العتبة العلوية المقدسة - دعاء الندبة -
» سيرة الإمام » » المناسبات » حياة الامام المهدي والغيبتين والظهور » ادعية الامام والدعاء له » دعاء الندبة

 

دعاء الندبة

بسمُ الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد ونبيه وآله وسلم تسليماً اللهم لك الحمد على ما جرى فيه قضاؤك في أوليائك الذين استخلصتهم لنفسك ودينك إذ اخترت لهم جزيل ما عندك من النعيم المقيم الذي لا زوال له ولا اضمحلال بعد أن شرطت عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية وزخرفها وزبرجها فشرطوا لك ذلك وعلمت منهم الوفاء به فقبلتهم وقربتهم وقدمت لهم الذكر العلي والثناء الجلي وأهبطت عليهم ملائكتك وكرمتهم بوحيك ورفدتهم بعلمك وجعلتهم الذريعة [الذرائع] إليك والوسيلة إلى رضوانك فبعض أسكنته جنتك إلى أن أخرجته منها وبعض حملته في فلكك ونجيته [مع] من آمن معه من الهلكة برحمتك وبعض اتخذته لنفسك خليلاً وسألك لسان صدق في الآخرين فأجبته وجعلت ذلك علياً وبعض كلمته من شجرة تكليماً وجعلت له من أخيه ردءاً ووزيراً وبعض أولدته من غير أب وآتيته البينات وأيدته بروح القدس وكل [وكلاً] شرعت له شريعة ونهجت له منهاجاً وتخيرت له أوصياء [به] مستحفظاً بعد مستحفظ من مدة إلى مدة إقامة لدينك وحجة على عبادك ولئلا يزول الحق عن مقره ويغلب الباطل على أهله ولا [ولئلاّ] يقول أحد: لولا أرسلت إلينا رسولاً منذراً وأقمت لنا علماً هادياً فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى إلى أن انتهيت بالأمر إلى حبيبك ونجيبك محمد صلى الله عليه وآله فكان كما انتجبته  سيد من خلقته وصفوة من اصطفيته وأفضل من اجتبيته وأكرم من اعتمدته قدمته على أنبيائك وبعثته إلى الثقلين من عبادك وأوطأته مشارقك ومغاربك وسخرت له البراق وعرجت بروحه [به] إلى سمائك وأودعته علم ما كان وما يكون إلى انقضاء خلقك ثم نصرتة بالرعب وحففته بجبرائيل وميكائيل والمسومين من ملائكتك ووعدته أن تظهر دينه على الدين كله ولو كره المشركون وذلك بعد أن بوأته مبوأ صدق من أهله وجعلت له ولهم أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمناً وقلت: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) ثم جعلت أجر محمد صلواتك عليه وآله مودتهم في كتابك فقلت: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى)، وقلت: (ما سألتكم من أجر فهو لكم)، وقلت: (ما أسألكم عليه أجراً إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً) فكانوا هم السبيل إليك والمسلك إلى رضوانك فلما انقضت أيامه أقام وليه علي بن أبي طالب صلواتك عليهما وآلهما هادياً إذ كان هو المنذر ولكل قوم هاد فقال والملأ أمامه: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله. وقال: من كنت أنا نبيه فعلي أميره. وقال: أنا وعلي من شجرة واحدة وسائر الناس من شجر شتى. وأحله محل هارون ممن موسى فقال له: أنت مني بمنزلة هارون بن موسى إلا أنه لا نبي بعدي. وزوجه ابنته سيدة نساء العالمين وأحل له من مسجده ما حل له وسد الأبواب إلا بابه ثم أودعه علمه وحكمته فقال: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة والحكمة فليأتها من بابها. ثم قال: أنت أخي ووصي ووارثي لحمك من لحمي ودمك من دمي وسلمك سلمي وحربك حربي والإيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي وأنت غداً على الحوض خليفتي وأنت تقضي ديني وتنجز عداتي وشيعتك على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي في الجنة وهم جيراني ولولا أنت يا علي لم يعرف المؤمنون بعدي وكان بعده هدى من الضلال ونوراً من العمى وحبل الله المتين وصراطه المستقيم لا يسبق بقرابة في رحم ولا بسابقة في دين ولا في منقبة من مناقبه يحذو حذو الرسول صلى الله عليهما وآلهما ويقاتل على التأويل ولا تأخذه في الله لومة لائم قد وتر فيه صناديد العرب وقتل أبطالهم وناوش [ناهش] ذؤبانهم فأودع قلوبهم  أحقاداً بدرية وخيبرية وحنينية وغيرهن فأضبت [- فأضبن- فأصبت]  على عداوته وأكبت على منابذته حتى قتل الناكثين والقاسطين والمارقين ولما قضى نحبه وقتله [أشقى الأشقياء من الأولين والآخرين] أشقى الآخرين يتبع أشقى الأولين ولم يتمثل أمر رسول الله صلى الله عليه وآله في الهادين بعد الهادين والأمة مصرة على مقته مجتمعة على قطيعة رحمه وإقصاء ولده إلا القليل ممن وفي لرعاية الحق فيه فقتل من قتل وسبي من سبي وأقصي من أقصي وجرى القضاء لهم بما يرجى له حسن المثوبة إذ كانت الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين سبحانه ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولاً ولن يخلف الله وعده هو العزيز الحكيم.

