحالٌ ، فَمَنْ أَنْصَفَ وَقَبِلَ الْحَقَّ ، وَتَرَكَ الْمُماراةَ فَقَدْ أَوْثَقَ إيْمانَهُ وَأَحْسَنَ صُحْبَةَ ديْنِهِ ، وَصانَ عَقْلَهُ . ([20])
الكبر لله وحده
* - قال رجل للحسين ( عليه السلام ) : إنّ فيك كبراً ، فقال : كُلُّ الْكِبْرِ لِلّهِ وَحْدَهُ وَلا يَكُونُ في غَيْرِهِ ، قالَ اللهُ تَعالى : ( فَلِلّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنينَ ([21])
معنى الأدب
* - سئل الإمام الحسين ( عليه السلام ) عن الأدب فقال : هُوَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِكَ ، فَلا تَلْقى أَحَداً إِلاّ رَأَيْتَ لَهُ الْفَضْلَ عَلَيْكَ . ([22])
ثواب السلام
* - وقال ( عليه السلام ) : لِلسَّلامِ سَبْعُونَ حَسَنَةً ، تِسْعٌ وَسِتُّونَ لِلْمُبْتَدي ، وَواحِدَةٌ لِلرّادِّ . ([23])
البخل بالسلام
* - وقال ( عليه السلام ) : الْبَخيلُ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلامِ . ([24])
السلام قبل الكلام
* - وقال له رجل ابتداءً : كيف أنت عافاك الله ؟ فقال ( عليه السلام ) له : السَّلامُ قَبْلَ الْكَلامِ عافاكَ اللهُ ؟ ثمّ قال ( عليه السلام ) لا تَأْذَنُوا لأَِحَد حَتّى يُسَلِّمَ . ([25])
الأوصاف الجميلة
* - وخطب ( عليه السلام ) فقال : يا أَيُّهَا النّاسُ نافِسُوا فِي الْمَكارِمِ ، وَسارِعُوا فِي الْمَغانِمِ ، وَلا تَحْتَسِبُوا بِمَعْروُف لَمْ تُعَجِّلوا ، وَاكْسِبُوا الْحَمْدَ بِالنُّجْحِ ، وَلا تَكْتَسِبُوا بِالْمَطْلِ ذَمّاً ، فَمَهْما يَكُنْ لأِحَد عِنْدَ أَحَد صَنيعَةٌ لَهُ رَأى أَنَّهُ لا يَقُومُ بِشُكْرِها فَاللهُ لَهُ بِمُكافاتِهِ ، فَإِنَّهُ أَجْزَلُ عَطاءً وَأَعْظَمُ أَجْراً . وَاعْلَمُوا أَنَّ حَوائِجَ النّاسِ إِلَيْكُمْ مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَيْكُمْ ، فَلا تَمَلُّوا النِّعَمَ فَتَحُورَ نِقَماً . وَاعْلَمُوا أَنَّ الْمَعْروُفَ مُكْسِبٌ حَمْداً ، وَمُعْقِبٌ أَجْراً ، فَلَوْ رَأَيْتُمُ الْمَعْرُوفَ رَجُلاً رَأَيْتُمُوهُ حَسَناً جَميلاً يَسُرُّ النّاظِرينَ ، وَلَوْ رَأَيْتُمُ اللُّؤْمَ رَأَيْتُمُوهُ سَمِجاً مُشَوَّهاً تَنْفُرُ مِنْهُ الْقُلُوبُ ، وَتَغُضُّ دُونَهُ الاْبْصارُ . أَيُّها النّاسُ مَنْ جادَ سادَ ، وَمَنْ بَخِلَ رَذِلَ ، وَإِنَّ أَجْوَدَ النّاسِ مَنْ أَعْطى مَنْ لا يَرْجُو ، وَإِنَّ أَعْفىَ النّاسِ مَنْ عَفى عَنْ قُدْرَة ، وَإِنَّ أَوْصَلَ النّاسِ مَنْ وَصَلَ مَنْ قَطَعَهُ ، وَالأْصُولُ عَلى مَغارِسِها بِفُروعِها تَسْمُوا ، فَمَنْ تَعَجَّلَ لأِخيه خَيْراً وَجَدَهُ إِذا قَدِمَ عَلَيْهِ غَداً ، وَمَنْ أَرادَ اللهَ تَبارَكَ وَتَعالى بِالصَّنيعَةِ إِلى أَخيهِ كافَأَهُ بِها في وَقْتِ حاجَتِهِ ، وَصَرَفَ عَنْهُ مِنْ بَلاءِ الدُّنْيا ما هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ ، وَمَنْ نَفَّسَ كُرْبَةَ مُؤْمِن فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كَرْبَ الدُّنْيا وَالآْخِرَةِ ، وَمَنْ أَحسَنَ أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْهِ ، وَاللّهُ يُحِبُّ الْمحْسِنينَ . ([26])
حفظ النظر عن المرد
* - قال ( عليه السلام ) قال : إِيّاكُمْ وَأَوْلادُ الأْغْنياءِ وَالْمُلُوكِ الْمُرْدِ مِنْهُمْ ، فَإِنَّ فِتْنَتَهُمْ أَشَدُّ مِنْ فِتْنَةِ الْعَذارى في خُدُورِهُنَّ ([27])
الكذب والصدق
* - سمع الحسين ( عليه السلام ) يقول : الصِّدْقُ عِزٌّ ، وَالْكِذْبُ عَجْزٌ ، وَالسِّرُّ أَمانَةٌ ، وَالْجِوارُ قَرابَةٌ ، وَالْمَعُونَةُ صَداقَةٌ ، وَالْعَمَلُ تَجْرِبَةٌ ، وَالْخُلُقُ الْحَسَنُ عِبادَةٌ ، وَالصَّمْتُ زَيْنٌ ، وَالشُّحُّ فَقْرٌ ، وَالسَّخاءٌ غِنىً ، وَالرِّفْقُ لُبٌّ . ([28])
كثرة الحلف
