العتبة العلوية المقدسة - امر السماء بالتبليغ بالولاية -
» » سيرة الإمام » اعلان الولاية يوم الغدير » امر السماء بالتبليغ بالولاية

 

امر السماء بالتبليغ بالولاية

ولما انتهى الرسول ( ص ) من حجة قفل راجعا إلى يثرب وحينما انتهى موكبه إلى غدير خم ، هبط عليه أمين الوحي يحمل رسالة من السماء بالغة الخطورة ، تحتم عليه بأن يحط رحله ليقوم بأداء هذه المهمة الكبرى وهي نصب الإمام أمير المؤمنين ( ع ) خليفة ومرجعا للأمة من بعده ، وكان أمر السماء بذلك يحمل طابعا من الشدة ولزوم الاسراع في إذاعة ذلك بين المسلمين ، فقد نزل عليه الوحي بهذه الآية :  يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته ، والله يعصمك من الناس    لقد أنذر النبي ( ص ) انه ان لم ينفذ إرادة السماء ذهبت أتعابه ، وضاعت جهوده وتبدد ما لاقاه من العناء في سبيل هذا الدين فانبرى (صلى الله عليه واله  ) بعزم ثابت وإرادة صلبة إلى تنفيذ إرادة الله ،

نعم ان تنصيب امير المؤمنين عليه السلام كان امرا الهيا نص عليه في القران وبلغه جبرائيل عليه السلام الى النبي صلى الله عليه واله

*- عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يوم غدير خم أفضل أعياد امتي وهو اليوم الذي أمرني الله تعالى ذكره فيه بنصب أخي علي بن أبي طالب علما لامتي، يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين، وأتم على امتي فيه النعمة، ورضي لهم الاسلام دينا .م قال صلى الله عليه وآله: معاشر الناس إن عليا مني وأنا من علي، خلق من طينتي، وهو إمام الخلق بعدي، يبين لهم ما اختلفوا فيه من سنتي، وهو أمير المؤمنين، وقائد الغر المحجلين، ويعسوب المؤمنين، وخير الوصيين، وزوج سيدة نساء العالمين، وأبوالائمة المهديين،عاشرالناس من أحب عليا أحببته، ومن أبغض عليا أبغضته، ومن وصل عليا وصلته، ومن قطع عليا قطعته، ومن جفا عليا جفوته، ومن والى عليا واليته، ومن عادى عليا عاديته، معاشر الناس أنا مدينة الحكمة وعلي بن أبي طالب بابها ولن تؤتى المدينة إلا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغض عليا، معاش الناس والذي بعثني بالنبوة واصطفاني على جميع البرية ما نصب عليا علما لامتي في الارض حتى نوه الله باسمه في سماواته، وأوجب ولايته على ملائكته([1]).

