ادم اكل من شجرة ال محمد
*- عن الهروي قال : قلت للرضا عليه السلام : ياابن رسول الله أخبرني عن الشجرة التي أكل منها آدم وحواء ما كانت ؟ فقد اختلف الناس فيها : فمنهم من يروي أنها الحنطة ، ومنهم من يروي أنها العنب ، ومنهم من يروي أنها شجرة الحسد ، فقال : كل ذلك حق . قلت : فما معنى هذه الوجوه على اختلافها ؟ فقال : يا أبا الصلت إن شجر الجنة تحمل أنواعا فكانت شجرة الحنطة وفيها عنب ، وليست كشجر الدنيا ، وإن آدم عليه السلام لما أكرمه الله تعالى ذكره بإسجاد ملائكته له وبإدخاله الجنة قال في نفسه : هل خلق الله بشرا أفضل مني ؟ فعلم الله عزوجل ما وقع في نفسه ، فناداه : ارفع رأسك يا آدم فانظر إلى ساق عرشي ، فرفع آدم رأسه فنظر إلى ساق العرش فوجد عليه مكتوبا : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي بن أبي طالب أميرالمؤمنين ، وزوجه فاطمة سيدة نساء العالمين ، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " فقال آدم عليه السلام : يا رب من هؤلاء ؟ فقال عزوجل : من ذريتك وهم خير منك ومن جميع خلقي ، ولولاهم ما خلقتك ولا خلقت الجنة والنار ولا السماء والارض ، فإياك أن تنظر إليهم بعين الحسد فاخرجك عن جواري . فنظر إليهم بعيد الحسد وتمنى منزلتهم فتسلط الشيطان عليه حتى أكل من الشجرة التي نهي عنها . وتسلط على حواء لنظرها إلى فاطمة عليهما السلام بعين الحسد حتى أكلت من الشجرة كما أكل آدم فأخرجهما الله عزو جل عن جنته ، وأهبطهما عن جواره إلى الارض (
[1])
* - عن موسي بن محمد بن علي ، عن أخيه أبي الحسن الثالث عليه السلام قال : الشجرة التي نهى الله آدم وزوجته أن يأكلا منها شجرة الحسد ، عهد إليهما أن لا ينظرا إلى من فصل الله عليه وعلى خلائقه بعين الحسد ، ولم يجد الله له عزما . (
[2])
* - عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الله تبارك وتعالى عرض على آدم في الميثاق ذريته ، فمر به النبي صلى الله عليه وآله وهو متكئ على علي عليه السلام ، وفاطمة صلوات الله عليهما تتلوهما ، والحسن والحسين عليهما السلام يتلوان فاطمة ، فقال الله : يا آدم إياك أن تنظر إليه بحسد اهبطك من جواري ، فلما أسكنه الله الجنة مثل له النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم فنظر إليهم بحسد ثم عرضت عليه الولاية فأنكرها فرمته الجنة بأوراقها ، فلما تاب إلى الله من حسده وأقر بالولاية ودعا بحق الخمسة : محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم غفر الله له ، وذلك قوله :( فتلقى آدم من ربه كلمات ) الآية . (
[3])
* – عن الامام العسكري في قوله عزوجل : ( وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها أغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع إلى حين فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون والذين كفروا وكذبو بآياتنا اولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) قال الامام عليه السلام : وإن الله عزوجل لما لعن إبليس بإبائه وأكرم الملائكة لسسجودها لآدم وطاعتهم لله عزوجل أمر بآدم وحواء إلى الجنة وقال : يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا من الجنة رغدا واسعا حيث شئتما بلا تعب ، ولا تقربا هذه الشجرة ، شجرة العلم ، شجرة علم محمد وآل محمد ، آثرهم الله تعالى به دون سائر خلقه ، فقال الله تعالى : ( ولا تقربا هذه الشجرة ) شجرة العلم فإنها لمحمد وآله خاصة دون غيرهم ، لا يتناول منها بأمر الله إلا هم