العتبة العلوية المقدسة - القاضي والعابدة -
» سيرة الإمام » » المناسبات » من سيرة الامام الصادق عليه السلام » قطوف من حياة الامام الصادق عليه السلام » القاضي والعابدة

 

 

القاضي والعابدة

 

 

عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان ملك في بني إسرائيل وكان  له قاض ، وللقاضي أخ ، وكان رجل صدق وله امرأة قد ولدتها الانبياء ، فأراد الملك أن  يبعث رجلا في حاجة فقال للقاضي : ابغني رجلا ثقة ، فقال : ما أعلم أحدا أوثق من أخي  فدعاه ليبعثه ، فكره ذلك الرجل ، وقال لاخيه : إني أكره أن أضيع امرأتي ، فعزم  عليه فلم يجد بدا من الخروج ، فقال لاخيه : ياأخي إني لست أخلف شيئا أهم علي من  امرأتي فاخلفني فيها وتول قضاء حاجتها ، قال : نعم ، فخرج الرجل وقد كانت المرأة كارهة  لخروجه ، فكان القاضي يأتيها ويسألها عن حوائجها ويقوم لها فأعجبته فدعاها إلى نفسه  فأبت عليه ، فحلف عليها لئن لم تفعل ليخبرن الملك أنها قد فجرت ، فقالت : اصنع  مابدا لك ، لست أجيبك إلى شئ مما طلبت ، فأتى الملك فقال : إن امرأة أخي قد فجرت  وقد حق ذلك عندي ، فقال له الملك : طهرها ، فجاء إليها فقال : إن الملك قد أمرني   برجمك فما تقولين ؟ تجيبني وإلا رجمتك ، فقالت : لست أجيبك فاصنع مابدا لك ، فأخرجها  فحفر لها فرجمها ومعه الناس ، فلما ظن أنها قد ماتت تركها وانصرف وجن بها الليل  وكان بها رمق فتحركت فخرجت من الحفيرة ، ثم مشت على وجهها حتى خرجت من  المدينة ، فانتهت إلى دير فيه ديراني فنامت  على باب الدير ، فلما أصبح الديراني  فتح الباب فرآها فسألها عن قصتها فخبرته فرحمها فأدخلها الدير ، وكان له ابن صغير لم  يكن له غيره ، وكان حسن الحال ، فداواها حتى برئت من علتها واندملت ، ثم دفع  إليها ابنه فكانت تربيه .  وكان للديراني قهرمان يقوم بأمره فأعجبته فدعاها إلى نفسه ، فأبت فجهد بها فأبت ، فقال : لئن لم تفعلي لاجهدن في قتلك ، فقالت : اصنع ما بدا لك ، فعمد إلى  الصبي فدق عنقه ، وأتى الديراني فلما رآه قال لها : ماهذا فقد تعلمين صنيعي بك ؟  فأخبرته بالقصة ، فقال لها : ليس تطيب نفسي أن تكوني عندي فاخرجي ، فأخرجها ليلا  ودفع إليها عشرين درهما وقال لها : تزودي هذه ، الله حسبك .  فخرجت ليلا فأصبحت في قرية فإذا فيها مصلوب على خشبة وهو حي ، فسألت عن  قصته ، فقالوا : عليه دين عشرون درهما ، ومن كان عليه دين عندنا لصاحبه صلب حتى  يؤدي إلى صاحبه ، فأخرجت العشرين درهما ودفعتها إلى غريمه وقالت : لا تقتلوه ،  فأنزلوه عن الخشبة ، فقال لها : ماأحد أعظم علي منة منك ، نجيتني من الصلب ومن  الموت ، فأنا معك حيثما ذهبت ، فمضى معها ومضت حتى انتهيا إلى ساحل البحر ، فرأى  جماعة وسفنا ، فقال لها : اجلسي حتى أذهب أنا أعمل لهم وأستطعم وآتيك به ، فأتاهم  فقال لهم : ما في سفينتكم هذه ؟ قالوا : في هذه تجارات وجوهر وعنبر وأشياء من التجارة ،  وأما هذه فنحن فيها ، قال : وكم يبلغ مافي سفينتكم ؟ قالوا : كثيرا لانحصيه ، قال : فإن  معي شيئا هو خير مما في سفينتكم ، قالوا : ومامعك ؟ قال : جارية لم تروا مثلها قط ، قالوا :  فبعناها ، قال : نعم على شرط أن يذهب بعضكم فينظر إليها ثم يجيئني فيشتريها ولا  يعلمها ، ويدفع إلي الثمن ولا يعلمها حتى أمضي أنا ، فقالوا : ذلك لك ، فبعثوا من نظر  إليها ، فقال : مارأيت مثلها قط ، فاشتروها منه بعشرة آلاف درهم ، ودفعوا إليه الدراهم  فمضى بها .  فلما أمعن أتوها فقالوا لها : قومي وادخلي السفينة ، قالت : ولم ؟ قالوا : قد  اشتريناك من مولاك ، قالت : ماهو بمولاي ، قالوا : لتقومين أو لنحملنك ، فقامت ومضت معهم ، فلما انتهوا إلى الساحل لم يأمن بعضهم بعضا عليها ، فجعلوها في السفينة التي فيها  الجوهر والتجارة ، وركبوا هم في السفينة الاخرى ، فدفعوها فبعث الله عزوجل عليهم 

