الإمام الحسين في ماء من مياه العرب
*- وعنه : ثمّ أقبل الحسين ( عليه السلام ) سيراً إلى الكوفة ، فانتهى إلى ماء من مياه العرب ، فإذا عليه عبد الله بن مطيع العدوي ، وهو نازل ها هنا فلمّا رأى الحسين ( عليه السلام ) قام إليه ، فقال : بأبي أنت وأُمّي ، يا ابن رسول الله ! ما أقدمك ؟ واحتمله فأنزله . فقال له الحسين ( عليه السلام ) كانَ مِنْ مَوْتِ مُعاوِيَةَ ما قَدْ بَلَغَكَ ، فَكَتَبَ إِلَيَّ أَهْلُ الْعِراقِ يَدْعُونَني إِلى أَنْفُسِهِمْ . فقال له عبد الله بن مطيع : أُذكّرك الله ، يا ابن رسول الله ! وحرمة الإسلام أن تنتهك ، أنشدك الله في حرمة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، أنشدك الله في حرمة العرب ، فوالله ! لئن طلبت ما في أيدي بني أُميّة ليقتلنّك ، ولئن قتلوك لا يهابون بعدك أحداً أبداً ، والله ! إنّها لحرمة الإسلام تنتهك ، وحرمة قريش وحرمة العرب ، فلا تفعل ولا تأت الكوفة ، ولا تعرض لبني أُميّة ! فأبى [ الحسين ( عليه السلام ) ] إلاّ أن يمضي . ([1])
وقال الدينوري : وسار الحسين ( عليه السلام ) من بطن الرمة ([2])، فلقيه عبد الله بن مطيع وهو منصرف من العراق ، فسلّم على الحسين ( عليه السلام ) وقال له : بأبي أنت ، يا ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ! ما أخرجك من حرم الله وحرم جدّك ؟فقال الحسين ( عليه السلام ) : إِنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ كَتَبُوا إِلَيَّ يَسْأَلُونَني أَنْ أَقْدِمَ عَلَيْهِمْ لِما رَجَوا مِنْ إِحْياءِ مَعالِمِ الْحَقِّ وَإِماتَةِ الْبِدَعِ . قال له ابن مطيع : أُنشدك الله أن لا تأتي الكوفة ، فو الله ! لئن أتيتها لتقتلنّ ! فقال ( عليه السلام ) : ( لَّن يُصِيبَنا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا ) ([3]) ، ثمّ ودّعه ومضى . ( ) ([4]) وسار قاصداً إلى توز ، ( ) ([5]) وأقبل من توز بركبه إلى فيد ، ([6]) ثمّ رحل من فيد وقصد الأجفر . ([7])
([1])تأريخ الطبري 3 : 301 ، الإرشاد : 221 ، بحار الأنوار 44 : 370 ، العوالم 17 : 221 ، أعيان الشيعة 1 : 594 ، وقعة الطف : 160 .
([2])بطن الرمة : منزل لأهل البصرة ، إذا أرادوا المدينة ، بها يجتمع أهل البصرة والكوفة ، الأخبار الطوال : 246 .
([5])أخبار الطوال : 246 . توز : منزل في طريق الحاجّ قبل فيد ، للقاصد إلى العراق نصف الطريق ، وهو جبل مشهور لبني أسد ، وبينه وبين سميراء عشرون ميلاً ، وقيل : بينهما خمسة عشر ميلاً ونصف ، الحسين ( عليه السلام ) في طريقه إلى الشهادة : 54