* - قال الحسين ( عليه السلام ) : إِحْذَرُوا كَثْرَةَ الْحَلْفِ فَإِنَّه يَحْلِفُ الرَّجُلُ لِخِلال أَرْبَع : إِمّا لِمَهانَة يَجِدُها في نَفْسِهِ تَحُثُّهُ عَلىَ الضَّراعَةِ إِلى تَصْديقِ النّاسِ إيّاهُ ، وَإِمّا لِعَيٍّ فِي الْمَنْطِقِ فَيَتَّخِذُالأَيْمانَ حَشْواً وَصِلَةً لِكَلامِهِ ، وَإِمّا لِتُهمَة عَرَفَها مِنَ النّاسِ لَهُ فَيَرى أَنَّهُمْ لا يَقْبَلُونَ قَوْلَهُ إِلاّ بِالْيمينِ ، وَإِمّا لاِرْسالِهِ لِسانَهُ مِنْ غَيْرِ تَثْبيت . ([29])
ما هو الفضل ؟
* - قيل للحسين بن عليّ ( عليه السلام ) : ما الفضل ؟ قال : مِلْكُ اللِّسَانِ وَبَذْلُ الاِْحْسَانِ . قيل : فما النقص ؟ قال : التَّكَلُّفُ لِمَا لا يَعْنِيكَ . ([30])
الاحتياط في التكلّم
* -: قال الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) : لا تَكَلَّمَنَّ فيما لا يَعْنيكَ فإِنَّني أَخافُ عَلَيْكَ فيهِ الْوِزْرَ ، وَلا تَتَكَلَّمَنَّ فيما يَعْنيكَ حَتّى تَرى لِلْكَلامِ مَوْضِعاً ، فَرُبَّ مُتَكَلِّم قَدْ تَكَلَّم بِحَقّ فَعيبَ ، وَلا تُمارِيَنَّ حَليماً وَلا سَفيهاً ، فَإِنَّ الْحَليمَ يُقْليكَ ، وَالسَّفيهَ يُرْديكَ ، وَلا تَقُولَنَّ في أخيكَ الْمُؤْمِنِ إِذا تَوارى عَنْكَ ، إِلاّ مِثالَ ما تُحِبُّ أَنْ يَقُولَ فيكَ إِذا تَوارَيْتَ عَنْهُ ، وَاعْمَلْ عَمَلَ رَجُل يَعْلَمُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِالإْجْرامِ مَجْزِيٌ بِالاْحْسانِ ، وَالسَّلامُ .([31])
الخوف من اللّه
* - قيل له ( عليه السلام ) : ما أعظم خوفك من ربّك ؟ فقال ( عليه السلام ) : لا يَأْمَنُ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِلاّ مَنْ خافَ اللهَ فِي الدُّنْيا . ([32])
البكاء من خشية اللّه
* - عن الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) أنّه قال : الْبُكاءُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ نَجاةٌ مِنَ النّارِ ([33])
* - وقال ( عليه السلام ) : بُكاءُ الْعُيُونِ وَخَشْيَةُ الْقُلُوبِ رَحْمَةٌ مِنَ اللهِ . ([34])
آداب طلب الحاجة
* - قال عليه السلام : َلا تَرْفَعْ حاجَتَكَ إِلاّ إِلى أَحَدِ ثَلاثَة : إِلى ذي دين ، أَوْ مُرُوَّة ، أَوْ حَسَب ، فَأَمّا ذُو الدّينِ فَيَصُونُ دينَهُ ، وَأمّا ذُو الْمُرُوَّةِ فَإِنَّه يَسْتَحْيي لِمُرُوَّتِهِ ، وَأَمّا ذُو الْحَسَبِ فَيَعْلَمُ أَنَّكَ لَمْ تُكْرِمْ وَجْهَكَ أَنْ تَبْذُلَهُ لَهُ في حاجَتِكَ فَهُوَ يَصُونُ وَجْهَكَ أَنْ يَرُدَّكَ بِغَيْرِ قَضاءِ حاجَتِكَ . ([35])
* - قال عليه السلام : إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لا تَصْلَحُ إِلاّ لِثَلاثَة : لِحاجَة مُجْحِفَة ، أَوْ لِحَمالَة مُثْقَلَة ، أَوْ دَيْن فادِح ،. ([36])
الإعطاء للسائل
* - عن الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) أنّ سائلاً كان يسأل يوماً . فقال ( عليه السلام ) : أَتَدْرُونَ ما يَقُولُ ؟ قالوا : لا ، يا بن رسول الله . قال ( عليه السلام ) : يَقُولُ : أَنَا رَسُولُكُمْ ، إِنْ أَعْطَيْتُمُوني شَيْئاً أَخَذْتُهُ وَحَمَلْتُهُ إِلى هُناكَ ، وَإِلاّ أَرِدُ إِلَيْهِ وَكَفّي صِفْرٌ ! ([37])
*- قال الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) : مَنْ قَبِلَ عَطاءَكَ ، فَقَدْ أَعانَكَ عَلىَ الْكَرَمِ .) ([38])
الإعطاء على قدر المعرفة
* - الخوارزمي : روي أنّ أعرابيّاً من البادية قصد الحسين ( عليه السلام ) فسلّم عليه فردّ عليه السلام وقال : يا أَعْرابِيُّ ! فيمَ قَصَدْتَنا ؟ قال : قصدتك في دية مسلّمة إلى أهلها . قال : أَقَصَدْتَ أَحَداً قَبْلي ؟ قال : عتبة بن أبي سفيان ، فأعطاني خمسين ديناراً ، فرددتها عليه وقلت : لأقصدنّ من هو خير منك وأكرم ! وقال عتبة : ومن هو خير منّي وأكرم لا أُمّ لك ! ؟ فقلت : إمّا الحسين بن عليّ ، وإمّا عبد الله بن جعفر ! وقد أتيتك بدءً لتقيم بها عمود ظهري وتردّني إلى أهلي . فقال الحسين : وَالَّذي فَلَقَ الْحَبَّةَ ، وَبَرَءَ النَّسَمَةَ ، وَتَجَلّى بِالْعَظَمَةِ ما في مِلْكِ ابْنِ بِنْتِ نَبِيِّكَ إِلاّ مِائَتا دينار ، فَأَعْطِهِ إِيّاها يا غُلامُ ! وَإِنّي أَسْئَلُكَ عَنْ ثَلاثِ خِصال إِنْ أنْتَ أَجَبْتَني عَنْها أَتْمَمْتُها خَمْسَمِائَةِ دينار وَإِنْ لَمْ تُجِبْني أَلْحَقْتُكَ في مَنْ كانَ قَبْلي . فقال الأعرابي : أكلّ ذلك احتياجاً إلى علمي ؟ أنتم أهل بيت النبوّة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ! فقال الحسين : لا ، وَلكِنْ سَمِعْتُ جَدّي رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) يقول : أعطوا المعروف بقدر المعرفة . فقال الأعرابي : فاسئل ! ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله . فقال الحسين : ما أَنْجى مِنَ الْهَلَكَةِ ؟ فقال : التوكّل على الله ! فقال : ما أَرْوَحُ لِلْمُهِمِّ ؟ قال : الثقّة بالله ! فقال : أَيُّ شَيء خَيْرٌ لِلْعَبْدِ في حَياتِهِ ؟ قال : عقل يزينه حلم . فقال : فَإِنْ خانَهُ ذلِكَ ؟ قال : مال يزينه سخاء وسعة . فقال : فَاِنْ أَخْطَأَهُ ذلِكَ ؟ قال : الموت والفناء خير له من الحياة والبقاء . قال : فناوله الحسين خاتمه وقال : بِعْهُ بِمَائَةِ دينار ! وناوله سيفه وقال : بِعْهُ بِمِائَتَيْ دينار ! وَاذْهَبْ فَقَدْ أَتْمَمْتُ لَكَ خَمْسَمِائَةِ دينار ، فأنشأ الأعرابي يقول :
قلقت وما هاجني مقلق |
|
وما بي سقام ولا موبق |
ولكن طربت لآل الرسول |
|
ففاجأني الشعر والمنطق
|
فأنت الهمام وبدر الظلام |
|
ومعطي الأنام إذا أملقوا |
أبوك الذي فاز بالمكرمات |
|
فقصّر عن وصفه السبق |
وأنت سبقت إلى الطيّبات |
|
فأنت الجواد وما تلحق |
بكم فتح الله باب الهدى |
|
وباب الضلال بكم مغلق ([39]) |
إنفاق المال
* - قال ( عليه السلام ) : مالُكَ إِنْ يَكُنْ لَكَ كُنْتَ لَهُ مُنْفِقِاً ، فَلا تُبْقِهِ بَعْدَكَ فَيَكُنْ ذَخيرَةً لِغَيْرِكَ ، وَتَكُونُ أَنْتَ الْمُطالَبَ بِهِ الْمَأخوذَ بِحِسابِهِ ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ لا تَبْقى لَهُ ، وَلا يَبْقى عَلَيْكَ ، فَكُلْهُ قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَكَ . ([40])
* - قال ( عليه السلام ) : لا تَتَكَلَّفْ ما لا تُطيقُ ، وَلا تَتَعَرَّضْ لِما لا تُدْرِكُ ، وَلا تَعِدْ بِما لا تَقْدِرُ عَلَيْهِ ، وَلا تُنْفِقْ إلاّ بِقَدَرِ ما تَسْتَفيدُ ، وَلا تَطْلُبْ مِنَ الْجَزاءِ إلاّ بِقَدَرِ ما صَنَعْتَ ، وَلا تَفْرَحْ إِلاّ بِما نِلْتَ مِنْ طاعَةِ اللهِ تَعالى ، وَلا تَتَناوَلْ إلاّ ما رَأَيْتَ نَفْسَكَ لَهُ أَهْلاً . ([41])
الشكر
* - قال ( عليه السلام ) : شُكْرُكَ لِنِعْمَة سالِفَة يَقْتَضي نِعْمَةً آنِفَةً . ([42])
آداب طلب الرزق
* - قال ( عليه السلام ) لرجل : يا هذا ! لا تُجاهِدْ فِي الرِّزْقِ جهادَ الْمُغالِبِ ، وَلا تَتَّكِلْ عَلىَ الْقَدَرِ اتِّكالَ مُسْتَسْلِم ، فَإِنَّ ابْتِغاءَ الرِّزْقِ مِنَ السُّنَّةِ ، وَالاْجْمالَ في الطَّلَبِ مِنَ الْعِفَّةِ ، وَلَيْسَتِ الْعِفَّةُ بِمانِعَة رِزْقاً ، وَلا الْحِرْصُ بِجالِب فَضْلاً ، وَإِنَّ الرِّزْقَ مَقْسُومٌ ، وَالأَْجَلَ مَحْتُومٌ ، وَاسْتِعْمالَ الحِرْصِ طالِبُ الْمَأْثَمِ . ([43])
*- قال ( عليه السلام ) : الاْسْتِدْراجُ مِنَ اللهِ سُبْحانَهُ لِعَبْدِهِ أَنْ يُسْبِغَ عَلَيْهِ النِّعَمَ وَيَسْلُبَهُ الشُّكْرَ ([44])
القدرة والحفيظة
* - قال ( عليه السلام ) : الْقُدْرَةُ تُذِهِبُ الْحَفيظَةَ ، الْمَرْءُ أَعْلَمُ بِشَأْنِهِ . ([45])
الرفق مفتاح المشاكل
* - وقال ( عليه السلام ) : مَنْ أَحْجَمَ عَنِ الرَّأْيِ وَعَيِيَتْ بِهِ الْحِيَلُ كانَ الرِّفْقُ مِفْتاحَهُ . ([46])
إجابة دعوة المؤمن
* - عن الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) أنّه رأى رجلاً دعي إلى طعام ، فقال للذي دعاه : إعفني ! فقال الحسين ( عليه السلام ) : قُمْ فَلَيْسَ فِي الدَّعْوَةِ عَفْوٌ ، وَإِنْ كُنْتَ مُفْطِراً فكُلْ ، وَإِنْ كُنْتَ صائِماً فَبَارِكْ . ([47])
