العتبة العلوية المقدسة - الشيخ محمد علي اليعقوبي -
» سيرة الإمام » » المناسبات » قبسات من حياة الامام الكاظم عليه السلام » الامام الكاظم في ضمير الشعراء » الشيخ محمد علي اليعقوبي

 

الشيخ محمد علي اليعقوبي

 

 

 

وقال يمدح الإمام الكاظم ( عليه السلام ):

 

نعم هكذا تبدو الكرامات منهم * كشهب الدراري ليس تخفى وتكتم

 

 بنو الوحي سر الكائنات بأسرها * بهم بدأت قدما وفيهم

 

 ستختم فلم يرو إلا عنهم خبر الندى * ولم يسند المعروف إلا إليهم

 

 أقول لمرتاد النجاح تقله * من العيس كوماء تخب وترسم

 

إذا جئت من بغداد جانب كرخها * ونار الجوى ما بين جنبيك تضرم

 

 ولاحت لعينيك القباب زواهرا * تشق الدجى أنوارها وهو مظلم

 

 فيمم بها مثوى لموسى بن جعفر * فما الخير إلا حيث أنت ميمم

 

 وعرج على ذاك الضريح الذي غدت * بساحته غر الملائك تخدم

 

فإن يك حول البيت في العام موسم * ففي كل آن فيه للناس موسم

 

يحوم عليه المعتقون كأنهم * على الورد أسراب من الطير حوم

 

هناك ترى قلب العدو من الأذى * يذوب وآناف الحواسد ترغم

 

 مزايا توالت كل يوم وليلة * بها قد أقر الجاحدون وسلموا

 

تناقلها الراوون غربا ومشرقا * فذا منجد فيها وذلك متهم

 

 أينكرها قوم عنادا وإنها * شموس بآفاق المعالي وأنجم !

 

فقل للنصارى : أين ضلت عقولكم * خذو ما رأيتم واتركوا ما سمعتم

 

لئن عظمت آيات عيسى بعصرها * فآيات موسى في الحقيقة أعظم

 

 فهاتيك تحصى إن تعد وهذه * على مدد الأيام لم يحصها فم

 

 فكم أكمه في فضله عاد مبصرا * وأخرس أضحى ناطقا يتكلم

 

 ومن داخل جارت صروف زمانه * عليه فوافى شاكيا يتظلم

 

ومن خارج تضفو عليه سوابغا * صنايع من جد الجواد وأنعم

 

فبلغهم باب المراد مرادهم * وكف الأذى باب الحوائج عنهم

 

أليس عجيبا أن يصدق ملحد * ويجنح للتكذيب فيهن مسلم !

 

فقل للأعادي كم تسيئون أحمدا * ألم يكفكم من آله ما عرفتم !

 

 إلى م وكم تطوون كل كرامة * فينشر منها الله ما قد طويتم ؟

 

أجل قد علمتم موقنين بصدقها * ولكن تجاهلتم بما قد علمتم

 

 هم الحبل حبل الله فاعتصموا به * وعروته الوثقى التي ليس تفصم

 

 فيا جاحدي آياتهم إن فضلهم * بدا واضحا صلوا عليهم وسلموا

 

 

 

وقال أيضا:

 

حملت وسوق الهم يوم تحملوا * وظل خلي القلب يلحو

 

ويعذل نأوا ففؤادي ليس يألف بعدهم * سلوا وطرفي بالكرى ليس يكحل

 

 وما جزعي يوم الفراق بنافع * وصبر الفتى في البين أحجى وأجمل

 

أحباي جرتم بالصبابة فاعدلوا * بذي شغف عن حبكم ليس يعدل

 

 فإن تكن الأهواء منكم تبدلت * فحبي على العلات لا يتبدل

 

حملت العنا فيكم وفاء لعهدكم * ومن شيم الحر الوفا والتحمل

 

ولولا الوفا ما اختار أن يرد ابنه * حياض الردى دون الذمار السموأل

 

عذيري من الخلان لم ألق واحدا * عليه إذا جار الزمان يعول

 

 سوى من يريني في الرخاء مودة * ويسلمني عند البلاء ويخذل

 

ومذ أكدت الآمال مني ولم أجد * على الأرض من يرجى لنيل

 

 ويسأل قصدت بحاجاتي لموسى بن جعفر * فيممت بابا عنده الصعب يسهل

 

حمى عكفت فيه ملائكة السما * فتعرج أفواج وأخرى تنزل

 

فأبت وقد بلغت أسنى رغائبي * وخولت من جدواه ما لا يخول

 

وكم رحت أستجدي سواه فخيبت * ظنوني وهل أجدى عن البحر جدول !

