خطبة له عليه السّلام فى ذمّ اهل البصرة و ما يجرى فيها من الحوادث
حمد اللّه و أثنى عليه و صلّى على النّبىّ صلّى اللّه عليه و اله و سلّم ، و استغفر للمؤمنين و المؤمنات .
ثمّ قال : يآ اَهْلَ الْبَصْرَةِ ، يآ اَهْلَ الْمُؤْتَفِكَةِ ائْتَفَكَتْ بِاَهْلِها ثَلاثاً ،
وَ عَلَى اللَّهِ تَمامُ الرَّابِعَةِ ، يا جُنْدَ الْمَرْأَةِ وَ اَعْوانَ الْبَهيمَةِ ، رَغا فَاَجَبْتُمْ وَ عُقِرَ فَانْهَزَمْتُمْ ، اَخْلاقُكُمْ رُقاقٌ ، وَ دينُكُمْ نِفاقٌ ، وَ مآؤُكُمْ زُعاقٌ ،
بِلادُكُمْ اَنْتَنُ بِلادِ اللَّهِ تُرْبَةً ، وَ اَبْعَدُها مِنَ السَّمآءِ ، بِها تِسْعَةُ اَعْشارِ الشَّرِّ الْمُحْتَبِسُ فيها بذَنْبِهِ ، وَ الْخارِجُ مِنْها بِعَفْوِ اللَّهِ ، كَاَنّى اَنْظُرُ اِلى قَرْيَتِكُمْ هذِهِ وَ قَدْ طَبَّقَهَا الْمآءُ ، حَتّى ما يُرى مِنْها اِلاَّ شُرُفُ الْمَسْجِدِ ، كَاَنَّهُ جُؤْجُؤُ طَيْرٍ فى لُجَّةِ بَحْرٍ .
فَقامَ اِلَيْهِ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ ، فَقالَ لَهُ يا اَميرَ الْمُؤْمِنينَ وَ مَتى يَكوُنُ ذلِكَ ؟ قالَ يا اَبا بَحْرٍ اِنَّكَ لَنْ تُدْرِكَ ذلِكَ الزَّمانَ ، وَ اِنَّ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ لَقُروُناً ، وَ لكِنْ لِيُبَلِّغَ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغآئِبَ عَنْكُمْ ، لِكَىْ يُبَلِّغُوا اِخْوانَهُمْ اِذا هُمْ رَأَوُا الْبَصْرَةَ قَدْ تَحَوَّلَتْ اَخْصاصُها دُوراً ، وَ اجامُها قُصوُراً ، فَالْهَرَبُ فَالْهَرَبُ فَاِنَّهُ لا بَصيرَةَ لَكُمْ يَوْمَئِذٍ . ثمّ التفت عليه السّلم عن يمينه ، فقال :
كَمْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ الْأُبُلَّةِ ؟ فَقالَ الْمُنْذِرُ بْنُ الْجاروُدِ : فَداكَ اَبى وَ اُمّى اَرْبَعَةُ فَراسِخَ ، قالَ صَدَقْتَ فَوَ الَّذى بَعَثَ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ الِهِ وَ اَكْرَمَهُ بِالنُّبُوَّةِ ، وَ خَصَّهُ بِالرِّسالَةِ ، لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْهُ كَما تَسْمَعُونَ مِنّى اَنْ قالَ لى : يا عَلِىُّ هَلْ عَلِمْتَ اَنَّ بَيْنَ الَّتى تُسَمَّى الْبَصْرَةَ ، وَ الَّتى تُسَمَّى الْأُبُلَّةَ اَرْبَعَةُ فَراسِخَ ، وَ سَيَكُونُ الَّتى تُسَمَّى الْأُبُلَّةَ مَوْضِعَ اَصْحابِ الْعُشوُرِ ، وَ يُقْتَلُ فى ذلِكَ الْمَوْضِعِ سَبْعوُنَ اَلْفاً .