رضا الهندي
(1290 هـ - 1362 هـ)
أبو أحمد السيد رضا بن محمد بن هاشم بن مير شجاعة علي التقوى الرضوي الموسوي المعروف بالهندي، عالم شاعر مشتهر.ولد في النجف عام 1290 هـ/ 1873 م وترعرع فيها، ثم انتقل إلى سامراء عند الثامنة من عمره مع والده في العام 1298 هـ/ 1880 م وهو عام الطاعون حيث استقر فيها ثلاث عشرة سنة، ثم عاد الى النجف فاشتغل بتحصيل العلم.قرأ على الشربياني والسيد محمد الطباطبائي ومحمد طه نجف والشيخ حسن بن صاحب الجواهر، له مؤلّفات مهمّة في العقائد والادب.توفي في الفيصلية - من أعمال الديوانية - في عام 1362 هـ/ 1943 م بالسكتة القلبية ودفن بمقبرته الخاصة قرب داره في الحويش.
وله يمدح الامام علياً وقد دعاها بـ «الكوثرية» قوله:
أمُفَلَّجُ ثغرك أم جوهرْ * * * ورحيقُ رُضابك أم سُكَّرْ
قد قال لثغرك صانعه: * * * «إنَّا أعطيناك الكوثر»
والخال بخدِّك أم مسكٌ * * * نَقَّطتَ به الورد الاحمر
أم ذاك الخال بذاك الخدِّ * * * فتيتُ الندِّ على مجمر
عجباً من جمرته تذكو * * * وبها لا يحترق العنبر
يا مَنْ تبدو ليَ وفرتُه * * * في صبح محيّاه الازهر
فأُجَنُّ به بـ «الليل إذا * * * يغشى» «والصبح إذا أَسفر»
ارحم أَرِقاً لو لم يمرض * * * بنعاس جفونك لم يسهر
تَبْيَضُّ لهجرك عيناه * * * حزناً ومدامعه تحمر
يا للعشاق لمفتون * * * بهوى رشأ أحوىً أحور
إن يبدُ لذي طرب غنَّى * * * أو لاح لذي نُسُك كَبَّرْ
آمنت هوىً بنبوته * * * وبعينيه سحر يؤثر
أصفيت الودَّ لذي ملل * * * عيشي بقطيعته كدَّر
يا مَنْ قد آثر هجراني * * * وعليَّ بلقياهُ استأثرْ
أقسمتُ عليك بما أولتـ * * * ـكَ النضرة من حسن المنظر
وبوجهك إذ يحمرُّ حياً * * * وبوجه محبك إذ يَصْفَرْ
وبلؤلؤ مبسمك المنظو * * * مِ ولؤلؤ دمعي إذ ينثر
إن تتركْ هذا الهجر فليـ * * * ـسَ يليق بمثليَ أن يُهْجَرْ
فاجلُ الاقداح بصرف الرا * * * حِ عسى الافراح بها تُنْشَر
واشغل يمناك بصبِّ الكا * * * سِ وخلِّ يسارك للمزهر
فدمُ العنقود ولحنُ العو * * * دِيعيد الخير وينفي الشر
بَكِّرْ للسُكْرِ قبيل الفجـ * * * ـرِ فصفو الدهر لمن بَكَّرْ
هذا عملي فاسلك سبلي * * * إن كنت تُقِرُّ على المنكر
فلقد أسرفت وما أسلفْـ * * * ـتُ لنفسي مافيه أُعْذَرْ
سَوَّدتُ صحيفة أعمالي * * * ووكلت الامر إلى حيدر
هو كهفي من نوب الدنيا * * * وشفيعي في يوم المحشر
قد تمَّتْ لي بولايته * * * نعمٌ جَمَّتْ عن أن تشكر
لاصيب بها الحظّ الاوفى * * * واخصص بالسهم الاوفر
بالحفظ من النار الكبرى * * * والامن من الفزع الاكبر
