سيف سرق من الحضرة الشريفة وظهر فيما بعد
قال ابن طاووس: وفي سنة أربع وثمانين وخمسمائة في شهر رمضان ، كانوا يأتون مشايخ الزيدية من الكوفة ( في شهر رمضان ) كان ليلة يزورون الإمام عليه السلام ، وكان فيهم رجل يقال له عباس الأمعص ، قال ابن طحال : وكانت تلك الليلة نوبة الخدمة علي ، فجاءوا على العادة وطرقوا الباب ففتحته لهم ، وفتحت باب القبة الشريفة ، وبيد عباس سيف ، فقال لي :
- أين أطرح هذا السيف ؟
فقلت : أطرحه في هذه الزاوية ، وكان شريكي في الخدمة شيخ كبير يقال له بقاء بن عنقود ، فوضعه ودخلت وأشعلت لهم شمعة ، وحركت القناديل فصلوا وطلعوا ، وطلب عباس السيف فلم يجده ، وسألني عنه ، فقلت له :
- مكانه ،
فقال : ما هو هاهنا . وطلبته فما وجدته ! وعادتنا ان لا نخلي أحدا ينام بالحضرة سوى أصحاب النوبة فلما يئس منه دخل وقعد عند الرأس ،
وقال :
- يا أمير المؤمنين أنا وليك عباس واليوم لي خمسون سنة أزورك في كل ليلة في رجب وشعبان ورمضان والسيف معي عارية ، وحقك ان لم ترده علي إن رجعت زرتك أبدا ، وهذا فراق بيني وبينك ومضى ، فأصبحت فأخبرت السيد النقيب شمس الدين علي بن المختار ، فضجر علي وقال :
- ألم أنهكم أن ينام أحد بالمشهد سواكم ، فأحضرت الختمة الشريفة وأقسمت بها انني فتشت المواضع وقلبت الحصر وما تركت أحدا عندنا ، فوجد من ذلك أمرا عظيما وصعب عليه ، فلما كان بعد ثلاثة أيام وإذا أصواتهم بالتكبير والتهليل فقمت وفتحت لهم على جاري عادتي ، وإذا العباس الأمعص والسيف معه ! فقال :
- يا حسن هذا السيف فالزمه .
فقلت : أخبرني خبره ! قال : رأيت مولانا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في منامي ، وقد أتى لي وقال : يا عباس لا تغضب امض إلى دار فلان ابن فلان اصعد الغرفة التي فيها التبن وخذ السيف ، وبحياتي عليك لا تفضحه ولا تعلم به أحدا ، فمضيت إلى النقيب شمس الدين فأعلمته بذلك ، فطلع في السحر إلى الحضرة وأخذ السيف منه وحكى له ذلك ، فقال :
- لا أعطيك السيف حتى تعلمني من كان أخذه .
فقال له عباس :
- ( يا سيدي ) يقول لي جدك بحياتي عليك لا تفضحه ولا تعلم به أحدا وأخبرك ، ولم يعلمه ومات ولم يعلم أحدا من أخذ السيف .
وهذه الحكاية ، أخبرنا بمعناها المذكور القاضي العالم الفاضل المدرس عفيف الدين ربيع بن محمد الكوفي ، عن القاضي الزاهد علي بن بدر الهمداني ، عن عباس المذكور يوم الثلاثاء خامس عشر ربيع الاخر سنة ثمان وثمانين وستمائة . (
[1])