فوائد صلة الرحم
* - قال الحسين ( عليه السلام ) : مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْسَأَ في أَجَلِهِ وَيُزادَ في رِزْقِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ . ([48])
معنى الحلم
* - قال أمير المؤمنين للحسين ( عليهما السلام ) : يا بنيّ ! ما الحلم ؟ قال : كَظْمُ الْغَيْظِ وَمِلْكُ النَّفْسِ . ([49])
التوصية بالصبر
* - كتب الإمام ( عليه السلام ) إلى عبد الله بن عبّاس حين سيّره عبد الله بن الزبير إلى اليمن : أمّا بَعْدُ : بَلَغَني أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ سَيَّرَكَ إِلى الطّائِفِ ، فَرَفَعَ اللهُ لَكَ بِذلِكَ ذِكْراً ، وَحَطَّ بِهِ عَنْكَ وِزْراً ، وَإِنَّما يُبْتَلىَ الصَّالِحُونَ ، وَلَوْ لَمْ تُوجَرْ اِلاّ فيما تُحِبُّ لَقَلَّ الأَْجْرُ ، عَزَّمَ اللهُ لَنا وَلَكَ بِالصَّبْرِ عِنْدَ الْبَلْوى وَالشُّكْرِ عِنْدَ النَّعْمى ، وَلا أَشْمَتَ بِنا وَلا بِكَ عَدُوّاً حاسِداً أَبَداً وَالسَّلامُ . ([50])
موارد الصبر
* - قال ( عليه السلام ) : اصْبِرْ عَلى ما تَكْرَهُ فيما يُلْزِمُكَ الْحَقُّ ، وَاصْبِرْ عَمّا تُحِبُّ ، فيما يَدْعُوكَ إِلَيْهِ الْهَوى . ([51])
إصابة المعروف للبرّ والفاجر
* - قال عنده رجل : إنّ المعروف إذا أسدي إلى غير أهله ضاع ، فقال الحسين ( عليه السلام ) : لَيْسَ كَذلِكَ وَلكِنْ تَكُونُ الصَّنيعَةُ مِثْلَ وابِلِ الْمَطَرِ تُصيبُ الْبَرَّ وَالْفاجِرَ . ([52])
التوصية بإصلاح النفس
* - وقف الحسين بن عليّ بالحسن البصري ، والحسن لا يعرفه فقال له الحسين : يا شَيْخُ ! هَلْ تَرْضى لِنَفْسِكَ يَوْمَ بَعْثِكَ ؟ قال : لا ! قال : فَتُحَدِّثُ نَفْسَكَ بِتَرْكِ ما لا تَرْضاهُ لِنَفْسِكَ مِنْ نَفْسِكَ يَوْمَ بَعْثِكَ ؟ قال : نعم ، بلا حقيقة ! قال : فَمَنْ أَغَشُّ لِنَفْسِهِ مِنْكَ يَوْمَ بَعْثِكَ ، وَأَنْتَ لا تُحدِّثُ نَفْسَكَ بِتَرْكِ ما لا تَرْضاهُ لِنَفْسِكَ بِحَقيقَة ؟ ثمّ مضى الحسين ، فقال الحسن البصري : من هذا ؟ فقيل له : الحسين بن عليّ . فقال : سهلتم عليّ . ([53])
التحذير من اتّباع الهوى
* - قال الحسين ( عليه السلام ) : اتَّقُوا هذِهِ الأَْهْواءَ الَّتي جِماعُها الضَّلالَةُ وَميعادُها النّارُ . ([54])
ذمّ الاعتذار
* - قال ( عليه السلام ) : إِيّاكَ وَما تَعْتَذِرُ مِنْهُ ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لا يُسئُ وَلا يَعْتَذِرُ ، وَالمُنافِقُ كُلَّ يَوْم يُسئُ وَيَعْتَذِرُ . ([55])
الاعتذار من الذنب
* - تذاكروا عنده - صلوات الله عليه - إعتذار عبد الله بن عمرو بن العاص من مشهده بصفّين فقال ( عليه السلام ) : رُبَّ ذَنْب أَحْسَنَ مِنَ الإِعْتِذارِ مِنْهُ ! ([56])
تصحيح فعل الغير
* - قال ( عليه السلام ) : مَنْ لَمْ يَكُنْ لأِحَد عائِباً لَمْ يُعْدَمْ مَعَ كُلِّ عائِب عاذِراً . ([57])
حقيقة الغيبة
* - قال ( عليه السلام ) : لرجل إغتاب عنده رجلاً : يا هذا ! كُفَّ عَنِ الْغِيْبَةِ فَإِنَّها إِدامُ كِلابِ النّارِ . ([58])
الإجتناب عن العائب
* - قال الحسين ( عليه السلام ) : إِذا سَمِعْتَ أَحَداً يَتَناوَلُ أَعْراضَ النّاسِ فَاجْتَهِدْ أَنْ لا يَعْرِفَكَ فَإِنَّ أَشْقَى الاْعْراضِ بِهِ مَعارِفُهُ ! ([59])
ثمرة المعصية
* - كتب رجل إلى الحسين ( عليه السلام ) : عظني بحرفين ! فكتب إليه : مَنْ حاوَلَ أَمْراً بِمَعْصِيَةِ اللهِ تَعالى كانَ أَفْوَتَ لِما يَرْجُو ، وَأَسْرَعَ لِمَجئ ما يَحْذَرُ ! ([60])
* - لمّا وقع الطاعون الجارف ، أطاف الناس بالحسين ( عليه السلام ) ، فقال : ما أَحْسَنَ ما صَنَعَ بِكُمْ رَبُّكُمْ ، أَقْلَعَ مُذْنِبٌ وَأَنْفَقَ مُمْسِكٌ ([61])
أقسام الناس