ومنها ما كان يتناوله النبي صلى الله عليه وآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين بعد إطعامهم والمسكين واليتيم حتى لم يحسوا بعد بجوع ولا عطش ولا تعب ولانصب ، وهي شجرة تميزت من بين أشجار الجنة ، إن سائر أشجار الجنة كان كل نوع منها يحمل نوعا من الثمار والمأكول ، وكانت هذه الشجرة وجنسها تحمل البر والعنب والتين والعناب وسائر أنوار الثمار والفواكه والاطعمة ، فلذلك اختلف الحاكون بذكر الشجرة فقال بعضهم : هي برة ، وقال آخرون : هي عنبة ، وقال آخرون : هي تينة وقال آخرون : هي عنابة ، وقال الله : ( ولا تقربا هذه الشجرة ) تلتمسان بذلك درجة محمد وآل محمد في فضلهم ، فإن الله عزوجل خصهم بهذه الدرجة دون غيرهم ، وهي الشجرة التي من تناول منها بإذن الله الهم علم الاولين والآخروين من غير تعلم ، ومن تناول منها بغير إذن الله خاب من مراده وعصى ربه ( فتكونا من الظالمين) بمعصيتكما والتماسكما درجة قد اوثر بها غير كما إذا رمتما بغير حكم الله ، قال الله تعالى : ( فأزلهما الشيطان عنها ) عن الجنة بوسوسته وخديعته وإيهامه وغروره بأن بدأ بآدم فقال : ( ما نهكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين ) إن تناولتما منها تعلمان الغيب وتقدران على ما يقدر عليه من خصه الله تعالى بالقدرة ( أو تكونا من الخالدين )لا تموتان أبدا ( وقاسمهما ) حلف لهما ( إني لكما لمن الناصحين ) وكان إبليس بين لحيي الحية أدخلته الجنة ، وكان آدم يظن أن الحية هي التي تخاطبه ، ولم يعلم أن إبليس قد اختبأ بين لحييها ، فرد آدم على الحية : أيتها الحية هذا من غرور إبليس كيف يخوننا ربنا ؟ أم كيف تعظمين الله بالقسم به وأنت تنسبينه إلى الخيانة وسوء النظرو هو أكرم الاكرمين ؟ أم كيف أروم التوصل إلى ما منعني منه ربي وأتعاطاه بغير حكمة ؟ فلما أيس إبليس من قبول آدم منه عاد ثانية بين لحيي الحية فخاطب حواء من حيث يوهمها أن الحية هي التي تخاطبها وقال : يا حواء أرأيت هذه الشجرة التي كان الله عزوجل حرمها عليكما قد أحلها لكما بعد تحريمها لما عرف من حسن طاعتكما له وتوقير كما إياه ؟ وذلك أن الملائكة الموكلين بالشجرة التي معها الحراب يدفعون عنها سائر حيوانات الجنة لا يدفعونكما عنها إن رمتما فاعلما بذلك أنه قد أحل لك ، وابشري بأنك إن تناولتها قبل آدم كنت أنت المسلطة عليه ، الآمرة الناهية فوقه . فقالت حواء : سوف اجرب هذا ، فرامت الشجرة فأرادت الملائكة أن يدفعوها عنها بحرابها فأوحى الله إليها : إنما تدفعون بحرابكم مالا عقل له يزجر ، وأماما جعلته ممكنا مميزا مختارا فكلوه إلى عقله الذي جعلته حجة عليه فإن أطاع استحق ثوابي ، وإن عصى وخالف أمري استحق عقابي وجزائي ، فتركوها ولم يتعرضوا لها بعد ماهموا بمنعها بحرابهم ، فظنت أن الله نهاهم عن منعها لانه قد أحلها بعد ما حرمها ، فقالت : صدقت الحية ، وظنت أن المخاطب لها هي الحية ، فتناولت منها ولم تنكر من نفسها شيئا ، فقالت لآدم : ألم تعلم أن الشجرة المحرمة علينا قد ابيحت لنا ؟ تناولت منها ولم تمنعي أملاكها ، ولم أنكر شيئا من حالي ، فلذلك اغتر آدم وغلط فتناول فأصابهما ما قال الله تعالى في كتابه : ( فأزلهما الشيطان عنها ) بوسوسته و غروره ( فأخرجهما مما كانا فيه ) من النعيم . ( وقلنا ) يا آدم ويا حواء وياأيها الحية ويا إبليس ( اهبطوا بعضكم لبعض عدو ) آدم وحواء وولدهما عدو للحية وإبلسيس ، والحية وأولادهما أعداؤكم (ولكم في الارض مستقر ) منزل ومقر للمعاش ( ومتاع ) منفعة ( إلى حين ) الموت ، قال الله تعالى : (فتلقى آدم من ربه كلمات ) يقولها فقالها ( فتاب ) الله ( عليه ) بها ( إنه هو التواب الرحيم ) التواب القابل التوبات ، الرحيم بالتائبين ( قلنا اهبطوا منها جميعا ) كان أمر في الاول أن يهبطا ، وفي الثاني أمرهم أن يهبطوا جميعا لا يتقدم أحدهم الآخر ، والهبوط إنما هو هبوط آدم وحواء من الجنة ، وهبوط الحية أيضا منها فإنها كانت من أحسن دوابها ، وهبوط إبليس من حواليها فإنه كان محرما عليه دخول الجنة " فإما يأتينكم مني هدى ( يأتيكم وأولادكم من بعدكم مني هدى يا آدم ويا إبليس ( فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون )لا خوف عليهم حين يخاف المخالفون ، ولا يحزنون إذا يحزنون ، قال : فلما زالت من آدم الخطيئة اعتذر إلى ربه عزوجل وقال : رب تب علي ، واقبل معذرتي ، وأعدني إلى مرتبتي ، وارفع لديك درجتي فلقد تبين نقص الخطيئة وذلها في أعضائي وسائر بدني ، قال الله تعالى : يا آدم أما تذكر أمري إياك أن تدعوني بمحمد وآله الطيبين عند شدائدك ودواهيك وفي النوازل تبهظك ؟ قال آدم : يا رب بلى ، قال الله عزو جل فبهم وبمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم خصوصا فادعني اجبك إلى ملتمسك ، وأزدك فوق مرادك ، فقال آدم : يا رب يا إلهي وقد بلغ عندك من محلهم أنك بالتوسل إليك بهم تقبل توبتى وتغفر خطيئتي وأنا الذي أسجدت له ملائكتك ، وأبحته جنتك ، وزوجته حواء أمتك ، وأخدمته كرام ملائكتك ، قال الله تعالى : يا آدم إنما أمرت الملائكة بتعظيمك بالسجود لك إذ كنت وعاء لهذه الانوار ، ولو كنت سألتني بهم قبل خطيئتك أن أعصمك منها وأن افطنك لدواعي عدوك إبليس حتى تحترز منها لكنت قد جعلت لك ، ولكن المعلوم في سابق علمي يجري موافقا لعلمي ، فالآن فادعني بهم لاجيبك ، فعند ذلك قال آدم : اللهم بجاه محمد وآله الطيبين ، بجاه محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبين من آلهم لما تفضلت بقبول توبتي وغفران زلتي وإعادتي من كرامتك إلى مرتبتي " قال الله عزوجل : قد قبلت توبتك ، وأقبلت برضواني عليك ، وصرفت آلائي ونعغمائي إليك ، وأعدتك إلى مرتبتك من كراماتي ، ووفرت نصيبك من رحماتي ، فذلك قوله عزوجل : ( فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم ) ثم قال الله تعالى للذين أهبطهم من آدم وحواء وإبليس والحية ( ولكم في الارض مستقر ) مقام فيها تعيشون ، وتحثكم لياليها وأيامها إلى السعي للآخرة ، فطوبى لمن يروضها لدار البقاء ( ومتاع إلى حين ) لكم في الارض منفعة إلى حين موتكم ، لان الله تعالى منها يخرج زروعكم وثماركم وبها ينزهكم وينعمكم ، وفيها أيضا بالبلايا يمتحنكم ، يلذذكم بنعيم الدنيا تارة لتذكروا نعيم الاخرى الخالص مما ينغص نعيم الدنيا و يبطله ويزهد فيه ويصغره ويحقره ، ويمتحنكم تارة ببلايا الدينا التي قد تكون في خلالها الرحمات ، وفي تضاعيفها النعم التي تدفع عن المبتلى بها مكاره ليحذركم بذلك عذاب الابد الذي لا يشوبه عافية ، ولا يقع في تضاعفيه راحة ولا رحمة ( وقلنا اهبطوا ) قد فسر ، ثم قال الله عزوجل : ( والذين كفروا وكذبوا بآياتنا ) الدالات على صدق محمد على ما جاء به من أخبار القرون السالفة وعلى ما أداه إلى عبادالله من ذكر تفضيله لعلي عليه السلام وآله الطيبين خير الفاضلين والفاضلات بعد محمد سيد البريات ( اولئك ) الدافعون لصدق محمد في أنبائه والمكذبون له في تصديقه لاوليائه علي سيد لاوصياء والمنتجبين من ذريته الطيبين الطاهرين . (
[4])