 

 

رياحا فغرقتهم وسفينتهم ونجت السفينة التي كانت فيها حتى انتهت إلى جزيرة من جزائر  البحر وربطت السفينة ، ثم دارت في الجزيرة فإذا فيها ماء وشجر فيه ثمر ، فقالت : هذا  ماء أشرب منه ، وثمر آكل منه ، أعبدالله في هذا الموضع .  فأوحى الله عزوجل إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل : أن يأتي ذلك الملك فيقول  إن في جزيرة من جزائر البحر خلقا من خلقي ، فاخرج أنت ومن في مملكتك حتى تأتوا  خلقي هذا فتقروا له بذنوبكم ، ثم تسألوا ذلك الخلق أن يغفر لكم ، فإن غفر لكم غفرت  لكم ، فخرج الملك بأهل مملكته إلى تلك الجزيرة فرأوا امرأة ، فتقدم إليها الملك فقال  لها : إن قاضي هذا أتاني فخبرني أن امرأة أخيه فجرت فأمرته برجمها ولم يقم عندي  البينة ،  فأخاف أن أكون قد تقدمت على ما لا يحل لي فأحب أن تستغفري لي ،  فقالت : غفر الله لك ، اجلس . ثم أتى زوجها ولا يعرفها فقال : إنه كان لي امرأة وكان من فضلها وصلاحها ،  وإني خرجت عنها وهي كارهة لذلك ، فاستخلفت أخي عليها ، فلما رجعت سألت عنها  فأخبرني أخي أنها فجرت فرجمها ، وأنا أخاف أن أكون قد ضيعتها فاستغفري لي ، فقالت :  غفر الله لك اجلس ، فأجلسته إلى جنب الملك .  ثم أتى القاضي فقال : إنه كان لاخي امرأة وإنها أعجبتني فدعوتها إلى الفجور  فأبت ، فأعلمت الملك أنها قد فجرت وأمرني برجمها فرجمتها وأنا كاذب عليها فاستغفري لي ،  قالت : غفر الله لك ، ثم أقبلت على زوجها فقالت : اسمع .  ثم تقدم الديراني فقص قصته ، وقال : أخرجتها بالليل ، وأنا أخاف أن تكون  قد لقيها سبع فقتلها ، فقالت : غفر الله لك اجلس .  ثم تقدم القهرمان فقص قصته ، فقالت للديراني : اسمع غفر الله لك . ثم تقدم  المصلوب فقص قصته فقالت : لاغفر الله لك .  قال : ثم أقبلت على زوجها فقالت : أنا امرأتك ، وكل ماسمعت فإنما هو قصتي  وليست لي حاجة في الرجال ، فأنا أحب أن تأخذ هذه السفينة وما فيها وتخلي سبيلي  فأعبدالله عز وجل في هذه الجزيرة فقد ترى مالقيت من الرجال ففعل وأخذ السفينة وما فيها  وخلى سبيلها وانصرف الملك وأهل مملكته