العتبة العلوية المقدسة - الامام علي عليه السلام والفيلسوف اليوناني -
» » سيرة الإمام » قصص ومواعظ من سيرة الامام علي عليه السلام » الامام علي عليه السلام والفيلسوف اليوناني

 

الامام علي عليه السلام والفيلسوف اليوناني

عن زين العابدين عليه السلام  أنه قال : كان أميرالمؤمنين عليه السلام قاعدا ذات يوم فأقبل إليه رجل من اليونانيين  المدعين للفلسفة والطب ، فقال له : يا أباالحسن بلغني خبر صاحبك وأن به جنونا  وجئت لاعالجه فلحقته وقد مضى لسبيله وفاتني ما أردت من ذلك ، وقد قيل لي : إنك  ابن عمه وصهره ، وأرى بك صفارا قد علاك ، وساقين دقيقين ما أراهما يقلانك ، فأما الصفار فعندي دواؤه وأما الساقان الدقيقان فلاحيلة لي لتغليظهما ، والوجه أن  ترفق بنفسك في المشي تقلله ولا تكثره وفيما تحمله على ظهرك وتحتضنه بصدرك  أن تقللهما ولا تكثرهما ، فإن ساقيك دقيقان لا يؤمن عندحمل ثقيل انقصافهما ، وأماالصفار فدواؤه عندي وهو هذا ، وأخرج دواء وقال هذا لا يؤذيك ولا يخيبك ،  ولكنه يلزمك حمية من اللحم أربعين صباحا ثم يزيل صفارك  فقال له علي بن أبي طالب عليه السلام قد ذكرت نفع هذا الدواء لصفاري ، فهل عرفت شيئا يزيد فيه ويضره ؟ فقال الرجل : بلى حبة من هذا ، وأشار إلى دواء معه وقال :  إن تناوله الانسان وبه صفار أماته من ساعته وإن كان لاصفار به صار به صفار حتى  يموت في يومه  فقال علي بن أبي طالب عليه السلام : فأرني هذا الضار ، فأعطاه إياه فقال له : كم قدر  هذا ؟ قال له : قدر مثقالين سم ناقع قدر حبة منه يقتل رجلا فتناوله علي عليه السلام  فقمحه وعرق عرقا خفيفا ، وجعل الرجل يرتعد ويقول في نفسه : الآن اؤخذ بابن أبي طالب ويقال : قتله ولايقبل مني قولي : إنه هو الجاني على نفسه  فتبسم علي عليه السلام وقال : يا عبدالله أصح ماكنت بدناالآن لم يضر ني مازعمت  أنه سم فغمض عينيك ، فغمض ثم قال : افتح عينيك ففتح ونظر إلى وجه علي عليه السلام  فإذا هو أبيض أحمر مشرب حمرة فارتعد الرجل لمارآه ، وتبسم علي عليه السلام وقال :  أين الصفار الذي زعمت أنه بي ؟ فقال : والله لكأنك لست من رأيت من قبل ، كنت  مصفرا فأنت الآن مورد  قال علي عليه السلام : فزال عني الصفار بسمك الذي تزعم أنه قاتلي ، وأما ساقاي  هاتان - ومدرجليه وكشف عن ساقيه - فإنك زعمت أني أحتاج إلى أن أرفق ببدني  في حمل ما أحمل عليه لئلاينقصف الساقان ، وأنا اريك أن طب الله عزوجل  خلاف طبك ، وضرب بيديه إلى اسطوانة خشب عظيمة على رأسها سطح مجلسه  الذي هو فيه ، وفوقه حجرتان : إحداهما فوق الاخرى ، وحركها واحتملها فارتفع  السطح والحيطان وفوقهما الغرفتان ، فغشي على اليوناني فقال أميرالمؤمنين عليه السلام  صبوا عليه ماء ، فصبوا عليه ماء فأفاق وهو يقول : والله مارأيت كاليوم عجبا  فقال له علي عليه السلام : هذه قوة الساقين الدقيقتين واحتمالها في طبك هذا يايوناني  فقال اليوناني : أمثلك كان محمد ؟ فقال علي عليه السلام : وهل علمي ألامن علمه ؟ وعقلي إلامن عقله ؟ وقوتي إلا من قوته ؟ لقدأتاه ثقفي كان أطب العرب فقال له : إن كان بك جنون داويتك  فقال له محمد صلى الله عليه واله وسلم : أتحب أن اريك آية تعلم بها غناي عن طبك ، وحاجتك إلى طبي  قال : نعم قال : اي آية تريد ؟ قال : تدعو ذلك العذق وأشار إلى نخلة سحوق  فدعاها فانقلع أصلها من الارض وهي تخد الارض حتى وقف بين يديه  فقال له : أكفاك ؟ قال : لا قال فتريد ماذا ؟ قال : تأمرها أن ترجع إلى حيث جاءت  منه وتستقر في مقرها الذي انقلعت منه ، فأمرها فرجعت واستقرت في مقرها  فقال اليوناني لا ميرالمؤمنين عليه السلام هذا الذي تذكره عن محمد صلى الله عليه وآله غائب عني ،  وأنا أقتصر منك على أقل من ذلك : أنا أتباعد عنك فادعني وأنا لا أختار الا جابة ،  فإن جئت بي إليك فهي آية  فقال أميرالمؤمنين عليه السلام هذا أنما يكون آية لك وحدك لانك تعلم من  نفسك أنك لم ترده وإني أزلت اختيارك من غير أن باشرت مني شيئا ، أو ممن  أمرته بأن يباشرك ، أو ممن قصد إلى إجبارك وإن لم آمره إلا مايكون من قدرة الله  تعالى القاهرة ، وأنت يا يوناني يمكنك أن تدعي ويمكن غيرك أن يقول : إني واطاتك  على ذلك ، فاقترح إن كنت مقتر حا ماهو آية لجميع العالمين  قال له اليوناني : إذا جعلت الاقتراح إلي فأنا أقترح أن تفصل أجزاء تلك  النخلة وتفر قها وتباعد ما بينها ثم تجمعها وتعيدها كما كانت فقال علي عليه السلام : هذه  آية وأنت رسولي إليها يعني إلى النخلة فقل لها : إن وصي محمد رسول الله صلى الله عليه وآله يأمر  أجزاءك أن تتفرق وتتباعد فذهب فقال لها فتفاصلت وتهافتت وتنثرت وتصاغرت أجزاؤها حتى لم يرلها عين ولا أثر ، حتى كأن لم يكن هناك نخلة قط ، فارتعدت  فرائص اليوناني فقال : ياوصي محمد قد أعطيتني اقتراحي الاول فأعطني الآخر فأمرها  أن تجتمع وتعود كما كانت  فقال : أنت رسولي إليها بعد فقل لها : يا أجزاء النخلة إن وصي محمد رسول الله  صلى الله عليه وآله يإمرك أن تجتمعي وكما كنت تعودي ، فنادى اليوناني فقال ذلك  فارتفعت في الهواء كهيئة الهباء المنثور ، ثم جعلت تجتمع جزء جزء منها حتى تصور  لها القضبان والا وراق وا صول السعف وشما ريخ الا عذاق ، ثم تألفت وتجمعت و  استطالت وعرضت واستقر أصلها في مقرها ، وتمكن عليها ساقها ، وتركب على  الساق قضبانها ، وعلى القضبان أوراقها ، في أمكنتها أعذاقها ، وكانت في الابتداء  شماريخها متجردة لبعدها من أوان الرطب والبسر والخلال  فقال اليوناني : واخرى احب ان تخرج شما ريخها خلالها وتقلبها من خضرة  إلى صفرة وحمرة وتراطيب وبلوغ ليؤكل وتطعمني ومن حضرك منها فقال علي عليه السلام  أنت رسولي إليها بذلك فمرها به  فقال لها اليوناني : يأمرك أميرالمؤمنين عليه السلام بكذا وكذا فأخلت وأبسرت  واصفرت واحمرت وترطبت وثقلت أعذاقها برطبها  فقال اليوناني : واخرى احبها يقرب من يدي أعذاقها ، أوتطول يدي لتنالها ، وأحب شئ إلي أن تنزل إلي إحداها ، وتطول يدي إلى الاخرى التي هي اختها  فقال أميرالمؤمنين عليه السلام مد اليد التي تريد أن تنالها وقل : ( يا مقرب  البعيد قرب يدي منها ) واقبض الاخرى التي تريدأن تنزل العذق إليها وقل : ( يا  مسهل العسير سهل لي تناول ما يبعد عني منها ) ففعل