فعلى الأطايب من أهل بيت محمد وعلي صلى الله عليهما وآلهما فليبك الباكون وإياهم فليندب النادبون ولمثلهم فلتذرف [فلتذر] الدموع وليصرخ الصارخون ويضج الضاجون ويعج العاجون أين الحسن أين الحسين أين أبناء الحسين صالح بعد صالح وصادق بعد صادق أين السبيل بعد السبيل أين الخيرة بعد الخيرة أين الشموس الطالعة أين الأقمار المنيرة أين الأنجم الزاهرة أين أعلام الدين وقواعد العلم أين بقية الله التي لا تخلو من العترة الهادية أين المعد لقطع دابر الظلمة أين المنتظر لإقامة الأمت والعوج أين المرتجى لإزالة الجور والعدوان أين المدخر لتجديد الفرائض والسنن أين المتخير [المتخذ] لإعادة الملة والشريعة أين المؤمل لإحياء الكتاب وحدوده أين محيى معالم الدين وأهله أين قاصم شوكة المعتدين أيم هادم أبنية الشرك والنفاق أين مبيد أهل الفسق والعصيان والطغيان أين حاصد فروع الغي والشقاق [النفاق] أين طامس آثار الزيغ والأهواء أين قاطع حبائل الكذب والافتراء أين مبيد العتاة والمردة أين مستأصل أهل العناد والتضليل والإلحاد أين معز الأولياء ومذل الأعداء أين جامع الكلمة [الكلم] على التقوى أين باب الله الذي منه يؤتى أين وجه الله الذي إليه يتوجه الأولياء أين السبب المتصل بين الأرض والسماء أين صاحب يوم الفتح وناشر راية الهدى أين مؤلف شمل الصلاح والرضا أين الطالب [المطالب] بذحول الأنبياء وأبناء الأنبياء أين الطالب بدم المقتول بكربلاء أين المنصور على من اعتدى عليه وافترى أين المضطر الذي يجاب إذا دعا أين صدر الخلائق ذو البر والتقوى أين ابن النبي المصطفى وابن علي المرتضى وابن خديجة الغراء وابن فاطمة الكبرى بأبي أنت وأمي ونفسي لك الوقاء والحمى يا بن السعادة المقربين يا بن النجباء الأكرمين يا بن الهداة المهديين [المهتدين] يا بن الخيرة المهذبين يا بن الغضارفة الأنجبين يا بن الأطايب المطهرين [المستطهرين] يا بن الغظارمة المنتجبين يا بن القمامة الأكرمين [الأكبرين] يا بن البدور النيرة يا بن السُرُج المضيئة يا بن الشهب الثاقبة يا بن الأنجم الزاهرة يا بن السبل الواضحة يا بن الأعلام اللائحة يا بن العلوم الكاملة يا بن السنن المشهورة يا بن المعالم المأثورة يا بن المعجزات الموجودة يا بن الدلائل المشهودة [المشهورة] يا بن الصراط المستقيم يا بن النبأ العظيم يا بن من هو في أم الكتاب لدى الله علي حكيم يا بن الآيات والبينات يا بن الدلائل الظاهرات يا بن البراهين الواضحات الباهرات يا بن الحجج البالغات يا بن النعم السابغات يا بن طه والمحكمات يا بن ياسين والذاريات يا بن الطور والعاديات يا بن من دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى دنواً واقتراباً من العلي الأعلى ليت شعري أين استقرت بك النوى بل أي أرض تقلك أو ثرى أبرضوى أو غيرها أم ذي طوى عزيز علي أن أرى الخلق ولا ترى ولا أسمع لك حسيساً ولا نجوى عزيز علي أن تحيط بك دوني البلوى ولا ينالك مني ضجيج ولا شكوى بنفسي أنت من مغيب لم يخل منا بنفسي أنت من نازح ما نزح [ينزح] عنا بنفسي أنت أمنية شائق يتمنى من مؤمن ومؤمنة ذكرا فحنّا بنفسي أنت من عقيد  عز لا يساما بنفسي أنت من أسيل مجد لا يجارى [لا يحاذى]  بنفسي أنت من تلاد نعم لا تضاهى بنفسي أنت من نصيف شرف لا يساوى إلى متى أحار [أجار] فيك يا مولاي وإلى متى وأي خطاب أصف فيك وأي نجوى عزيز علي أن أجاب دونك [أو] أناغي عزيز علي أن أبكيك ويخذلك الورى عزيز علي أن يجري عليك دونهم ما جرى هل من معين فأطيل معه العويل والبكاء هل من جزوع فأساعد جزعه إذا خلى هل قذيت عين فساعدتها عيني على القذى هل إليك يا بن أحمد سبيل فتلقى هل يتصل يومنا منك بعدة [بغده] فنحظى متى نرد مناهلك الروية فنروى متى ننتفع من عذب مائك فقد طال الصدى متى نغاديك ونراوحك فنقر عينا متى ترانا ونراك وقد نشرت لواء النصر ترى أترانا نحف بك وأنت تأم الملأ وقد ملأت الأرض عدلاً وأذقت أعداءك هواناً وعقاباً وأبرت العتاة وجحدة الحق وقطعت دابر المتكبرين واجتثثت أصول الظالمين ونحن نقول الحمد لله رب العالمين.

