لقاء الإمام الحسين ( عليه السلام ) مع الفرزدق
*- السيّد ابن طاووس : إنّ الحسين ( عليه السلام ) سار قاصداً لما دعاه الله إليه ، فلقيه الفرزدق الشاعر فسلّم عليه وقال : يا ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ! كيف تركن إلى أهل الكوفة ، وهم الذين قتلوا ابن عمّك مسلم بن عقيل وشيعته ؟ قال : فاستعبر الحسين ( عليه السلام ) باكياً ، ثمّ قال : رَحِمَ اللهُ مُسْلِماً فَلَقَدْ صارَ إِلى رَوْحِ اللهِ وَرَيْحانِهِ وَجَنَّتِهِ وَرِضْوانِهِ ، أما إِنَّهُ قَدْ قَضى ما عَلَيْهِ وَبَقي ما عَلَيْنا . ثمّ أنشأ يقول :
فَإِنْ تَكُنِ الدُّنْيا تُعَدُّ نَفيسَةً * فَانّ [ فَدارُ ] ثَوابَ اللهِ أَعْلى وَأَنْبَلُ
وَإِنْ تَكُنِ الأْبْدانُ لِلْمَوْتِ أُنْشِئَتْ * فَقَتْلُ امْرِىءٍ بِالسَّيْفِ فيِ اللهِ أَفْضَلُ
وَإِنْ تَكُنِ الاْرْزاقُ قِسْماً مُقَدَّراً * فَقِلَّةُ حِرْصِ الْمَرْءِ في الرِّزْقِ أَجْمَلُ
وَإِنْ تَكُنِ الأْمْوالُ لِلتَّرْكِ جَمْعُها * فَما بالُ مَتْرُوك بِهِ الْمَرْءُ يَبْخَلُ ([1])
*- ابن شهر آشوب : فلمّا نزل شقوق أتاه رجل فسأله عن العراق فأخبره بحاله ، فقال : إِنّ الأْمْرَ لِلّهِ يَفْعلُ ما يَشاءُ وَرَبُّنا تَبارَكَ كُلَّ يَوْم هُوَ في شأن ، فَإِنْ نَزَلَ الْقَضاءُ فَالْحَمْدُ لِلّهِ عَلى نَعْمائِهِ وَهُوَ الْمُستعَانُ عَلى أداءِ الشُّكْرِ ، وإِنْ حالَ الْقَضاءُ دوُنَ الرَجّاءِ فَلَمْ يَبْعُدْ مَنِ الْحَقُّ نِيَّتُه ثمّ أنشد : فإن تكن الدنيا . . .
عَلَيْكُمْ سَلامُ اللهِ يا آلَ أَحْمَدَ * فَإِنّي أَراني عَنْكُمْ سَوْفَ أَرْحَلُ ([2])
وزاد الإربلي :
وَإِنْ كانَتِ الاْفْعالُ يَوْماً لأِهْلِها * كَمالاً فَحُسْنُ الْخُلْقِ أَبْهى وَأَكْمَلُ ([3])
وزاد ابن نما بعد الأشعار : أنّه ( عليه السلام ) أراد الرجوع حزناً وجزعاً لفقد أحبّته والمضيّ إلى بلدته ، ثمّ ثاب إليه رأيه الأوّل وقال : عَلى ما كُنْتُ عَلَيْهِ الْمُعَوَّلَ وقال متمثّلاً : سَأَمْضي وَما بِالْمَوْتِ . . . ، وذكر أشعاراً تأتي في لقائه مع الحرّ . ([4])
وفي رواية ، أنّه ( عليه السلام ) قال لبنت مسلم : يا ابْنَتي ! أَنَا أَبُوكِ وَبَناتي أَخَواتُكِ . ([5])
*- ابن سعد : وبلغ الحسين ( عليه السلام ) قتل مسلم وهاني . فقال له ابنه عليّ الأكبر : يا أبه ! ارجع فإنّهم أهل ( كدر ) وغدر وقلّة وفائهم ، ولا يفون لك بشيء . فقالت بنو عقيل لحسين : ليس هذا بحين رجوع ! وحرّضوه على المضيّ ، فقال الحسين ( عليه السلام ) لأصحابه : قَدْ تَرَوْنَ ما يَأتينا وَما أَرَى الْقَوْمَ إِلاّ سَيَخْذُلُونَنا فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَلْيَرْجِعْ . فانصرف عنه [ الذين ] صاروا إليه في طريقه ، وبقى في أصحابه الذين خرجوا معه من مكّة ونفير قليل [ من ] من صحبه في الطريق . فكانت خيلهم اثنين وثلاثين فرساً . ([6]) ومضى ملاقاته ( عليه السلام ) مع الفرزدق في منزل الصفاح أيضاً . ([7]) ثمّ سار إلى القاع ([8]) ومن القاع إلى العقبة . ([9])
([1])اللهوف 32 ، بحار الأنوار 44 : 374 ، تاريخ ابن عساكر ( ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ) : 163 ، مثير الأحزان : 45 ، نور الأبصار : 138 ، العوالم 17 : 224 ، أعيان الشيعة 1 : 595 .
([7])يحتمل أن يكون لقاؤه ( عليه السلام ) مع الفرزدق مرّتين ، إلاّ أن ابن أعثم نقلها في منزل الشقوق فقط ، راجع الفتوح 5 : 79 .