كلام له عليه السّلام فى القدر
اَلا اِنَّ الْقَدَرَ سِرٌّ مِنْ سِرِّ اللَّهِ ، وَ سِتْرٌ مِنْ سِتْرِ اللَّهِ ، وَ حِرْزٌ مِنْ حِرْزِ اللَّهِ ، مَرْفوُعٌ فى حِجابِ اللَّهِ ، مَطْوِىٌّ عَنْ خَلْقِ اللَّهِ ، مَخْتوُمٌ بِخاتَمِ اللَّهِ ، سابِقٌ فى عِلْمِ اللَّهِ ، وَضَعَ اللَّهُ الْعِبادَ مِنْ عِلْمِهِ ، وَ رَفَعَهُ فَوْقَ شَهاداتِهِمْ ، وَ مَبْلَغِ عُقُولِهِمْ ، لِأَنَّهُمْ لا يَنالوُنَهُ بِحَقيقَةِ الرَّبَّانِيَّةِ ، وَ لا بِقُدْرَةِ الصَّمَدِيَّةِ ، وَ لا بِعِظَمِ النُّورانِيَّةِ ، وَ لا بِعِزَّةِ الْوَحْدانِيَّةِ ، لِأَنَّهُ بَحْرٌ زاخِرٌ خالِصٌ لِلَّهِ تَعالى ، عُمْقُهُ ما بَيْنَ السَّمآءِ وَ الْأَرْضِ ، عَرْضُهُ ما بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ ، اَسْوَدُ كَاللَّيْلِ الدَّامِسِ ، كَثيرُ الْحَيَّاتِ وَ الْحيتانِ يَعْلُو مَرَّةً وَ يَسْفَلُ اُخْرى ، فى قَعْرِهِ شَمْسٌ تُضيئُ ، لا يَنْبَغى اَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْها اِلاَّ اللَّهُ الْواحِدُ الْفَرْدُ ، فَمَنْ تَطَّلِعَ اِلَيْها فَقَدْ ضادَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فى حُكْمِهِ وَ نازَعَهُ فى سُلْطانِهِ ، وَ كَشَفَ عَنْ سِتْرِهِ وَ سِرِّهِ ، وَ بآءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ، وَ مَاْويهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصيرُ .
قال المجلسى ره : قيل فحدّث الجاحظ بهذا الحديث فقال هو جماع الكلام الّذى دوّنه النّاس فى كتبهم و تحاوروه بينهم ، قيل ثمّ سمع ابو علىّ الجبائى بذلك فقال : صدق الجاحظ هذا ما لا يحتمله الزّيادة و النّقصان .