اللهم أنت كشاف الكرب والبلوى وإليك أستعدي فعندك العدوى وأنت رب الآخرة والدنيا فأغث يا غياث المستغيثين عبيدك المبتلى وأره سيده يا شديد القوى وأزل عنه به الأسى والجوى وبرد غليله يا من على العرش استوى ومن إليه الرجعى والمنتهى اللهم ونحن عبيدك التائقون [الشائقون] إلى وليك المذكر بك وبنبيك خلقته لنا عصمة وملاذاً وأقمته لنا قوامناً ومعاذاً وجعلته للمؤمنين منا إماماً فبلغه منا تحية وسلاماً وزدنا بذلك يا رب إكراماً واجعل مستقره لنا مستقراً ومقاماً واتمم نعمتك بتقديمك إياه إمامنا حتى توردنا جنانك [جناتك] ومرافقة الشهداء من خلصائك اللهم صل على محمد وآل محمد وصل على محمد جده ورسولك السيد الأكبر وعلى [علي] أبيه السيد الأصغر وجدته الصديقة الكبرى فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وعلى من اصطفيت من أبنائه البررة وعليه أفضل وأكمل وأتم وأدوم وأكثر وأوفر ما صليت على أحد من أصفيائك وخيرتك من خلقك وصل عليه صلاة لا غاية لعددها ولا نهاية لمددها ولا نفاد لأمدها اللهم وأقم به الحق وأدحض به الباطل وأدل به أولياءك وأذلل به أعداءك وصل اللهم بيننا وبينه وصلةً تؤدي إلى مرافقة سلفه واجعلنا ممن يأخذ بحجزتهم ويمكث في ظلهم وأعنا على تأدية حقوقه إليه والاجتهاد في طاعته واجتناب معصيته وأممن علينا برضاه وهب لنا رأفته ورحمته ودعاءه وخيره ما ننال به سعة من رحمتك وفوزاً عندك واجعل صلاتنا به مقبولة وذنوبنا به مغفورة ودعاءنا به مستجاباً واجعل أرزاقنا به مبسوطة وهمومنا به مكفية وحوائجنا به مقضية وأقبل إلينا بوجهك الكريم وأقبل تقربنا إليك وانظر إلينا نظرة رحيمة نستكمل به الكرامة عندك ثم لا تصرفها عنا بجودك واسقنا من حوض جده صلى الله عليه وآله بكأسه وبيده رياً روياً هنيئاً سائغاً لا ظمأ بعده يا أرحم الراحمين.