*- عن عبدالله بن عباس قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما اسري به إلى السماء انتهى به جبرئيل إلى نهر يقال له النور، وهو قول الله عزوجل:  خلق الظلمات والنور  فلما انتهى به إلى ذلك النهر فقال له جبرئيل: يا محمد اعبر على بركة الله، فقد نور الله لك بصرك، ومدلك أمامك، فإن هذا نهر لم يعبره أحد، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، غير أن لي في كل يوم اغتماسة فيه، ثم أخرج منه فأنفض أجنحتي فليس من قطرة تقطر من أجنحتي إلا خلق الله تبارك وتعالى منها ملكا قربا، له عشرون ألف وجه، وأربعون ألف لسان، كل لسان يلفظ بلغة لا يفقهها اللسان الآخر، فعبر رسول الله صلى الله عليه وآله حتى انتهى إلى الحجب، والحجب خمس مائة حجاب، من الحجاب إلى الحجاب مسيرة خمس مائة عام، ثم قال: تقدم يا محمد، فقال له: يا جبرئيل ولم لا تكون معي؟ قال: ليس لي أن أجوز هذا المكان، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وآله ماشاء الله أن يتقدم حتى سمع ما قال الرب تبارك وتعالى: أنا المحمود وأنت محمد، شققت اسمك من اسمي، فمن وصلك وصلته، ومن قطعك بتكته، انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك، وأني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا، وأنك رسولي وأن عليا وزيرك، فهبط رسول الله صلى الله عليه وآله فكره أن يحدث الناس بشئ كراهية أن يتهموه، لانهم كانوا حديثي العهد بالجاهلية، حتى مضى لذلك ستة أيام، فأنزل الله تبارك وتعالى  فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضاق به صدرك فاحتمل رسول الله ذلك حتى كان يوم الثامن، فأنزل الله تبارك وتعالى  يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: تهديد بعد وعيد، لامضين أمر الله عزوجل، فإن يتهموني ويكذبوني فهو أهون علي من أن تعاقبني العقوبة الموجعة في الدنيا والآخرة . قال: وسلم جبرئيل على علي بإمرة المؤمنين فقال علي عليه السلام: يا رسول الله أسمع الكلام ولا أحس الرؤية، فقال: يا علي هذا جبرئيل أتاني من قبل ربي بتصديق ما وعدني، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وآله رجلا فرجلا من أصحابه حتى سلموا عليه بإمرة المؤمنين، ثم قال: يا بلال ناد في الناس أن لا يبقي غدا أحد إلا عليل إلا خرج إلى غدير خم، فلما كان من الغد خرج رسول الله صلى الله عليه وآله بجماعة أصحابه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إن الله تبارك وتعالى أرسلني إليكم برسالة وإنى ضقت بها ذرعا مخافة أن تتهموني وتكذبوني، حتى أنز الله علي وعيدا بعد وعيد، فكان تكذيبكم إياي أيسر علي من عقوبة الله إياي، إن الله تبارك وتعالى أسرى بي وأسمعني وقال: يا محمد أنا المحمود وأنت محمد، شققت اسمك من اسمي، فمن وصلك وصلته ومن قطعك بتكته انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك وأني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا وأنك رسولي وأن عليا وزيرك، ثم أخذ صلى الله عليه وآله بيد علي بن أبي طالب فرفعها حتى نظر الناس إلى بياض أبطيهما ولم ير قبل ذلك، ثم قال صلى الله عليه وآله أيها الناس إن الله تبارك وتعالى مولاي وأنا مولى المؤمنين، فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله . فلقال: الشكاك والمنافقون والذين في قلوبهم مرض وزيغ: نبرأ إلى الله من مقالة ليس بحتم، ولا نرضى أن يكون عليا وزيره، هذه منه عصبية، فقال سلمان والمقداد وأبوذر وعمار بن ياسر رضي الله عنهم: والله ما برحنا العرصة حتى نزلت هذه الآية  اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا  فكرر رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك ثلاثا ثم قال: إن كمال الدين وتمام النعمة ورضى الرب بإرسالي إليكم بالولاية بعدي لعلي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه([2]).