 

مزاياه لم تحصر بعد كأنها * عطاياه إن وافى إليه المؤمل

 

 بدت مثلما تبدو الكواكب في السما * سوى أنها أبهى سناء وأكمل

 

فلولاه ما كان ابن يقطين تاركا * طريقته الأولى التي ليس تجهل

 

 على حين قد كان الرشيد بمرصد * يراقبه في سره كيف يفعل

 

فعاين منه غير ما كان سامعا * وكذب ما عنه الوشاة تقولوا

 

وسار لنيشابور من أرض طيبة * لينجز فيها موعدا ليس يمطل

 

أتى فتولى من شطيطة أمرها * غداة بها أودى الحمام المعجل

 

 نحا قبره العافون من كل وجهة * إلى الله في أعتابه تتوسل

 

 وبالأمس بالزوراء بانت كرامة * بها فاجأتنا صحفها تتمثل

 

فكم من وجوه قطبت عند ذكرها * وأخرى سرورا أصبحت تتهلل

 

 أتى قبره الأعمى الذي في علاجه * أساة الورى أضحت تحار وتذهل

 

توسل في ذاك الضريح ويا له * ضريحا به أهل السما تتوسل

 

 فما حاجة إلا بمغناه تنقضي * ولا غلة إلا بجدواه تنهل

 

 فعاد بصير المقلتين لأهله * يردد آيات الثنا ويرتل

 

 بنفسي الذي لاقى من القوم صابرا * أذى لو يلاقي يذبلا ساخ يذبل

 

 بعيدا عن الأوطان والأهل لم يزل * ببغداد من سجن لآخر ينقل

 

 يعاني وحيدا لوعة السجن مرهقا * ويرسف بالأصفاد وهو مكبل

 

ودس له السم ابن شاهك غيلة * فأدرك منه الرجس ما كان يأمل

 

 ومات سميما حيث لا متعطف * لديه ولا حان عليه يعلل

 

 قضى فغدا ملقى على الجسر نعشه * له الناس لا تدنو ولا تتوصل

 

ونادوا على جسر الرصافة حوله * نداء تكاد الأرض منه تزلزل

 

 فقل لبني العباس فيم اعتذارها * عن الآل لو أن المعاذير تقبل

 

بحيث رسول الله والطهر فاطم * خصيمان والرحمن يقضي ويفصل

 

 يمينا لقد زادت بما هي قد جنت * على ما جنته عبد شمس ونوفل

 

رمت قبلها حرب فأصمت سهامها * وسهم بني الأعمام أدمى وأقتل

 

 فيا بن الألى عن حبهم وولائهم * جميع الورى يوم القيامة تسأل

 

 خذوا يوم حشري إن وهنت بساعدي * فإني بأعباء الجرائم مثقل

 

 

 

وقال أيضا يرثيه ( عليه السلام ) :

 

للكرخ سارت بنا عيس الرجا تخد * وفي الضلوع لظى الأشواق تتقد

 

 تؤم في وخدها باب الحوائج واليم * الذي منه هلاك الورى وردوا

 

يا بن الأولى بلغوا من كل مكرمة * شأوا بعيد المراقي لم تنله يد

 

 ومن إذا الدهر قد هبت زعازعه * عليهم الناس بعد الله تعتمد

 

 لم أعتقد أبدا إلا مودتهم * والمرء يسأل عما كان يعتقد

 

تصرم العمر مني وانقضى أملي * وما وفت لي أيامي بما تعد

 

ولو تعي الهضب ما في القلب من ألم * دكت ولم تتحمل بعض ما أجد

 

 فلذت فيك وآمالي بك انعقدت * وهل سواك به الآمال تنعقد

 

ما أنصفتك بنو الأعمام إذ قطعت * أواصرا برسول الله تتحد

 

 أبكيك رهن السجون المظلمات وقد * ضاق الفضا وتوالى حولك الرصد

 

 لبثت فيهن أعواما ثمانية * ما بارحتك القيود الدهم والصفد تمسي وتغدو

 

 بنو العباس في مرح * وأنت في محبس السندي مضطهد !

 

دسوا إليك نقيع السم في رطب * فاخضر لونك مذ ذابت به الكبد

 

 حتى قضيت غريب الدار منفردا * لله ناء غريب الدار منفرد

 

أبكي لنعشك والأبصار ترمقه * ملقى على الجسر لا يدنو له أحد

 

 أبكيك ما بين حمالين أربعة * تشال جهرا وكل الناس قد شهدوا

 

نادوا عليه نداء تقشعر له السبع * الطباق فهلا زلزل البلد

 

لم تجتمع هاشم البطحا لديه ولا الأ * شراف من مضر الحمراء تحتشد

 

كأنها ما درت أن العميد مضى * ومن رواق علاها قد هوى العمد

 

 

 

الذخائر : 55