* - عن جعيد همدان قال : أتيت الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) . فسألني فقال : أَخْبِرْني عَنْ شَبابِ الْعَرَبِ أَوْ عَنِ الْعَرَبِ ؟ قال : قلت : أصحاب جلاهقات ومجالس ! قال : فَأَخْبِرني عَنِ الْمَوالي ؟ قال : قلت : آكل الربا أو حريص على الدنيا ! قال : فقال : إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعوُنَ وَاللهِ ! إِنَّهُما لِلصِّنْفانِ اللَّذانِ كُنّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ اللهَ تَبارَكَ وَتَعالى يَنْتَصِرُ بِهِما لِدينِهِ ! يا جُعَيْد هَمْدانَ ! النّاسُ أَرْبَعَةٌ : فَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ خَلْقٌ وَلَيْسَ لَهُ خَلاقٌ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ خَلاقٌ وَلَيْسَ لَهُ خُلْقٌ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ خُلْقٌ وَخَلاقٌ وَذلِكَ أَفْضَلُ النّاسِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَيْسَ لَهُ خُلْقٌ وَلا خَلاقٌ وَذاكَ شَرُّ النّاسِ . ([62])
أقسام الإخوان
* - قال ( عليه السلام ) : الاْخْوانُ أَرْبَعَةٌ : فَأَخٌ لَكَ وَلَهُ ، وَأَخٌ لَكَ ، وَأَخٌ عَلَيْكَ ، وَأَخٌ لا لَكَ وَلا لَهُ . فسئل عن معنى ذلك ؟ فقال ( عليه السلام ) : الأْخُ الَّذي هُوَ لَكَ وَلَهُ ، فَهُوَ الأْخُ الَّذي يَطْلُبُ بِإِخائِهِ بَقاءَ الإْخاءِ ، ولا يَطْلُبُ بِإِخائِهِ مَوْتَ الإْخاءِ ، فَهذا لَكَ وَلَهُ ، لاِنَّهُ إِذا تَمَّ الإْخاءُ طابَتْ حَياتُهُما جَميعاً ، وَإِذا دَخَلَ الإْخاءُ في حالِ التَناقُضِ بَطَلَ جَميعاً . وَالأْخُ الَّذي هُوَ لَكَ : فَهُوَ الأْخُ الَّذي قَدْ خَرَجَ بِنَفْسِهِ عَنْ حالِ الطَّمَعِ إِلى حالِ الْرَّغْبَةِ ، فَلَمْ يَطْمَعْ فِي الدُّنْيا اِذا رَغِبَ فِي الإْخاءِ ، فَهذا مُوَفَّرٌ عَلَيْكَ بِكُلِّيَّتِهِ . والأْخُ الَّذي هُوَ عَلَيْكَ : فَهُوَ الأْخُ الَّذي يَتَرَبَّصُ بِكَ الدَّوائِرَ ، وَيَغْشىالسَّرائِرَ ، ويَكْذِبُ عَلَيْكَ بَيْنَ الْعَشائِرِ ، وَيَنْظُرُ في وَجْهِكَ نَظَرَ الْحاسِدِ ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ الْواحِدِ . وَالأْخُ الَّذي لا لَكَ وَلا لَهُ ، فَهُوَ الَّذي قَدْ مَلأَهُ اللهُ حُمْقاً فَأَبْعَدَهُ سُحْقاً ، فَتَراهُ يُؤثِرُ نَفْسَهُ عَلَيْكَ ، وَيَطْلُبُ شُحّاً ما لَدَيْكَ . ([63])
تعقّل الموت
* - من كلامه ( عليه السلام ) : لَوْ عَقَلَ النّاسُ وَتَصَوَّرُوا الْمَوْتَ بِصُورَتِهِ لَخَرِبَتِ الدُّنْيا . ([64])
في دنائة الدنيا والحثّ على التقوى
* - قال ( عليه السلام ) : أُوصيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ ، وَأُحَذِّرُكُمْ أَيّامَهُ ، وَأَرْفَعُ لَكُمْ أَعْلامَهُ ، فَكَأنَّ الْمخُوفَ قَدْ أَفِدَ بِمَهُولِ وُرُودِهِ وَنَكيرِ حُلُولِهِ وَبَشَعِ مَذاقِهِ ، فَاعْتَلَقَ مُهَجَكُمْ ، وَحالَ بَيْنَ الْعَمَلِ وَبَيْنَكُمْ ، فَبادِرُوا بِصِحَّةِ الأْجْسامِ في مُدَّةِ الأَعْمارِ ، كَأَنَّكُمْ بِبَغْتاتِ طَوارِقِهِ فَتَنْقُلُكُمْ مِنْ ظَهْرِ الأْرْضِ إِلى بَطْنِها ، وَمِنْ عُلُوِّها إِلى سِفْلِها ، وَمِنْ أُنْسِها إِلى وَحْشَتِها ، وَمِنْ رَوْحِها وَضَوْئِها إِلى ظُلْمَتِها ، وَمِنْ سِعَتِها إِلى ضِيقِها ، حَيْثُ لا يُزارُ حَميمٌ ، وَلا يُعادُ سَقيمٌ ، وَلا يُجابُ صَريخٌ . أَعانَنَا اللهُ وَإِيّاكُمْ عَلى أَهْوالَ ذلِكَ الْيَوْمِ ، وَنَجّانا وَإِيّاكُمْ مِنْ عِقابِهِ ، وَأوْجَبَ لَنا وَلَكُمُ الْجَزيلَ مِنْ ثَوابِهِ . عِبادَ اللهِ ! فَلَوْ كانَ ذلِكَ قَصْرَ مَرْماكُمْ ، وَمَدى مَظْعَنِكُمْ كانَ حَسْبُ الْعامِلِ شُغْلاً يَسْتَفْرِغُ عَلَيْهِ أَحْزانَهُ وَيُذْهِلُهُ عَنْ دُنْياهُ وَيُكْثِرُ نَصَبَهُ لِطَلَبِ الْخَلاصِ مِنْهُ ، فَكَيْفَ وَهُوَ بَعْدَ ذلِكَ مُرْتَهَنٌ بِاكْتِسابِهِ ، مُسْتَوْقَفٌ عَلى حِسابِهِ ، لا وَزيرَ لَهُ يَمْنَعُهُ ، وَلا ظَهيرَ عَنْهُ يَدْفَعُهُ ، وَيَوْمَئِذ ( لا يَنْفَعُ نَفْساً إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ في إيمانِها خَيْراً قُلْ إِنْتَظِرُوا إنّا مُنْتَظِرُونَ ) . أُوصيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ ، فَإِنَّ اللهَ قَدْ ضَمِنَ لِمَنْ اتَّقاهُ أَنْ يُحَوِّلَهُ عَمّا يَكْرَهُ إِلى ما يُحِبُّ ( وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) ، فَإِيّاكَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَخافُ عَلىَ الْعِبادِ مِنْ ذُنُوبِهِمْ ، وَيَأْمَنُ الْعُقُوبَةَ مِنْ ذَنْبِهِ ، فَإِنَّ اللهَ تَبارَكَ وَتَعالى لا يُخْدَعُ عَنْ جَنَّتِهِ وَلا يُنالُ ما عِنْدَهُ إِلاّ بِطاعَتِهِ إِنْ شاءَ اللهُ . ([65])
إيقاظ الغافلين
* - عن الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) قال : وُجِدَ لَوْحٌ تَحْتَ حائِطِ مَدينَة مِنَ الْمَدائِنِ مَكْتُوبٌ فيه : أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا ، وَمُحمَّدٌ نَبِيّي ، عَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ كَيْفَ يَفْرَحُ ؟ وَعَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْقَدَرِ كَيْفَ يَحْزَنُ ؟ وَعَجِبْتُ لِمَنْ اخْتَبَرَ الدُّنْيا كَيْفَ يَطْمَئِنُّ إِلَيْها ؟ وَعَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْحِسابِ كَيْفَ يُذْنِبُ .
* - قال ( عليه السلام ) : لَوْلا ثَلاثَةٌ ما وَضَعَ ابْنُ آدَمَ رَأْسَهُ لِشَئ : الْفَقْرُ ، وَالْمَرَضُ ، وَالْمَوْتُ . ([66])
* - وقال الحسين ( عليه السلام ) : يَا ابْنَ آدَمَ ! إِنَّما أَنْتَ أَيّامٌ كُلَّما مَضى يَوْمٌ ذَهَبَ بَعْضُكَ . ([67])
* - مرّ الحسين ( عليه السلام ) بقصر أوس فقال : لِمَنْ هذا ؟ فقالوا : لأوس . فقال : وَدَّ أَوْسٌ أَنَّ لَهُ فِي الآْخرَةِ بَدلَهُ رغيفاً ! ([68])
تخريب دار الآخرة
*-قال رجل للحسين ( عليه السلام ) : بنيت داراً أحبّ أن تدخلها وتدعو الله . فدخلها فنظر إليها ، ثمّ قال : أَخْرَبْتَ دارَكَ ! وَعَمَّرْتَ دارَ غَيْرِكَ ! غَرَّكَ مَنْ فِي الأْرْضِ ، وَمَقَتَكَ مَنْ فِي السَّماءِ . ([69])
*- مرّ الحسين ( عليه السلام ) بدار بعض المهالبة ، فقال : رَفَعَ الطّينَ ، وَوَضَعَ الدّينَ ! ([70])
شرّ خصال الملوك
*-كان ( عليه السلام ) يقول : شَرُّ خِصالِ الْمُلُوكِ : الْجُبْنُ مِنَ الأَْعْداءِ ، وَالْقَسْوَةُ عَلىَ الضُّعَفاءِ ، وَالْبُخْلُ عِنْدَ الاْعْطاءِ([71]).
توصيف الدواء للملك
*-قال ( عليه السلام ) : لا تَصِفَنَّ لِمَلِك دَواءً ، فَإِنَّهُ إِنْ نَفَعَهُ لَمْ يَحْمِدْكَ ، وَإِنْ ضَرَّهُ اتَّهَمَكَ ([72]).
إطعام المسلم
*-ومن كلامه ( عليه السلام ) : لَئِنْ أُطْعِمْ أَخاً لي مُسْلِماً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ أُفُقاً مِنَ النّاسِ . قيل : وكم الأفق ؟ قال : عَشْرَةُ آلاف([73]) .
العجز عن الدعاء
*- قال ( عليه السلام ) : أَعْجَزُ النّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ الدُّعاءِ ، وَأبْخَلُ النّاسِ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلامِ ([74]).
معنى الإستدراج
*-وكان من دعائه ( عليه السلام ) : أللّهُمَّ لا تَسْتَدْرِجْني بِالاْحْسانِ ، وَلا تُؤَدِّبْني بِالْبَلاءِ ([75]).
افْعَلْ خَمْسَةَ أَشْياءَ وَاذْنِبْ ما شِئْتَ
*- روي أنّ الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) جاءه رجل وقال : أنا رجل عاص ولا أصبر عن المعصية ! فعظني بموعظة فقال ( عليه السلام ) : إِفْعَلْ خَمْسَةَ أَشْياءَ وَاذْنِبْ ما شِئْتَ :
فَأَوَّلُ ذلِكَ : لا تَأْكُلْ رِزْقَ اللهِ وَاذْنِبْ ما شِئْتَ !
وَالثّاني : اخْرُجْ مِنْ وِلايَةِ اللهِ وَاذْنِبْ ما شِئْتَ !
وَالثّالِثُ : اطْلُبْ مَوْضِعاً لا يَراكَ اللهُ وَاذْنِبْ ما شِئْتَ !
وَالرّابِعُ : اِذا جاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ لِيَقْبِضَ رُوحَكَ فَادْفَعْهُ عَنْ نَفْسِكَ وَاذْنِبْ ما شِئْتَ !