هل يمنعني وهو الساقي * * * أن أشرب من حوض الكوثر
أم يطردني عن مائدة * * * وُضِعَتْ للقانع والمُعْتَرْ
يامن قد أنكر من آيا * * * تِ أبي حسن ما لا يُنْكَرْ
إن كنت، لجهلك بالايّا * * * مِ، جحدت مقام أبي شُبَّرْ
فاسأل بدراً واسأل أُحُداً * * * وسل الاحزاب وسل خيبر
من دبَّر فيها الامر ومن * * * أردى الابطال ومن دَمَّرْ
من هدَّ حصون الشرك ومن * * * شادَ الاِسلام ومن عَمَّرْ
من قدَّمه طه وعلى * * * أهل الايمان له أمَّرْ
قاسوك أبا حسن بسوا * * * كَ وهل بالطود يقاس الذر؟
أنّى ساووك بمن ناوو * * * كَ وهل ساووا نعلَيْ قنبر؟
من غيرك من يدعى للحر * * * بِ وللمحراب وللمنبر
وإذا ذكر المعروف فما * * * لسواك به شيء يُذْكَرْ
أفعالُ الخير إذا انتشرت * * * في الناس فأنت لها مصدر
أحييت الدين بأبيض قد * * * أودعت به الموت الاحمر
قطباً للحرب يدير الضر * * * بَ ويجلو الكرب بيوم الكر
فاصدع بالامر فناصرك الـ * * * ـبَتَّارُ وشانئك الابتر
لو لم تؤمر بالصبر وكظم الغيـ * * * ـظِ وليتك لم تؤمر
ما آل الامر إلى التحكيـ * * * ـمِ وزايل موقفه الاشتر
لكن أعراض العاجل ما * * * علقت بردائك يا جوهر
أنت المهتمّ بحفظ الديـ * * * ـنِ وغيرك بالدنيا يغتر
أفعالك ما كانت فيها * * * إلا ذكرى لمن اذَّكَّر
حُججاً ألزمت بها الخصما * * * ءَ وتبصرةً لمن استبصر
آيات جلالك لا تحصى * * * وصفات كمالك لا تحصر
من طوَّلَ فيك مدائحه * * * عن أدنى واجبها قصَّرْ
فاقبل يا كعبة آمالي * * * من هدي مديحي ما استيسر
وله في عيد الغدير قوله:
سل المجدب الظمآن أين مصيرهُ * * * وها عندنا روض الهدى وغديرهُ
وسل خابط الظلماء كم هو تائهٌ * * * ألم يرَ بدر الرشد يسطع نورهُ
ألا نظرة نحو اليمين تدلُّهُ * * * على قصده كي يستقيم مسيرهُ
إذا ما اقتفى في السير آثار حائر * * * فمن عدل ديان الورى من يجيرهُ
أبا حسن تالله أنت لاحمد * * * أخوه وقاضي دينه ووزيرهُ
وإنّك عون المصطفى ونصيره * * * أو انك عين المصطفى ونظيرهُ
فلا مشكلٌ إلاّ وأنت مداره * * * ولا فلك إلاّ وأنت مديرهُ
ولا أُمة إلاّ وأنت أمينها * * * ولا مؤمن إلاّ وأنت أميرهُ
وأنت يدُ الله القويِّ وحبله الـ * * * ـمتين وحامي دينه وسفيرهُ
وأنت الصراط المستقيم وعندك الـ * * * ـجواز فمن تمنحْه جاز عبورهُ
بك الشرك أودى خيله ورجاله * * * وثقل قريش عِيرُهُ ونفيرهُ
فما زلت للحق المبين تُبِينُهُ * * * وبالسيف من يبغيه سوءاً تبيرهُ
إلى أن علا هام الجبال مناره * * * وأشرق في كل الجهات منيرهُ
فمن جاء مغتالاً فأنت تميته * * * ومن جاء ممتاراً فأنت تميرهُ
