العتبة العلوية المقدسة - أتدرون من علمني التشيع ؟ -
» سيرة الإمام » » المناسبات » قبسات من حياة الامام الكاظم عليه السلام » سجن الامام عليه السلام وشهادته » أتدرون من علمني التشيع ؟

أتدرون من علمني التشيع ؟

* - الوراق والمكتب ، والهمداني ، وابن تاتانة ، وأحمد بن علي ابن إبراهيم ، وماجيلويه ، وابن المتوكل رضي الله عنهم جميعا ، عن علي ، عن أبيه ، عن عثمان بن عيسى ، عن سفيان بن نزار قال : كنت يوما على رأس المأمون فقال : أتدرون من علمني التشيع ؟ فقال القوم جميعا : لا والله مانعلم قال : علمنيه الرشيد قيل له : وكيف ذلك ؟ والرشيد كان يقتل أهل هذا البيت ؟ قال : كان يقتلهم على الملك ، لان الملك عقيم([1])  ، ولقد حججت معه سنة ، فلما صار إلى المدينة تقدم إلى حجابه وقال : لايدخلن علي رجل من أهل المدينة ومكة من أبناء المهاجرين والانصار وبني هاشم وسائر بطون قريش إلا نسب نفسه ، فكان الرجل إذا دخل عليه قال : أنا فلان بن فلان حتى ينتهي إلى جده من هاشمي أو قريشي أو مهاجري أو أنصاري ، فيصله من المائة بخمسة آلاف درهم ومادونها إلى مائتي دينار ، على قدر شرفه ، وهجرة آبائه .

فأنك ذات يوم واقف إذ دخل الفضل بن الربيع فقال : ياأمير المؤمنين على الباب رجل زعم أنه موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فأقبل علينا ونحن قيام على رأسه ، والامين والمؤتمن وسائر القواد فقال : احفظوا على أنفسكم ، ثم قال لآذنه ائذن له ، ولاينزل إلا على بساطي .

فأنا كذلك إذ دخل شيخ مسخد قد أنهكته العبادة ، كأنه شن بال ، قد كلم السجود وجهه وأنفه ، فلما رأى الرشيد رمى بنفسه عن حمار كان راكبه فصاح الرشيد : لا والله إلا على بساطي فمنعه الحجاب من الترجل ونظرنا إليه بأجمعنا بالاجلال والاعظام ، فما زال يسير على حماره حتى سار إلى البساط ، و الحجاب والقواد محدقون به ، فنزل فقام إليه الرشيد واستقبله إلى آخر البساط وقبل وجهه ، وعينيه ، وأخذ بيده حتى صيره في صدر المجلس ، وأجلسه معه فيه ، و جعل يحدثه ويقبل بوجهه عليه ، ويسأله عن أحواله .

ثم قال : ياأبا الحسن ماعليك من العيال ؟ فقال : يزيدون على الخمسمائة قال : أولاد كلهم ؟ قال : لا ، أكثرهم موالي وحشم ، فأما الولد فلي نيف وثلاثون الذكران منهم كذا ، والنسوان منهم كذا ، قال : فلم لاتزوج النسوان من بني عمومتهن وأكفائهن ؟ قال : اليد تقصر عن ذلك قال : فما حال الضيعة ؟ قال : تعطي في وقت وتمنع في آخر ، قال : فهل عليك دين ؟ قال : نعم قال : كم ؟ قال : نحو من عشرة آلاف دينار .فقال الرشيد : ياابن عم أنا اعطيك من الما ماتزوج به الذكران والنسوان وتعمر الضياع فقال له : وصلتك رحم ياابن عم ، وشكر الله لك هذه النية الجميلة والرحم ماسة ، والقرابة واشجة ، والنسب واحد ، والعباس عم النبي صلى الله عليه وآله ، و صنو أبيه ، وعم علي بن أبي طالب عليه السلام وصنو أبيه ، وماأبعدك الله من أن تفعل ذلك وقد بسط يدك ، وأكرم عنصرك ، وأعلى محتدك فقال : أفعل ذلك ياأبا الحسن وكرامة .