وَالْخامِسُ : إِذا أدْخَلَكَ مالِكٌ فِي النّارِ فَلا تَدْخُلْ فِي النّارِ وَاذْنِبْ ما شِئْتَ ! ([76])
*- عن أبي عبد الله الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) ، أنّه سئل : هل ولد المهدىّ ( عليه السلام ) ؟ قال : لا . وَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَخَدَمْتُهُ أَيَّامَ حَياتي . ([77])
*- قال رجل للحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) : يا ابن رسول الله ! أنا من شيعتكم . قال ( عليه السلام ) : إِتَّقِ اللهَ وَلا تَدَّعِيَنَّ شَيْئاً يَقُولُ اللهُ لَكَ : كَذِبْتَ وَفَجَرْتَ في دَعْواكَ ! إِنَّ شيعَتَنا مَنْ سَلِمَتْ قُلُوبُهُمْ مِنْ كُلِّ غَشٍّ وَغِلٍّ وَدَغَل ، وَلكِنْ قُلْ أَنَا مِنْ مَواليكُمْ ، وَ مِنْ مُحِبّيكُمْ ([78]).
مقام الشيعة
*- قال الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ): نَحْنُ وَشيعَتُنا عَلَى الْفِطْرَةِ الَّتي بَعَثَ اللهُ عَلَيْها مُحَمَّداً ( صلى الله عليه وآله ) ، وَسائرُ النّاسِ مِنْها بُرَآءٌ ([79])
الشيعة على ملّة إبراهيم ( عليه السلام )
*- قال الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) : ما أَحَدٌ عَلى مِلَّةِ إبْراهيمَ إِلاّ نَحْنُ وَشيعَتُنا ، وَسائِرُ النّاسِ مِنْها بُرَآءٌ ([80]).
*- عن زيد بن أرقم ، عن الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) ، قال : ما مِنْ شيعَتِنا إِلاّ صِدّيقٌ شَهيدٌ . قال : قلت : جعلت فداك ، أنّى يكون ذلك وعامّتهم يموتون على فراشهم ؟ فقال : أَما تَتْلُو كِتابَ اللهِ في الْحَديدِ : ( وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ ). قال : فقلت : فكأنّي لم أقرأ هذه الآية من كتاب الله تعالى قطّ ([81]).
*- قال الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) : فَضْلُ كافِلِ يَتيمِ آلِ مُحَمَّد - الْمُنْقَطِعِ عَنْ مَواليهِ ، النّاشِبِ (في رُتْبَةِ الْجَهْلِ ، يُخْرِجُهُ مِنْ جَهْلِهِ ، وَيُوَضِّحُ لَهُ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ - عَلى فَضْلِ كافِلِ يَتيم يُطْعِمُهُ وَيَسْقيهِ ، كَفَضْلِ الشَّمْسِ عَلَى السَّهاءِ ([82]).
*- قال الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) : مَنْ كَفَلَ لَنا يَتيماً قَطَعَتْهُ عَنّا مِحْنَتنا [ مَحَبَّتُنا ] بِاسْتِتاِرِنا ، فَواساهُ مِنْ عُلُومِنَا الَّتي سَقَطَتْ إِلَيْهِ حَتّى أَرْشَدَهُ وَهَداهُ ، قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ : يا أيّها العبد الكريم المواسي لأخيه ! إنّي أولى بالكرم منك ، اجعلوا له يا ملائكتي ! في الجنان بعدد كلّ حرف علّمه ألف ألف قصر ، وضمّوا إليها ما يليق بها من سائر النعم ([83]).
القرآن على أربعة أشياء
*- قال الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما : كِتابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلى أَرْبَعَةِ أَشْياءَ : عَلَى الْعِبارَةِ ، وَالإْشارَةِ ، وَاللَّطائِفِ ، وَالْحَقائِقِ . فَالْعِبارَةُ لِلْعَوامِ ، وَالإْشارَةُ لِلْخَواصِّ ، وَاللَّطائِفُ لِلأْوْلِياءِ ، وَالْحَقائِقُ لِلأْنْبِياءِ ([84]).
*- وقال ( عليه السلام ) : اَلْقُرْآنُ ظاهِرهُ أَنيقٌ ، وَباطِنُهُ عَميقٌ .
ثواب قراءة القرآن
*- عن الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) قال : مَنْ قَرَأ آيَةً مِنْ كِتابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ في صَلاتِهِ قائِماً يُكْتَبُ لَهُ بِكُلِّ حَرْف مِائَةُ حَسَنَة ، فَإِذا قَرَأَها في غَيْرِ صَلاة كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ حَرْف عَشْرَ حَسَنات ، وَإِنِ اسْتَمَعَ الْقُرْآنَ كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ حَرْف حَسَنَةً ، وَإِنْ خَتَمَ الْقُرْآنَ لَيْلاً صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلائِكَةُ حَتّى يُصْبِحَ ، وَإِنْ خَتَمَهُ نَهاراً صَلَّتْ عَلَيْهِ الْحَفَظَةُ حَتّى يُمْسِيَ ، وَكانَتْ لَهُ دَعْوَةٌ مُجابَةٌ ، وَكانَ خَيْراً لَهُ مِمّا بَيْنَ السَّماءِ إِلىَ الأَْرْضِ . قلت : هذا لمن قرأ القرآن ، فمن لم يقرأ ؟ قال [ ( عليه السلام ) ] : يا أَخا بَني أَسَد ! إِنَّ اللهَ جَوادٌ ماجِدٌ كَريمٌ ، إِذا قَرَأَ ما مَعَهُ أَعْطاهُ اللهُ ذلِكَ ([85])
*- إنّ رجلاً جاء إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقال : أخبرني إن كنتَ عالماً عن الناس ، وعن أشباه الناس ، وعن النسناس ؟ فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : يا حسين ! أجب الرجل . فقال الحسين ( عليه السلام ) : أَمّا قَوْلُكَ : أَخْبِرْني عَنِ النّاسِ ، فَنَحْنُ النّاسُ ، وَلِذلِكَ قالَ اللهُ تَعالى ذِكْرُهُ في كِتابِهِ : ( ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ ) فَرَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) اَلَّذي أَفاضَ بِالنّاسِ . وَأَمّا قَوْلُكَ : أَشْباهُ النّاسِ ، فُهُمْ شيعَتُنا ، وَهُمْ مَوالينا ، وَهُمْ مِنّا ، وَلِذلِكَ قالَ إبْراهيمُ ( عليه السلام ) : ( فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّى ). وَأَمّا قَوْلُكَ : اَلنَّسْناسُ ، فَهُمُ السَّوادُ الأَْعْظَمُ ، وأشار بيده إلى جماعة الناس ، ثمّ قال : ( إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأْنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً. تفسير : ( وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ ) ([86])
*- عن الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) قال : ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَْرْضُ غَيْرَ الأَْرْضِ ) يَعْني بِأَرْض لَمْ تُكْتَسَبْ عَلَيْهَا الذُّنُوبُ ، بارِزَةً لَيْسَتْ عَلَيْها جِبالٌ وَلا نَباتٌ كَما دَحاها أوَّلَ مَرَّة . قوله تعالى : ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَىَّ مُسْتَقِيمٌ ) ([87])
تفسير : ( كهيعص )
*- عن الإمام الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) : أنّه سأله رجل عن معنى ( كهيعص ) فقال له : لَوْ فَسَّرْتُها لَكَ لَمَشَيْتَ عَلَى الْماءِ([88]) .
