العتبة العلوية المقدسة - في ما كان يصنعه ملوك الشيعة بمصر وبغداد يوم عاشوراء -
» سيرة الإمام » » اولاد الامام علي عليه السلام » سيرة الامام الحسين عليه السلام » الامام الحسين باقلام اعلام الامة » في ما كان يصنعه ملوك الشيعة بمصر وبغداد يوم عاشوراء

في ما كان يصنعه ملوك الشيعة بمصر وبغداد يوم عاشوراء

علي الهاشمي الخطيب

اتخذ الناس يوم عاشوراء بعد مقتل الحسين عليه السلام يوم حزن وبكاء وهم ينصبون المأتم والعزاء كل ذلك مواساة لأهل البيت وتقرباً إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإلى ذوي القربى، وينظمون القصائد في رثاء الحسين عليه السلام وتتلى على الأشهاد، أخذ الخلف عن السلف، هاك ما يحدثنا التاريخ عن أيام الفاطميين في مصر وما كانوا يصنعونه يوم عاشوراء من إقامة الشعائر والمواكب.

قال المقريزي في الخطط: كانوا ـ يعني الفاطميين ـ ينحرون في ويم عاشوراء الإبل والبقر والغنم يكثرون النوح والبكاء، ويسبون من قتل الحسين عليه السلام، ولم يزالوا على ذلك حتى زالت دولتهم.

وذكر في موضع آخر انه في يوم عاشوراء من سنة ثلاث وستين وثلاثمائة انصرف خلق من الشيعة إلى قبر أم كلثوم ونفيسة ومعهم جماعة من فرسان المغاربة ورجالتهم بالنياحة والبكاء على الحسين عليه السلام,

وذكر المقريزي أيضاً: قال ابن الطوبر: إذا كان يوم العاشر من المحرم احتجب الخليفة عن الناس، فإذا علا النهار ركب قاضي القضاة والشهود وقد غيروا زيهم فيكونون كما هو اليوم، ثم صاروا إلى المشهد الحسيني وكان قبل ذلك يعمل في الجامع الأزهر، فإذا جلسوا فيه ومن معهم من قراء الحضرة

والمتصدرين في الجوامع جاء الوزير فجلس صدراً والقاضي والداعي من جانبيه والقراء يقرؤون بنوبة وينشد قوم من الشعر غير شعراء الخليفة، شعراً يرثون به أهل البيت عليه السلام، ولا يزالون إلى أن تمضي ثلاث ساعات فيستدعون إلى القصر، فيركب الوزير إلى داره ويدخل قاضي القضاة والداعي ومن معهما إلى باب الذهب فيجدون الدهاليز قد فرشت مصاطبها بالحصر بدل البسط وينصب في الأماكن الخالية من المصاطب دكك لتلحق بالمصاطب وتفرش ويجدون صاحب الباب جالساً، فيجلس القاضي والداعي إلى جانبه والناس على اختلاف طبقاتهم فيقرأ القراء وينشد المنشدون أيضاً، ثم يفرش على سماط الحزن مقدار ألف زبدية من العدس والممحات والمخللات والأجبان والألبان الطاسجة، وأعسال النحل والفطير والخبز المغير لونه بالقصد، فإذا قرب الظهر وفق صاحب الباب وصاحب المائدة، وأدخل الناس للأكل فيدخل القاضي والداعي، ويجلس صاحب الباب نيابة عن الوزير المذكور أن إلى جانبه، وفي الناس من لا يدخل ولاه يلزم أحد بذلك فإذا فرغ القوم انفصلوا إلى أماكنهم ركباً، بذلك الزي الذي ظهروا فيه وطاف النواح بالقاهرة ذلك اليوم وأغلق البياعون حوانيتهم إلى جواز العصر، فيفتح الناس بعد ذلك وينصرفون، هذا ما كان يصنع في مصر يوم عاشوراء ايام الفاطميين.

وأما ما كان يصنعه آل بويه في بغداد فقد ذكره أرباب التاريخ، وذكر أبو الفداء في حوادث سنة ثلاثمائة واثنين وخمسين يوم عاشوراء المحرم أمر معزّ الدولة الناس أن يغلقوا دكاكينهم ويظهرون النياحة، وأن تخرج النساء منشرات الشعور مسودات الوجوه قد شققن ثيابهن ويلطمن وجوههن على الحسين بن علي عليه السلام، ففعل الناس ذلك.

وقال ابن كثير في البداية والنهاية: وقد أسرفوا في دولة بني بويه في حدود  الأربعمائة وما حولها، فكانت الدرادل تضرب ببغداد ونحوها من البلاد في يوم عاشوراء ويذري الرماد والتين في الطرقات، وتعلق المسوح على الدكاكين، ويظهر الناس الحزن والبكاء، وكثير منهم لا يشرب الماء ليلتذ موافقة للحسين حيث قتل عطشاناً.

أقول: وكل هذه القضايا أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيدة النساء فاطمة يوم ولادة الحسين عليه السلام حيث جاء النبي إلى بيت فاطمة وقال: عليّ بولدي الحسين، فأخذه وجعل ينظر إليه وهو يبكي، فقالت له فاطمة: يا أبة مالي أراك تنظر إلى ولدي الحسين وتبكي؟ فقال لها: بنية هذا جبرئيل يخبرني أن أمتي تقتله. فقالت فاطمة: يا أبتاه ومتى يكون ذلك؟ فقال لها: بنية في زمان خال مني ومنك ومن أبيه أمير المؤمنين وأخيه الحسن. فقالت: أجل ومن يبكي على ولدي الحسين؟ فقال لها: (بنية يقيض الله له شيعة فيبكون على ولدي الحسين، جيلاً بعد جيل، وينصبون المأتم والعزاء عليه.