ذلك وقاله فطالت يمناه  فوصلت إلى العذق و انحطت الا عذاق الاخرى فسقطت على الارض وقد طالت  عراجينها ، ثم قال أميرالمؤمنين عليه السلام إنك إن أكلت منها ولم تؤمن بمن أظهر لك عجائبها  عجل الله عزوجل من العقوبة التي يبتليك بها مايعتبر بها عقلاء خلقه و جهالهم  فقال اليوناني : إني إن كفرت بعد مارأيت فقد بلغت في العنادو تناهيت في التعرض للهلاك ، أشهد أنك من خاصة الله ، صادق في جميع أقاويلك عن الله فأمرني بماتشاء  أطعك  قال علي عليه السلام : آمرك أن تقرلله بالوحدانية ، وتشهد له بالجود والحكمة  وتنزهه عن العبث والفساد ، وعن ظلم الا ماء والعباد وتشهد أن محمد الذي أناوصيه  سيد الانام ، وأفضل برية في دار السلام وتشهد أن عليا الذي أراك ماأراك  وأولاك من النعم ما أولاك خير خلق الله بعد محمد رسول الله ، وأحق خلق الله بمقام  محمد صلى الله عليه وآله بعده ، والقيام بشرائعه وأحكامه ، وتشهدأن أولياءه أولياء الله ، وأن اعداءه  أعداء الله ، وأن المؤمنين المشاركين لك فيما كلفتك المساعدين لك على مابه أمرتك  خير امة محمد صلى الله عليه وآله ، وصفوة شيعة علي عليه السلام  وآمرك أن تواسي إخوانك المطابقين لك على تصديق محمد صلى الله عليه وآله وتصديقي و  الانقياد له ولي مما رزقك الله وفضلك على من فضلك به منهم تسد فاقتهم ، وتجبر  كسرهم وخلتهم ، ومن كان منهم في درجتك في الايمان ساويته في مالك بنفسك ،  ومن كان منهم فاضلا عليك في دينك آثرته بمالك على نفسك حتى يعلم الله منك أن  دينه آثر عندك من مالك ، وأن أولياءه أكرم إليك من أهلك وعيالك ، وآمرك أن  تصون دينك وعلمنا الذي أودعناك وأسرارنا التي حملناك ، فلاتبد علومنا لمن يقابلها  بالعناد ، ويقابلك من أجلها بالشتم واللعن والتناول من العرض والبدن ولاتفش سرنا  إلى من يشنع علينا عندالجاهلين بأحوالنا ، ويعرض أولياءنا لبوادر الجهال ، وآمرك  أن تستعمل التقية في دينك فإن الله عزوجل يقول : ( لايتخذالمؤمنون الكافرين أولياء  من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة ) وقد  أذنت لك في تفضيل أعدائنا عليناإن ألجأك خوف إليه وفي إظهار البراءة منا إن  حملك الوجل إليه ، وفي ترك الصلوات المكتوبات إذا خشيت على حشاشتك الآفات  والعاهات ، فإن تفضيلك أعداءنا علينا عند خوفك لاينفعهم ولايضرنا ، وإن إظهارك  براءتك مناعند تقيتك لايقدح فينا ولاينقصنا ، ولئن تبرأ منا ساعة بلسانك وأنت موال  لنا بجنانك لتبقى على نفسك روحها التي بها قوامها ، ومالها الذي به قيامها ، وجاهها الذي  به تماسكها ، وتصون من عرف بذلك وعرفت به من أوليائناو إخواننا وأخواتنا من بعد  ذلك بشهور وسنين إلى أن تنفرج تلك الكربة وتزول به تلك الغمة ، فإن ذلك أفضل  من أن تتعرض للهلاك ، وتنقطع به عن عمل في الدين وصلاح إخوانك المؤمنين ، وإياك ثم إياك أن تترك التقية التي أمرتك بها فإنك شائط بدمك ودماء إخوانك ،  معرض لنعمك ونعمهم للزوال ، مذل لهم في أيدي أعداء دين الله ، وقد أمرك الله  بإعزازهم فإنك إن خالفت وصيتي كان ضررك على نفسك وإخوانك أشد  من ضرر المناصب لنا الكافربنا .