*- عن النضر بن مالك قال : قلت للحسين بن عليّ بن أبي طالب ( عليهما السلام ) : يا أبا عبد الله ! حدّثني عن قول الله عزّوجلّ : ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمْ ) . قال : نَحْنُ وَبَنُو أُمَّيَةَ اخْتَصَمْنا في اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قُلْنا ، صَدَقَ اللهُ ، وَقالُوا : كذب الله . فَنَحْنُ وَإِيّاهُمُ الْخَصْمانِ يَوْمَ الْقِيامَةِ ([89])
علة خلق الخلق
*-خرج الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) على أصحابه ، فقال : أَيُّهَا النّاسُ ! إِنَّ اللهَ جَلَّ ذِكْرُهُ ما خَلَقَ الْعِبادَ إِلاّ لِيَعْرِفُوهُ ، فَإِذا عَرَفُوهُ عَبَدُوهُ ، فَإِذا عَبَدُوهُ اِسْتَغْنَوا بِعِبادَتِهِ عَنْ عِبادَةِ ما سِواهُ . فقال له رجل : يا ابن رسول الله ! بأبي أنت وأُمّي ، فما معرفة الله ؟ قال : مَعْرِفَةُ أَهْلِ كُلِّ زَمان إِمامَهُمُ الَّذي يَجِبُ عَلَيْهِمْ طاعَتُهُ ([90]).
التكليف بما لا يطاق
*- وقال ( عليه السلام ) : ما أَخَذَ اللهُ طاقَةَ أَحَد إِلاّ وَضَعَ عَنْهُ طاعَتَهُ ، وَلا أَخَذَ قُدْرَتَهُ إِلاّ وَضَعَ عَنْهُ كُلْفَتَهُ . ([91])
*- عن الحسين ( عليه السلام ) : مَنْ لَبْسَ مشهُوراً مِنَ الثّيابِ أعْرَضَ اللهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقيامَةِ ([92])
*- من دعائه عليه السلام : ، إِلهي ! كَمْ مِنْ طاعَة بَنَيْتُها وَحالَة شَيَّدْتُها هَدَمَ اعْتِمادي عَلَيْها عَدْلُكَ ، بَلْ أَقالَني مِنْها فَضْلُكَ ([93])
* - من خطب الحسين ( عليهما السلام ) غداة اليوم الذي استشهد فيه قال : عِبادَ اللهِ ! اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مِنَ الدُّنْيا عَلى حَذَر ، فَإِنَّ الدُّنْيا لَوْ بَقِيَتْ لأِحَد أَوْ بَقي عَلَيْها أَحَدٌ ، كانَتِ الاَْنْبِياءُ أَحَقَّ بِالْبَقاءِ ، وَأَوْلى بِالرِّضى ، وَأَرْضى بِالْقَضاءِ ، غَيْرَ أَنَّ الله تَعالى خَلَقَ الدُّنْيا لِلْبَلاءِ ، وَخَلَقَ أَهْلَها لِلْفَناءِ ، فَجَديدُها بال ، وَنَعيمُها مُضْمَحِلٌّ ، وَسُرُورُها مُكْفَهِرٌّ ، وَالْمَنْزِلُ بُلْغَةٌ ، وَالدّارُ قُلْعَةٌ ، فَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزّادِ التَّقْوى ، فَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ([94])
([12])كفاية الأثر : 232 ، بحار الأنوار 36 : 384 ح 5 ، العوالم 15 : 256 ، ح 2 ، غاية المرام 1 : 322 ح 34 ، تفسير البرهان 4 : 167 ح 3 وفيه إلى قوله : أربع أصابع
([16])الأمالي : 167 ، الإختصاص : 225 ، بحار الأنوار 71 : 371 ح 3 و 78 : 126 ح 8 ، معادن الحكمة 2 : 45 ح 102 .
([26])كشف الغمّة 2 : 29 ، الفصول المهمّة 169 ، أعلام الدين : 298 من قوله : إعلموا أنّ حوائج الناس . . . ، بحار الأنوار 78 : 121 ح 4 ، أعيان الشيعة 1 : 620 .
([48])عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 2 : 48 ح 157 ، بحار الأنوار 74 : 91 ح 15 ، ميزان الحكمة 4 : 84 ح 7051 .
([52])تحف العقول : 175 ، بحار الأنوار 78 : 117 ح 3 ، مستدرك الوسائل 12 : 348 ح 14256 ، أعيان الشيعة 1 : 620 .