وأنت قسيم النار قسمٌ تجيزُه * * * عليها، وقسم من لظاها تجيرهُ
ولما استتم الدين أوفى نصابه * * * وشِيدَتْ مبانيه وأُحكم سورهُ
رقدت قرير العين لست بحافل * * * بحقدِ أخي حقد عليك يثيرهُ
ومثلك مَنْ إن تَمَّ للدين أمره * * * فما ضَرَّهُ ألاَّ تتمَّ أمورهُ
ولو شئت أثكلت العدو بنفسه * * * فأصبح يعلو ويلُه وثبورهُ
ببأس يد لوْ صُلْتَ يوماً بها على * * * ثبير إذاً لاندكَّ منها ثبيرهُ
ولكن رأيت الصبر أحجى ولم ينل * * * ثواب مقام الله إلاّ صَبُورهُ
فديتك أدرك بالشفاعة مذنباً * * * إذا أنت لم تنصره عَزَّ نصيرهُ
ولايته إياك أقوى وسيلة * * * سَيُمْحى بها تقصيره وقصورهُ
وله أيضاً في التشوق الى النجف:
يا أيها النجف الاعلى لك الشرفُ * * * ضمنت خير الورى يا أيها النجفُ
فيك الامام أمير المؤمنين ثوى * * * فالدرُّ فيك وما في غيرك الصدفُ
يا سائرين إلى أرض الغريّ ضحىً * * * نشدتكم بأمير المؤمنين قفوا
ما ضَرَّكُمْ لو حملتم ما يبثكُم * * * صَبٌّ غريبٌ كئيبٌ هائم دنفُ
وله مادحاً:
لما دعاك الله قدماً لان * * * تولد في البيت فلبيتَهُ
جزيته بين قريش بأن * * * طهَّرت من أصنامهم بيتَهُ
كما له في الغدير أيضاً:
أيُّ عيد مثل هذا اليوم فينا * * * رضي الله به الاسلام دينا
بَلَّغ الهادي به ما أنزل الـ * * * ـلّه في شأن أمير المؤمنينا
قائلاً إن عليّاً وارثي * * * ووزيري وإمامُ المسلمينا
أيّها الناس أطيعوا واسمعوا * * * إنّني لست على الغيب ضنينا
لست من تلقاء نفسي قلته * * * إنّما أتَّبِعُ الوحي المبينا
فاستجابوا قوله الشافي الذي * * * هاج من بعضهم الداء الدفينا
إن نوى أعداؤه العصيان والـ * * * ـغدرَ إنّا قد أجبنا طائعينا
إنه من ينقلبْ ليس يضرُّ الـ * * * ـلّهْ شيئاً وسيجزي الشاكرينا
رضي الله عليّاً هادياً * * * بعد طه فسمعنا ورضينا
هو حبل الله لم يختلف الـ * * * ـناس لو كانوا به معتصمينا
قد أطعناه يقيناً إنه * * * في غد من لهب النار يقينا
ويميناً بهداه بَرَّةً * * * تمنع المؤلي بها من أن يمينا
لا نبالي بعد أن لذنا به * * * أن لقينا بولاه ما لقينا
قد بدا الحق لنا فيه كما * * * لابن عمران بدا في طور سينا
وصمونا فيه بالرفض وذو الـ * * * ـحلمِ لا يعنيه قول الجاهلينا
عَيَّرونا غير أن العارفينا * * * لم يروا من موضع للعار فينا
أيّ عيب في الذي خاف من الـ * * * ـيَمِّ فاختار بأن يأوي السفينا
من صبا للعاجل الفاني فإنَّا * * * نؤثر الباقي عليه ما بقينا
بأبي من أظهر الحق وما * * * زال للهادي ظهيراً ومعينا
ثم بعد المصطفى قد قاتل الـ * * * ـناكثين القاسطين المارقين