*- وعن أحمد بن محمد بن علي المهلب، أخبرنا الشريف أبوالقاسم علي بن محمد ابن علي بن القاسم الشعراني، عن أبيه، حدثنا سلمة بن الفضل الانصاري، عن أبي مريم، عن قيس بن حيان، عن عطية السعدي قال: سألت حذيفة بن اليمان عن إقامة النبي صلى الله عليه وآله عليا يوم الغدير غدير خم كيف كان؟ فقال: إن الله تعالى أنزل على نبيه  النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امهاتهم واولو الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين  فقالوا: يا رسول الله ما هذه الولاية التي أنتم بها أحق منا بأنفسنا؟ فقال صلى الله عليه وآله: السمع الطاعة فيما أحببتم وكرهتم، فقلنا: سمعنا وأطعنا، فأنزل الله تعالى  واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا  فخرجنا إلى مكة مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فنزل جبرئيل فقال: يا محمد إن ربك يقرؤك السلام ويقول: انصب عليا علما الناس، فبكى النبي صلى الله عليه وآله حتى اخضلت لحيته وقال: يا جبرئيل إن قومي حديثو عهد بالجاهلية، ضربتهم على الدين طوعا وكرها حتى انقادوا لي، فكيف إذا حملت على رقابهم غيري؟ فصعد جبرئيل.  عن حذيفة: وقد كان النبي صلى الله عليه وآله بعث عليا إلى اليمن، فوافى مكة ونحن مع الرسول صلى الله عليه وآله ثم توجه علي عليه السلام يوما نحو الكعبة يصلي، فلما ركع أتاه سائل فتصدق عليه بحلقة خاتمه، فأنزل الله تعالى  إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعونفبكر رسول الله صلى الله عليه وآله وقرأه علينا، ثم قال: قوموا نطلب هذه الصفة التي وصف الله بها فلما دخل رسول الله المسجد استقبله سائل فقال: من أين جئت؟ فقال: من عند هذا المصلي، تصدق علي بهذه الحلقة وهو راكع ن فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله ومضى نحو علي فقال: يا علي ما أحدثت اليوم من خير؟ فأخبره بما كان منه إلى السائل، فكبر ثالثة، فنظر المنافقون بعضهم إلى بعض وقالوا: إن أفئدتنا لا تقوي على ذلك أبدا مع الطاعة له، فنسأل رسول الله أن يبدله لنا، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبروه بذلك، فأنزل الله تعالى قرآنا وهو  قل ما يكون لي أن ابدله من تلقاء نفسي  الآية، فقال جبرئيل: يا رسول الله أتمه، فقال حبيبي جبرئيل: قد سمعت ما تآمروا به، فانصرف عن رسول الله صلى الله عليه وآله الامين جبرئيل .: فكان من قول رسول الله صلى الله عليه وآله في حجة الوداع بمنى: يا أيها الناس إني قد تركت فيكم أمرين، إن أخذتم بهما لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كإصبعي هاتين - وجمع بين سبابتيه - ألا فمن اعتصم بهما فقد نجا ومن خالفهما فقد هلك، ألا هل بلغت أيها الناس؟ قالوا: نعم قال: اللهم اشهد .: فلما كان في آخر يوم من أيام التشريق أنزل الله عليه  إذا جاء نصر الله والفتح  إلى آخرها، فقال صلى الله عليه وآله: نعيت إلى مسجد الخيف فدخله ونادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس فحمد الله وأثنى عليه، وذكر خطبته، ثم قال فيها: أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين: الثقل الاكبر كتاب الله عزوجل طرف بيد الله تعالى وطرف بأيديكم فتمسكوا به، والثقل الاصغر عترتي أهل بيتي، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كإصبعي هاتين - وجمع بين سبابتيه - ولا أقول كهاتين - وجمع بين سبابته والوسطى - فتفضل هذه على هذه .: فاجتمع قوم وقالوا: يريد محمد صلى الله عليه وآله أن يجعل الامامة في أهل بيته، فخرج منه أربعة ودخلوا إلى مكة، ودخلوا الكعبة وكتبوا فيما بينهم إن أمات الله محمد أو قتل لا يرد هذا الامر في أهل بيته، فأنزل الله تعالى  أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون قال حذيفة: وأذن النبي صلى الله عليه وآله بالرحيل نحو المدينة فارتحلنا، ثم قال فنزل جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله بضجنان  في حجة الوداع بإعلان علي، ثم قال صحاب الكتاب: فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله حتى نزل الجحفة، فلما نزل القوم وأخذوا منازلهم فأتاه جبرئيل فأمره أن يقوم بعلي عليه السلام فقال: يا رب إن قومي حديثو عهد بالجاهلية، فمتى أفعل هذا يقولوا: فعل بابن عمه .

 



([1]) امالي الصدوق/ 76.

([2]) امالي الصدوق/ 213.