غريب كلامه عليه السلام المحتاج إلى التفسير 1 - في حديثه عليه السلام : فإذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف ( اليعسوب : السيد العظيم المالك لامور الناس يومئذ ، والقزع : قطع الغيم التي لا ماء فيها ) *** 2 - وفي حديثه عليه السلام : هذا الخطيب الشحشح ( يريد الماهر في الخطبة الماضي فيها ، وكل ماض في كلام أو سير فهو شحشح ، والشحشح في غير هذا الموضع البخيل الممسك ) *** 3 - وفى حديثه عليه السلام : إن للخصومة قحما ( يريد بالقحم المهالك لانها تقحم أصحابها في المهالك والمتالف في الاكثر ، ومن ذلك قحمة الاعراب وهو أن تصيبهم السنة فتتعرق أموالهم فذلك تقحمها فيهم . وقيل فيه وجه آخر وهو أنها تقحمهم بلاد الريف أي تحوجهم إلى دخول الحضر عند محول البدو ) *** 4 - وفي حديثه عليه السلام : إذا بلغ النساء نص الحقاق فالعصبة أولى ( والنص منتهى الاشياء ومبلغ أقصاها كالنص في السير لانه أقصى ما تقدر عليه الدابة ، وتقول نصصت الرجل عن الامر إذا استقصيت مسألته عنه لتستخرج ما عنده فيه . فنص الحقاق يريد به الادراك لانه منتهى الصغر والوقت الذي يخرج منه الصغير إلى حد الكبير . وهو من أفصح الكنايات عن هذا الامر ، فإذا بلغ النساء ذلك فالعصبة أولى بالمرأة من أمها إذا كانوا محرما مثل الاخوة والاعمام وبتزويجها إن أرادوا ذلك . والحقاق محاقة الام للعصبة في المرأة وهو الجدال والخصومة وقول كل واحد منهما للآخر أنا أحق منك بهذا ، يقال منه حاققته حقاقا مثل جادلته الا . وقد قيل إن نص الحقاق بلوغ العقل وهو الادراك لانه عليه السلام أراد منتهى الامر الذي تجب فيه الحقوق والاحكام . ومن رواه نص الحقائق فإنما أراد جمع حقيقة . هذا معنى ما ذكره أبو عبيد . والذي عندي أن المراد بنص الحقاق ههنا بلوغ المرأة إلى الحد الذي يجوز فيه تزويجها وتصرفها في حقوقها ، تشبيها بالحقاق من الابل وهي جمع حقة وحق وهو الذي استكمل ثلاث سنين ودخل في الرابعة ، وعند ذلك يبلغ إلى الحد الذي يتمكن فيه من ركوب ظهره ونصه في السير . والحقائق أيضا جمع حقة . فالروايتان جميعا ترجعان إلى معنى واحد ، وهذا أشبه بطريقة العرب من المعنى المذكور ) *** 5 - وفي حديثه عليه السلام : إن الايمان يبدو لمظة في القلب كلما ازداد الايمان ازدادت اللمظة ( واللمظة مثل النكتة أو نحوها من البياض . ومنه قيل فرس المظ إذا كان بجحفلته شئ من البياض) *** 6 - وفي حديثه عليه السلام : إن الرجل إذا كان له الدين الظنون يجب عليه أن يزكيه لما مضى إذا قبضه ( فالظنون الذي لا يعلم صاحبه أيقبضه من الذي هو عليه أم لا ، فكأنه الذي يظن به فمرة يرجوه ومرة لا يرجوه . وهذا من أفصح الكلام . وكذلك كل أمر تطلبه ولا تدري على أي شئ أنت منه فهو ظنون. وعلى ذلك قول الاعشى
ما يجعل الجد الظنون الذي |
|
جنب صوب اللجب الماطر |
مثل الفراتي إذا ما طما |
|
يقذف بالبوصي والماهر |
والجد : البئر والظنون التي لا يعلم هل فيها ماء أم لا )
***
7 - وفي حديثه عليه السلام : ( أنه شيع جيشا يغزيه فقال ) : أعذبوا عن النساء ما استطعتم
( ومعناه اصدفوا عن ذكر النساء وشغل القلب بهن ، وامتنعوا من المقاربة لهن لان ذلك يفت في عضد الحمية ويقدح في معاقد العزيمة ، ويكسر عن العدو ، ويلفت عن الابعاد في الغزو . وكل من امتنع من شئ فقد أعذب عنه . والعاذب والعذوب الممتنع من الاكل والشرب )
***
8 - وفي حديثه عليه السلام : كالياسر الفالج ينتظر أول فوزة من قداحه
( الياسرون هم الذين يتضاربون بالقداح على. والفالج القاهر الغالب ، يقال قد فلج عليهم وفلجهم . وقال الراجز :
لما رأيت فالجا قد فلجا (
***
9 - وفي حديثه عليه السلام : كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وآله فلم يكن منا أقرب إلى العدو منه
( ومعنى ذلك أنه إذا عظم الخوف من العدو واشتد عضاض الحرب فزع المسلمون إلى قتال رسول الله صلى الله عليه وآله بنفسه فينزل الله عليهم النصر به ويأمنون مما كانوا يخافونه بمكانه ) وقوله عليه السلام : إذا احمر البأس ( كناية عن اشتداد الامر .
وقد قيل في ذلك أقوال أحسنها أنه شبه حمى الحرب بالنار التي تجمع الحرارة والحمرة بفعلها ولونها ، ومما يقوي ذلك قول الرسول صلى الله عليه وآله وقد رأى مجتلد الناس يوم حنين وهي حرب هوازن حمي الوطيس فالوطيس مستوقد النار ، فشبه رسول الله صلى الله عليه وآله ما استحر من جلاد القوم باحتدام النار وشدة التهابها )