العتبة العلوية المقدسة - خُطبَةٍ لهُ عَليه السَّلام وقد أتى إليه جماعة من أولاد المهاجرين و -
» » سيرة الإمام » بلاغة الامام علي وحكمته » خطب الامام علي عليه السلام » خُطبَةٍ لهُ عَليه السَّلام وقد أتى إليه جماعة من أولاد المهاجرين و

خُطبَةٍ لهُ عَليه السَّلام وقد أتى إليه جماعة من أولاد المهاجرين و الأنصار

الحمد لله وليّ الحمد ، ومنتهى الكرم ، لا تدركه الصفات ، ولا يُحَدُّ باللغات ، ولا يُعْرَفُ بالغايات ، و اشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، و أن محمداً نبيُّ الهدى ، وموضع التقوى ، ورسول الرَّبّ الأعلى ، جاء بالحق من الحق ، لينذرَ بالقرآن المبين ، و البرهان المستنير ، فَصَدَعَ بالكتاب ، ومضى على ما مضى عليه الرُسلُ الأولون .

أما بعد ، فلا يقولن رجال غمرتهم الدنيا فاتخذوا العَقَار ([1]) ، وفجّروا الأنهار ، وركبوا أفْرَهَ الدوابِ ، ولبِسوا ألينَ الثياب ، إذا منعتُهم مما كانوا فيه يخوضون وصيرتهم إلى ما يستوجبون ( قالوا ([2]) ) : ظَلَمَنا ابنُ أبي طالب ومنعنا حقوقنا ، فإنَّ من استقبل قبلتنا ، و أكل ذبيحتنا ، و آمن بنبينا ، وشهد شهادتنا ، ودخل في ديننا ، أجرينا عليه حكم القرآن ، وحدودَ الإسلام ، ليسَ لأحد على أحد فضلٌ إلا بالتقوى، ألا وإن للمتقين عند الله افضلَ الثواب ، وأحسنَ الجزاءِ و المآب ، وما عند الله خيرٌ للأبرار ، فسارعوا إلى منازلكم ([3]) ، التي أمِرْتُم بعمارتها فإنها العامرة التي لا تخرب ، و الباقية التي لا تنفد ، التي دعاكم الله إليها ، وحضكم عليها ، ورغَّبكم فيها ، و استتموا نعم الله بالتسليم لقضائه ، و الشكر على نعمائه ، فمن لم يرض بهذا فليس منا ولا إلينا ، و إن الحاكم – يحكم بحكم الله – لا خَشيةَ عليه ولا وحشة ! و أولئك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .

 



([1]) العَقَار وما بعده : يشير به الإمام عليه السلام  إلى تحول الناس عن الفضائل الذاتية إلى فضائل المظهر من البناء و التشييد و النجد و التأثيث للحياة الدنيا .

([2]) السياق في حاجة لكلمة ( قالوا ) ، وهي ساقطة في الأصل .

([3]) يريد بالمنازل أعمال الآخرة .