فقال : ياأمير المؤمنين إن الله عزوجل قد فرض على ولاة عهده ، أن ينعشوا فقراء الامة ، ويقضوا عن الغارمين ، ويؤدوا عن المثقل ، ويكسو العاري ويحسنوا إلى العاني ، وأنت أولى من يفعل ذلك فقال : أفعل ياأبا الحسن ، ثم قام ، فقام الرشيد لقيامه ، وقبل عينيه ووجهه ، ثم أقبل علي وعلى الامين و المؤتمن فقال : يا عبدالله ويا محمد ويا إبراهيم بين يدي عمكم وسيدكم ، خذوا بركابه ، وسووا عليه ثيابه ، وشيعوه إلى منزله ، فأقبل أبوالحسن موسى بن جعفر عليهما السلام سرا بيني وبينه فبشرني بالخلافة وقال لي : إذا ملكت هذا الامر فأحسن إلى ولدي ، ثم انصرفنا ، وكنت أجرأ ولد أبي عليه .فلما خلا المجلس قلت : ياأمير المؤمنين من هذا الرجل الذي قد عظمته وأجللته ، وقمت من مجلسك إليه فاستقبلته ، وأقعدته في صدر المجلس ، وجلست دونه ثم أمرتنا بأخذ الركاب له ؟ قال : هذا إمام الناس ، وحجة الله على خلقه ، وخليفته على عباده فقلت : ياأمير المؤمنين أو ليست هذه الصفات كلها لك وفيك ؟ ! فقال : أنا إمام الجماعة في الظاهر بالغلبة والقهر ، وموسى بن جعفر إمام حق ، والله يابني إنه لاحق بمقام رسول الله صلى الله عليه وآله مني ، ومن الخلق جميعا ، ووالله لو نازعتني هذا الامر لاخذت الذي فيه عيناك ، فان الملك عقيم .

فلما أراد الرحيل من المدينة إلى مكة أمر بصرة سوداء ، فيها مائتا دينار ثم أقبل على الفضل بن الربيع فقال له : اذهب بهذه إلى موسى بن جعفر وقل له : يقول لك أمير المؤمنين : نحن في ضيقة وسيأتيك برنا بعد هذا الوقت .

فقمت في صدره فقلت : ياأمير المؤمنين تعطي أبناء المهاجرين والانصار و سائر قريش ، وبني هاشم ، ومن لايعرف حسبه ونسبه خمسة آلاف دينار إلى مادونها وتعطي موسى بن جعفر وقد أعظمته وأجللته مائتي دينار ؟ ! أخس عطية أعطيتها أحدا من الناس ؟ فقال : اسكت لا ام لك ، فإني لو أعطيت هذا ماضمنته له ، ماكنت آمنه

أن يضرب وجهي غدا بمائة ألف سيف من شيعته ومواليه ، وفقر هذا وأهل بيت أسلم لي ولكم ، من بسط أيديهم وأعينهم

فلما نظر إلى ذلك مخارق المغني دخله في ذلك غيظ ، فقام إلى الرشيد فقال : ياأمير المؤمنين قد دخلت المدينة وأكثر أهلها يطلبون مني شيئا ، وإن خرجت ولم أقسم فيهم شيئا لم يتبين لهم تفضل أمير المؤمنين علي ، ومنزلتي عنده ، فأمر له بعشرة آلاف دينار فقال له : ياأمير المؤمنين هذا لاهل المدينة ، وعلي دين أحتاج أن أقضيه فأمر له بعشرة آلاف دينار اخرى .فقال له : ياأمير المؤمنين بناتي اريد أن أزوجهن وأنا محتاج إلى جهازهن فأمر له بعشرة آلاف دينار اخرى فقال له : ياأمير المؤمنين لابد من غلة تعطينيها ترد علي وعلى عيالي وبناتي وأزواجهن القوت ، فأمر له بأقطاع مايبلغ غلته في السنة عشرة آلاف دينار ، وأمر أن يعجل ذلك له من ساعته .

ثم قام مخارق من فوره وقصد موسى بن جعفر عليه السلام وقال له : قد وقفت على ماعاملك به هذا الملعون ، وما أمر لك به ، وقد احتلت عليه لك ، وأخذت منه صلات ثلاثين ألف دينار ، وأقطاعا تغل في السنة عشرة آلاف دينار ، ولا والله ياسيدي ما أحتاج إلى شئ من ذلك ، وما أخذته إلا لك ، وأنا أشهد لك بهذه الاقطاع ، وقد حملت المال إليك .

فقال : بارك الله لك في مالك ، وأحسن جزاك ماكنت لآخذ منه درهما واحدا ولا من هذه الاقطاع شيئا ، وقد قبلت صلتك وبرك ، فانصر راشدا ، ولا تراجعني في ذلك ، فقبل يده وانصرف ([2])

* - عن علي ، عن أبيه ، عن الريان بن شبيب قال : سمعت المأمون يقول : مازلت احب أهل البيت عليهم السلام واظهر للرشيد بغضهم تقربا إليه فلما حج الرشيد وكنت أنا ومحمد ([3]) والقاسم ([4])معه ، فلما كان بالمدينة استأذن عليه الناس فكان آخر من أذن له موسى بن جعفر عليه السلام فدخل فلما نظر إليه الرشيد تحرك ، ومد بصره وعنقه إليه حتى دخل البيت الذي كان فيه .فلما قرب منه جثا ([5]) الرشيد على ركبتيه وعانقه ، ثم أقبل عليه فقال له : كيف أنت ياأبا الحسن ؟ كيف عيالك وعيال أبيك ؟ كيف أنتم ؟ ماحالكم ؟ فما زال يسأله عن هذا ، وأبوالحسن عليه السلام يقول : خير خير ، فلما قام أراد الرشيد أن ينهض فأقسم عليه أبوالحسن عليه السلام فقعد ، وعانقه ، وسلم عليه وودعه ، قال المأمون : وكنت أجرا ولد أبي عليه .فلما خرج أبوالحسن موسى بن جعفر عليه السلام قلت لابي : ياأمير المؤمنين لقد رأيتك عملت بهذا الرجل شيئا مارأيتك فعلته بأحد من أبناء المهاجرين و الانصار ، ولا ببني هاشم ، فمن هذا الرجل ؟ فقال : يابني هذا وارث علم النبيين هذا موسى بن جعفر بن محمد ، إن أردت العلم الصحيح فعند هذا ، قال المأمون : فحينئذ انغرس في قلبي حبهم ([6]) .

* - قيل : لما دخل هارون الرشيد المدينة توجه لزيارة النبي صلى الله عليه وآله ومعه الناس فتقدم إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله فقال : السلام عليك ياابن عم ، مفتخرا بذلك على غيره فتقدم أبوالحسن موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام إلى القبر فقال : السلام عليك يارسول الله ، السلام عليك ياأبة ، فتغير وجه الرشيد ، وتبين الغيظ فيه  ([7])  .

* - العدة ، عن سهل ، عن علي بن حسان ، عن بعض أصحابنا ، قال : حضرت أبا الحسن الاول وهارون الخليفة ، وعيسى بن جعفر ، وجعفر بن يحيى ، بالمدينة ، وقد جآؤا إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله فقال هارون لابي الحسن عليه السلام : تقدم فأبى ، فتقدم هارون فسلم وقام ناحية ، فقال عيسى ابن جعفر لابي الحسن عليه السلام : تقدم فأبى ، فتقدم عيسى فسلم ووقف مع هارون فقال جعفر لابي الحسن عليه السلام : تقدم فأبى ، فتقدم جعفر فسلم ووقف مع هارون وتقدم أبوالحسن عليه السلام فقال : السلام عليك ياأبه أسأل الله الذي اصطفاك واجتباك و هداك وهدى بك أن يصلي عليك ، فقال هارون لعيسى : سمعت ما قال ؟ قال : نعم قال هارون : أشهد أنه أبوه حقا ([8])

 



([1])قال الفيروزآبادي في الصحاح ج 1 ص 482 الملك عقيم أي لاينفع فيه نسب لانه يقتل في طلبه الاب والاخ والعم والولد وقال الجوهري  في القاموس ج 4 ص 152 .أصبح فلان مسخدا إذا أصبح مصفرا ثقيلا مورما قوله عليه السلام وصلتك رحم أي صارت الرحم سببا لصلتك لنا ، أو دعآء له بأن تصله الرحم وتعينه وتجزيه بما رعى لها والاخير أظهر ، والواشجة المشتبكة ، والمحتد الاصل ، ونعشه أي رفعه ، والعاني الاسير

([2])عيون اخبار الرضا  ع  ج 1 ص 88 . الاحتجاج ص 213 .

([3])هو المعروف بالامين وامه زبيدة .

([4])هو المعروف بالمؤتمن ثالث اولاد الرشيد .

([5])جثا : جلس على ركبتيه ، وأقام على أطراف أصابعه فهو جاث .

([6])امالى الصدوق ص 375 . عيون أخبار الرضا  ع  ج 1 ص 93 وفيه  محبتهم  مكان  حبهم

([7])الاحتجاج ص 214 .

([8])كامل الزيارات باب 3 ص 18 .